بسم الله الرحمن الرحيم

يا روادَ منتديات الحوار
 أين نحنُ من ســـلامــةِ الصـــدرِ بيننا ؟


الحمد لله القائل في محكم كتابه : " ‏وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " [ الذاريات : 55] .

قال ابن كثير في تفسيره : أي إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين القائل : ‏إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي ‏‏جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي ‏التَّحْرِيشِ ‏بَيْنَهُمْ . رواه مسلمٌ من حديث جابر رضي الله عنه .

إن الناظر فيما يقع بين الإخوة من شحناءٍ وبغضاءٍ بسبب سوء فهم ، أو عمل غير مقصود ، أو غير ذلك من الأسباب ليحزنُ أشدَ الحزنِ على ذلك .

وإننا نرى أن الشيطان قد نجح في زرع هذه العداواتِ ، وكيف لا وهو الذي أخذ العهد على نفسه بمثل هذه الأفعال .

ومما يبعث الحزن أكثر أن تجد هذا الأمر بين أناس من خيار شباب المجتمع ، بل ممن تربوا على العلم الشرعي الذي يحصن المسلم من الوقوع في مثل هذه الزلات ، والهفوات ، والتي قد تحسب عليه ، نسأل الله السلامة والعافية .

وفي هذا الموضوع أريد أن أذكر نفسي أولا ، ثم إخواني ثانيا بخصلة عظيمة نسيناها أو تناسيناها في زحمة المشاغل الدنيوية ، وعدم القراءة لسير سلف هذه الأمة .

هذه الخصلة هي
" ســــلامــــةُ الـــصــــدرِ " .

نقف في هذا التذكير مع نصوص الكتاب والسنة ، ومع سير سلف هذه الأمة ، لعلنا نصلح ما قد أفسده الشيطان بين الإخوان .

نقف في هذا التذكير مع أنفسنا وقفة صادقة متجردة من الهوى ، وحظوظ النفس ، ونسأل أنفسنا : هل صدورنا وقلوبنا سليمةٌ على إخواننا الذين أخطأوا في حقنا ؟

1- ســــلامــــةُ الـــصــــدرِ في القرآن :

- فضل كظم الغيظ ، والعفو عن الناس :
يقول تعالى : " ‏الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ‏ ‏" [ آل عمران : 134]
الشاهد من الآية " وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ " .
يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تيسير الكريم الرحمن ( ص 148) :
" وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ " أي : إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - وهو امتلاء قلوبهم من الحنق ، الموجب للانتقام بالقول أو الفعل - ، هؤلاء لا يعملون بمقضى الطباع البشرية ، بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم .

" وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ " يدخل في العفو عن الناس ، العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل ، والعفو أبلغ من الكظم ، لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة وتخلى عن الأخلاق الرذيلة ، وممن تاجر مع الله ، وعفا عن عباد الله رحمة بهم ، وإحسنا إليهم ، وكراهة لحصول الشر عليهم ، وليعفو الله عنه ، ويكون أجره على ربه الكريم ، لا على العبد الفقير كما قال تعالى : " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ " [ الشورى : 40] .ا.هـ.

اللهم اجعلنا ممن يكظمون غيظهم ، ويعفون عن الناس .

- يوسف عليه السلام يضرب المثل في سلامة الصدر :
قال تعالى : " ‏قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ‏قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " [ يوسف : 91 - 92] .

الله أكبر ! يوسف في موقف القوة ، وكان باستطاعته بإشارة منه أن ينتقم ممن آذاه ، ولكن سلامة الصدر ، والعفو ، والصفح .

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في فوائده المستنبطة من قصة يوسف ( ص 62) :
الفائدة السبعة والعشرون : مبلغ عفو يوسف عليه السلام : ومنها : ما مَنَّ الله به على يوسف من حسن عَفْوه عن إخوانه ، وأنه عفا عمّا مضى ، ووعد في المستقبل أن لا يثرب عليهم ، ولا يذكر منه شيئا لأنه يجرحهم ويحزنهم ، وقد أبدوا الندامة التامة ، ولأجل هذا قال : " ‏مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ‏" [ يوسف : 100] .

ولم يقل : من بعد أن نزغهم ، بل أضاف الفعل إلى الشيطان ، الذي فرَّق بينه وبين إخوته . وهذا من كمال الفتوة وتمام المروءة .ا.هـ.

- ثناءُ اللهِ على الأنصار بسبب سلامةِ صدورهم - رضي الله عنهم - :
قال تعالى : " ‏وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ‏وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ‏ ‏" [ الحشر : 10]

قال شيخ الإسلام في الفتاوى (10/119) :
وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال : " وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ‏‏وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " أى مما أوتى إخوانهم المهاجرون . قال المفسرون : لا يجدون فى صدورهم حاجة أي : حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون ، ثم قال بعضهم : من مال الفيء ، وقيل : من الفضل والتقدم .ا.هـ.

قال الشوكاني في فتح القدير (5/201) :
" ‏وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً " أي : لا يجد الأنصار في صدورهم حسدا وغيظا وجزازة .ا.هـ.

- الدعاء بخلو قلب المؤمن من الغل على المؤمنين :
قال تعالى : " ‏وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ‏‏يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ‏وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ‏ " [ الحشر : 1]

قال الإمام الشوكاني في فتح القدير (5/202) :
" ‏وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا " أي : غشا وبغضا وحسدا . أمرهم الله سبحانه بعد الاستغفار للمهاجرين والأنصار أن يطلبوا من الله سبحانه أن ينزع من قلوبهم الغل للذين آمنوا على الأطلاق ، فيدخل في ذلك الصحابة دخولا أوليا لكونهم أشرف المؤمنين ، ولكون السياق فيهم .ا.هـ.

وأكتفي بهذه الآيات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

2 - ســــلامــــةُ الـــصــــدرِ في السنة :

- اللهُ يأمرُ نبيهُ بأخذِ العفو :
قال تعالى : " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " [ الأعراف : 199] .

قال الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التفسير ، باب خذ العفو ، وأمر بالعرف ، وأعرض عن الجاهلين :
‏حَدَّثَنَا ‏يَحْيَى ‏، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ‏، عَنْ هِشَامٍ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " ‏قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا فِي أَخْلَاقِ النَّاسِ ‏ ‏.

وَقَالَ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ ‏، ‏حَدَّثَنَا ‏أَبُو أُسَامَةَ ‏، ‏حَدَّثَنَا ‏هِشَامٌ ‏، ‏عَنْ ‏أَبِيهِ ‏، ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏، ‏قَالَ ‏ : ‏أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ أَوْ كَمَا قَالَ .

- وصفُ التوراةِ للنبي صلى الله بسلامةِ الصدرِ :

عَنْ ‏عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : لَقِيتُ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏قُلْتُ ‏: ‏أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي التَّوْرَاةِ ، قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ ‏ ‏إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ ‏: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا " [ الأحزاب : 45] ‏وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ ‏ ‏المتَوَكِّلَ ‏ ‏لَيْسَ بِفَظٍّ ، وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا . رواه البخاري (2125) .

وقد تأكد هذا الوصف من كلام عائشة رضي الله عنها .

‏عَنْ ‏أَبِي إِسْحَقَ ‏قَال سَمِعْتُ ‏أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ ‏يَقُولُ ‏: ‏سَأَلْتُ ‏عَائِشَةَ ‏عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ ‏: ‏لَمْ يَكُنْ ‏ ‏فَاحِشًا ‏وَلَا ‏مُتَفَحِّشًا ‏ ‏وَلَا ‏ ‏صَخَّابًا ‏فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا ‏يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ‏وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ .   رواه الترمذي (2016) ، وقال : ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي : ولكن يعفو : ‏أي في الباطن ‏.

ويصفح : ‏أي يعرض في الظاهر عن صاحب السيئة لقوله تعالى : " فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ المائدة :13] .ا.هـ.

- مواقفُ من سلامةِ الصدرِ عند نبينا صلى الله عليه وسلم :
لقد ضرب نبينا صلى الله عليه وسلم المثل في هذا الباب العظيم ، وهذه الخصلة ، فكانت له مواقف يقتدى بها صلى الله عليه وسلم وهي :

1 - ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش :
لقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش له الكثير ، ولكنه صلوات الله وسلامه عليه صبر ، وسلم صدره منهم على كفرهم ، وعنادهم . وهاهي عائشة رضي الله عنها تسأله عن هذا الأمر .

‏عَنْ ‏‏ابْنِ شِهَابٍ ‏قَالَ : حَدَّثَنِي ‏‏عُرْوَةُ ‏‏أَنَّ ‏عَائِشَةَ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏حَدَّثَتْهُ ‏ ‏أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ ‏ ‏أُحُدٍ ‏؟ ‏قَالَ ‏: ‏لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ ‏الْعَقَبَةِ ‏إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ‏ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ ‏فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا ‏بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ‏ ‏فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا ‏جِبْرِيلُ ‏فَنَادَانِي فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ : يَا ‏مُحَمَّدُ ‏ ‏، فَقَالَ : ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ ‏ ‏الْأَخْشَبَيْنِ ‏، ‏فَقَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا . رواه البخاري (3231) .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/364) :
وفي هذا الحديث بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه , ومزيد صبره وحلمه , وهو موافق لقوله تعالى : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ " [ آل عمران : 159] ، وقوله : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ‏ " [ الأنبياء : 107] .ا.هـ.

2 - موقفُ النبي صلى الله عليه وسلم من أهلِ مكةَ بعدما دخلها فاتحاً :
كان للنبي صلى الله عليه وسلم موقف مع أهل مكة عندما دخلها منتصرا ، فاتحا . وكان بإمكان النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتقم لنفسه من أذى قريش له عندما كان في مكة صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ضرب لنا مثلا رائعا في الصفح ، والعفو عن حقه ضد من آذاه في دعوته إلى الله . وقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم الذين أهدر دماؤهم صلى الله عليهم وسلم .

‏عَنْ ‏أَبِي الْعَالِيَةِ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ‏قَالَ ‏: ‏لَمَّا كَانَ يَوْمُ ‏أُحُدٍ ‏أُصِيبَ مِنْ ‏الْأَنْصَارِ ‏أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا وَمِنْ ‏الْمُهَاجِرِينَ ‏سِتَّةٌ فِيهِمْ ‏حَمْزَةُ ‏فَمَثَّلُوا ‏بِهِمْ فَقَالَتْ ‏الْأَنْصَارُ ‏: ‏لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِثْلَ هَذَا ‏ ‏لَنُرْبِيَنَّ ‏عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ ‏مَكَّةَ ‏فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : " ‏وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ‏" [ النحل : 126] ‏‏فَقَالَ رَجُلٌ : لَا ‏قُرَيْشَ ‏بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏كُفُّوا عَنْ الْقَوْمِ إِلَّا أَرْبَعَةً .
رواه الترمذي (3129) ، وقال : ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ‏ ‏مِنْ حَدِيثِ ‏ ‏أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .

ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على المسند (5/135) بلفظ :
‏عَنْ ‏أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ‏قَالَ ‏: ‏لَمَّا كَانَ يَوْمُ ‏أُحُدٍ ‏قُتِلَ مِنْ ‏‏الْأَنْصَارِ ‏أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا ، وَمِنْ ‏الْمُهَاجِرِينَ ‏ ‏سِتَّةٌ فَقَالَ ‏أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏لَئِنْ كَانَ لَنَا يَوْمٌ مِثْلُ هَذَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ : لَا ‏قُرَيْشَ ‏بَعْدَ الْيَوْمِ فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَمِنَ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا نَاسًا سَمَّاهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ‏" [ النحل : 126] ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏نَصْبِرُ وَلَا نُعَاقِبُ .

وقد أورد هذا الحديث الشيخ مقبل الوادعي في " الصحيح المسند من أسباب النزول " ( ص 91) ، وحسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (35/152) .

3 - موقفُ النبي صلى الله عليه وسلم من الأعرابي الذي خنقهُ :
‏عَنْ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏قَالَ : ‏كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏، ‏وَعَلَيْهِ ‏ ‏بُرْدٌ ‏نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ ‏فَجَبَذَهُ ‏ ‏بِرِدَائِهِ جَبْذَةً ‏ ‏شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ‏مُحَمَّدُ ‏مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏، ‏ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ . رواه البخاري (5809) .

ونكتفي بهذه المواقف من النبي صلى الله عليه وسلم .

- ما هو القلبُ المخمومُ ؟ :
عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏‏قَالَ ‏: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ ‏: ‏كُلُّ ‏مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ . قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا ‏مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لَا إِثْمَ فِيهِ ، وَلَا بَغْيَ ، وَلَا ‏غِلَّ ‏، ‏وَلَا حَسَدَ . رواه ابن ماجة (4216) .

قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/299) : هذا إسناد صحيح رواه البيهقي في سننه من هذا الوجه .ا.هـ.

وقال الألباني في الصحيحة (2/669 ح 948) : وهذا إستاد صحيح رجاله ثقات .ا.هـ.

قال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجة :
‏قوله ( كل مخموم القلب ) ‏: ‏قال السيوطي : بالخاء المعجمة ، قال في النهاية : هو من خممت البيت إذا كنسته ونظفته ‏‏. قوله ( ولا غل ) ‏بالكسر الحقد .

- قصة الصحابي الذي بات عنده عبد الله بن عمرو مع بيان ضعفها :
عَنِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ‏قَالَ ‏: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَقَالَ ‏: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ ‏الْأَنْصَارِ ‏تَنْطِفُ ‏لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏مِثْلَ ذَلِكَ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏تَبِعَهُ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ‏فَقَالَ : إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ ، قَالَ : نَعَمْ . قَالَ ‏أَنَسٌ ‏: ‏وَكَانَ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا ‏ ‏تَعَارَّ ‏وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ ، قَالَ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا ، فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ ، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا ‏عَبْدَ اللَّهِ ‏، إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ ، وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ ‏يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ فَأَرَدْتُ أَنْ ‏ ‏آوِيَ ‏ ‏إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، فَقَالَ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏: ‏هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ .
رواه أحمد (3/166) .
وهذا الحديث ضعيف لأن فيه انقطاعا بين الزهري وأنس بن مالك رضي الله عنه .

قال االحافظ المزي في تحفة الأشراف (1/395) :
قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ : لم يسمعه الزهري من أنس ؛ رواه عن رجل عن أنس ؛ كذلك رواه عقيل وإسحاق بن راشد وغير واحد ، عن الزهري ؛ وهو الصواب .ا.هـ.

وقال االحافظ ابن حجر في النكت الظراف :
قلت : وذكر البيهقي في الشعب : أن شعيبا رواه عن الزهري ، حدثني من لا أتهم ن عن أنس . ورواه معمر ، عن الزهري ، أخبرني أنس ؛ كذلك أخرجه أحمد عنه . ورويناه في مكارم الأخلاق ، وفي عدة أمكنة عن عبد الرزاق . وقد ظهر أنه معلول .ا.هـ.

وقال العلامة الألباني – رحمه الله – في ضعيف الترغيب والترهيب (2/247) :
قلت : هو كما قال – يقصد الشيخ الألباني قول المنذري : رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم - ، لولا أنه منقطع بين الزهري وأنس ، بينهما رجل لم يسم كما قال الحافظ حمزة الكناني على ما ذكره الحافظ المزي في تحفة الأشراف ، ثم الناجي ، وقال : وهذه العلة لم ينتبه لها المؤلف . ثم أفاد أن النسائي إنما رواه في " اليوم والليلة " لا في " السنن " على العادة المتكررة في الكتاب ، فتنبه .

قلت : أخرجه عبد الرزاق في المصنف ومن طريقه جماعة منهم أحمد : قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : أخبرني أنس بن مالك . وهذا إسناد ظاهر الصحة ، وعليه جرى المؤلف والعراقي في " تخريج الإحياء " ، وجرينا على ذلك برهة من الزمن ، حتى تبينت العلة ، فقال البيهقي في " الشعب " عقبه : ورواه ابن المبارك عن معمر فقال عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس . ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، قال : حدثني من لا أتهم .. ، وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري . وانظر " أعلام النبلاء " (1/109) .

ولذلك قال الحافظ عقبه في " النكت الظراف على الأطراف " : فقد ظهر أنه معلول .ا.هـ.

وذهب الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (20/125) إلى تصحيح الحديث فقال : إسناده صحيح على شرط الشيخين .ا.هـ.

وفي سير أعلام النبلاء (1/109) قال الشيخ شعيب في الحاشية رقم (2) على حديث أنس : ذكره صاحب الكنز ونسبه إلى ابن عساكر ، وقال : ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن ابن شهاب قال : حدثني من لا أتهم ، عن أنس .. ا.هـ.

يعلق شيخ الإسلام ابن تيمية على القصة في الفتاوى (10/119) فيقول :
فقول عبد الله بن عمرو له : هذه التي بلغت بك ، وهي التي لا نطيق . يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الحسد .ا.هـ.

- عمرُ بنُ الخطاب وقافٌ عند كتاب الله :
‏عَنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏قَالَ ‏: قَدِمَ ‏عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ ‏فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ ‏ ‏الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ ‏، وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ ‏ ‏عُمَرُ ‏، ‏وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ ‏ ‏عُمَرَ ‏وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ ‏عُيَيْنَةُ ‏لِابْنِ أَخِيهِ : يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ ، قَالَ : سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ ، قَالَ ‏ابْنُ عَبَّاسٍ ‏: ‏فَاسْتَأْذَنَ ‏لِعُيَيْنَةَ ‏؛ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ ‏: ‏يَا ‏ ‏ابْنَ الْخَطَّابِ ‏، وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا ‏الْجَزْلَ ‏، ‏وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ . فَغَضِبَ ‏عُمَرُ ‏حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ ، فَقَالَ ‏ ‏الْحُرُّ ‏: ‏يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " [ الأعراف : 199] ‏وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ ، فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا ‏ ‏عُمَرُ ‏حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ .
رواه البخاري (7286) في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال االحافظ ابن حجر في الفتح (13/274) :
قال الطيبي : ما ملخصه أمر الله نبيه في هذه الآية بمكارم الأخلاق فأمر أمته بنحو ما أمره الله به ، ومحصلهما الأمر بحسن المعاشرة مع الناس وبذل الجهد في الإحسان إليهم والمداراة معهم والإغضاء عنهم وبالله التوفيق .

فهذه بعض المواقف من سلامة الصدر في السنة النبوية ، ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر .

انتهى ،،،
 

عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com