اطبع هذه الصفحة


(العمل الخيري السعودي) متى يستعيد عافيته؟

أمين بن بخيت الزهراني


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،،

حديثي إليكم اليوم عن سجين بنى آلاف المنازل، وآلاف المساجد،،

كفل مئات الآلاف من الأيتام والأرامل،،

لم يتأخر عن المسلمين في معظم أزماتهم، في أفغانستان، الصومال، الشيشان، البوسنة، كوسوفا وغيرها،،

بنى مئات المدارس والجامعات والمراكز الإسلامية في أندونيسيا، الفلبين، باكستان، الهند، أفريقيا وأوروبا،،

ابتعث وكفل آلاف الطلبة والدعاة في أنحاء العالم،،

إنه ( العمل الخيري السعودي) الذي جُففت منابعه على إثر أحداث 11 سيبتمر،،

يصيبك الحزن عندما ترى على أبواب مساجد بريطانيا وفي شوارعها أفراداً يجمعون التبرعات بصناديق بدائية (سطول ماء)، وبطريقة عشوائية لو فعلها بعضنا في السعودية لاتجهت إليه أصابع الاتهام!!

هكذا تجمع التبرعات في بريطانيا والتي أرسلت جيوشها لمحاربة الإرهاب،،!!

يجب أن نعترف أن أحداث 11 سبتمر وما تلاها من تجفيف منابع العمل الخيري السعودي أثّر كثيراً على علاقتنا بالعالم الإسلامي،،

لقد كان العمل الخيري السعودي بمثابة الصدقة التي ندفع بها البلاء عن بلادنا،،

وإننا نلحظ أنه برغم ضعف المستوى الاقتصادي لدينا في السابق مقارنة باليوم إلا أن الناس كانوا في السابق أقل تذمراً من مستوى المعيشة من اليوم، ولا أفسر ذلك إلا ببركة العمل الخيري،،

لقد كان العمل الخيري السعودي يقوم بدور كبير في تطييب وتضميد جراح الفقراء والمنكوبين في العالم الإسلامي،،

لقد كان العمل الخيري السعودي مفخرة لأهل هذا البلد، وما إن تقع أزمة في بلدٍ ما إلا وتشرئب أعين المكلومين إلى هذا البلد الطيب، والذي يغيثهم بأمواله وأبنائه،،

لقد كانت راية التوحيد ترفرف على مشاريعه الخيرية المنتشرة في أنحاء العالم،،

ولو قدر الله لك أن شاركت في العمل الخيري في الخارج قبل عقدٍ من الزمن ستجد أن الكثير في العالم الإسلامي يتعاطفون مع هذا البلد ويقدرون أهله وحكومته، ويستشعرون أثرهم في نصرة قضايا الإسلام والمسلمين،،

ولكن وبعد أن تخلينا عن دورنا في دعم كثير من مشاريع وقضايا الأمة الإسلامية على إثر أحداث 11 سبتمبر، خسرنا تعاطف الأمة الإسلامية،، ولم يرضى عنا الغرب،،

نعم فالمستفيدون من العمل الخيري السعودي في الخارج من فقراء ودعاة ومراكز إسلامية، كانوا يشكلون خطوط الدفاع الأمامية لحكومة وشعب هذا البلد،،

لقد تأخرنا كثيراً عن نصرة قضايا المسلمين اليوم بسبب منع جمع التبرعات ،،

بالتأكيد أن فوضى جمع التبرعات كانت سبباً للكثير من الخلل، والمخاطر، لكن المنع التام ليس حلاً،،

منع جمع التبرعات وتقليص دعم الجمعيات الخيرية تسبب بحرمان المحسنين من وصولهم للمحتاجين،، وحرم المحتاجين من أموال المحسنين،،

نحن نؤيد بل نطالب بتقنين جمع التبرعات وتنظيم الجمعيات الخيرية لكن إيقافها ضرب العمل الخيري السعودي في مقتل،،

في الغرب يسمحون بالتبرعات وتأسيس الجميعات الخيرية لكنهم يراقبونها،،

ولنعلم أن أكبر المستفيدين من تقلص المشروع الخيري الإسلامي، هم: مشروع التبشير التنصيري،، ومشروع التشيع الصفوي،، ومشروع التحرر الليبرالي التغريبي،،

وكم هي المشاريع الخيرية التي أنشأتها المؤسسات السعودية في الخارج ولكن وبسبب انقطاع الدعم عنها، استلمتها طوائف منحرفة بل وربما جهات معادية لأهل هذه البلاد،،

يعتصرك الألم عندما تجد المضايقات والاتهامات تلاحق دعاتنا بالداخل والخارج، وفي المقابل تجد دعاة إيران يتنقلون بجوازاتهم الدبلوماسية، ودعاة التنصير يحتمون بالدبابات الأمريكية،،

وتشعر بالغبن عندما ترى المؤسسات الخيرية الكويتية والقطرية (وفقها الله) تعمل في الخارج دون معوقات، بل قد تضطر بعض مؤسساتنا الرسمية إلى إقامة مشاريعها وإرسال تبرعاتها خلال تلك الجهات الخيرية! وفي هذا المعنى قال أحد رواد العمل الخيري، الشيخ د.محمد الخضيري في تويتر:

(قهر والله قهر، مشروعات ضخمة تقام بأسماﺀ المؤسسات الخليجية، والمتبرعون سعوديون، لا يجدون في بلادهم مؤسسات خيرية تتبنى مشاريعهم وترفع سمعة وطنهم)


*** أرقام محرجـــــــة ***

وبينما يتقلص حجم العمل الخيري في البلدان الإسلامية، يتضاعف فتح الجمعيات (غير الربحية) في أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وتأمل معي هذه الأرقام الموثقة:


- وفقاً للمركز الوطني الأمريكي لإحصاءات العمل الخيري (NCCS): عدد الجمعيات غير الربحية في أمريكا عام 2012م (1,563,596) جمعية.

- الجمعيات الخيرية الأمريكية تدفع نسبة 9.2% من أجور القوى العاملة هناك، وتوظف قرابة (11)مليون موظف.

- ما بين سبتمبر 2009 إلى سبتمبر 2010 تطوع وشارك ما يقارب (26.3%) من الأمريكيين الذي أعمارهم فوق 16سنة في المؤسسات الخيرية.

- في أمريكا يرخص يومياً لـ 200 جمعية جديدة.

- حجم التبرعات الخيرية الأمريكية لعام 1998م (175) بليون دولار خصص منها 44% لدعم الجمعيات الدينية وخاصة التنصيرية.

- حجم التبرعات للعمل الخيري بأمريكا عام 2011 وصل إلى (298.42) بليون دولار بزيادة 0.9% عن عام 2010،، نسبة 32% منها تذهب للجمعيات الدينية.

- وفي إسرائيل كان عدد الجمعيات التطوعية عام 1999م (27) ألف جمعية، وفي عام 2007 بلغت قرابة (40) ألف جمعية.

- توفر الجمعيات الخيرية الإسرائيلية (235) ألف فرصة عمل بدوام كامل للقوى العاملة هناك وهو ما يمثل نسبة 10% من إجمالي العاملين لديهم.

- في بريطانيا يوجد (190) ألف جمعية خيرية غير ربحية، ودخل هذه الجمعيات بحسب 2003م (31) مليار جنية إسترليني.

من الأرقام السابقة يظهر لنا ضخامة أثر تلك الجمعيات في القضاء على نسب كبيرة من البطالة والفقر والذي له مردود وطني يخفف الأعباء الاقتصادية والإدارية على الحكومات،،

ولكن للأسف لقد نجح الغرب في ضرب العمل الخيري الإسلامي تحت غطاء محاربة الإرهاب بينما يزداد ويتضاعف نشاط جمعياتهم في الداخل والخارج!! لماذا؟

ختامـــــاً:


نحن هنا لا ننكر بأن هناك جهوداً في العمل الخيري الإسلامي،، ولكنها أضعف من المأمول بكثير،،

كما يجب أن نشير بأننا لن نرضى بعودة عشوائية جمع التبرعات والتي أُستغلت من قبل البعض،، بل نطالب بتنظيمها ورقابتها،، بل ونطالب بأكثر من ذلك،، نطالب بتأهيل العاملين في القطاع الخيري،، لتكون مشاريعهم الخيرية أكثر إنتاجية وفعالية، وأبلغ أثراً،،

أيها العقلاء,,


ألم يأن لنا أن ننفض عنا غبار أحداث 11سيبتمبر فنطلق هذا العملاق _القطاع الخيري الإسلامي_ من قيوده، لنغيث الملهوفين ونواسي المكلومين ونبلغ رسالة ربنا وننشر رحمة نبينا للعالمين،،

نسأل الله في هذه الليالي المباركة من رمضان أن يوفق العقلاء لدينا لإعادة العمل الخيري إلى مكانته التي يستحقها،،

وصل الله وسلم على نبينا محمد,,,
 

أمين بن بخيت الزهراني
ليالي العشر الأواخر من رمضان 1433 هـ
https://twitter.com/amin_alzahrani
 

المصـــــــــــادر :

- المركز الوطني الأمريكي لإحصاءات العمل الخيري ( (NCCS
http://nccs.urban.org/statistics/quickfacts.cfm

- (نحن وأمريكا وإسرائيل والعمل الخيري) منذر سميح الحاج.
http://www.insanonline.net/news_details.php?id=8061&PageNo=27#h1

- (أمريكا ونحن،، والعمل الخيري ـ إحصائيات وأرقام- أفكار وتوصيات) المهندس محمد أحمد حبيب.
http://www.saaid.net/Anshatah/dole/24.htm

 

العمل الخيري