السؤال :
ذهب أبواي إلى الحج ، و قاموا بشراء بعض الأجهزة التي يتم دفع الجمارك عليها
، و في المطار بعد العودة ساعدهم أحدُ أقربائنا المسؤولين في المطار على
العبور بدون دفع الضرائب الجمركيّة عن البضائع التي جلبوها ، فما حكم الدين
في ذلك ؟
الجواب :
التحايل للتهرّب من أداء مالٍ واجبٍ أداؤه شرعاً لا يجوز ، بل هو من الحِيَل
المحرّمة شرعاً .
و الجمارك إن قرّرها وليّ الأمر المسلم لمقصدٍ شرعيٍ ؛ كدفعِ ضررٍ عام عن
الأمّة ( من قبيل المجاعة و نحوها ) وجب الالتزام بأدائها عملاً بالقاعدة
الفقهيّة ( يُتحمّل الضرر الخاصّ لدفع ضرر عام ) ، و أثِمَ المتهرّب من ذلك
بالحيل أو الوساطة ( الوجاهة ) أو غير ذلك .
أمّا ما يُؤخذ عنوةً بغير وجه حقٍّ ، كما هو عليه الحال في نظام الجمارك
المعمول به في الغرب و الدوَل التي تجاريه في قوانينها و أنظمتها ، فهو من
المكوس المحرّمة ، و هي من أكبر الذنوب .
روى أبو داود و أحمد عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ
مَكْسٍ » . و في رواية : ( إنّ صاحب المَكْسِ في النار ) .
و روى مسلم و أبو داود و أحمد عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه أنّ رسول الله
صلّى الله عليه و سلّم قال عن الغامديّة رضي الله عنها بعد أن تابت و رَجمها
في الزنا : ( وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ
تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ) .
قال النووي : في هذا الحديث أن المَكس من أقبح المعاصي و الذنوب الموبقات و
ذلك لكثرة مطالبات الناس له و ظلاماتهم عنده , و تكرر ذلك منه و انتهاكه
للناس أخذ أموالهم بغير حقها و صرفها في غير و جهها .
فإذا كانت الضريبة المقرّرة من قبيل المكس المحرّم ( و هو كلّ ضريبةٍ لم يأذن
بها الله ) فليس لأحد أن يُلزِم العباد بأدائها ، و من قدِرَ على دَفعها و
التخلّص منها بطريقٍ لا تؤدّي إلى مفسدةٍ أكبر ، فله ذلك ، و لا بأس فيه إن
شاء الله ، و العلم عند الله .