السؤال :
هل يمكنني أن آخذ من والدي مبلغاً محدوداً من المال بشكل يومي دون علمه و لا
إذنه كي أجمع مبلغاً أسدد منه دَيْني ، و أشتري بما فضل منه ما أريد ؟ ¬علماً
بأن والدي لا يعدل بيننا في العطايا ، بل يفضل إخواننا الذكور الصغار علينا ،
و لا يعطينا لنشتري ما نريد .
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
فمما لا شك فيه أن من واجب الأب أن ينفق على من يعول ، و منهم بناته اللاتي
لم يتزوجن بعد ، و النفقة الواجية لهن هي المسكن و الطعام و الكساء و ضروريات
الحياة ، كما يجب على الأب أن يساوي بين أبنائه في العطايا و الهبات الزائدة
عن النفقة الواجبة عليه .
فإن قصَّرَ في أداء ما أوجبه الله عليه من النفقة على أبنائه فلهن أن يأخدن
من ماله ما يكفيهن بالمعروف قياساَ على الزوجة التي يضن عليها بحقها الشرعي و
دليل ذلك ما رواه الشيخان و غيرهما و اللفظ للبخاري ، عن عائشة رضي الله عنها
أنّ هند أم معاوية قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أبا سفيان رجل
شحيح ، فهل علي جناح أن آخذ ماله سراً ؟ قال : (خذي أنت و بنوك ما يكفيك
بالمعروف ( .
ففي هذا الحديث لم يفرق النبي صلى الله عليه و سلم بين حق الزوجة و حق
الأبناء المحرومين في أخذ ما يكفيهم بالمعروف و لو كان ذلك بغير علم الزوج أو
الأب الشحيح .
أما ما يخص الكماليات و التحسينيات فليس الإنفاق عليها من الواجبات على الولي
و بالتالي فليس لأحد أن يأخذ منه بدون إذنه و علمه .
و إن أعطى الأب بعض أبنائه ما لم يعط الآخرين فهو ظالم آثم بذلك ، لما رواه
الشيخان عن النعمان بن بشير أ ن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً ، فقال : ( أكل ولدك نحلت مثله ؟ ) قال
: لا ، قال : ( فارجعه ) .
و إثم الظلم يقع على الأب و لكنه لا يبرر للأبناء المحرومين من الهبة أن
يأخذوا من أبيهم بدون إذنه ، لأن المعصية لا تبرر المعصية .
و الله أعلم
و صلى الله و سلم و بارك على نبيّه محمد ، و آله ، و صحبه أجمعين .