الحمد لله وبعد ؛
المباح للرجل مع زوجته في رمضان القبلة والمباشرة لما جاء من النصوص في ذلك
وهي :
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ
صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ " .
رواه البخاري (1927) ، ومسلم (1106) . وزاد في رواية عند مسلم : في رمضان
والمباشرة تطلق على الجماع وعلى ما دون الجماع ، فأما على الجماع كما في قوله
تعالى : " فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ " [
البقرة : 187 ] ، وأما كونها تطلق على ما دون الجماع فكما في حديث عائشة
الآنف .
2 -
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " إِنْ كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ
أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ ضَحِكَتْ " .
رواه البخاري (1928) ، ومسلم (1106) .
3 -
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ
صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ " .
رواه أبو داود (2384) . وسنده صحيح على شرط البخاري .
4 -
عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ " .
رواه مسلم (1107) .
وبوب عليه النووي : بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك .
5 –
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : بَيْنَمَا
أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ
حِيضَتِي فَقَالَ : مَا لَكِ أَنَفِسْتِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . فَدَخَلْتُ
مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ ، وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ ، وَكَانَ
يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ .
رواه البخاري (1929) .
وقد ظن بعض الناس أن هذا الأمر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الصحيح
أنه له ولأمته من بعده صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك :
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَة أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ ؟ فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" سَلْ هَذِهِ
" لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ .
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا
وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ .
رواه مسلم (1108) .
قال الإمام النووي : سَبَب قَوْل هَذَا الْقَائِل : قَدْ غَفَرَ اللَّه لَك
, أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ جَوَاز التَّقْبِيل لِلصَّائِمِ مِنْ خَصَائِص رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ
فِيمَا يَفْعَل ; لِأَنَّهُ مَغْفُور لَهُ , فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَقَالَ : أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ
تَعَالَى , وَأَشَدّكُمْ خَشْيَة , فَكَيْف تَظُنُّونَ بِي أَوْ تُجَوِّزُونَ
عَلَيَّ اِرْتِكَابَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَنَحْوه .ا.هـ.
وفرق بعض أهل العلم بين القبلة
والمباشرة للشاب فمنعوها ، وأجازوها للشيخ واستدلوا بما يلي :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَجُلًا سَأَل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ فَرَخَّصَ لَهُ ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ
فَنَهَاهُ فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ .
رواه أبو داود (2387) . وفي سنده ضعف ففي إسناده أبو العنبس لم يوثقه إلا ابن
حبان ، وهو معروف بتوثيق المجاهيل ، ويرد على التفريق حديث عمر بن سلمة الآنف
، ومن المعلوم أن عمر بن أبي سلمة كان آنذاك شابا .
فالخلاصة : أن الصائم إذا ملك نفسه جاز له التقبيل والمباشرة ، وإذا لم يأمن
تركه , وبه يحصل الجمع والتوفيق بين الأحاديث المختلفة .
رابط الموضوع