السؤال :
ما هي الأحكام الخاصة بابن الزنا هل يعترف به أم لا ، و خاصة إذا لم يكن
الرجل متأكداً من أن هدا الطفل ابنه بسبب تكرر وقوع أمّه في الفاحشة ؟
و هل من توبة لي بعد أن وقعت في الفاحشة ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
هاهنا جملة مسائل نتناول كلاً منها على حدةٍ تسهيلاً على السائل ، و تقريباً
للحكم بين يديه .
المسألة الأولى :
لا يُنسب ابن الزنا إلى أبيه و إن أقرّ به ، لقوله صلى الله عليه و سلّم (
الولد للفراش و للعاهر الحجر ) الذي رواه الشيخان و غيرهما من حديث عائشة
أمِّ المؤمنين رضي الله عنها.
قال الجصاص [ في أحكام القرآن : 5 / 24 ] :
ومن الدليل على أن الزنا قبيح في العقل أن الزانية لا نسب لولدها من قبل الأب
إذ ليس بعض الزناة أولى بإلحاقه به من بعض ففيه قطع الأنساب و منع ما يتعلق
بها من الحرمات في المواريث و المناكحات و صلة الأرحام و إبطال حق الوالد على
الولد و ما جرى مجرى ذلك من الحقوق التي تبطل مع الزنا و ذلك قبيح في العقول
مستنكر في العادات ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر
الحجر .اهـ .
قلتُ : هذا فيما إذا كان الأب معروفاً ، أمّا إذا كان غيرَ معروفٍ على وجه
التحديد ، فالأمر أشد ، و لا وجه لنسبةِ ابن الزنا إليه بحالٍ من الأحوال .
المسألة الثانية :
لا توارث بين ابن الزنا و والده ، و إن كان معروفاً ، و إذا مات ابن الزنا
ورِثَته أمّه و إخوانه لأمّه ، و ليس لأبيه و لا لإخوانه من أبيه حقّ في
تركَتِه ، كما أنّه لا يرثهم .
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله [ في الوسيط : 4 / 366 ] : ( و إذا ولدت
المرأة من الزنا فهي ترثه و الولد يرثها و التوأمان يتوارثان بأخوة الأم و من
ينسب إلى الزنا فلا أبوة له و لا ميراث ) .
المسألة الثالثة :
العقد على الحامل ( سواءً كانت مطلّقةً أو أرملةً من زواج صحيح ) فاسدٌ ، و
إذا كان حملُها من زنا فالعقد أولى بالفساد ، و لذلك فلا طائل من تحايُل بعض
الناس بعد ظهور الحمل من الزنا على المرأة ، لإخفاء الفاحشة و آثارها السيّئة
، بإجبار الزانيَيْن على التعجيل في عقد القران ، بدعوى الستر ، و أنّ الله
لا ستّير يحبّ الستر ، لأنّ ما بُني على فاسد فهو فاسد .
المسألة الرابعة :
باب التوبة مفتوحٌ ما لم يُغَرغِر العبد ، إلى أن تطلُعَ الشمس من مغربها ، و
إذا تاب المذنب توبةً صادقة فلا يقنط من رحمة الله لأنّ الله يغفر الذنوب
جميعاً .
و لكن عليه أن يأتي بالتوبة بشروطها ، و هي :
•
الإقلاع عن الذنب .
•
الندم على ما فات .
•
العزم و عقد النيّة على عَدَم العودة إلى الذنب مستَقبَلاً .
•
و إذا كان الذنب في حقوق العباد ( كالسرقة و الغش و نحوهما ) فعلى التائب أن
يعيد الحقوق إلى أصحابها ، أو أن يستحلّهم قبل فوات الأوان .
هذا و بالله التوفيق .