اطبع هذه الصفحة


خطة مقترحة لإدارة إغاثة الكوارث

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

د. سعود المختار


الحمدلله الكريم المنان و الصلاة والسلام على خير الأنام وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد
فهذه نقاط سريعة وأفكار حول إدارة الاغاثة وما يتعلق بها من كوارث ناتجة عن الحرب نسأل الله الحماية والعافية والسلامة للمسلمين وقد كتبتها على عجل لاقتضاء الظروف لذلك وسأقدمها لمن لديه خبرة من زملائي لينتقدها أو يضيف ما يفيد ثم أعدل فيها حسب ما يقتضي الحال وأعيد تقديمها مرة أخرى إن شاء الله.

مقدمة :
الكوارث ينفق عليها سنوياً 38 مليار دولار موزعة للإنفاق على 500 نقطة كوراث ساخنة أو باردة في العالم.

والاعداد للكوارث في الدول المتقدمة ينفق عليه عشرات المليارات تخطيطاً و تجهيزاً وإعداداً للبنية التحتيّة لمشاريع الكوارث والاغاثة وهذه تكلفة العمليات فقط.

وبداية أحب أن أقدم التعريفات التالية :
1- خطة الطوارئ : وتعني مجموعة من التدابير والاجراءات استعداداً لمواجهة المخاطر المحتملة ووضع الخطط اللازمة لمواجهة ماقد ينجم عنها من آثار على المواطنين و المقيمين و العمل على تهيئة كافة الإمكانات وتنسيق خدمات الجهات المعنية وتوفير كافّة المستلزمات الضرورية لتنفيذ هذه الخطط متى ما دعت الحاجة إلى تنفيذها.

2- خطة الإخلاء الطبي : وتعني قيام الجهات المشاركة في هذه الخطة بإخلاء و إنقاذ ونقل وتطهير و فرز وعلاج المصابين و الكشف عن هوياتهم وحفظ الأمن في منطقة الكارثة وفقاً للأدوار التنفيذية المناطة بكل جهة في الخطة.

3- الكارثة : عرفتها المنظمة الأمريكية لمهندسي السلامة بأنها (التحوّل المفاجئ غير المتوقع في أسلوب الحياة العادية بسبب ظواهر طبيعية أو من فعل إنسان تتسبب في العديد من الإصابات والوفيات أو الخسائر المادية الكبيرة).

وعُرّفت أيضاً بأنها ( واقعة مفاجئة تسبب أضراراً فادحة في الأرواح و الممتلكات وتمتد آثارها إلى خارج نطاق المنطقة أو الجماعة المنكوبة ).وهذه التعريفات عامة لكل كارثة ولكنني هنا سأركز على حالة الاغاثة المرتبطة بكوارث الحرب العراقية وتداعياتها ( أو ما شابهها في المستقبل لاقدر الله ) ولن أتعرض لبرامج الكوارث الداخلية الطبيعية أو من صنع الانسان وهذه تحتاج جهوداً جماعية للتخطيط وكل هذا موجود ولله الحمد ولكن يحتاج إلى وقت أوسع.

وفي هذه الخطة أتطرق إلى ما يلي:

أولاً: التخطيط واختبار الخطة و التدريب عليها:

أ) مرحلة التخطيط:
كيف نخطط ؟ هذا هو السؤال الأهم لأن المُلاحظ أن الخطط الموجودة تفتقر إلى قضايا مهمة وخطيرة و السبب في ذلك والله أعلم أننا تعودنا في ثقافتنا الإدارية أن نقع في أخطاء خطيرة في التخطيط من أهمها :

1- أن الذي يُخطط هو الذي على رأس الهرم التنظيمي وهو ربما يفتقد الخبرات العملية والميدانية ومن تحته يُجاملونه ولا يصارحونه إذا بدأ التخطيط من أعلى والعكس غير صحيح.

2- أسلوب أختيار المخططين غير علمي وربما كان غير موضوعي أيضاً ، والواجب أن الذي يقوم بالتخطيط أشخاص ذوو علم متخصص في المجال أو ممن لديه خبرة ميدانية عملية أو يجمع بين الاثنين وليس بالضرورة الأقدم أو الأعلى.

لذا أقترح أن تُشكل لجان كالتالي:

1- اللجان التحتيّة في التخصصات المتعلقة بالاغاثة على مراحلها التي سنأتي عليها بعد قليل وسأصطلح على تسميتها باللجان الصغرى أو التحتية وهي لجان تضع النظرة التخصصية في مجالها .

2- يُختار ممثل أو اثنان من اللجان الصغرى أو التحتية لوضع التخطيط النهائي ضمن لجنة مركزية .

3- يشارك في كل مراحل التخطيط القيادة العامة لإدارة الكوارث وعدد 3 أشخاص من غرفة العمليات.

4- يشارك فريقٌ مختارٌ مسبقاً للقيام بعملية التقويم المستمر (Evaluation and Audit) وهذه اللجنة لها دور هام للغاية في التقويم المستمر و الميدان واعداد التقارير لقيادة إدارة الكوارث بشكل محايد وعلى مدار الساعة لذا ينبغي وجودها في مراحل التخطيط الأولى ليُلِمّ أعضاؤها أو رئيسها بتفاصيل الأدوار و المهام و المسئوليات و الصلاحيات و أساليب الاتصال بين الفرق وبناءاً عليه يكون التقويم أثناء التنفيذ و في نهاية الكارثة لتعديل الخطط وهكذا دواليك .

ما هي اللجان المتخصصة ؟
اللجان المتخصصة لها إما دور في المراحل الأولى مثل الإعداد و التجهيزات أو المراحل المتقدمة مثل الإيواء و الأمن والتعليم وربما شاركت في المرحلتين التخطيطية والتنفيذية وهذا أفضل غالباً.

لذلك سأعدد أسماء اللجان بشكل عام وسيُعرف دورها في النقاط التي تتحدث عن كل مرحلة في إدارة الكوارث:

1- لجنة طبية :
وينبغي أن يكون فيها أطباء من التخصصات التالية على أن يكون لديهم خبرة ميدانية سابقة كما تقدم :
??) طب الأسرة والمجتمع.
??) جراحة عامة.
??) جراحة عظام وجراحة إصابات.
??) استشاري في تخصص الطوارئ.
??) طب الأوبئة و الأمراض المعدية.
??) أخصائي تخدير.
??) أخصائي مختبرات.
??) ممرض ذو خبرة واسعة في العمل السريري في الطوارئ و آخر في العمليات.
??) أخصائي صحة بيئة.
??) دكتور أو أخصائي تثقيف صحي.
??) مندوب الهلال الأحمر.

2- لجنة خدمات البيئة و البلدية:
وهذه لإعداد خطة بيئة المخيمات و الصرف الصحي وسلامة الجو..إلخ. ويكون فيها:
??) طبيب تخصص صحة مهنية ( Occupational Health) .
??) متخصص صحة بيئة والسلامة والصحة الغذائية.
??) متخصص في مجال التعامل مع التلوّثات البيئية و الكيميائية أو البيولوجية.
??) مهندس مدني.
??) الأرصاد .

3- اللجنة الأمنية :
هدفها التعامل مع الأمن بمفهومه الشامل من النواحي العضوية و النفسية والاجتماعية و الدينية الروحية ويكون فيها :
??) مندوب من المباحث العامة على ألا يكون قتاتاً.
??) مندوب من المخابرات.
??) مندوب من المباحث الجنائية.
??) مندوب من الأمارة في المنطقة المعنية.
??) أخصائي علم نفس وعلم اجتماع.
??) شيخ أو طالب علم أو قاضي.

4- لجنة عسكرية :
للتخطيط لعملية نقل المعلومات لغرفة العمليات و المساعدة في الاخلاء ذي الحجم الذي لا تستوعبه الجهات الصحية ( توظيف الجيش للاخلاء إن لزم الأمر في حالة هجرة عدد كبير في حركة سريعة ومفاجئة) وكذلك للإخلاء في حالات المخاطر الكيميائية و النووية.

5- لجنة الخدمات الاجتماعية :
??) شيخ ذو فقه وقدرات اجتماعية.
??) طبيب استشاري في المشاكل النفسية.
??) مندوب وزارة التعليم و التعليم العالي ( للتخطيط لإقامة وحدات تعليمية في المخيمات ).
??) قاضي.
??) أخصائي مشاكل اجتماعية.

6- اللجنة الإعلامية:
وبها بعض رؤوساء التحرير وخبراء الإعلام وعلماء النفس ومهندس اتصالات.

7- غرفة العمليات.
??) مهندس اتصالات.
??) خبير علم نفس.
??) مندوب أمني.
??) عمّال بدّالة .
??) خبراء برمجة اتصالات حاسوب
??) خبراء اتصالات عن طريق الأقمار الصناعية.

8- لجنة المناقصات والعقود:
??) محاسب.
??) خبير كتابة عقود وشؤون قانونية.

9- لجنة الاتصالات:
??) مهندس اتصالات.
??) فنيو صيانة أجهزة اتصالات.

10- اللجنة المركزية:
اللجنة المركزية هي اللجنة التي تنعقد للتخطيط و لمتابعة التنفيذ و رئيسها هو الذي له الصلاحيات الكبرى الأساسية مثل الإعلان عن الكوارث و التوجيه... إلخ .

وهذه اللجنة هي التي تعدّل في الخطة أو تغيرها جذرياً.

الأعضاء المقترحون:
1- رؤوساء النوبات المختلفة المقترح تعيينهم لإدارة غرفة العمليات المركزية.
2- رؤوساء اللجان التحتية وسكرتارية كل لجنة.
3- رئيس اللجنة المركزية.
4- نائب الرئيس.
5- سكرتير اللجنة المركزية.

آلية التخطيط :
لابد من إعداد data base (قاعدة بيانات) للجان وأعمالها ومقرراتها والمعلومات عن كل عضو وأسلوب الاتصال به... إلخ.وهذه أولى الخطوات الهامة:

1- تُعقد اللجان المتخصصة التحتية لقاءاتها بشكل عاجل وتُسلم اللجنة تقريرها خلال ثلاثة أيام للجنة المركزية.

2- يمثل كل لجنة رئيسها وسكرتيرها في اللجنة المركزية .

3- يحضر رئيس اللجنة المركزية اجتماعات التخطيط للإشراف بنفسه على سير العملية التخطيطية أو يعين من ينوبه أو سكرتير اللجنة المركزية وذلك لضمان سرعة إعطاء المعلومات المحتاجة وتيسيرها للجان المتخصصة وبسرعة.

4- يُكتب للجهات الرسمية ذات العلاقة عن تعيين رئيس اللجنة المركزية ونوابه ورؤوساء اللجان المتخصصة للتعاون معهم و تسهيل مهامهم للتخطيط فقط (التعامل في حالة وقوع كارثة خلال مراحل التنفيذ لايتم إلا مع غرفة العمليات).

5- يوزع رئيس اللجنة المركزية جميع الخطط المتخصصة التحتية على أعضاء اللجنة المركزية لقراءتها في أسرع وقت ( يوم واحد مثلاً ) ثم تجتمع اللجنة المركزية بشكل مستمر حتى تُقرّ الخطة و تُعتمد و يُصادق عليها من ولاة الأمر و الجهات المعنية (وزارة الداخلية و الدفاع و الصحة ... إلخ ).

6- ينبغي إعطاء اللجنة المركزية كافة الصلاحيات الكاملة للتحرك و جمع المعلومات عن طريق ممثليها مهما كانت سريّة أو أيّاً كان نوعها وبإنسيابية تامة.

7- يُفضل أن يكون المخططون مفرغين من مهماتهم الأصلية في مراجعهم لمدد طويلة (شهرين مثلاً على الأقل) للقيام بالتدريب للفرق التنفيذية واختبار عمليات التجهيز والاعداد من الناحية النظرية و الميدانية وذلك من خلال إجراء أكثر من عملية تجريبية ميدانية Drill , Evacuation .. etc)).

8- يٌقدم رئيس كل لجنة متخصصة تقريراً بالاحتياجات و الأدوات و الطلبات (على شكل ميزانية إن أمكن) لمحاسب اللجنة المركزية.

9- يُعد المحاسب ومعاونوه ميزانية لكل لجنة ويُقدمها للجنة المركزية على نظام Excel حتى تكون قابلة للتعديل الفوري إن لزم الأمر وتتضمن الميزانية البنود ورؤوس الأموال (capitals) والإهلاك (depretiation) وميزانية التشغيل و الصيانة (running cost) و العُهد ... إلخ.

10- بعد الموافقة العامة من اللجنة المركزية تُعد الخطة المالية لإدارة الكوارث على أن يتم استخلاصها كموجودات (capitals) أو بنود مالية من الجهات المعنية مع أنني أتمنى أن يتم ذلك باعتماد ميزانية خاصة بهذا المشروع على أن يجعل ضمن لجنة أو هيئة دائمة تُسمى مثلاً لجنة إدارة الاغاثة و الكوارث (ويُخطط لها في وقت أوسع ويُجهز لتنفع على المدى البعيد في الكوارث الطبيعية والحروب).

عدا اللهم الأشياء التي تستغني عنها الجهات المعنية كأن تستغني وزارة المواصلات عن أدوات نقل ، وزارة الصحة عن أجهزة و أدوية فائضة وهلم جراً ويتم ذلك ضمن نظام محاسبي ورقابي تابع للجنة المركزية أو لجنة أخرى مستقلة.

ب) مرحلة التدريب ( والتثقيف للمجتمع )

1- تتحول اللجان التخطيطية إلى لجان إشرافية وتنفيذية لعمليات التدريب.

2- تنقسم عمليات التدريب إلى مراحل :-
- مرحلة التدريب على الجزء الخاص بكل لجنة في المواقع المختلفة (عند الحدود، نقاط مابعد الحدود ، المخيمات كلٌّ على حدة).
- التدريب على كل أجزاء الخطة في كل المواقع الجغرافية المختلفة ولكن ضمن تخصص كل لجنة فقط.
- التدريب على تجربة تشمل كل اللجان لاختبار التنسيق و الاتصال و المشاكل في التحرك وتلقي الأوامر ... إلخ (أخطر مشكلة في الكوارث هي الاتصالات البينية ومع ومن غرفة العمليات).

3- لابد من تدريب القطاعات العامة في المناطق القريبة من الحرب مثل المدارس و الشركات و الوزارات و التعليم الجامعي و المشافي على أن يتم ذلك من خلال تدريب بعض الأذكياء من هذه القطاعات ليكونوا مدربين لغيرهم وهذا ما يُسمى بتدريب المدربين ( train the trainer) ويتم تدريبهم على ثلاث قضايا رئيسة : الاخلاء والنقل الآمن – الانعاش القلبي الرئوي (CPR)- والاسعافات الأولية.

4- لابد من تجهيز منشورات صغيرة وسهلة التوزيع أو الالقاء من طائرة مثلاً تحتوي على التوجيه اللازم لكل خطر ( مرض بيولوجي من anthrax الجمرة الخبيثة مثلاً او قنبلة نووية لا قدر الله ... إلخ ) وتُكتب هذه المنشورات بلغة سهلة وبكلمات توجيهية واضحة (Guidelines & instruction) برفقته أنموذج من المنظمة العالمية للصحة .

5- إخراج برامج إعلامية عن الكوارث على أن تخرج بشكل متزن مع توجيهات روحانية وإيمانية لبث الثقة و الطمأنينة ( أكثر وفيات الكوارث المتكررة كالحادثة في الحج مثلاً تكون بسبب الاضطراب و الاختناق و الذعر لا بسبب المشكلة الرئيسية ).

جـ) إعداد الهرم الوظيفي :
والتوصيف الوظيفي وتحديد الصلاحيات و المسؤوليات ، وهذا الجزء يتم كالتالي :
1. تحديد المهام التنفيذية بشكل دقيق.
2. جمع مجموعة من المهام المتشابهة ضمن مسمى وظيفي واحد.
3. كتابة توصيف وظيفي لهذا المسمى.
4. وضع مجموعة وظائف متشابهة في صندوق وخانة وظيفية ( قسم يجمع هذه الوظائف بشكل منطقي).
5. رسم السلسلة التوجيهية بطريقة فعّالة (chain of command) إلا إذا أردنا أن تكون إدارة الكوارث منظمة أفقية مسطحة وهذا أسلوب رائع لكن لايناسب بيئتنا إلا بعد تدريب واسع (Flat organization).
6. رسم الهرم التنظيمي.
7. كتابة المسؤوليات و الصلاحيات.
8. كتابة الحقوق والواجبات.
9. ارفاق ذلك كله في ملف يحمل مسمى كل وظيفة مع توصيفها لتقدم للشخص المعين على هذه الوظيفة.

ملاحظة: كل ما مضى في هذا الجزء خلاصةٌ نظريةٌ وعامة وهناك طرق مختلفة لإعداد الهرم التنظيمي ، لكن إذا أردنا أن نكون عمليين فهذا يتم هذه الأيام من خلال النقاش مع الجهات المخططة وبطريقة عملية وسريعة وعلى إثر ذلك يُعد الهرم الوظيفي المطلوب بناءً على الواقع الإداري للجهات الحكومية و العوائق المحتملة والتي لا أملك عنها المعلومة الكافية الآن.

د) التخطيط للاتصالات :
وينقسم هذا التخطيط إلى مرحلتين :
1- وضع خطة متكاملة للاتصال قدر الامكان تبين من يبدأ في إعلان الكارثة وكيف وأسلوب تفعيل الخطة و الشفرات التصنيفية و السريّة...إلخ.

2- تعديلها بعد إجراء التجربة الميدانية الشاملة إن لزم الأمر وينبغي على خطة الاتصال أن تكون:

أ- شاملة لكل الأطراف وعملية .
ب- بها بدائل متعددة ( خطة أ – خطة ب – خطة ج ... إلخ ) لاحتمال وفاة أو غياب أحد نقاط الاتصال.
ج- واضحة جداً وسهلة التطبيق مع صلاحيات تفويضية واسعة في الميدان قدر الامكان.
د- أن تستخدم التقنيات الحديثة كالأقمار الصناعية من خلال الأطباق المتحركة على سيارة و الانترنت والبريد الالكتروني ... إلخ مع توفير بدائل للطوارئ.
هـ- الجزء السري من الاتصال ينبغي تحديده بشكل واضح وتحديد الآلية ( مثلاً علم أحد الأعضاء الميدانيين بتفجير قنبلة نووية أو كيميائية ... إلخ).
و- يقدم عامل السرعة على كل العوامل خاصة في المراحل الخطيرة كالمثال أعلاه.
ز- التسلسل في الاتصال ينبغي أن يكون رأسياً أو من خلال غرفة العلمليات وباستخدام التشفير السهل على أن تصنف الشفرات بطريقة منطقية.
ح- تحديد الصلاحيات في توجيه الأوامر بإعلان الكارثة وتنشيط غرفة العمليات واللجان وإرسال الدعم من الداخل ( الأطباء ، التجهيزات ) .. إلخ . وكل هذه الصلاحيات و المسؤوليات ينبغي تحديدها بشكل واضح و دقيق و على القائد التأكد من معرفة كل رئيس و مشرف و عضو في إدارة الكوارث لدوره حتى العامل البسيط.(في حج عام 1418 هـ كنت مكلفاً مع أحد أصحاب المعالي وأثناء حادث الدهس في يوم 12 كنت أسمع وأرى خلافاً حاداً بين اثنين أحدهم برتبة وزير والآخر أقل منه في جهة حكومية أخرى وهما يتلاسنان بشكل سيئ جداً من خلال الراديو اللاسلكي و الجثث بالعشرات أمام باقي الحجيج وللعلم فإن كليهما لايحق لهما التدخل و لا التعليق من خلال الراديو لأن هناك قائد منوط به أمر التوجيه و القيادة في غرفة العمليات المعنية وهذا كان متفقاً عليه في الخطة وذاك التدخل و الخلاف سبب دربكة لا تحمد ! أذكر هذا لولاة الأمر ليستفيدوا بهذه التجربة التي لم يشهدها غيري سوى زميل آخر كان كلانا موجوداً أثناء الحادثة).
ط- لايحق لأحد التدخل في الاتصالات أو توجيه غرفة العمليات بشكل يخالف الخطة حتى لو كان أعلى من قائد إدارة الكوارث إلا من خلال القائد المعين أو نائبه حسب الخطة.

• لابد من توفير آلية لنقل المعلومات (Mechanism of information transfer) و التي تفيد صانع القرار في غرفة العمليات أو في الميدان مثل الجو والمناخ و السخونة أو الهدوء العسكري ونوعية المواجهة العسكرية جوية كانت أو برية ... إلخ . وهذه المعلومات تساعد على الجاهزية وصناعة القرار السريع ويمكن توظيف الرسائل الصوتية المتغيرة كل ساعة أو أقل أو أكثر حسب الحاجة على أن توضع في رقم خاص يتصل عليه المشاركون في الخطة من خلال شفرة لكل فرد منهم كما يمكن الاتصال عليه من قِبَل المسؤول الاعلامي المصرح له التحدث رسمياً حول الموضوع ويمكن أن يتم ذلك من خلال الصفحات العنكبوتية التي لايدخلها إلا من لديه رقم سري مع العلم أن بعض المعلومات غير السرية يمكن تسهيل الدخول عليها للجميع حتى عوام الناس.

في نهاية هذا الجزء أحب التذكير بما يلي :
1- ينبغي الاستفادة من خبرات الدول الأخرى المتقدمة في ناحية التخطيط و التغذية وما يسمى بالدول النامية لتقارب النواحي الثقافية و الاجتماعية معنا.

2- هناك خبرات عالمية بالمئات يمكن الاستفادة منها لكن لاينبغي أن يشارك أحدٌ من غير أبناء بلادنا أو أبناء البلاد المعنية بالاغاثة و ذلك لأن الخبير الخارجي مهما علا أمره لايعرف البلد وعاداتها و ثقافتها ..إلخ إضافة إلى أنه غير مأمون أمنياً و عاطفياً من ناحية ولاءه لنا ، ولدى عدد منا اتصالات خارجية ببعض هؤلاء الخبراء.

3- هناك جهات ذات علاقة غير مباشرة بالكارثة لكن ينبغي إخطارها لتُعد خطة زيادة إنتاج والتشغيل بالطاقة القصوى كمصانع الدواء و مصانع بعض الأنواع الغذائية الحيوية كصوامع الغلال مثلاً.

ثانياً : مرحلة الاعداد و التجهيز واختبار الخطة ميدانياً :

وتتكون مما يلي :

أ) مرحلة دراسة المخاطر (Hazards Analysis) :

وهذه عبارة عن دراسة نظرية و ميدانية للوصول إلى إجابة الأسئلة التالية :

1. ما هي الأسلحة الموجودة والتي يمكن استخدامها ( بيولوجية ، كيماوية ، نووية ...إلخ )؟

2. في حالة وجود هذه الأسلحة متى يُتوقع استخدامها؟ وأين؟ وكيف ؟ وهذا بناءً على دراسة سير المواجهة العسكرية في مسرح العمليات من خلال استقراء الخبراء الاستراتيجيين .

3. من هي الفئات الأكثر تضرراً حسب التوزيع العمري و الديموغرافي؟

4. ماهي السلسلة الحيوية الأشد تأثراً ؟ ( السلسلة الحيوية هي ما يُسمى (Biological Chain) وهي العلاقة التي تحدد تأثر النبات والحيوان بالمخاطر وأثر ذلك على الانسان وبالعكس) وهل هي في الأنهار أم في التربة أم البحار ... إلخ؟

5. ما هي المخاطر الوجودة بالفعل الآن وماهي المخاطر المتوقعة (Potential Hazards)؟

6. إعداد خطط للتعامل مع كل هذه المخاطر على مستوى الفرق المشاركة في الاغاثة وعلى المستوى الوطني أو الاقليمي.

7. إعداد خطة للتنسيق مع دول الجوار للتقليل من المخاطر وتقليل انتشارها وبأسرع وقت ممكن.

كيف تتم دراسة المخاطر ؟

من خلال البحث والاتصال و التشاور مع المراكز العالمية المتخصصة مثل هذه المنظمات :
1- World Health Organization
2- International Atomic Energy Association
3- International Disaster Association
4- Center of Disease Control,Atlanta,Georgia (وهذا أهم مركز في العالم في تخصصه وقد زرته ولدي نشرات وتقارير جيدة عنه ونتمنى وجود مثله في بلادنا الغالية)

كما يمكن الاتصال بالخبراء المهتمين أو المختصين بهذا المجال وهناك عدد منهم بالداخل و الخارج .

وأهم وأفضل وسيلة هي الزيارات الميدانية الرسمية لأصحاب الشأن ( طبعاً عادة ما يتم هذا قبل الحرب الحرب!).

ب) تحديد الاحتياجات الصحية (Health Need Assessment)
وهذه تتعلق بتحديد الاحتياجات الصحية للمهاجرين و التوزيع الديموغرافي وإجابة الأسئلة التالية:

• كم عدد الهجرة المتوقعة ؟
• كم نسبة الرجال إلى النساء؟
• كم نسبة الأطفال و الشيوخ و العجزة و المقعدين ؟
• ما هو هرم التوزيع السكاني؟
• ما هي الأمراض المزمنة وما هي الأمراض الحادة وكم نسب انتشارها في البلد الأصلي؟
• هل هناك أمراض متوطنة (Endemic Disease) قابلة للتحول إلى أوبئة عند انتقالها (Epidemic Disease) .
• ماهي العقائد و المذاهب وما هو المستوى التعليمي و الثقافي للمهاجرين أو المتوقع هجرتهم؟
• ما هو النظام الغذائي و ماهي العادات الغذائية و الأكلات المفضلة ...إلخ؟
• ما هو التوزيع الديموغرافي ؟
• من هم الوجهاء أو علماء الدين أو مشائخ القبائل وكيف نستفيد منهم؟

وهذه المعلومات تفيدنا للتخطيط لإعداد الخدمات المناسبة لهؤلاء المهاجرين كما تفيد إدارة المخيم خاصةً من خلال وجهاء المجتمع و رموزه الاجتماعية والدينية و الذين ينبغي عدم تهميشهم البتة بل وينبغي الاستفادة من منهم كمصادر للمعلومات و للتوجيه و الارشاد في الحالات الطبيعية وحالات الأزمات.

كل ما مضى من المعلومات يمكن الحصول عليه من الجهاتالرسمية في العراق أو من الأطباء و المتخصصين العراقيين أو من الجهات الدولية ( هذه المنظمات العالمية لا تكون دقيقة في هذا الجزء لعدم قدرة هذه المنظمات على فهم العادات بشكل دقيق لاختلاف الثقافة و الفهم).

ومرة أخرى فإن أفضل مصدر لهذا النوع من المعلومات هو الزيارات الميدانية أو ما يسمى ( Health need survey) أو (Health Risk Appraisal).

جـ) تحديد المواقع :
1- دراسة النواحي الجغرافية الدقيقة للخطة الميدانية على أن يُؤخذ في الحسبان العلاقة السكانية في كل جزء من تلك الحدود و سخونة أو برودة تلك المنطقة وأهميتها الاستراتيجية و العسكرية و السياسية لكل طرف من الأطراف المتصارعة ( هل يمكن أن تتحول إلى نقطة صراع عسكري؟ أو يمتد القصف إليها ؟ وماهي نسبة الخطأ العسكري في وقوع قذائف عليها حتى لو كانت هذه المنطقة خارج مسرح العمليات ...إلخ ).

2- تحديد أنسب المواقع للإغاثة و النقل و الاخلاء.

3- تحديد المواقع الطبية بناءً على قربها من مواقع الكوارث وقربها من المراكز الطبية في المدن القريبة.

4- تحديد نقاط فرز أو عدة مناطق بناءاً علىالقرب و البعد أو بناء على التوزيع الديموغرافي أو الطائفي أو العشائري ...إلخ .وهذه النقطة قد تكون ملحة ومهمة يجب على الدولة المضيفة أن تلجأ إليها حتى لاتتحول المخيمات إلى نقاط صراع و نزاعات طائفية ( أنظر النقطة د التالية) .

5- رسم الخرائط وتحديدها حسب نظام الاتجاهات GPS .

د) توزيع النقاط الطبية :
قد يكون من الحكمة تعدد النقاط الطبية كالتالي :

1- استقبال الحالات الاختياري (Selective screening system) بالذهاب من خلال دوريات جوية إلى النقاط الساخنة و المتوقع مجيء الإصابات إليها وإجراء الفرز هناك مع نقل الحالات المستعجلة عن طريق الإخلاء الجوي و لنصطلح على هذه النقطة بالنقطة (أ) وهذه الخطوة تقلل من عامل المفاجأة و بالتالي من الاضطراب و الفوضى.

2- نقاط الاستقبال على الحدود وهذه تقوم بالفرز (screening) من خلال نظام الفرز السريع المصنف حسب المعايير العالمية (triage) ويتم تقسيم الحالات إلى :

??. شفرة سوداء وهي الوفيات التي تنقل إلى الثلاجات بعد التصوير.
??. شفرة خضراء وهي حالات الأقل خطورة .
??. شفرة صفراء وهي حالات الخطورة المتوسطة.
??. شفرة حمراء وهي حالات الخطورة الشديدة وهذه يتم نقلها عن طريق الإخلاء إلى المراكز الطبية الأقرب وذلك بعد إجراءات وقف النزف وتنشيط وتثبيت الحالة (ABCs & first aid).

وهذه النقطة الطبية لنصطلح عليها نقطة (ب) ويمكن أن تُوجد أكثر من نقطة (ب) على طول الحدود وينبغي أن تحتوي على ما يلي:

1) مدرج طائرات شحن دواء وأغذية .
2) مهبط طائرات إخلاء وحوامات هيلوكبتر.
3) غرفة عمليات متنقلة .
4) وحدات إسعافية متنقلة –عربات- (Ambulatory Care).
5) مستوصف من البناء الجاهز.
6) مختبر و بنك للدم.
7) مستودع أدوية.
8) إسكان للعاملين.
9) موقع إخلاء وتجمع.
10) أطباق اتصالات فضائية على عربة متنقلة كبدائل للإتصال الثابت أو الجوال و الرادار.
11) تجهيزات أساسية وبدائل لتشغيل الكهرباء وأجهزة العمليات وتوفير المياه ... إلخ.

هـ) بعد إكمال التجهيزات لابد من القيام بالتجارب

حسب ما ذُكر أعلاه إلى أن نجرب الخطة الكاملة بشكلها النهائي مع ملاحظة ما يلي أثناء التجربة (Drill):

1) تصوير كل المواقع الأساسية و الحركة والاتصال الشفوي و الجسدي و المشاحنات والفوضى...إلخ.
2) تسجيل كل الاتصالات التي تتم عن طريق غرفة العمليات .
3) تحليل كل ما صُوّر و ما سُجل من خلال اجتماع اللجنة المركزية والاهتمام بدقة نقل التوجيهات و التعليمات واختيار الألفاظ وسرعة الكلام ووضوحه ونبرة الصوت ورباطة الجأش و المخالفات للسياسات والإجراءات ..إلخ.
4) يُقدم تقرير مفصل عن الأخطاء ويُسلم للجان الأخرى وللفرق الميدانية كلٌ بما يهمه وما يحتاجه ( ربما يقترح تغيير بعض الأشخاص لوجود ارتباك شديد لديهم وهذا لايُحبذ من المرة الأولى).
5) قد تكون هناك حاجة لإجراء تجربة أو تجارب أخرى إن لزم الأمر.
6) قد تكون هناك حاجة لتعديل أو تبسيط أو توضيح بعض السياسات والإجراءات (Policies & procedures).

ثالثاً : مرحلة الإجابة والمواجهة :

و المقصود بها تنفيذ الخطة وذهاب كل فريق إلى مواقعه الطبية أو الإيوائية ...إلخ .

• يُعلن تفعيل الخطة الرجل المخول له بذلك حيثما كان ويتصل مباشرة بغرفة العمليات لإطلاق الشفرة اللازمة بنفسه أو من خلال المناوبين بغرفة العمليات ويلزمه إبلاغ مرؤوسيه ولجان المراقبة لتفعيل متابعتهم وخططهم، ووظيفة القائد هي التأكد من متابعة مهامه المنوطة به : الإشرافية والتعديلية وتوجيه الأوامر وربط و تنظيم سير عمليات الإغاثة وتمويل العمليات بالأموال و المواد اللوجستية وتحفيز العاملين و النزول للميدان أحياناً إن لزم الأمر وهذا لايُحبذ إلا للضرورة ).

الأدوار المناطة بغرفة العمليات:

1- نقل المعلومات للقيادة ومنها إلى رؤساء الفرق إلى أن يتم إطلاق شفرة انتهاء الكارثة (خلال عمليات الإغاثة في الحرب تكون موجات من الحالات المصابة أو موجات هجرة كبيرة هذا هو المقصود بالكارثة هنا و العدد يتفق عليه في التخطيط ويعتمد على الإمكانات ففي بعض المشافي دخول 25 حالة حوادث أو إصابات مع بعضها في وقت تعتبره المستشفى أنه كارثة وتُعلن تفعيل إدارة الكارثة لديها ).

2- استقبال التعليمات للوكالات و المنظمات والفرق للقيام كلٌ بدوره أو التعليمات الموجهة له.

3- جمع الإحصاءات و المعلومات المتعلقة بالإخلاء و الإيواء للمسؤولين خاصة المشرفين على المخيمات ولرؤوساء الفرق وتقديم بيان يومي.

4- تحديث كل ما سبق بشكل دوري منظم ومتفق عليه سلفاً.

5- يمكن نقل معلومات لأشخاص مخولين بذلك إلى الشؤون الأمنية و العسكرية و الإعلامية بطريقة سريّة حسب تخويل وتفويض قيادة إدارة الكوارث أو من فوقها خاصة النواحي المتعلقة بالطمأنة و بث الأمن والهدوء..

6- إذا استقبلت غرفة العمليات معلومات من مصدر موثوق بما اتفق على الاصطلاح عليه أنه كارثة عليها أن تنقل المعلومات لرئيس الإنقاذ وإدارة الكوارث وللأشخاص المهمين الذين أتفق على إعلامهم بناءً على الخطة وهذه أمثلة لمن يمكن إخبارهم ويمكن أن يتم على مراحل حسب أهميتهم في عملية الإغاثة :

??) مكاتب وزراء الدفاع والداخلية والصحة ومكتب رئيس الهلال الأحمر.
??) المسؤول لضبط الاتصال في الديوان الملكي.
??) مكتب وزير المياه في حال نقص متوقع للمياه أو للتصريف أو لتلوث مائي.
??) شركات الكهرباء في حال نقص في إمدادات الكهرباء.
??) شركة الاتصالات لتوفير خطوط هاتفية.
??) رؤوساء الشركات المتعاقدة في حالة توقع نقص في فنيي الصيانة أو التشغيل أو بناء المساكن أو التموين الغذائي... إلخ ( Sub contactors).
??) غيرهم ممن تفوضهم الخطة لاستقبال المعلومات و التعليمات و تحديثها.
ويمكن تقسيم مرحلة المواجهة والاجابة حسب المناطق أو حسب المراحل التنفيذية .

وعلى كلَ يمكن تقسيم الأعمال كما يلي:

أ) مرحلة ما قبل الإيواء:
1) الوصول السريع إلى موقع الكارثة إن كان ضمن الحدود السعودية أو داخل الحدود العراقية إذا نسق لذلك مع الجبهات في مسرح العمليات.
2) إنشاء نقطة تصنيف (triage) حسب ما تقدم ونقل الحالات إما إلى موقع الإخلاء أو الوحدات المتنقلة ( Ambulatory Care services) أو إلى طائرات الإخلاء.
3) تحديد موقع الإخلاء ووضع حدود عليه ( حبل أو رسم خط بالنورة أو بسلك ... إلخ ) ووضع مشرفين و موجهين عليها.
4) إحضار وسائل النقل ( باصات ، لواري ، طائرات نقل جنود ...إلخ ) لنقل المتجمعين لأخذهم لمناطق الفرز أو لمناطق الإيواء.
5) لابد من تصوير الجميع إن أمكن و التأكد من المعلومات الشخصية وإرفاقها بالصورة وهناك أنظمة حاسوبية تقوم بذلك بطريقة سريعة.
6) إعداد وجبات جاهزة في وسائل النقل .
7) توزيع نشرات توجيهية وإيمانية لبث جو الهدوء و الطمأنينة.
8) تحديد مواقع للصلاة ولقضاء الحاجة ... إلخ إن لزم الأمر ريثما تتم عملية النقل.
9) التعامل مع الحالات الإسعافية حسب التصنيف الدولي (International Triage system)ونقل الموتى بثلاجات للغسل و الدفن بعد تصوير الوجه صورتين عمودية وجانبية أو أخذ بصمه عادية أو وراثية إن كان يُعتقد أن الشخص مهماً.
10) في بعض الحالات الخاصة و التي تُوجد بها أوبئة ينبغي فحص المهاجرين من خلال عيادة متنقلة إما في الموقع أو على الحدود أو بالداخل قبل الإيواء.
11) من المهم أن تتم العمليات قبل مواقع الإيواء و الإسكانات بالمخيمات لأنه من التجارب العالمية و الميدانية التي شاهدناها أن المهاجرين يسببوا فوضى إذا وصلوا المخيم قبل إجراء الخطوات السابقة بل قد تتحول الفوضى إلى مظاهرات أو مواجهات عسكرية كما حدث مع الهاربين الهنود في بنغلاديش إبان الانفصال و الذين ظُلموا وهمشوا من العالم كله ( لديّ صور صورتها بالفيديو في مواقعهم هناك) وكما حدث في أزمة الصوماليين وغيرهم وهنا نوصي بالتعامل بالأخلاق اللطيفة والحنكة و الرحمة لطبيعة الحالة النفسية المصاحبة لهذا الظرف.

??) مرحلة الإيواء :
1) ينبغي أن نختار منطقة الإيواء بناءً على معايير مهمة منها :
• القرب والبعد من المدن فبعض الدول لا تفضل اقتراب مواقع الإيواء من المدن حتى لا يحدث تسيب أمني وهذه قضية تحتاج إلى نقاش لأن بعض التجارب أثبتت وجود مشاكل لهذا الأسلوب ومع ذلك فلابد أن يكون الموقع غير بعيد جداً عن المدن من أجل العلاج الصحي وتأهيل المخيم ضمن المقيمين في حالة امتداد أمد المشكلة السياسية والعسكرية ...إلخ.
• أن تكون المنطقة واسعة ويسهل التحكم بها ويمكن أن تمتد لمساحة أكبر لتشمل أعداداً إضافية إن لزم الأمر.
• توزع المنطقة حسب خرائط هندسية مدنية وهناك أساليب لتصميم المخيم بحيث تكون التغذية و التموين و الطبخ والأنشطة الاجتماعية جماعية أو تصمم وحدات صغيرة تحتوي على مطابخ وأحواش خاصة بكل وحدة عائلية أو مجموعات عوائل متقاربة ( هناك تجربة رضايات بإيران يمكن الاستفادة منها في هذا الشأن وكذلك تجربة مخيم أوتانقا بكينيا).

2) يحدد نظام استقبال أمني في حدود المخيم للتعرف وإصدار الصور و التصوير وحفظ ملف لكل فرد و المعلومات الشخصية و الصحية و الثقافية عنه ووضع ذلك في أسورة بلاستيكية توضع (slip) في اليد أو يوزع عليهم بادجات .(badge)
3) ينبغي الاستفادة في هذه المرحلة من شيوخ الدين ووجهاء العشائر للمساعدة في توجيه وتوزيع القادمين والتعرف عليهم في حال الأطفال الصغار أو الفاقدين لعقولهم...إلخ.
4) تجهيز وحدات غذائية وملابس وأسرّة خفيفة توزع على كل شخص عند قدومه أو أكياس نوم (Sleeping Bags) .
5) إجراء فحص طبي ابتدائي ووضعها في ملف خاص في عيادة الرعاية الأولية الشاملة (initial medical assessment ).
6) إعداد جهاز بشري دوره تدريب المهاجرين في بضع ساعات بشكل مجموعات صغيرة حول جغرافية المخيم وأماكن الصلاة وأساليب التغذية و النظافة .. إلخ. ويُفضل بداية هذه الجولة في أسرع وقت بعد وصول دفعة من الأفواج المهاجرة مع محاضرة وتوجيهات عن الآداب و القيم المهمة (orientation minicourse) وهذه القضية مهمة جداً ومن أكثر أسباب النجاح خاصة إذا علم الواحد منهم حقوقه وواجباته ومن هم المسؤولون الذين يرجع إليهم في السراء أو الضراء.

رابعاً: مرحلة إعادة البناء و التوازن:
هذه المرحلة هي صيانة و متابعة و تموين المخيمات و المجمعات السكنية وهنا ينبغي التذكير بأن علماء المنظمات الصحية يُعرفون الصحة بما يلي :

(( هي الحالة المتكاملة من النواحي العضوية والنفسية والاجتماعية و الروحية وليست هي مجرد غياب المرض أو العاهة)).

وهذه المرحلة تحتاج إلى الخدمات التالية :

1) مكتب إشرافي مع طاقم إداري للإشراف على خدمات المخيم ويرأسه مندوب من وزارة الداخلية أو العمل والشؤون الاجتماعية .
2) مكتب بلدية.
3) وحدة مطافئ أو أكثر.
4) مركز رعاية أولية شاملة (primary health care center).وهذا ضروري جداً وليس مجرد مستوصف بل مركز متكامل وبأقل كلفة على أن يشرف على إنشاءه و تجهيزه استشاري متخصص في طب الأسرة وليس غيره.
5) مركز الشؤون الإعلامية لتوزيع النشرات حول الأخبار الهامة في المخيم أو البلد الأم أو توزيع توجيهات أمنية أو تنظيمية أو في حالة سخونة ذلك الموقع بسبب كوارث بشرية أو طبيعية لاقدر الله.
6) مركز ديني إرشادي للتوجيه و الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال طاقم مُدرب على الدخول مع أناس مختلفين في عاداتهم وتقاليدهم.
7) مركز ترفيهي عبارة عن ساحات تحتوي ملاعب للرجال وأخرى للأطفال ووحدة مغلقة بأشجار صحراوية أو بتسليك مغطى للنساء وهذا مهم لتقليل الاكتئاب و الضغوط النفسية (post traumatic stress).
8) وحدة لعلاج المشاكل النفسية و الاجتماعية من خلال عقد جلسات حوار ونقاش يومية مسائية وعلاج الحالات الشديدة في فترات صباحية (Coaching, Counseling) .
9) إنشاء مدارس للذكور وأخرى للإناث والاستفادة منها في المساء لمحو الأمية وتحفيظ القرآن وفي الصومال رأينا نماذج جميلة لهذه المدارس على شكل خيمة خشبية تحتمل المطر و الحرارة والبرودة ...إلخ وتعتبر كل وحدة فصل متكامل مع مدرسه ( في الابتدائية أما المتوسطة فتحتاج أكثر من معلم ).
10) إنشاء وحدة للإشراف على النقل أو على نقل الأطباء و التمريض و المعلمين من خارج المخيم من المدن القريبة الذين يأتون صباحاً ويرجعون مساءً.
11) وحدة متابعة للهلال الأحمر السعودي مع إسعافات مجهزة.
12) مكتب خدمات بلدية للقيام بما يلي:
• الإشراف على نظافة المياه أثناء التخزين والتوزيع .
• الإشراف على نظافة وسلامة الطعام و التخزين والتوزيع.
• الإشراف على سلامة الجو من المواد الكيميائية و الغازات الضارة و القمامة.
• التخلص من النفايات و القمامة بالطرق المتعارف عليها في نظام المخيمات ( للمزيد من المعلومات يمكن الدخول على موقع منظمة مكافحة الأمراض بجورجيا أو منظمة NIOSH ).
• التخلص من حفر التصريف بطرق مناسبة وهناك طرق متعددة لذلك أيضاً.
• التخلص من المستنقعات ورشها بالمبيدات بعد الأمطار أو السيول.
• التخلص من الحشرات الضارة والقوارض و التي ربما كانت سبباً في بعض أخطر الأمراض كالطاعون أعاذنا الله منه.

خامساً : مرحلة المراقبة و التقويم:
وهذه المرحلة تبدأ و لاتنتهي فهي أشبه بعملية دائرية للتطوير و التعديل وإعادة التخطيط وهكذا.

هذا العمل تقوم به لجنة محايدة و تتكون من عدة جهات و ينبغي ألا تمارس الفوقية و التعالي على العاملين و دورها ينبغي أن يكون توجيهياً من خلال لقاءات دورية مع جميع المنفذين وبعض ممثلي المهاجرين ومن خلال تقارير مختصرة مكتوبة تعتبر قوائم تقويم لأعمال كل وحدة أو مكتب (Service Evaluation check list for every official sector or subcontractor ) كما أن أدوار هذه اللجنة الكتابة للقيادة المركزية للجنة الإغاثة و الكوارث ثم إعداد خطة دورية لتعديل أو تغيير شامل للخطط الموجودة ( كل 3-6 أشهر) . وعادة ما تختار هذه اللجنة من أناس لديهم الجمع بين التخصص الفني و الخبرات الميدانية و القدرة على القيادة و التوجيه بأسلوب غير استفزازي حتى لا يخلقوا مشاكل في موطن حساس من النواحي السياسية و الأمنية.

سادساً: اللجان الخيرية و الشعبية و المتطوعين:

1- أعتقد أنه ينبغي إعلان فتح باب الخدمة التطوعية في المجالات الطبية والإغاثية أسوة بما حدث ايام الأزمات السابقة بأفغانستان و الصومال وغيرها وهذا هو المتوقع من بلادنا وقيادتها وأهلها.

2- لابد من تنظيم عمليات التطوع بشكل فعّال لأن التجارب السابقة وُجد فيها كثير من الفردية و الأخطاء فيما أحسب وفيما وقفت عليه والله أعلم.

3- ينبغي توزيع الأدوار بين الجهات الخيرية، فجهة عليها تجهيز الدواء وأخرى التجهيزات الغذائية وثالثة الملابس وخيام الإيواء ... وهكذا.

4- عند إعلان التبرعات لابد من مشاركة الأطباء و الفنيين في ذلك ، ولابد من تمثيل شعبي أثناء عملية التوصيل لزرع الثقة في قلوب المتبرعين حتى يمكن تكرار حملات التبرع بنجاح خاصة إذا طالت الحرب نسأل الله السلامة والعافية.

سابعاً : هناك إضافات حول الحروب البيولوجية و الكيماوية:يوجد نماذج مختصرة لها . والله أعلم.

خلاصة :

5- مرحلة التخطيط 3 أيام.

6- التجهيزات ونقلها إلى المواقع تحتاج إلى أشهر لكن الأجزاء الأساسية و المخيمات قد لايستغرق الانتهاء منها سوى بضعة أسابيع وربما أقل من ذلك.

7- تدريب الأطباء و الفرق يبدأ مع وأثناء التجهيز.

8- فريق التقويم يبدأ عمله من التخطيط ثم تُعدل الخطط بشكل مستمر وربما بشكل يومي حتى تصل إلى الوضع المقبول ثم يُعاد كتابتها – إن لزم الأمر – كل 6 أشهر ما لم تحدث متغيرات جذرية طارئة.

9- التوصيف الوظيفي ورسم الهرم عملية تستغرق وقتاً طويلاً إذا أردنا المثالية ، ولكن يمكن إعداد هرم تنظيمي سريع ليكون عملياً .

10- كل ما مضى يمكن تنفيذه مع توفير كبير للجهد و المال إذا وظفت الطاقات الموجودة بشكل جيد (Mobilization of resources).

المصدر : موقع أطباء الحرمين ..
 

العمل الخيري