الحمد لله وبعد .
عن أنس رضي الله عنه قال : مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : وجبت ، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا
فقال : وجبت .
فقال عمر : ما وجبت ؟
قال : هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له
النار .
أنتم شهداء الله في الأرض . رواه البخاري (1367) وغيره .
وبوب عليه البخاري في صحيحه : باب ثناء الناس على الميت .
قال النووي : والظاهر أن الذي أثنوا عليه شرا كان من المنافقين .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/272) :
قلت : يرشد إلى ذلك ما رواه أحمد من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح أنه صلى الله
عليه وسلم لم يصل على الذي أثنوا عليه شرا وصلى على الآخر .ا.هـ.
الشاهد : أننا شهداء الله في الأرض ، فمن مات من الصالحين والعلماء وأهل
الفضل نحزن على موته ، ونثني عليه خيرا لأننا شهداء الله في الأرض .
ومن مات من الطغاة والظلمة نفرح بموته ، ونشهد على أنه ظلم وطغى وتجبر وقتل
الأنفس بغير حق ، ونثني عليه شرا .
بل إن الدواب والشجر تفرح بموت هؤلاء الطغات .
عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري قال : مُر على النبي صلى الله عليه وسلم
بجنازة فقال : مستريح ومستراح منه .
فقالوا : يا رسول ما المستراح وما المستراح منه ؟
قال : إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى ،
والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب .
رواه البخاري (6512) .
ولهذا شُرع لنا سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم .
روى ابن سعد في طبقاته (6/280) قال : أخبرنا عبدالحميد بن عبدالرحمن الحِماني
، عن أبي حنيفة عن حماد قال : بشرت إبراهيم بموت الحجاج ، فسجد ، ورأيته يبكي
من الفرح .