اطبع هذه الصفحة


تجربة العمل التطوعي في دولة الإمارات العربية المتحدة (*)

الأستاذ / حميد محمد القطامي
رئيس جمعية متطوعي الإمارات


نشأة العمل التطوعي
يمثل العمل التطوعي بمنهجه الاجتماعي والإنساني سلوكا حضاريا ترتقي به المجتمعات والحضارات منذ قدم الزمان، واصبح يمثل رمزا للتكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع ضمن مختلف مؤسساته، حيث ارتبط العمل التطوعي ارتباطا وثيقا بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجتمعات البشرية منذ الأزل وذلك باعتباره ممارسة إنسانية.
ولا شك أن للعمل التطوعي أهمية كبيرة وجليلة تؤثر بشكل إيجابي في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، ومن كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، حيث يمثل العمل التطوعي تجسيدا عمليا لمبدأ التكافل الاجتماعي، باعتباره مجموعة من الأعمال الإنسانية والخيرية والمجتمعية .
وفي مجتمعات العالم المعاصرة يحظى العمل التطوعي باهتمام خاص ويحتل حيزا كبيرا فها، لما له من أهمية خاصة في مجالات تنمية المجتمع عموما ومجال التنمية الاجتماعية على وجه الخصوص.
ويدل على ذلك كثرة عدد مؤسسات العمل التطوعي غير الحكومية، ففي نهايات القرن الماضي شهد العالم ازديادا ملحوظة في عدد الهيئات والمنظمات الأهلية غير الحكومية التي تساهم في التنمية الشاملة حيث بلغ عدد المنظمات غــير الحكومية في الثمانينات حــوالي (50) ألف منظمة وهيئة تعمل في مختلف الميادين التنموية ، حيث بلغ عدد الأفراد المستفيدين من خدمات هذه المنظمات والهيئات حوالي 100 مليون نسمة في البلدان النامية، نسبة كبيرة منها في آسيا وحدها.

نشأة العمل التطوعي دوليا
وعلى صعيد اهتمام المنظمة الدولية بالعمل التطوعي فقد طرح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أواخر عام 1967 برنامج متطوعي الأمم المتحدة وفي شهر ديسمبر من عام 1968 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم (2460) الذي دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى دراسة إمكانية إنشاء هيئة دولية للمتطوعين وفي يناير من عام 1971 اقر تشكيل البرنامج بالقرار رقم (2659) كما أقرت الجمعية العامة في هذا القرار المبادئ التوجيهية لبرنامج متطوعي الأمم المتحدة.

العمل التطوعي عربيا والمنظمات الأهلية
مع نهاية الحرب الباردة شهد الوطن العربي تكاثرا في عدد المنظمات العربية الأهلية سواء في دول المشرق العربي أو دول المغرب العربي أخذت هذه المنظمات تمارس أدوارا في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
وقد شهدت المنظمات العريبة غير الحكومية تصاعدا في أعدادها خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، حيث تزايد أعدادها بتوسيع نطاق عملياتها وموازناتها وتزايد أعداد العاملين فيها.
وتتنوع أنشطة المنظمات العربية الأهلية، بحيث تأتي في الطليعة المساعدات الخيرية تليها أنشطة الأطفال فالخدمات الصحية والتدريب، وكذلك الأنشطة الثقافية والأدبية والدينية وأنشطة الشباب والأنشطة النسائية والتنمية المدنية والريفية، وتتركز معظم المنظمات الأهلية في الحواضر الكبرى حيث توجد 70% منها في المدن بينما توجد في الريف30% منها فقط، حيث يسيطر البعد الخيري على خدمات المنظمات بشكل كبير والمرتكز على المساعدات المالية والعينية، مع إغفال للبعد التنموي، ويفسر ذلك بسبب عدة عوامل أهمها اتساع رقعة الفقر وتزايد الحروب، علاوة على الأساس الديني مما يدفع المنظمات للأخذ بالمفهوم السائد لعمل الخير والإحسان.

نشأة العمل التطوعي بدولة الإمارات العربية المتحدة
لقد أولى صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة اهتماما كبيرا في تنظيم العمل التطوعي بدولة الإمارات العربية المتحدة حيث تم إصدار القانون الاتحادي رقم (6) سنة 1974 وتعديلاته بالقانون (20) لسنة 1981 بشأن الجمعيات ذات النفع العام وتضمن القانون الكثير من الأمور المتعلقة بتنظيم العمل بتلك الجمعيات وقد حدد القانون الأنشطة التي تمارسها الجمعيات بستة أنشطة وعلى هذا الأساس قسمت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الجمعيات ذات النفع العام إلى ثماني فئات، حيث وصل عدد الجمعيات ذات النفع العام المشهرة بالدولة حتى نهاية عام 2001 نحو ( 114 ) جمعية وذلك كما هو مبين في الجداول التالية:

جدول توضيحي لعدد وانتشار الجمعيات في دولة الإمارات لعام 2001
يراجع الموقع : http://www.inoad.org.ae/homaid.htm

كما هو واضح من الجدول فان اكثر نسبة لجمعيات النفع العام موجودة في إمارة أبو ظبي وبنسبة 33.3%، واقل جمعيات النفع العام انتشارا كانت في إماراتي عجمان وأم القيوين وبنسبة 4.4% لكل واحدة.
كما يظهر الجدول أن اكثر الفئات انتشارا هي جمعيات الفنون الشعبية وحازت على نسبة 25.5% من مجمل جمعيات النفع العام بالدولة، واقلها الجمعيات الدينية وعددها 3 جمعيات وبنسبة 2.6% من كافة الجمعيات البالغ عددها 114 جمعية.

جدول توضيحي لمجموع الإيرادات والمصروفات للفئات بالدرهم لعام 2001
يراجع الموقع

• تمثل مصروفات جمعيات الخدمات الإنسانية ما نسبته 87% تقريبا من مجموع المصروفات الكلي لجمعيات النفع العام حسب الجدول أعلاه.
• يبلغ مجموع دعم الدولة للجمعيات ذات النفع العام لسنة 2001 ما مقداره 6.550.000 درهم. وهو ما يشكل تقريبا 2.5% من مصروف الجمعيات الفعلي.

أهمية العمل التطوعي
لا شك أن للعمل التطوعي أهمية كبيرة وجليلة تؤثر بشكل إيجابي في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، ومن تلك الإيجابيات والآثار تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأحوال المعيشية، والحفاظ على القيم الإسلامية وتجسيد مبدأ التكافل الاجتماع، واستثمار أوقات الفراغ بشكل امثل
ويعتبر العمل التطوعي تجسيدا عمليا لمبدأ التكافل الاجتماعي، باعتباره يمثل عن مجموعة من الأعمال الخيرية التي يقوم بها بعض الأشخاص الذين يتحسسون الآم الناس وحاجاتهم الأمر الذي يدفعهم إلى تقديم التبرع بجهودهم وأوقاتهم وأموالهم لخدمة هؤلاء الناس، طلبا لتحقيق الخير والنفع لهم.

قواعد أسس العمل التطوعي
يعتبر العمل التطوعي توظيفا للطاقات في كل المجالات الإنسانية والاجتماعية دون تمييز بين جميع الفئات الاجتماعية بغرض الارتقاء بالمجتمع دون انتظار مردودا ماديا، وعلى هذا الأساس يحدد تعريف العمل التطوعي إطارا واضحا لمسألة التطوع وفق عدة قواعد تتمثل بما يلي:
- يجب توفر الرغبة والاختيار الحر بالعمل التطوعي
- إن التطوع توظيف امثل للطاقات البشرية أو المادية وتسخيرها لخدمة المجتمعات
- إن العمل التطوعي لا يميز بين الفئات الاجتماعية وينطلق من مبدأ المساواة العدالة
- إن العمل التطوعي يعطي أهمية للإنسان وتنميته بالطرق الإيجابية التي تكفل الارتقاء والنهوض به.

جمعية متطوعي الإمارات : النشأة والأهداف
تأسست جمعية متطوعي الإمارات في دولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 11 ديسمبر 1996 أشهرت لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتاريخ 13 نوفمبر 1997 وذلك بناء على القرار رقم (820).
وتمثل الجمعية إحدى جمعيات النفع العام حديثة العهد بالدولة، والتي تعمل كغيرها من الجمعيات الأهلية لغرس روح العمل التطوعي بين أفراد المجتمع وتنميته، يضمن تحقيق إنجازات تخدم الوطن والمواطن.
حيث جاء تأسيسها نتيجة لجهود تطوعية وضعت نصب أعينها تحقيق جملة من الأهداف تركز على ترسيخ مفهوم وأهمية العمل التطوعي بين أبناء المجتمع، وبكافة الإمكانيات المتاحة لها .

أهداف الجمعية :
تستند الجمعية على جملة من الأهداف تحدد لها سير عملها وبين الخطة الاستراتيجية لعملها وتتمثل بما يلي:
1 – تطوير العمل التطوعي في دولة الإمارات وتنظيمه ومساعدة المؤسسات والجمعيات الحكومية والأهلية على أداء رسالتها من خلال العمل التطوعي.
2 – إتاحة الفرصة لأفراد مجتمع دولة الإمارات للتطوع في مجال الخدمات العامة من خلال التوعية والتدريب وتنظيم الأداء ووضع نظام معلوماتي متكامل عن المتطوعين وطرق اختيارهم وتدريبهم وتوجيهيهم إلى مختلف مجالات العمل في مجال الخدمات العامة.
3 – تقديم المشورة للراغبين في التطوع فيما يتعلق بأنواع وطبيعة الأعمال التطوعية مما يمكن المتطوع من اختيار ما يناسب استعداداته وقدراته وميوله من أعمال تطوعية.
4 - تقديم المشورة لمختلف المؤسسات فيما يتعلق بشؤون المتطوعين ووضع خطط التدريب اللازمة والإشراف المناسب، إضافة إلى التنسيق بين رغبات المتطوعين واحتياجات المؤسسات العامة من الجهود التطوعية.
5 – تبادل المعلومات والخبرات في مجال العمل التطوعي مع الجمعيات المماثلة عربيا ودوليا وبشتى الوسائل والسبل المتاحة، ومنها تنظيم المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية وإصدار المطبوعات وعقد الندوات والحلقات الدراسية وورش العمل وغيرها من الأعمال التطوعية المشتركة.

منهجية عمل جمعية متطوعي الإمارات :
تعمل الجمعية من خلال عدة خطوات في رسم خطوط منهجية عملها حتى تستطيع تحقيق الأهداف المناطة بها وحتى تستطيع إيصال رسالتها وتحقيقها من خلال النقاط التالية:
1. إذكاء الوعي الاجتماعي لدى أفراد المجتمع واستشارتهم وتعبئتهم ودعوتهم للتطوع في المؤسسات والهيئات بدولة الإمارات عن طريق مشروع وطني وشعبي بتوضيح أهمية وجدوى الجهود التطوعية وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
2. تلقي طلبات أو رغبات المتطوعين وتسجيلهم بناء على منظومة معلوماتية متكاملة.
3. تصنيف طلبات المتطوعين حسب الرغبة وطبيعة التخصص مما يجعل الاستفادة تتم بطريقة افضل عن طريق توظيف الجهود التطوعية.
4. حصر حاجات الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية بدولة الإمارات والمجالات والأنشطة التي تحتاج إلى متطوعين فيها، وذلك من خلال إيجاد علاقة مستمرة مع هذه المؤسسات وتشجيعها على تحديد احتياجاتها من المتطوعين.
5. التنسيق بين رغبات المتطوع من جانب وحاجة هيئات ومؤسسات الدولة الحكومية والأهلية من المتطوعين، وذلك في ضوء رغبات المتطوع واحتياجات الهيئات والمؤسسات أو المجالات والأنشطة التطوعية.
6. تدريب المتطوعين على الأعمال والمهان والتخصصات المختلفة لرفع مستوى الأداء لديهم، وضمان بذل الجهد الجيد والمناسب لإنجاز المهام والأعمال التي سوف تسند إليهم ويمكن أن تمول هذه الدورات التدريبية من الهيئات والمؤسسات المستفيدة من المتطوعين.
7. إسناد الأعمال إلى المتطوعين، بحيث يبدأ المتطوعون من ممارسة الأعمال التي أسندت إليهم في الهيئات التي تم توزيعهم عليها والتي سبق أن تدربوا على أنشطتها وبرامج عملها
8. متابعة جهود المتطوعين في هيئات ومؤسسات الدولة ومساعدتهم على التكيف وتذلل العقبات التي تصادفهم وتشجيعهم على الاستمرار في أعمال التطوع مع إيجاد نظام الحوافز لإتقان الهمل والتطور فيه.
9. إصدار نشرات دورية إحصائية وتعريفية عن التطوع من واقع البيانات المتوفرة لدى الجمعية بما يتيح توضيح نوعية المجالات التي تعاني من عجز الأيدي العاملة التطوعية، والاتصال بممثلي الجماعات المهنية المتخصصة لاستشارتهم وتشجيع التطوع فيما بينهم.
10. تخصيص جائزة للعمل التطوعي المتميز والمؤسسة التطوعية وذلك دعما لمسألة العمل التطوعي وتكريما للمتطوعين، وهي تحتضن حاليا جائزة الشارقة للعمل التطوعي والتي تحظى برعاية مباركة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
11. دعم وترسيخ مفهوم العمل التطوعي لدى الأجيال الناشئة عن طريق برنامج "متطوع المستقبل" لكي يساهم من خلال المدارس والمؤسسات التربوية على نشر هذه القيمة الإيجابية.
12. دعم التواصل مع المؤسسات العربية والدولية للاستفادة من التجارب التطوعية الناجحة ونقلها إلى مجتمع دولة الإمارات.
13. القيام بإجراء البحوث والدراسات المتخصصة في مجال العمل التطوعي وإصدار المجلات المتخصصة بما يساهم في إثراء المكتبة العربية في هذا المجال.

إن منهجية العمل والبرنامج الذي وضعته الجمعية سوف يرتقي بالعمل التطوعي في دولة الإمارات بلا شك، حيث تعتبر جمعية متطوعي الإمارات من أولى الجمعيات في الوطن العربي التي تهدف مباشرة إلى دعم العمل التطوعي والعمل على تطويره.
فلقد استطاعت الجمعية التقدم خطوات نحو الأمام منذ تأسيسها وان تضع لها قدما بين مختلف المؤسسات الأهلية بالدولة لتكمل بناء العمل التطوعي من خلال مجموعة متواضعة من الإنجازات قامت بها كان أهمها تنظيم المؤتمر الأول والثاني والثالث للتطوع تزامنا مع اليوم العالمي للتطوع الذي يصادف يوم 5 ديسمبر من كل عام، إضافة إلى تنظيم العديد من الندوات والمحاضرات التعريفية والاجتماعية، ومشاركتها في عدد من الفعاليات والندوات العلمية والتطوعية، وإصدارها لمجموعة من المطبوعات والإصدارات ومن أهمها دليل الجمعيات ذات النفع العام. كما عملت يدا بيد مع مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية داخل الدولة وخارجها لبناء شبكة من العلاقات تدعم مسيرة الجمعية نحو الأمام وفق العمل الجماعي المشترك.
وتم تكليفها بتنظيم واحتضان جائزة الشارقة السنوية للعمل التطوعي وحصولها على مقر دائم على قناة القصباء المائية بمدينة الشارقة مثلها مثل العديد من الجمعيات ذات النفع العام بمكرمة مشهودة من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفظه الله.

التجربة في الميزان
سوف نعمل على تقييم تجربة العمل التطوعي في الميزان من خلال استعراض عدة نقاط تمثل أركان العمل التطوعي التي من خلالها يتبين مدى التقدم والنجاح في هذه التجربة، وكما يلي:

¨ انتشار جمعيات العمل التطوعي
انتشرت جمعيات العمل التطوعي في الدولة حتى وصل عددها في عام 2001 إلى نحو 114 جمعية مقسمة على ثماني فئات، هذا بالإضافة إلى أن هناك جمعيات تطوعية نوعية تعتبر السباقة في إشهارها على مستوى الوطن العربي، وبدأت عملها بدولة الإمارات كأولى جمعيات النفع العام على المستوى العربي.

¨ المظلة التي تمثل الجمعيات التطوعية
تم إصدار القانون الاتحادي رقم (6) سنة 1974 وتعديلاته بالقانون (20) لسنة 1981 بشأن الجمعيات ذات النفع العام وتضمن القانون الكثير من الأمور المتعلقة بتنظيم العمل بتلك الجمعيات، وقد أوكل لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية متابعة مهام الجمعيات ذات النفع العام بحيث أصبحت المظلة التي تنظم شؤونها.
ويضم قانون الجمعيات ذات النفع العام بالإضافة إلى الكثير من الإيجابيات، سلبيات عديدة حيث يشمل هذا القانون كافة الجمعيات بمختلف تخصصاتها وفئاتها الأمر الذي يحتم وجود قوانين فرعية أو تفسيرات تخدم كل فئة من الفئات بشكل خاص وذلك لاختلاف أهدافها ومهام عملها.

¨ فاعلية الدعم الرسمي
لقد وفرت الدولة دعما إداريا لعمل الجمعيات التطوعية وفق أحكام إدارية، كما هو الحال في الجمعيات التي أشهرت في إمارة الشارقة، كما وفرت الدولة التربة الخصبة والرصيد الكافي لعمل تلك الجمعيات وتطور مجالاتها، الأمر الذي ساعد كثيرا في استمرار نشاطها وتقدمها

¨ انخفاض الدعم المادي
كما أشرنا سابقا يبلغ مجموع دعم الدولة للجمعيات ذات النفع العام لسنة 2001 ما مقداره 6.550.000 درهما. وهو ما يشكل تقريبا 2.5% من مصروف الجمعيات الفعلي والبالغ 262.889.133 درهما. وهذا الدعم يعتبر محدودا جدا بحيث لا يكاد يغطي النفقات الإدارية للجمعيات.
من جهة أخرى يعتبر دعم الدولة لجمعيات النفع العام متدني جدا مقارنة بالدعم الذي توفره دول العالم المتقدم للعمل التطوعي، بحيث لديها صناديق وملاءات مالية عالية قد تشكل بعضها ميزانية إحدى الدول العربية سنويا.

¨ انخفاض عدد المنتسبين للجمعيات :
إن انخفاض عدد المشاركين في عضوية الجمعيات ذات النفع العام واضحا جدا، وهذا الأمر ملاحظ في انخفاض عدد الحضور في الأنشطة المختلفة للجمعيات من ندوات ومؤتمرات أو من خلال حضور اجتماعات الجمعيات العمومية والتي يتعذر أحيانا كثيرا انعقادها بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لها.

¨ الافتقار إلى برنامج عمل واضح
اخذ نشاط بعض الجمعيات التطوعية طابعا موسميا أو حدثيا، بحيث تتفاعل تلك الجمعيات مع حدث معين أو مناسبة محلية أو دولية تقوم من خلالها بتنظيم إحدى النشاطات والبرامج المتعلقة بهذه المناسبة، وهذا الأمر واضح عند تزامن مناسبات دولية أو إقليمية أو محلية والأيام والمناسبات العالمية.

لذا فان اغلب الجمعيات تفتقر إلى برنامج عمل واضح ضمن جدول زمني يعكس مدى النشاط والهداف التي يمكن أن تحققها، أو تعمل على تطور نوعي في نشاطاتها.

¨ محدودية التفاعل مع المؤسسات الرسمية
إن تفاعل المؤسسات الرسمية مع الجمعيات التطوعية بالدولة محدود جدا، سواء على الصعيد المالي أو الإداري، أو المشاركة والتفاعل معها بشكل عام.
كما أن هناك ازدواجية وتضارب بين عمل الجمعيات التطوعية وبين بعض المؤسسات الرسمية مثل (جمعية المعلمين مع وزارة التربية والتعليم، جمعية الحقوقيين مع وزارة العدل .. الخ ) وهذا التضارب قد يؤدي إلى فتور في العلاقة بين هذه المؤسسات والجمعيات الأمر الذي ينعكس سلبا على نشاطات وبرامج تلك الجمعيات.

¨ هامشية العلاقة مع المؤسسات الإعلامية
قد تبدوا العلاقة بين الجمعيات التطوعية والمؤسسات الإعلامية جيدة في إطارها الشكلي اكثر من مضمونها الفعلي والمعلوماتي، وهذا يحتاج من الجمعيات نفسها تفعيل الدور الإعلامي فيها، بالإضافة إلى ضرورة فهم المؤسسات الإعلامية لدور الجمعيات، وقد يتطلب الأمر وجود إعلاميين متخصصين في مجال الجمعيات التطوعية، كالإعلام البيئي مثلا أو الإعلام التربوي ..

¨ ضعف العلاقات مع المؤسسات الدولية
تفتقر معظم الجمعيات التطوعية إلى علاقات واضحة مع المؤسسات الدولية ذات الاختصاص في هذا المجال، إذ تنحصر معظم علاقاتها بين لقاءات جانبية أو لقاءات إقليمية وعربية محدودة فقط.
وهذا الأمر يؤثر على مدى الاستفادة من التجارب والخبرات الدولية، كما يؤثر على حضور تلك الجمعيات على المستوى الدولي ومشاركتها في البرامج والنشاطات الدولية.

الخاتمة والتوصيات
إن العمل التطوعي هو ثروة عامة وليست حكرا لأحد، إن التحدي يكمن في توظيف رأس المال الاجتماعي (المتطوعين) في ثورة علمية ثورة كفاءات وتقنية وسلوك والتي بدونها لا يمكن تنفيذ السياسات التي تقوم على البحث العلمي والمشاريع التي تخدم المجتمعات.
إن العمل التطوعي خلال هذه الفترة يحتاج اكثر ما يحتاجه إلى متطوعين ذوي مواصفات خاصة متسلحين بالعلم والمعرفة يمتلكون المواهب والقدرة على الإرشاد والتوجيه والعمل والحرص على الصالح العام، كما يتطلب الأمر من المؤسسات المعنية العمل على تدريب المتطوعين وإعدادهم طبقا للتطورات والتغيرات السائدة بهدف رفع كفاءتهم ومقدراتهم.

ومن هذا المنطلق فإنني أورد بعض التوصيات التي من شأنها تعزيز رفعة العمل التطوعي والمتطوعين وذلك من خلال ما يلي:
* ضرورة دعم الدولة الرسمي للعمل التطوعي بشكل دائم ومستمر من خلال الدعم المادي والتنظيمي والتشريعي.
* ضرورة دعم ومؤازرة المؤسسات الأهلية ماديا ومعنويا وبشريا وتقديم التسهيلات اللازمة لها.
* على الجمعيات الأهلية بناء قاعدة علاقات وتعاون فيما بينها وبين أفراد المجتمع من خلال التعرف عن قرب على أولويات واحتياجات المجتمع من المشاريع التنموية، مما يمكنها من نقل صورة واضحة لأصحاب القرار والمؤسسات الحكومية.
* تعاون القطاع الخاص مع الجمعيات ذات النفع العام والعمل على دعمها ماديا بما يتناسب وخدمات تلك الجمعيات والعمل على وضع هذا الدعم ضمن إطار قانوني.
* تعاون المؤسسات فيما بينها وبشكل تكاملي لدعم العمل التطوعي ونشر وترسيخ روح العمل المشترك وتبادل الخبرات والمعلومات.
* تأصيل القيم والمبادئ القومية الوطنية من خلال ثقافة سياسية تعمل على ترسيخ العمل التطوعي وتفعيله بين أفراد المجتمع والمؤسسات.

والله ولي التوفيق،،،


------------
(*) ورقه عمل مقدمه إلى المؤتمر الدولي السابع : إدارة المؤسسات الأهلية والتطوعية في المجتمعات المعاصرة
قناة القصباء 17 – 18 ديسمبر 2002 الشارقة - دولة الإمارات العربية المتحدة

 

العمل الخيري