* قَالَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مِنْهَاجِ السُّنَّةِ "
(3/243) : " إِنَّ أَصلَ كُل فِتْنَةٍ وَبَلِيَّةٍ هُم الشِّيْعَةُ ،
وَمَنْ انْضَوَى إِلَيْهِمْ ، وَكَثِيْرُ مِنْ السُّيُوْفِ الَّتِي فِي
الإِسْلاَمِ ، إِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِم ، وَبِهِم تَسْتَرت
الزّنَادقَةُ " .ا.هـ.
وَقَالَ أَيْضاً (4/110) : " فَهُم يُوالُونَ أَعْدَاءَ الدِّيْنِ
الَّذِيْنَ يَعْرِفُ كُل أَحَدٍ مُعادَاتِهِم مِنَ اليَهُوْدِ
وَالنَّصَارَى وَالمُشْرِكِيْنَ ، وَيُعَادُونَ أَوْلِيَاءَ اللهِ
الَّذِيْنَ هُم خِيَارُ أَهْلِ الدِّيْنِ ، وَسَادَاتِ المُتَّقِيْنَ ...
وَكَذَلِكَ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ الأَسبَابِ فِي اسْتيلاَءِ النَّصَارَى
قَدِيْماً عَلَى بَيْتِ المَقْدِسِ حَتَّى اسْتَنْقَذَهُ المُسْلِمُوْنَ
مِنْهُم " .ا.هـ.
وَقَالَ أَيْضاً (3/38) : " فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى المُسْلِمُوْنَ
أَنَّهُ إِذَا ابْتُلِيَ المُسْلِمُوْنَ بَعَدُوِّ كَافِرٍ كَانُوا مَعَهُ
عَلَى المُسْلِمِيْنَ " .ا.هـ.
* وَقَالَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مِنْهَاجِ السُّنَّةِ "
(3/244) : " وَقَدْ رَآهُم المُسْلِمُوْنَ بِسَواحِلِ الشَّامِ وَغَيْرِهَا
إِذَا اقْتَتَلَ المُسْلِمُوْنَ وَالنَّصَارَى هَوَاهُمْ مَعَ النَّصَارَى
يَنْصُرُونَهُم بِحَسَبِ الإِمْكَانِ ، وَيَكرَهُوْنَ فَتَحَ مدائِنهمْ
كَمَا كَرِهُوا فَتَحَ عكّا وَغَيْرِهَا ، وَيَختَارُونَ إِدَالَتَهُم
عَلَى المُسْلِمِيْنَ حَتَّى إِنَّهُمْ لَمَّا انْكَسَرَ المُسْلِمُوْنَ
سَنَةَ غَازَان سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسَمائَة ، وَخَلَتْ
الشَّامُ مِنْ جَيْشِ المُسْلِمِيْنَ عَاثُوا فِي البِلاَدِ ، وَسَعَوْا
فِي أَنْوَاعٍ مِنَ الفسَادِ مِنَ القَتْلِ وَأَخَذِ الأَمْوَالِ ،
وَحَمَلِ رَايَةِ الصَّلِيْبِ ، وَتَفْضِيْلِ النَّصَارَى عَلَى
المُسْلِمِيْنَ ، وَحَمَلِ السَّبْيِ وَالأَمْوَالِ وَالسِّلاَحِ مِنَ
المُسْلِمِيْنَ إِلَى النَّصَارَى بقُبْرُص وَغَيْرِهَا ، فَهَذَا
وَأَمثَالُهُ قَدْ عَايَنَهُ النَّاسُ ، وَتوَاتَر عِنْدَ مَنْ لَم
يُعايِنُه " .ا.هـ.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى
" (4/22) : " وَفِي دَوْلَةِ " بَنِي بويه " وَنَحْوِهِمْ : الْأَمْرُ
بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُمْ كَانَ فِيهِمْ أَصْنَافُ الْمَذَاهِبِ
الْمَذْمُومَةِ . قَوْمٌ مِنْهُمْ زَنَادِقَةٌ وَفِيهِمْ قَرَامِطَةٌ
كَثِيرَةٌ وَمُتَفَلْسِفَةٌ وَمُعْتَزِلَةٌ وَرَافِضَةٌ وَهَذِهِ
الْأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ فِيهِمْ غَالِبَةٌ عَلَيْهِمْ .
فَحَصَلَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ فِي أَيَّامِهِمْ مِنْ
الْوَهْنِ مَا لَمْ يُعْرَفْ حَتَّى اسْتَوْلَى النَّصَارَى عَلَى ثُغُورِ
الْإِسْلَامِ وَانْتَشَرَتْ الْقَرَامِطَةُ فِي أَرْضِ مِصْرَ
وَالْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَجَرَتْ حَوَادِثُ كَثِيرَةٌ
" .ا.هـ.
* وَقَالَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مِنْهَاجِ السُّنَّةِ " (3/39)
: " وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ بِسَاحلِ الشَّامِ جَبُّلٌ كَبِيْرٌ فِيهِ
أُلُوفٌ مِنَ الرَّافِضَّةِ يَسْفِكُونَ دِمَاءَ النَّاسِ ، وَيَأْخُذُوْنَ
أَمْوَالَهُمْ ، وَقَتَلُوا خَلقاً عَظِيْماً ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ ،
وَلَمَا انْكَسَرَ المُسْلِمُوْنَ سَنَةَ غَازَان أَخَذُوا الخَيْلَ
وَالسِّلاَحِ وَالأُسَارَى ، وَبَاعُوهُم لِلكُفَّارِ وَالنَّصَارَى
بقُبْرُص ، وَأَخَذُوا مَنْ مَرَّ بِهِم مِنْ الجُنْدِ ، وَكَانُوا أَضَرَّ
عَلَى المُسْلِمِيْنَ مِنْ جَمِيْعِ الأَعْدَاءِ ، وَحَمَلَ بَعْضُ
أُمَرَائِهِم رَايَةَ النَّصَارَى ، وَقَالُوا لَهُ : " أَيّمَا خَيْرٌ :
المُسْلِمُوْنَ أَو النَّصَارَى ؟ " فَقَالَ : بَل النَّصَارَى ، فَقَالُوا
لَهُ : " مَعَ مَنْ تُحشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ ؟ " ، فَقَالَ : " مَعَ
النَّصَارَى " ، وَسلَّمُوا إِلَيْهِم بَعْضَ بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ .
وَمَعَ هَذا فَلَمَا اسْتَشَارَ بَعْضُ وُلاَةِ الأَمْرِ فِي غَزْوِهِمْ ،
وَكَتَبْتُ جَوَاباً مبسَوْطاً فِي غَزْوِهِمْ (1) ... وَذَهَبْنَا إِلَى
نَاحِيَتِهِم ، وَحَضَرَ عِنْدِي جَمَاعَةٌ مِنْهُم ، وَجَرَتْ بَيْنِي
وَبَيْنَهُم مُنَاظَرَاتٌ وَمُفَاوضَاتٌ يَطُولُ وَصفُهَا ، فَلَمَّا
فَتَحَ المُسْلِمُوْنَ بَلَدَهُم ، وَتَمَكَّنَ المُسْلِمُوْنَ مِنْهُم
نَهَيْتُهُم عَنْ قَتْلِهِم ، وَعَنْ سَبيهِم ، وَأَنْزَلْنَاهُم فِي
بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ مُتَفَرِّقِين لِئَلاَّ يَجتمعُوا " .ا.هـ.
(1) سَأَذْكُرُ جَوَابَ شَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ ، وَهِي
رِسَالَةٌ أَرْسَلَهَا إِلَى المَلِكِ النَّاصِرِ .
تَهْنِئةُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ
تَيْمِيَّةَ لِلمَلِكِ النَّاصِرِ بِفَتْحِ جَبَلِ كسروان
وَمَا صَنَعَهُ الرَّافِضَّةُ بِأَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ خِيَانَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِنْ الدَّاعِي أَحْمَد ابْنِ تيمية إلَى سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ
أَيَّدَ اللَّهُ فِي دَوْلَتِهِ الدِّينَ وَأَعَزَّ بِهَا عِبَادَهُ
الْمُؤْمِنِينَ وَقَمَعَ فِيهَا الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ
وَالْخَوَارِجَ الْمَارِقِينَ . نَصَرَهُ اللَّهُ وَنَصَرَ بِهِ
الْإِسْلَامَ وَأَصْلَحَ لَهُ وَبِهِ أُمُورَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ
وَأَحْيَا بِهِ مَعَالِمَ الْإِيمَانِ وَأَقَامَ بِهِ شَرَائِعَ الْقُرْآنِ
وَأَذَلَّ بِهِ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ .
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
فَإِنَّا نَحْمَدُ إلَيْكُمْ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَهُوَ
لِلْحَمْدِ أَهْلٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَنَسْأَلُهُ أَنْ
يُصَلِّيَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ مُحَمَّدٍ
عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيمًا .
أَمَّا بَعْدُ .
فَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَأَعَزَّ جُنْدَهُ
وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ . وَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى السُّلْطَانِ
وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي دَوْلَتِهِ نِعَمًا لَمْ تُعْهَدْ فِي
الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ . وَجَدَّدَ الْإِسْلَامَ فِي أَيَّامِهِ
تَجْدِيدًا بَانَتْ فَضِيلَتُهُ عَلَى الدُّوَلِ الْمَاضِيَةِ .
وَتَحَقَّقَ فِي وِلَايَتِهِ خَبَرُ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَفْضَلُ
الْأَوَّلِينَ والآخرين الَّذِي أَخْبَرَ فِيهِ عَنْ تَجْدِيدِ الدِّينِ
فِي رُءُوسِ المئين . وَاَللَّهُ تَعَالَى يُوزِعُهُ وَالْمُسْلِمِينَ
شُكْرَ هَذِهِ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ
وَيُتِمُّهَا بِتَمَامِ النَّصْرِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْدَاءِ
الْمَارِقِينَ .
وَذَلِكَ : أَنَّ السُّلْطَانَ - أَتَمَّ اللَّهُ نِعْمَتَهُ - حَصَلَ
لِلْأُمَّةِ بِيُمْنِ وِلَايَتِهِ وَحُسْنِ نِيَّتِهِ وَصِحَّةِ إسْلَامِهِ
وَعَقِيدَتِهِ وَبَرَكَةِ إيمَانِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَفَضْلِ هِمَّتِهِ
وَشَجَاعَتِهِ وَثَمَرَةِ تَعْظِيمِهِ لِلدِّينِ وَشِرْعَتِهِ وَنَتِيجَةِ
اتِّبَاعِهِ كِتَابَ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ : مَا هُوَ شَبِيهٌ بِمَا كَانَ
يَجْرِي فِي أَيَّامِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمَا كَانَ يَقْصِدُهُ
أَكَابِرُ الْأَئِمَّةِ الْعَادِلِينَ : مِنْ جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ
الْمَارِقِينَ مِنْ الدِّينِ وَهُمْ صِنْفَانِ :
أَهْلُ الْفُجُورِ وَالطُّغْيَانِ وَذَوُو
الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ الْخَارِجُونَ عَنْ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ طَلَبًا
لِلْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ وَتَرْكًا لِسَبِيلِ الْهُدَى
وَالرَّشَادِ . وَهَؤُلَاءِ هُمْ التَّتَارُ وَنَحْوُهُمْ مِنْ كُلِّ
خَارِجٍ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَمَسَّكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ
أَوْ بِبَعْضِ سِيَاسَةِ الْإِسْلَامِ .
وَالصِّنْفُ الثَّانِي : أَهْلُ الْبِدَعِ
الْمَارِقُونَ وَذَوُو الضَّلَالِ الْمُنَافِقُونَ الْخَارِجُونَ عَنْ
السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُفَارِقُونَ لِلشِّرْعَةِ وَالطَّاعَةِ
مِثْلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ غَزَوْا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ مَنْ أَهْلِ
الْجَبَلِ وَالْجُرْد والكسروان . فَإِنَّ مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ مِنْ
الْفَتْحِ وَالنَّصْرِ عَلَى هَؤُلَاءِ الطَّغَامِ هُوَ مِنْ عَزَائِمِ
الْأُمُورِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى السُّلْطَانِ وَأَهْلِ
الْإِسْلَامِ .
وَلِلرِسَالَةَ بَقِيَّةٌ ...
تعليق :
رَحِمَ اللهُ شَيْخَ الإِسْلاَمِ ابْنَ
تَيْمِيَّةَ كَأَنَّهُ يَعِيْشُ بَيْنَنَا ، فَقَدْ قسَّمَ أَعْدَاءَ اللهِ
إِلَى صِنْفَينِ :
عَدُوٍّ خَارِجِيّ ، وَهُم الكَفَرَةَ مِنْ أَهْلِ الصَّليبِ وَغَيْرِهِم
الَّذِيْنَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ : " وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ
حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا " [ البَقَرَةُ :
217 ] ، وَقَالَ : " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ
سَوَاءً " [ النِّسَاءُ : 89 ] .
عَدُوٍّ دَاخلِيّ ، وَهُم المُنَافِقُوْنَ مِنَ المُبْتَدِعَةِ
وَالعَلمَانيينَ الَّذِيْنَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ : " هُمُ الْعَدُوُّ
فَاحْذَرْهُمْ " [ المُنَافِقُوْنَ : 4 ] .
قَالَ القُرْطُبِيُّ : " وَفِي قَوْله تَعَالَى : وَجْهَانِ :
أَحَدهمَا : فَاحْذَرْ أَنْ تَثِق بِقَوْلِهِمْ أَوْ تَمِيل إِلَى
كَلَامهمْ .
الثَّانِي : فَاحْذَرْ مُمَايَلَتهُمْ لِأَعْدَائِك وَتَخْذِيلهمْ
لِأَصْحَابِك " .ا.هـ.
وَقَالَ اللهُ فِي صِفَاتِ المُنَافِقِيْنَ : " أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا
نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " [ الحَشْرُ : 11 ] . ..انتهى
التعليق
وَذَلِكَ : أَنَّ هَؤُلَاءِ وَجِنْسَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ الْمُفْسِدِينَ
فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ . فَإِنَّ اعْتِقَادَهُمْ : أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَهْلَ بَدْرٍ وَبَيْعَةَ الرِّضْوَانِ
وَجُمْهُورَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ
بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةَ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَاءَهُمْ أَهْلَ الْمَذَاهِبِ
الْأَرْبِعَةِ وَغَيْرَهُمْ وَمَشَايِخَ الْإِسْلَامِ وَعُبَّادَهُمْ
وَمُلُوكَ الْمُسْلِمِينَ وَأَجْنَادَهُمْ وَعَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ
وَأَفْرَادَهُمْ . كُلُّ هَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ كُفَّارٌ مُرْتَدُّونَ
أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؛ لِأَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ
عِنْدَهُمْ وَالْمُرْتَدُّ شَرٌّ مِنْ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ . وَلِهَذَا
السَّبَبِ يُقَدِّمُونَ الفرنج وَالتَّتَارَ عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ
وَالْإِيمَانِ .
وَلِهَذَا لَمَّا قَدِمَ التَّتَارُ إلَى الْبِلَادِ وَفَعَلُوا بِعَسْكَرِ
الْمُسْلِمِينَ مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْفَسَادِ وَأَرْسَلُوا إلَى أَهْلِ
قُبْرُصَ فَمَلَكُوا بَعْضَ السَّاحِلِ وَحَمَلُوا رَايَةَ الصَّلِيبِ
وَحَمَلُوا إلَى قُبْرُصَ مِنْ خَيْلِ الْمُسْلِمِينَ وَسِلَاحِهِمْ
وَأَسْرَاهُمْ مَا لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إلَّا اللَّهُ وَأُقِيمَ سُوقُهُمْ
بِالسَّاحِلِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَبِيعُونَ فِيهِ الْمُسْلِمِينَ
وَالْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ عَلَى أَهْلِ قُبْرُصَ وَفَرِحُوا بِمَجِيءِ
التَّتَارِ هُمْ وَسَائِرُ أَهْلِ هَذَا الْمَذْهَبِ الْمَلْعُونِ مِثْلَ
أَهْلِ جَزَيْنَ وَمَا حَوَالَيْهَا . وَجَبَلِ عَامِلٍ وَنَوَاحِيهِ .
وَلَمَّا خَرَجَتْ الْعَسَاكِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنْ الدِّيَارِ
الْمِصْرِيَّةِ ظَهَرَ فِيهِمْ مِنْ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ مَا عَرَفَهُ
النَّاسُ مِنْهُمْ . وَلَمَّا نَصَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ النُّصْرَةَ
الْعُظْمَى عِنْدَ قُدُومِ السُّلْطَانِ كَانَ بَيْنَهُمْ شَبِيهُ
بِالْعَزَاءِ .
كُلُّ هَذَا وَأَعْظَمُ مِنْهُ عِنْدَ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الَّتِي كَانَتْ
مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي خُرُوجِ جنكسخان إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ
وَفِي اسْتِيلَاءِ هُولَاكُو عَلَى بَغْدَادَ وَفِي قُدُومِهِ إلَى حَلَبَ
وَفِي نَهْبِ الصالحية وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَدَاوَةِ
لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ .
لِأَنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ
فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ . وَمَنْ اسْتَحَلَّ الْفُقَّاعَ فَهُوَ كَافِرٌ
. وَمَنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَهُوَ عِنْدُهُمْ كَافِرٌ . وَمَنْ
حَرَّمَ الْمُتْعَةَ فَهُوَ عِنْدُهُمْ كَافِرٌ . وَمَنْ أَحَبَّ أَبَا
بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ تَرَضَّى عَنْهُمْ أَوْ عَنْ
جَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ : فَهُوَ عِنْدُهُمْ كَافِرٌ . وَمَنْ لَمْ
يُؤْمِنْ بِمُنْتَظِرِهِمْ فَهُوَ عِنْدُهُمْ كَافِرٌ .
وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ صَبِيٌّ عُمْرُهُ سَنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ
خَمْسٌ . يَزْعُمُونَ أَنَّهُ دَخَلَ السِّرْدَابَ بسامرا مِنْ أَكْثَرِ
مِنْ أَرْبَعمِائَةِ سَنَةٍ . وَهُوَ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ . وَهُوَ
حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ . فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ
فَهُوَ عِنْدُهُمْ كَافِرٌ . وَهُوَ شَيْءٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ . وَلَمْ
يَكُنْ هَذَا فِي الْوُجُودِ قَطُّ .
وَعِنْدَهُمْ مَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ
كَافِرٌ . وَمَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ حَقِيقَةً
فَهُوَ كَافِرٌ . وَمَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ فَهُوَ
كَافِرٌ . وَمَنْ آمَنَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَقَالَ : إنَّ اللَّهَ
يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَأَنَّ اللَّهَ يُقَلِّبُ
قُلُوبَ عِبَادِهِ وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَهُوَ عِنْدُهُمْ
كَافِرٌ . وَعِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ آمَنَ بِحَقِيقَةِ أَسْمَاءِ اللَّهِ
وَصِفَاتِهِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ
رَسُولِهِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ كَافِرٌ .
هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي تُلَقِّنُهُ لَهُمْ أَئِمَّتُهُمْ . مِثْلَ
بَنِي الْعُود ؛ فَإِنَّهُمْ شُيُوخُ أَهْلِ هَذَا الْجَبَلِ . وَهُمْ
الَّذِينَ كَانُوا يَأْمُرُونَهُمْ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ
وَيُفْتُونَهُمْ بِهَذِهِ الْأُمُورِ .
وَقَدْ حَصَلَ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ طَائِفَةٌ مِنْ كُتُبِهِمْ
تَصْنِيفُ ابْنِ الْعُود وَغَيْرِهِ . وَفِيهَا هَذَا وَأَعْظَمُ مِنْهُ .
وَهُمْ اعْتَرَفُوا لَنَا بِأَنَّهُمْ الَّذِينَ عَلَّمُوهُمْ
وَأَمَرُوهُمْ لَكِنَّهُمْ مَعَ هَذَا يُظْهِرُونَ التَّقِيَّةَ
وَالنِّفَاقَ . وَيَتَقَرَّبُونَ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ إلَى مَنْ
يَقْبَلُهَا مِنْهُمْ . وَهَكَذَا كَانَ عَادَةُ هَؤُلَاءِ الْجَبَلِيَّةِ
؛ فَإِنَّمَا أَقَامُوا بِجَبَلِهِمْ لَمَّا كَانُوا يُظْهِرُونَهُ مِنْ
النِّفَاقِ وَيَبْذُلُونَهُ مِنْ الْبِرْطِيلِ لِمَنْ يَقْصِدُهُمْ .
وَالْمَكَانُ الَّذِي لَهُمْ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ . ذَكَرَ أَهْلُ
الْخِبْرَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ ؛ وَلِهَذَا كَثُرَ
فَسَادُهُمْ فَقَتَلُوا مِنْ النُّفُوسِ وَأَخَذُوا مِنْ الْأَمْوَالِ مَا
لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ .
وَلَقَدْ كَانَ جِيرَانُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِقَاعِ وَغَيْرِهَا مَعَهُمْ
فِي أَمْرٍ لَا يُضْبَطُ شَرُّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ
مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَيَفْعَلُونَ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا
رَبُّ الْعِبَادِ . كَانُوا فِي قَطْعِ الطُّرُقَاتِ وَإِخَافَةِ سُكَّانِ
الْبُيُوتَاتِ عَلَى أَقْبَحِ سِيرَةٍ عُرِفَتْ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَاتِ
يَرُدُّ إلَيْهِمْ النَّصَارَى مِنْ أَهْلِ قُبْرُصَ فَيُضَيِّفُونَهُمْ
وَيُعْطُونَهُمْ سِلَاحَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقَعُونَ بِالرَّجُلِ
الصَّالِحِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ
يَسْلُبُوهُ . وَقَلِيلٌ مِنْهُمْ مَنْ يَفْلِتُ مِنْهُمْ بِالْحِيلَةِ ...
وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ كَانُوا أَقَلَّ صَلَاةً وَصِيَامًا . وَلَمْ نَجِدْ
فِي جَبَلِهِمْ مُصْحَفًا وَلَا فِيهِمْ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ ؛ وَإِنَّمَا
عِنْدَهُمْ عَقَائِدُهُمْ الَّتِي خَالَفُوا فِيهَا الْكِتَابَ
وَالسُّنَّةَ وَأَبَاحُوا بِهَا دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ . وَهُمْ مَعَ
هَذَا فَقَدْ سَفَكُوا مِنْ الدِّمَاءِ وَأَخَذُوا مِنْ الْأَمْوَالِ مَا
لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى .
وَكَثِيرٌ مِنْ فَسَادِ التتر هُوَ لِمُخَالَطَةِ هَؤُلَاءِ لَهُمْ كَمَا
كَانَ فِي زَمَنِ قازان وَهُولَاكُوَ وَغَيْرِهِمَا ؛ فَإِنَّهُمْ أَخَذُوا
مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَضْعَافَ مَا أَخَذُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ
. وَأَرْضِهِمْ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ .
وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ : إنَّ الرَّافِضَةَ لَا حَقَّ لَهُمْ
مِنْ الْفَيْءِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَيْءَ
لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا
بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا
رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " فَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ سَلِيمًا
لَهُمْ وَلِسَانُهُ مُسْتَغْفِرًا لَهُمْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ .
وَقُطِعَتْ أَشْجَارُهُمْ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَمَّا حَاصَرَ بَنِي النَّضِيرِ قَطَعَ أَصْحَابُهُ نَخْلَهُمْ
وَحَرَّقُوهُ . فَقَالَ الْيَهُودُ : هَذَا فَسَادٌ . وَأَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ تَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ : " مَا
قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا
فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ " .
وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الشَّجَرِ وَتَخْرِيبِ
الْعَامِرِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ . فَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَوْلَى مِنْ
قَتْلِ النُّفُوسِ وَمَا أَمْكَنَ غَيْرُ ذَلِكَ .
فَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَحْضُرُوا كُلُّهُمْ مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي
اخْتَفَوْا فِيهَا وأيسوا مِنْ الْمَقَامِ فِي الْجَبَلِ إلَّا حِينَ
قُطِعَتْ الْأَشْجَارُ . وَإِلَّا كَانُوا يَخْتَفُونَ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ
الْعِلْمُ بِهِمْ . وَمَا أَمْكَنَ أَنْ يَسْكُنَ الْجَبَلَ غَيْرُهُمْ ؛
لِأَنَّ التُّرْكُمَانَ إنَّمَا قَصْدُهُمْ الرَّعْيُ وَقَدْ صَارَ لَهُمْ
مَرْعًى وَسَائِرُ الْفَلَّاحِينَ لَا يَتْرُكُونَ عِمَارَةَ أَرْضِهِمْ
وَيَجِيئُونَ إلَيْهِ .
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَسَّرَ هَذَا الْفَتْحَ فِي دَوْلَةِ
السُّلْطَانِ بِهِمَّتِهِ وَعَزْمِهِ وَأَمْرِهِ وَإِخْلَاءِ الْجَبَلِ
مِنْهُمْ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ .
وَهُمْ يُشْبِهُونَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ : " هُوَ الَّذِي
أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ
لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ
مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ
لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ
بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا
أُولِي الْأَبْصَارِ " " وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ
الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ
النَّارِ " " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ
يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " " مَا قَطَعْتُمْ
مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ
اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ " .
وأيضا فَإِنَّهُ بِهَذَا قَدْ انْكَسَرَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ
وَالنِّفَاقِ بِالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ
مَا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَاتِ السُّلْطَانِ وَيَعِزُّ بِهِ أَهْلَ
الْإِيمَانِ .
فَصْلٌ
تَمَامُ هَذَا الْفَتْحِ وَبَرَكَتُهُ تُقَدِّمُ مَرَاسِمَ
السُّلْطَانِ بِحَسْمِ مَادَّةِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَإِقَامَةِ
الشَّرِيعَةِ فِي الْبِلَادِ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَهُمْ مِنْ
الْمَشَايِخِ وَالْإِخْوَانِ فِي قُرًى كَثِيرَةٍ مَنْ يَقْتَدُونَ بِهِمْ
وَيَنْتَصِرُونَ لَهُمْ . وَفِي قُلُوبِهِمْ غِلٌّ عَظِيمٌ وَإِبْطَانُ
مُعَادَاةٍ شَدِيدَةٍ لَا يُؤْمِنُونَ مَعَهَا عَلَى مَا يُمْكِنُهُمْ .
وَلَوْ أَنَّهُ مباطنة الْعَدُوِّ . فَإِذَا أَمْسَكَ رُءُوسَهُمْ
الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ - مِثْلَ بَنِي الْعُود - زَالَ بِذَلِكَ مِنْ
الشَّرِّ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ .
وَيَتَقَدَّمُ إلَى قُرَاهُمْ . وَهِيَ قُرًى مُتَعَدِّدَةٌ بِأَعْمَالِ
دِمَشْقَ وَصَفْدَ ؛ وَطَرَابُلُس ؛ وَحَمَاةَ وَحِمْصَ وَحَلَبَ : بِأَنْ
يُقَامَ فِيهِمْ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ . وَالْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ
وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَيَكُونُ لَهُمْ خُطَبَاءُ وَمُؤَذِّنُونَ
كَسَائِرِ قُرَى الْمُسْلِمِينَ وَتُقْرَأُ فِيهِمْ الْأَحَادِيثُ
النَّبَوِيَّةُ وَتُنْشَرُ فِيهِمْ الْمَعَالِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ
وَيُعَاقَبُ مَنْ عُرِفَ مِنْهُمْ بِالْبِدْعَةِ وَالنِّفَاقِ بِمَا
تُوجِبُهُ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ .
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُحَارِبِينَ وَأَمْثَالَهُمْ قَالُوا : نَحْنُ
قَوْمٌ جُهَّالٌ . وَهَؤُلَاءِ كَانُوا يُعَلِّمُونَنَا وَيَقُولُونَ لَنَا
: أَنْتُمْ إذًا قَاتَلْتُمْ هَؤُلَاءِ تَكُونُونَ مُجَاهِدِينَ وَمَنْ
قُتِلَ مِنْكُمْ فَهُوَ شَهِيدٌ .
وَفِي هَؤُلَاءِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُقِرُّونَ بِصَلَاةِ وَلَا صِيَامٍ
وَلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ وَلَا يُحَرِّمُونَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ
وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ . مِنْ
جِنْسِ الإسماعيلية والنصيرية وَالْحَاكِمِيَّةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَهُمْ
كُفَّارٌ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِإِجْمَاعِ
الْمُسْلِمِينَ .
فَتَقَدَّمَ الْمَرَاسِيمُ السُّلْطَانِيَّةُ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِ
الْإِسْلَامِ : مِنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
وَتَبْلِيغِ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
قُرَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَالِحِ الْإِسْلَامِيَّةِ .
وَأَبْلَغِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . وَذَلِكَ سَبَبٌ لِانْقِمَاعِ
مَنْ يباطن الْعَدُوَّ مِنْ هَؤُلَاءِ وَدُخُولهمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . وَهُوَ مِنْ
الْأَسْبَابِ الَّتِي يُعِينُ اللَّهُ بِهَا عَلَى قَمْعِ الْأَعْدَاءِ .
فَإِنَّ مَا فَعَلُوهُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي أَرْضِ " سِيسَ " نَوْعٌ مِنْ
غَدْرِهِمْ الَّذِي بِهِ يَنْصُرُ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ .
وَفِي ذَلِكَ لِلَّهِ حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَنُصْرَةٌ لِلْإِسْلَامِ
جَسِيمَةٌ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إلَّا أُدِيلَ
عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ .
وَلَوْلَا هَذَا وَأَمْثَالُهُ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ الْعَزْمِ
بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَلِلْعَدُوِّ مِنْ الْخِذْلَانِ مَا يَنْصُرُ
اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُذِلُّ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ
.
وَاَللَّهُ هُوَ الْمَسْئُولُ أَنْ يَتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَى سُلْطَانِ
الْإِسْلَامِ خَاصَّةً وَعَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً .
وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ وَحْدَهُ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ
وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى (28/398 - 409)
* قَالَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى "
(28/527 - 528) : " وَمَذْهَبُ الرَّافِضَةِ شَرٌّ مِنْ مَذْهَبِ
الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ ؛ فَإِنَّ الْخَوَارِجَ غَايَتُهُمْ تَكْفِيرُ
عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَشِيعَتِهِمَا . وَالرَّافِضَةُ تَكْفِيرُ أَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَجُمْهُورِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ
وَتَجْحَدُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَعْظَمَ مِمَّا جَحَدَ بِهِ الْخَوَارِجُ وَفِيهِمْ مِنْ
الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ وَالْغُلُوِّ وَالْإِلْحَادِ مَا لَيْسَ فِي
الْخَوَارِجِ وَفِيهِمْ مِنْ مُعَاوَنَةِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
مَا لَيْسَ فِي الْخَوَارِجِ .
وَالرَّافِضَةِ تُحِبُّ التَّتَارَ وَدَوْلَتَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ
لَهُمْ بِهَا مِنْ الْعِزِّ مَا لَا يَحْصُلُ بِدَوْلَةِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالرَّافِضَةُ هُمْ مُعَاوِنُونَ لِلْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ
الْأَسْبَابِ فِي دُخُولِ التَّتَارِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ إلَى أَرْضِ
الْمَشْرِقِ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَكَانُوا مِنْ أَعْظَمِ
النَّاسِ مُعَاوَنَةً لَهُمْ عَلَى أَخْذِهِمْ لِبِلَادِ الْإِسْلَامِ
وَقَتْلِ الْمُسْلِمِينَ وَسَبْيِ حَرِيمِهِمْ . وَقَضِيَّةُ ابْنِ العلقمي
وَأَمْثَالِهِ مَعَ الْخَلِيفَةِ وَقَضِيَّتِهِمْ فِي حَلَبَ مَعَ صَاحِبِ
حَلَبَ : مَشْهُورَةٌ يَعْرِفُهَا عُمُومُ النَّاسِ . وَكَذَلِكَ فِي
الْحُرُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ النَّصَارَى
بِسَوَاحِلِ الشَّامِ : قَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ الرَّافِضَةَ
تَكُونُ مَعَ النَّصَارَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُمْ عَاوَنُوهُمْ
عَلَى أَخْذِ الْبِلَادِ لَمَّا جَاءَ التَّتَارُ وَعَزَّ عَلَى
الرَّافِضَةِ فَتْحُ عُكَّةَ وَغَيْرِهَا مِنْ السَّوَاحِلِ وَإِذَا غَلَبَ
الْمُسْلِمُونَ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ كَانَ ذَلِكَ غُصَّةً عِنْد
الرَّافِضَةِ وَإِذَا غَلَبَ الْمُشْرِكُونَ وَالنَّصَارَى الْمُسْلِمِينَ
كَانَ ذَلِكَ عِيدًا وَمَسَرَّةً عِنْدَ الرَّافِضَةِ .
* قَالَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى "
(28/636 - 638) : " فَالرَّافِضَةُ يُوَالُونَ مَنْ حَارَبَ أَهْلَ
السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةَ وَيُوَالُونَ التَّتَارَ وَيُوَالُونَ
النَّصَارَى . وَقَدْ كَانَ بِالسَّاحِلِ بَيْنَ الرَّافِضَةِ وَبَيْنَ
الفرنج مُهَادَنَةٌ حَتَّى صَارَتْ الرَّافِضَةُ تَحْمِلُ إلَى قُبْرُصَ
خَيْلَ الْمُسْلِمِينَ وَسِلَاحَهُمْ وَغِلْمَانَ السُّلْطَانِ
وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْجُنْدِ وَالصِّبْيَانِ . وَإِذَا انْتَصَرَ
الْمُسْلِمُونَ عَلَى التَّتَارِ أَقَامُوا الْمَآتِمَ وَالْحُزْنَ وَإِذَا
انْتَصَرَ التَّتَارُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَقَامُوا الْفَرَحَ
وَالسُّرُورَ . وَهُمْ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَى التَّتَارِ بِقَتْلِ
الْخَلِيفَةِ وَقَتْلِ أَهْلِ بَغْدَادَ . وَوَزِيرِ بَغْدَادَ ابْنِ
العلقمي الرَّافِضِي هُوَ الَّذِي خَامَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَاتَبَ
التَّتَارَ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ أَرْضَ الْعِرَاقِ بِالْمَكْرِ
وَالْخَدِيعَةِ وَنَهَى النَّاسَ عَنْ قِتَالِهِمْ .
وَقَدْ عَرَفَ الْعَارِفُونَ بِالْإِسْلَامِ : أَنَّ الرَّافِضَةَ تَمِيلُ
مَعَ أَعْدَاءِ الدِّينِ . وَلَمَّا كَانُوا مُلُوكَ الْقَاهِرَةِ كَانَ
وَزِيرُهُمْ مَرَّةً يَهُودِيًّا وَمَرَّةً نَصْرَانِيًّا أَرْمِينِيًّا
وَقَوِيَتْ النَّصَارَى بِسَبَبِ ذَلِكَ النَّصْرَانِيِّ الْأَرْمِينِيِّ
وَبَنَوْا كَنَائِسَ كَثِيرَةً بِأَرْضِ مِصْرَ فِي دَوْلَةِ أُولَئِكَ
الرَّافِضَةِ الْمُنَافِقِينَ وَكَانُوا يُنَادُونَ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ :
مَنْ لَعَنَ وَسَبَّ فَلَهُ دِينَارٌ وَإِرْدَبٌّ . وَفِي أَيَّامِهِمْ
أَخَذَتْ النَّصَارَى سَاحِلَ الشَّامِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى
فَتَحَهُ نُورُ الدِّينِ وَصَلَاحُ الدِّينِ . وَفِي أَيَّامِهِمْ جَاءَتْ
الفرنج إلَى بلبيس وَغَلَبُوا مِنْ الفرنج ؛ فَإِنَّهُمْ مُنَافِقُونَ
وَأَعَانَهُمْ النَّصَارَى وَاَللَّهُ لَا يَنْصُرُ الْمُنَافِقِينَ
الَّذِينَ هُمْ يُوَالُونَ النَّصَارَى فَبَعَثُوا إلَى نُورِ الدِّينِ
يَطْلُبُونَ النَّجْدَةَ فَأَمَدَّهُمْ بِأَسَدِ الدِّينِ وَابْنِ أَخِيهِ
صَلَاحِ الدِّينِ . فَلَمَّا جَاءَتْ الْغُزَاةُ الْمُجَاهِدُونَ إلَى
دِيَارِ مِصْرَ قَامَتْ الرَّافِضَةُ مَعَ النَّصَارَى فَطَلَبُوا قِتَالَ
الْغُزَاةِ الْمُجَاهِدِينَ الْمُسْلِمِينَ وَجَرَتْ فُصُولٌ يَعْرِفُهَا
النَّاسُ حَتَّى قَتَلَ صَلَاحُ الدِّينِ مُقَدِّمَهُمْ شَاوَرَ .
وَمِنْ حِينَئِذٍ ظَهَرَتْ بِهَذِهِ الْبِلَادِ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ
وَالسُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ وَصَارَ يُقْرَأُ فِيهَا أَحَادِيثُ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ
وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَيُذْكَرُ فِيهَا مَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ وَيَتَرَضَّى
فِيهَا عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ؛ وَإِلَّا كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ . فِيهِمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ
وَيَرْصُدُونَهَا وَفِيهِمْ قَوْمٌ زَنَادِقَةٌ دَهْرِيَّةٌ لَا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلَا جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا يَعْتَقِدُونَ
وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَخَيْرُ مَنْ
كَانَ فِيهِمْ الرَّافِضَةُ وَالرَّافِضَةُ شَرُّ الطَّوَائِفِ
الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْقِبْلَةِ " .ا.هـ.
* وَقَالَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى "
(4/429) : " وَ " الرَّافِضَةُ " جُهَّالٌ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا
نَقْلٌ وَلَا دِينٌ وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ " .
* وَقَالَ
فِي " مِنْهَاجِ السُّنَّةِ " (3/244) عَنْ دَوْلَةِ " خدا بنده " : "
وَانظُر مَا حَصَلَ لَهُم فِي دَوْلَةِ السُّلْطَانِ خدا بنده الَّذِي
صَنَّفَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ - يَعْنِي كِتَابَ " مِنْهَاجِ الكَرَامَةِ "
الَّذِي وَضَعَهُ ابنُ المُطَهَّرِ الحِلِّي ، وَرَدَّ عَلَيهِ شَيْخُ
الإِسْلاَمِ فِي " مِنْهَاجِ السُّنَّةِ " - كَيْفَ ظَهَرَ فِيهِم مِنَ
الشَّرِ الَّذِي لَوْ دَامَ وَقَوِيَ أَبْطَلوا بِهِ عَامَّةَ شَرَائِعِ
الإِسْلاَمِ لَكِنْ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ
بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَا أَنْ يَتِمَّ نُوْرَه وَلَو كَرِهَ
الكَافِرُوْنَ " .ا.هـ.
خدا ( بالفارسية ) الله . وبنده : عبد . أي عبد الله .
وخدا بنده هو الثامن من ملوك الإيلخانية ، والسادس من ذرية جنكيز خان واسمه
الحقيقي الجايتو بن أرغون بن أبغا بن هولاكو .
قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (14/77) : " أقام سنةً على السنةِ ،
ثم تحول إلى الرفضِ وأقام شعائرهُ في بلادهِ ".
ذلك أنه كان حديث عهد بدين الإسلام ، ولا معرفة له بالعقيدة الإسلامية ،
وتاريخ الإسلام ، فالتقى بابن المطهر الحلي فزين له مذهب الرافضة الباطل ،
فدخل فيه جميع عشائره وقبائله وأتباعه .
وقد صنف ابن المطهر تصانيف كثيرة كنهج الحق ، ومنهاج الكرامة وغيرهما لدعوة
السلطان المذكور ، وإغرائه بالتمسك بالمذهب الرافضي .
قال ابن كثير: " وقد جرت في أيامه فتن كبار ، ومصائب عظام فأراح الله منه
البلاد والعباد ".
وقصم عمره وهو ابن ست وثلاثين سنة.
وبعدما توفي السلطان المذكور تاب ابنه في سنة 710ه من الرفض ورجع عن هذه
العقيدة الخبيئة بإرشاد أهل السنة ، وأبعد الروافض ، فهرب الحلي إلى الحلة
وسائر علمائهم .
* ذَكَرَ
الشَّيْخُ إحْسَان إِلَهِي ظَهِير أَنَّ انفصَالَ بَاكِسْتَانَ
الشَّرْقِيَّةِ كَانَ وَرَاءهُ الكَيْدُ الرَّافِضِيُّ ، قَالَ فِي "
الشِّيْعَةِ وَالسُّنَّةِ " ( ص 11 ) : " وَهَا هِي بَاكِسْتَانُ
الشَّرْقِيَّةُ ذَهَبْتَ ضَحِيَّةً بِخِيَانَةِ أَحَدِ أَبْنَاءِ " قزلباش
" الشِّيْعَة يَحْيَى خَان فِي أَيْدِي الهُندُوس " .ا.هـ.