اطبع هذه الصفحة


انظر إلى ما فعله القس الأمريكي " بات روبرتسون " بهذا الطفل المسلم ؟.

علي التمني


قرأت في مجلة وزارة الخارجية الأمريكية مقالا للسناتور جيسي هيلمز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي ، مفاده : أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الإبن مهتم شخصيا وبصورة لم يسبق لها مثيل من رئيس أمريكي بدعم المؤسسات الخيرية الكنسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها ، والتي يسميها بوش الإبن باسم ( جيوش الرحمة ) ، حيث يرى الرئيس بوش الابن أن هذه المؤسسات والجمعيات أهم بكثير من المؤسسات الخيرية وجمعيات الضمان الاجتماعي الحكومية ، وأجدى نفعا منها ، حيث تتعثر خطى تلك الجمعيات الرسمية في يسمي بـ البيروقراطية التي تقتل العمل الخيري ، ولذا فالرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الذي يدعم المؤسسات الخيرية غير الرسمية التابعة على وجه الخصوص للكنيسة ، هو نفسه الذي يشن حربا عالمية ثالثة ضد الإسلام على حد تعبير الصحفي اليهودي الأمريكي توماس فريدمان الذي كتب أن هذه الحرب يجب أن تشن ضد المسجد والمدرسة والمقرر الدراسي ، والجمعية الخيرية الإسلامية ، الرئيس الأمريكي يدرك أهمية تلك الجمعيات الكنسية الخيرية في دعم الفقراء والمحتاجين وذي الاحتياجات الخاصة ولذا سارع إلى دعمها من أول يوم ، وفي حفل كبير داخل البيت الأبيض قدم الرئيس شيكا بمبلغ عشرة ملايين دولار للقس الأمريكي بات روبرتسون الذي وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأن إرهابي متعطش للدماء ، ويعد ذلك الحفل في البيت الأبيض دعما غير محدود للكنيسة وللجمعيات "الخيرية" التي تتبعها داخل أمريكا وخارجها ، وفي هذا الصدد فيجب أن نذكر أن الكنيسة الأمريكية تعتبر ومنذ مايزيد على المائة عام أكبر الكنائس العاملة في مجال التنصير خاصة داخل المجتمعات الإسلامية مستغلة ضخامة الموارد الاقتصادية التي تغرف منها بلا حدود والفقر والحاجة والأوضاع المتردية التي يعاني منها كثير من المسلمين في آسيا وأفريقيا بل وفي بعض البلاد العربية أيضا .

وهنا لانتستغرب كل ذلك الاهتمام من الرئيس الأمريكي بالجمعيات الخيرية الأمريكية التي تدعم المواطن الأمريكي ذا الحاجة والفقر داخل الايات المتحدة ، وتدعم الموقف الأمريكي وصورة أمريكا في العالم ، حيث تقدمها على أنها دولة رحمة وشفقة وإنسانية وأنها دولة نجدة للفقراء والمنكوبين ، اللأمر الذي يقوي مواقعها داخل المجتمعات الأخرى ومن بينها المتجتمعات الإسلامية و يقوي من نفوذها ويساهم إلى حد بعيد في تقبل مشروعاتها الفكرية والثقافية والسياسية ، هذا إلى ما هو أخطر من ذلك وهو تغيير عقيدة بعض المسلمين ليعتنقوا النصرانية ، وهنا نذكر فقط بما يخطط لأندونيسيا أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان ، فالكنيسة و لجمعيات التنصيرية الخيرية – أو التي تتظاهر بالأعمال الخيرية – تخططان لتنصير أكثر من نصف سكان إندونيسيا خلال الخمسين عاما القادمة أي بحلول عام 1470هـ ( 2050م ) لتصبح بذلك بلدا نصرانيا ( مسيحيا) على حد تعبير تلك الجمعيات ولهذا الغرض خصصت الكنائس الأمريكية – خاصة الإنجليكانية منها – مئات الملايين من موازناتها سنويا لهذا الغرض ، وهنا نذكر بأن الكنائس الأمريكية تعتبر أغنى من الحكومة الفيدرالية ، حيث تعاني الحكومة الفيدرالية الأمريكية من الديون الضخمة في حين تملك هذه الكنائس موازنات بمئات الآلاف من الملايين ، في صورة استثمارات صناعية وفي صورة إعانات ضخمة من قبل بليونيرات أمريكا الذين لا يترددون في دعمها بآلاف الملايين من الدولارات سنويا .

وكان من أخطر الدوافع التي دفعتني إلى كتابة هذه السطور ما قرأناه في بعض الصحف المحلية من هجوم جاهل وغير مسؤول على الجمعيات الخيرية السعودية من قبل بعض الصحافيين والكتاب الذين لا يقدمون ما عند الله ولا يدركون – أو ربما يدركون – أنهم بهذا يضعفون بلادنا و يضرون بها وبمصالحها ويقدمون خدمات جلى للأعداء الذين يخشون الأقويتء الذين يعتزون بمبادئهم و يقولون لا لمن يحاول المساس بدينهم وبمبادئهم واستقلالهم .

لقد هاجم هؤلاء الجمعيات الخيرية في دعمها للمسلمين في خارج هذه البلاد ، بالإضافة إلى دعمها لمواطني بلادنا حرسها الله من حماقات و تهورات بعض المنتسبين إليها ، وهنا أذكرهم بما يقوم به الرئيس الأمريكي نفسه الذي ضرب المثل في الاستماتة في دعم الكنيسة ومشروعاتها التنصيرية التي تتخفى وراء الإغاثة وتقديم المعونات حول العالم ، وذلك حين احتفل برجال الكنيسة داخل البيت الأبيض – كما تقدم ذكره - في دولة علمانية الدستور ، فهل هي كذلك ؟.

إن الرئيس الأمريكي هو الذي أطلق العنان لمحاربة الجمعيات الخيرية الإسلامية حول العالم ، وذلك بحجة دعمها للإرهاب ، وهو أكبر داعم له ، وضد من ؟ ضد الفلسطينيين العزل ، الذين لايجدون عليبة الدواء ولا لقمة العيش ، فقد أغلق داخل امريكا أكبر الجمعيات التي تجمع التبرعات لإغاثة هذا الشعب المظلوم المضطهد ، وللقضاء على البقية الباقية من الحياة فيه ، ومع ذلك فهذه الإجراء لاتزيده إلا ثباتا واصطبارا ، لكن المدهش والمحزن هو أن يأتي من يكتب متماهيا مع حملة الرئيس بوش ضد الجمعيات الخيرية السعودية ومتمما لها ومتضامنا مع أهدافها ، حتى لو حاول أن يبرر هجومه الآثم على الجمعيات الخيرية بإهمالها لمحتاجي وفقراء الداخل ، وهذه من الحجج المتهافتة ، فبلادنا ولله الحمد تنعم بالكثير من الأجهزة التي تعنى بأحوال الفقراء والمحتاجين في الداخل : فهناك الضمان الاجتماعي وهناك جمعيات البر الخيرية الموجودة في كل بلدة والجنعيات الخيرية الأخرى التى توجه لها السهام الت لم تهمل فقراء الداخل ، وهناك المحسنون الذين يقدمون التبرعات العينية والنقدية السخية في كل المناسبات ، وهذا لايعني عدم وجود الفقر والفقراء ، لكني أجزم بأن أحدا لن يموت جوعا في بلادنا ضمن موجة مجاعة كالتي تحدث على مدار الساعة لمسلمين حول العالم الأمر الذي لم تعرفه بلادنا منذ عقود بفضل الله تعالى ثم بما تقدمه دولتنا جزاها الله خيرا ، بل لن يجوع في بلدنا أحد ولا يجد من يمد له اليد خاصة في ظل التماسك و التكافل الاجتماعي القائم على قيمنا الإسلامية العظيمة ، هذا إلى أن فقراء بلادنا لن يكونوا عرضة لأخطر هدف تسعى إليه منظمات الإغاثة وه التنصير ، وهي منظمات تتستر بالأمم المتحدة أو غيرها وهي منظمات تنصيرية في المقام الأول ، فهذه المنظمات قد وجدت أن أعظم هدية قدمها لها أعداء العمل الخيري الإسلامي هو الهجوم على الجمعيات الخيرية الإسلامية ومن ثم السعي إلى إغلاقها وتجفيف ينابيع الخير الذي تقدمه للمسلمين حول العالم – رغم محدودية قدراتها أصلا - بينما يعاني إخواننا المسلمون في كثير من بقاع الأرض من الكوارث التي لاتنتهي حتى تعود في كل أرجاء المعمورة تقريبا ، حيث يلحظ كل من لديه قليل من المتابعة أن الكوارث حكر تقريبا على المسلمين : فالحروب من حظ المسلمين وحدهم ، حيث لم ننس بعد حرب الإبادة التي تعرض لها الشعب البوسني المسلم على يد الصرب في عمق أوربا التي تدعي التحضر وحقوق الإنسان حيث استمرت تلك الحرب ثلاث سنوات كاملة وبعد استكمال حرب الإبادة لأهدافها جرت مسرحية مؤتمر دايتون للسلام ، وبعد حرب الإبادة في البوسنة كانت حرب كوسوفو ، وأيضا داخل أروبا الحضارة وحقوق افنسان ، وقبل ذلك الغزو السوفيتي لأفغانستان ، وليبيريا وحرب الشيشان القائمة حاليا التي أتت على الأخضر واليابسة ومارست فيها روسيا أبشع صنوف الإبادة والاغتصاب بحق المسلمين ، وهناك كشمير والفلبين وجنوب السودان وأريتريا والصومال ، وأخيرا جاء دور العراق الذي يتعرض بعد الغزو الصليبي البريطاني الأمريطي المشترك إلى حرب إبادة لدينه أولا ثم حرب إفقار ونهب لجميعى مقوماته وهو الشعب المسلم العريق الذي يمثل أحد مراكز القوة الحقيقية في العالم الإسلامي بأسره ، فهل هذه الحروب والكوارث بعيدة عن تخطيط الكنيسة وعن اهدافها التنصيرية ؟ .

إن الهدف من هذا الاستطراد أن أبين – وهو واضح لكل ذي عقل وإنصاف - لمن كتب ضد مد يد العون لإخواننا المسلمين حول العالم أن المسلمين في هجير تلك الكوراث يحتاجون للقرش عوضا عن الريال ، ويحتاجون للبطانية البالية التي ربما تعفف الكاتب أن يرميها أمام باب بيته فهو يجتهد في مواراتها في كيس الزبالة حتى لا تراها العيون ، هؤلاء المسلمون يعانون من الجوع القاتل الذي يهدد الملايين سنويا ، ويعانون من البرد القارس في رؤوس الجبال بعد أن أخرجوا من ديارهم : أليس لذلك النوع من الكتاب الذين ماتت ضمائرهم عيون ليبصروا بها معاناة المسلمين القاتلة في المنافي وفي القفار حيث يبيت الملايين منهم فوق الثلوج والأوحال بلا مأوى وبلا طعام وبلا دواء ، ويموت منهم مئات الآلاف سنويا من الجوع والمرض والبرد وهناك المختطفون ، ولا يصح أن يغيب عن بالنا ما تتعرض له المسلمات الطاهرات من الاغتصاب على يدي من ينتمون لحضارة الغرب الظالمة المظلمة ، والسؤال الذي يجب أن يجيب عليه هؤلاء الكتاب الظالمون لأنفسهم أولا الظالمون لأمتهم ثانيا : أليس من حق هؤلاء المسلمين أن يحصلوا على الدواء والطعام والدثار والفراش والمأوى في أقل صورها و مقاديرها كما وكيفا ، أليس من حقهم ان يأكلوا ما يبقي على حياتهم ليس إلا ، وقد رأينا جميعا كيف يقتتل بعض الصبية على رغيف العيش الذي يطير من فوق الشاحنة فتتلقه مئات الأيدي دفعة واحدة ومن وقع في يدعه فربما مصيره الموت من قبل مئات الجوعى من حوله ، أليس من حق هؤلاء أن يطعموا ما يبقي على حياتهم وأن يلبسوا أقل ما يمكن ليقيهم بعض البرد لا كله ؟ وهنا تجد الكنيسة والجمعيات التنصيرية فرصتها الذهبية لتمارس رسالتها ، رسالتها في تغيير عقيدة المسلمين تحت ضغط الحاجة ، حيث تنتشر تلك الجمعيات الكنسية التنصيرية في كل أرجاء العالم لإغاثة المسلمين على وجه الخصوص ، وذلك لأنه لايوجد تقريبا في العالم لاجئون ومشردون من غير المسلمين ، فمَن غير المسلمين يمكن أن توجه له أذرعة التنصير الجهنمية تحت طائلة الفاقة والجوع والعري والمرض والجهل ؟ وفي ظل غياب المعونات التي ينتظرها هؤلاء من إخوانهم المسلمين ، فهل سيرفض الجائع لقمة عيش نظيفة ظاهرا ولكنها ملوثة بالقصد منها وهو تغيير عقيدته ليكون مشركا من أهل الصليب ، فهل سيرفض الجائع المشرف على الهلاك تلك اللقمة بحجة كونها مقدمة من كنيسة أو منصر أو من جمعية تنصيرية ؟ طبعا الجواب كلا ، فهو سيأكل تلك اللقمة وسيسمع معها موعظة القسيس وسيقرأ معها الكتيب التنصيري ، وقد سمعنا خلال حرب البوسنة بقيام الكنائس الأوربية بترحيل آلاف الأطفال المسلمين من البوسنة والهرسك إلى مختلف أرجاء أوربا ليعيشوا في ضيافة الأسر الأوربية برعاية ومتابعة الكنائس ، فهل سيرضي هذا الحال الكتاب الذين يوجهون سهامهم إلى جمعياتنا الخيرية التي يجب أن نشد من أزرها جميعا بالقول والفعل والثناء والدعاء والدعم على كل صعيد .

لقد كان المنتظر من أولئك الكتاب هداهم الله للحق - وهم قليل بحمد الله – أن يجندوا أقلامهم للدفاع عن تلك الجمعيات الخيرية السعودية الإسلامية ، على الأقل أسوة بما يفعله الرئيس امريكي من دعم غير محدود للجمعيات الخيرية الكنيسة داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية التي سماها جورج بوش الإبن ( جيوش الرحمة ) وكأنه يلفت انتباهنا إلى أنها تعد مكملا ضروريا لجيوش الدبابة والطائرة والمدفع والصاروخ والقنابل العنقودية التي تجرب في أجساد أهلنا في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وباكستان وتايلند وغيرها ، خاصة وأن بعض أولئك الكتاب يجيدون الكتابة باللغة الإنجليزية ، فلماذا لم نقرأ لهم دفاعا مكتوبا بالإنجليزية و مترجما إلى العربية يرد على الهجمة الغربية التي تقودها أمريكا ضد جمعياتنا الخيرية الإسلامية ، وبمنطق الرئيس الأمريكي ذاته ، حيث يحرص على دعم مؤسساته الخيرية وقد حتم علينا ديننا أن نغيث أهلنا و إخواننا الجوعى والعراياحول العالم كما يفعل بوش لفقراء الكنيسة ومحتاجيها ، أم أنه يراد أن تنفرد ( جيوش الرحمة ) الأمريكية بالساحة حول العالم .

إن الجمعيات الخيرية الإسلامية رصيد لبلادنا في الداخل والخارج ، وهي تثبت صورة هذه البلاد كقائدة ورائدة للعالم الإسلامي وللمسلمين في كل أرجاء المعمورة ، وهذه الجمعيات الخيرية برجالها المخلصين ونسائها المخلصات ، يمثلون ويمثلن قوة لبلادنا حيث تنطلق الدعوات من حناجر الجوعى والغرثى والمشردين في شتى أصقاع الأرض حين تأتيهم الإغاثة من هذه البلاد الطاهرة بأن يجزي قادة هذه البلاد وشعبها المؤمن المخلص خير الجزاء ، وحيث ترتبط قلوب وأفئدة وجوارح مئات الملايين بهذه البلاد المقدسة الزعيمة ، وبهذا يكون هؤلاء المئات من الملايين الذين يرون شعب هذه البلاد وحكومته معهم في محنهم وفي آلامهم رصيدا استرتيجيا وعمقا حقيقيا لهذه البلاد في زمن التكتلات ، الذي يظهر أن هؤلاء الكتاب الانعزاليين - الذين لايعرفون لماذا يكتبون - لم يعرفوا بعد مقدار الجهل والحماقة والجناية على هذه البلاد في كتاباتهم هداهم الله.

-------------

علي التمني
ابها في 11/9/1425
 

العمل الخيري