السؤال :
أنا طالبةٌ في جامعة دمشق و أقطن خارجها ، و أضطرُّ أحياناً إلى السفر قرابة
مائة كيلو متر لوحدي ( بدون محرم ) في وسائل النقل العامّة ، حتى أصل إلى
الجامعة ، فما حكم الشرع في تصرّفي هذا ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
ذَكرت الأخت السائلة أنّها تُضطرُّ للانتقال قرابة المئة كيلو متر يومياً في
وسائل النقل العامّة ، و هذا من السفر الذي لا يحلّ للمرأة إلاّ مع ذي محرَم
، فقد روى الشيخان و أصحاب السنن إلا النسائي و أحمد عَنِ عبد الله بنِ
عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «
لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ » .
و روى البخاري و الترمذي و أحمد عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ رضي الله عنه
أنّ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ
مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ » .
و قد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّه يحرم عليها الخروج بغير محرم في كل سفر
طويلاً كان أو قصيراً .
و أباح الحنفيّة لها الخروج إلى ما دون مسافة القصر بغير محرم .
و على كلا القولين فإنّه يحرم على المرأة أن تسافر أكثر من اثنين و ثمانين
كيلو متراً ( عند من يرى التحديد بالمسافة ) و أن تشرع فيما يعتبر سفراً في
عُرف الناس عادةً ( باعتبار العادةِ محكّمةً كما في القاعدة الفقهيّة ) .
و من فرّقَ من المعاصرين بين سَفَرٍ و سفر ، و ذهبَ إلى عدم اشتراط المحرَم
في السفر بوسائل النقل المعاصرة لما يكتنفُها من الأمان ، محجوج بعموم الدليل
الوارد في التحريم ، و لا حجّة في قول أحدٍ ما لم يُقِم عليه دليلاً من
الكتاب أو السنّة .
قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى
عِلمٍ يُخالف في أن الله فرض اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم و
التسليم لحكمه ، و أن الله عزّ و جل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، و أنه لا
يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، و أنّ ما
سواهما تبع لهما ، و أن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد ) [ الأم : 7 / 273 ] .