السؤال :
هل تجوز صلاة الجنازة على من ثبتت وفاته شاربا للخمر.
الجواب :
إنَّ مَن شَرِب الخمر غيرَ مستحلٍ لها مسلمٌ فاسق ( عاصٍ ) ، و من حقّ المسلم
على المسلم أن يشهد جنازته و أن يُصلي عليه ، حتى و إن مات مصراً على معصيته
، لما رواه مسلم و أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ : « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ » .
قِيلَ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « إِذَا لَقِيتَهُ
فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَ إِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ
فَانْصَحْ لَهُ وَ إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَ إِذَا
مَرِضَ فَعُدْهُ وَ إِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ » .
و لكن لا يُصلي عليه أهل العلم و الفضل المعروفون ، حتى لا يقع في نفس
العامّة أنّهم يُقرّونه على معصيته التي مات عليها ، فقد روى الشيخان و أصحاب
السنن عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا
جُلُوساً عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ ،
فَقَالُوا : صَلِّ عَلَيْهَا . فَقَالَ : « هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ » .
قَالُوا لاَ . قَالَ : « فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً ؟ » . قَالُوا : لاَ .
فَصَلَّى عَلَيْهِ .
ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ
عَلَيْهَا . قَالَ : « هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ » قِيلَ : نَعَمْ . قَالَ
: « فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً ؟ » . قَالُوا : ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ ،
فَصَلَّى عَلَيْهَا .
ثُمَّ أُتِىَ بِالثَّالِثَةِ ، فَقَالُوا : صَلِّ عَلَيْهَا . قَالَ : «
هَلْ تَرَك شَيْئاً ؟ » . قَالُوا : لاَ ، قَالَ : « فَهَلْ عَلَيْهِ
دَيْنٌ ؟ » , قَالُوا : ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ ، قَالَ : « صَلُّوا عَلَى
صَاحِبِكُمْ » . قَالَ أَبُو قَتَادَةَ : صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، وَعَلَىَّ دَيْنُهُ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ .
فانظُر – رحمك الله – كيف أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلّم لم يُصَلّ على من
مات و عليه دَيْنٌ ، حتى تكفّل أحد الصحابةِ بسداده عنه ، و مع ذلك فقد رخّص
عليه الصلاة و السلام للصحابة الكرام بالصلاة عليه فقال : ( صلّوا على صاحبكم
) رغم أنّه مات متلبّساً بذنبٍ .
نسأل الله لنا و لكم حسن الختام ، و الحمدُ لله ربّ العالمين .