بسم الله الرحمن الرحيم

هل تُشترطُ الذكورية في المفتي ؟


قرأت في عدد الأسبوع الماضي من ملحق الرسالة وبالتحديد في '' عالم الشقائق '' نقاشاً عن تصدي المرأة للفتيا فأحببت المشاركة من خلال كلام العلماء في المسألة وبعض تراجم عالمات فقيهات ، أسأل الله أن ينفع به .

لا شك أن الإفتاء منصب جليل القدر عظيم الشأن ، فالمفتي موقع عن الله ، والله جل وعلا تولى بنفسه الإفتاء قال تعالى : '' وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ '' ( النساء : 127 ) قال الإمام ابن القيم في ( إعلام الموقعين ) (1/11) : وكفى بما تولاه الله تعالى شرفا وجلالة .ا.هـ ، والنبي صلى الله عليه وسلم أول المفتين ، ثم أفتى بعده الصحابة رضوان الله عليهم ، ثم من بعدهم إلى أن يرث الله الأرض من عليها ، ولا يكاد كتاب في أصول الفقه يخلو من الكلام عن أوصاف المفتي وشروطه ومن ذلك الإسلام والبلوغ والعقل والعلم والعدالة ، ولم يشترط العلماء في المفتي الذكورية والحرية ، وهذا بالاتفاق ، بخلاف القضاء فلا يجوز عند جمهور أهل العلم أن تتولى المرأة القضاء ، قال الإمام النووي في ( روضة الطالبين ) (11/109) : وينبغي أن يكون المفتي مع شروطه السابقة متنزها عن خوارم المروءة ، فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر حسن التصرف والاستنباط ، وسواء الحر والعبد ، والمرأة والأعمى والأخرس إذا كتب أو فهمت إشارته . وقال الحصكفي في ( الدر المختلر ) (3/176) : وشرط بعضهم تيقظه لا حريته وذكوريته ونطقه . فالمرأة يجوز لها أن تفتي إذا كانت أهلا للفتيا ، وتوفرت فيها الشروط التي اشترطها أهل العلم ، وللمستفتي أن يستفتيها من وراء حجاب كما كان يفعل الصحابة والتابعون مع عائشة رضي الله عنها إذا أشكل عليهم شيء ، أو بالكتابة إليها ، أو عن طريق وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف أو الفاكس أو غير ذلك . ولا شك أن المرأة المفتية تنفع كثيرا في أواسط النساء من بني جنسها وخاصة في الأمور التي يستحى منها عند سؤالها للرجال ، وقد وُجد في تاريخ الأمة الإسلامية من النساء من اشتغلن بالفتيا والعلم ، وإليكم هاتان الترجمتان . ترجم الإمام الذهبي لبنت المحاملي في السير (15/265) فقال : بنْتُ المَحَامِلِيِّ ، أَمَةُ الوَاحِدِ بنْتُ الحُسَيْنِ العَالِمَة ، الفَقِيْهَة ، المفتيَة ، أَمَة الوَاحِد بنْت الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ . تفقهت بِأَبيهَا ، وَرَوَتْ :عَنْهُ ، وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق ، وَعَبْد الغَافر الحِمْصِيّ ، وَحفظت القُرْآن ، وَالفِقْه لِلشَافعِي ، وَأَتقنت الفَرَائِض ، وَمَسَائِل الدور ، وَالعَرَبِيَّة وَغَيْر ذَلِكَ . وَاسمهَا سُتَيْتَة . قَالَ البَرْقَانِيّ : كَانَتْ تفتِي مَعَ أَبِي عَلِيّ بن أَبِي هُرَيْرَةَ . وَقَالَ غَيْرُهُ : كَانَتْ مِنْ أَحْفَظ النَّاس لِلْفقه .

وقال ابن كثير أيضاً في ( البداية والنهاية ) : ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ... أم عيسى بنت إبراهيم الحربي كانت عالمة فاضلة ، تفتي في الفقه ، توفيت في رجب ودفنت إلى جانب أبيها رحمه الله تعالى.

ولو تتبعنا كتب التراجم لوجدنا جملة من المفتيات اللاتي كن يفتين في عصور مختلفة ، وربما سنأتي على تراجمهن في المقالات القادمة إن شاء الله تعالى .
 



صورة ضوئية للمقال

رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة
 

كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل

الصفحة الرئيسة      |      صفحة الشيخ