السؤال :
أعرف شخصاً غريباً عني أبدى لي رغبته في الزواج مني ، و طلب مني أن أساعده
أوّلا في إصلاح حال إحدى الفتيات لتكون أكثر استقامة لأنّه كما قال يخاف
عليها من غدر الذئاب المفترسة في زماننا ، و هو يقوم بهذه المهمة بناء
إنفاذاً لوصيّةٍ أوصاه بها خال الفتاه قبل أن يموت .
السؤال : هل يجوز لي أن
استمر في علاقتي مع هذا الشاب و أساعده على تحقيق هدفه ، و مهتافته باستمرار
، و السؤال عنه ؟ علماً بأنّ رغبته صادقة في الارتباط بي ؟ و هو شخص طيب و
عاقل و يكبرني بإحدى عشرةَ سنةً ، أمّا أنا ففي السادسة عشرة من العمر ، و قد
أتممت حفظَ القران الكريم و الحمد لله .
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
أوّلاً :
بالنسبة لسعيك إلى إصلاح صاحبتك ، هذا من الأعمال الصالحة ، فأحسني النيّة و
احتسبي الأجر عند الله ، فقد تكونين سبباً في هدايتها ، و يكون لك من الأجر
مثل أجرها ، من غير أن ينقص ذلك من أجرها شيئاً ، فقد روى مسلمٌ و أصحاب
السنن و أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ
مِنْ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ
أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ
الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ
شَيْئًا ) .
و روى الشيخان و غيرهما عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أنّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ يقول لعليّ رضي الله عنه : ( وَ اللَّهِ لأَنْ
يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ) .
ثانياً :
إذا كان الشاب الذي ذكرتِه في سؤالك جادّاً في رغبته الزواج منك ، و هو ممّن
يُرتضى خُلُقُه و دينه ، فهذا خيرٌ ساقه الله إليك ، فلا تضيّعيه ، لأنّ في
ردّ الأخيار فتحٌ لباب الفتنة على مصراعيه ، و ذريعة لشيوع الفساد و تفشي
الرذائل و الفواحش ، فقد أخرج أحمد و ابن ماجة و الترمذي عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أنّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « إِذَا خَطَبَ
إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ
تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَ فَسَادٌ عَرِيضٌ » .
و إذا أردتم الزواج فإن الله يأمركم أن تأتوا البيوت من أبوابها ، و باب
النكاح هو أن يخطبك من وليّ أمرك ، ثمّ يعقد عقداً مستوفياً للشروط الشرعيّة
، فإن فَعَل ذلك ، فلا بأس في أن تتصلي به أو تحدّثيه أو تقابليه ، أو غير
ذلك ممّا أحلّه الله للزوجين من أمور .
أمّا إن كان الأمر مجرّد كلام عبر الهاتف أو وعدٍ بالزواج تبرران به إقامة
علاقة بينكما أو لقاءاتٍ بخلوةٍ أو بدون خلوةٍ فهذه أمور غير جائزةٍ ، لأنّ
الخطبة ليست أكثر من وعدٍ بالزواج قد يتحقق و قد يتعثّر ، فلا تأخذ شيئاً من
أحكام الزواج ، و لا يصير بها المحظور مشروعاً ، فاتّقِ الله و لا يستدرجنّك
شيئٌٌٌ إلى ما لا يُرضيه تعالى ، و حكّمي الشرعَ في حياتك و علاقاتك ، ففي
ذلك السعادة الحقيقيّة في الحياة ، و النجاة و الفلاح بعد الممات .
و بالله التوفيق .