السؤال :
هل يجوز للفتاة المحجبة أن تخلع حجابها لشاب أتى ليراها أول مرة قبل أن
يخطبها أو بالأحرى ليقرر هل يخطبها أو لا ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
من الثابت مشروعيّة نظر الخاطب إلى المرأة التي يريد خطبتها ، بل استحباب ذلك
امتثالاً لأمر النبيّ صلى الله عليه و سلّم به ، فقد روى الترمذي و حسّنه و
النسائي و ابن ماجة و أحمد عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه
أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : «
انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا » .
و روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :كنت عند النبي صلى
الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنظرت إليها ) قال : لا ، قال : «
فاذهب فانظر إليها ؛ فإن في أعين الأنصار شيئا » .
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : ( فيه استحباب النظر إلى
وجه من يريد تزوجها , و هو مذهبنا و مذهب مالك و أبي حنيفة و سائر الكوفيين و
أحمد و جماهير العلماء ... ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها و كفيها فقط
لأنهما ليسا بعورة , و لأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده , و بالكفين على
خصوبة البدن أو عدمها . هذا مذهبنا و مذهب الأكثرين . و قال الأوزاعي : ينظر
إلى مواضع اللحم , و قال داود : ينظر إلى جميع بدنها , و هذا خطأ ظاهر منابذ
لأصول السنة و الإجماع ) .
و ذكر الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله [ في حاشيته : 6 / 68 ] : عن
أحمد ثلاث روايات فيما يجوز للخاطب أن ينظر إليه من جسم المخطوبة ؛ فقال : (
إحداهن : ينظر إلى وجهها و يديها ، و الثانية : ينظر إلى ما يظهر غالبا
كالرقبة و الساقين و نحوهما و الثالثة : ينظر إليها كلها عورة و غيرها فإنه
نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة ) .
و عليه فإنّ من حصر نظر الخاطب إلى مخطوبته في الوجه و الكفّين فقط راعى
الأحوط ، و ذَهَب مَذهب جمهور أهل العلم ، و من أباح له النظر إلى سائر جسمها
و هي متجرّدة كما قال داوود الظاهري فقد توسّع و أفرَط ، إذ لا فَرق عنده بين
ما المتقدّم للخطبة و بين الزوج بعد الدخول في ما يجوز له النظر إليه .
و أوسط الأقوال هو المذهب الوسط عند الحنابلة ، و هو جواز النظر إلى ما يظهر
منها – أمام محارمها و بنات جِنسِها - غالباً كالرقبة و الساقين و نحوهما ، و
يدخل في ذلك شعرها ، إذا كان ذلك بمقدار الحاجة و في حضور وليٍّ أو مَحرَم .
و الذي أراه درءاً للمفاسد ، و سداً للذرائع ، هو التمسك بمذهب الجمهور ، و
عدَم التوسّع في هذا الباب ، خشية الفتنة ، و الله أعلم .