استكمالا لما بدأته في الأسبوع الماضي من عرض لموقف المرأة من زوجها الناشز
عليها ، نقف مع الرجل صاحب القرار لنهمس في أذنه ، ونذكره بحقّ العشرة ،
قال تعالى : '' وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً ''
النساء : 128 ، قال ابن كثير : '' وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون
منهن ، وتقسموا لهن أسوة أمثالهن فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر
الجزاء '' .ا.هـ. وقال تعالى : '' وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن
تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً '' النساء : 19 . فالرجل مطالب
بأن يحرص على العشرة بالمعروف وأن لا ينسى الفضل بينه وبين زوجته كما قال
تعالى : '' ولا تنسوا الفضل بينكم '' ، وأن يتغاضى عن بعض الأمور ، وليعلم
أن الكراهية إن لم تكن بسبب شرعي فلا يهدم بيته بيده .
وفي ذات الوقت يصعب أن يجد الزوج زوجة كاملة في كل شيء كما هو الحال
بالنسبة للرجل قال النبي صلى الله عليه وسلم : '' إنما الناس كإبل مئة لا
تكاد تجد فيها راحلة '' البخاري (6498) ومسلم (2547) ، فالمرأة كذلك قال
النبي صلى الله عليه وسلم : '' لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي
منها آخر '' مسلم (3/657) ، قال القرطبي : أي لا يبغضها بغضاً كلياً يحمله
على فراقها ... بل يغفر سيئتها بحسنتها ، ويتغاضى عما يكره لما يحب .ا.هـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي عند شرحه للحديث : '' والناس في هذا ثلاثة
أقسام : أعلاهم : من لحظ الأخلاق الجميلة والمحاسن ، وغضَّ عن المساوىء
بالكلية وتناساها . وأقلهم توفيقاً وإيماناً وأخلاقاً جميلة : من عكس
القضية ، فأهدر المحاسن مهما كانت وجعل المساوىء نصب عينيه ! وربما مدّدها
وبسطها وفسرَّها بظنون وتأويلات ، تجعل القليل كثيراً ، كما هو الواقع .
القسم الثالث : من لحظ الأمرين ووازن بينهما ، وعامل زوجته بمقتضى كل واحد
منهما وهذا منصف ، ولكنه قد حُرم الكمال '' .ا.هـ.
فيا أيها الزوج تمهل وتفكر وتدبر قبل أن تُقدم على مفارقة زوجتك ، وهدم
بيتك ، وتشتيت عيالك إن كان بينكما عيال . نسأل الله لك التوفيق والسداد .
صورة
ضوئية للمقال
رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة