صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







صحفنا بين التضليل والانتقائية ، لقاء الأمير نايف أنموذجا ً

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل

 
تحدث الأستاذ أنور الجندي في كتابه الرائع " الصحافة والأقلام المسمومة " عن سمةٍ من سماتِ صحافةِ التضليل والانتقائية قائلا : " ... وهي أن تقدم وجهة النظر التي تراها متفقةً مع الخطِ الذي تدافعُ عنه ، فهي تستطيعُ أن تصغرَ ما تعارضهُ ، وتكبرَ ما تدافعُ عنه ، ومقياسها في هذا تلك الخليقة التي تحكمُ المشرفين عليها " .ا.هـ.

أحبُّ الاستشهادَ بكلام الأستاذ أنور الجندي – رحمه الله – من كتابه المذكور عندما يكون المقام عن الإعلام بشكل عام ، والصحافة خصوصا ، وكتابه المشار إليه يحوي كمّا هائلا من سمات صحافة التضليل تستحق أن تُنزل على أي صحافة عربية لا تبحث عن المصداقية والشفافية في طرحها ، وإيصال المعلومة الصادقة ، بل تعتمد على الانتقائية الموافقة لأجندتها التغريبية المؤدلجة !

سأدخل في الموضوع ليكون شاهدا على مقدمتي السابقة .

أترقبُ – كما يترقبُ غيري - أي لقاء لصاحب السمو الملكي الأمير نايف وزير الداخلية يعلن عنه في الصحف المحلية ، لعلمي أنه لقاء سيضع النقاط على الحروف لكثير من القضايا التي تشغل المراقبين ، وخاصة ما يتعلق بالحراك الداخلي في بلادنا ، و المادة الدسمة في اللقاء غالبا ما تكون في أجوبة الأمير نايف على الأسئلة المطروحة عليه لأنه تجلي كثيرا من الأمور .

لقاء الأمير نايف الأخير بمنسوبي الجامعة الإسلامية يوم الأربعاء الثامن والعشرين من ذي القعدة 1429هـ ، هو أحد اللقاءات التي وضع فيه النقاط على الحروف فيما يتعلق بمنهج الدولة ، ورد على أولئك المشككين والطاعنين المتأثرين بالغرب والشرق في نجاح منهجها لمواجهة التغيرات العالمية ، استمر إلى بعد منتصف الليل وكان موضوعه " الأمن الفكري "!

قال الأمير نايف : إن دولتنا تنهج بعد كتاب الله نهج السلف الصالح ، ونحن دولة سلفية ونعتز بهذا والجميع يعرف ذلك ، والسلفية ليست مذهب والمذاهب معروفة أربعة.. الحنفي، المالكي، الشافعي، والحنبلي ، أما ما غيرها فهو نهج والنهج السلفي هو ما علمنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " ومنهم التابعون وتابعو التابعين فإذن تابعو التابعين هم على نهج السلف الصالح .. إذن لابد أن نوضح هذا الأمر بشكل واضح ونواجه الأمور بحقيقتها ونسندها إلى كتاب الله عز وجل ثم لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والأحاديث الصحيحة التي لا تقبل الشك، والنهج الصحيح هو الذي يطلب ما عند الله ويريد أن يصلح الدنيا بالإسلام وبالقرآن و بالسنة النبوية وما كان عليه السلف الصالح في النهج والثوابت، أما الأزمنة فهي تتغير وتتمحور حسب ظروفها .. نعم نحن في زمن العلم والتقنية والإسلام يحث على ذلك ولا يمنعه .

وأضاف سموه : إن الدولة السعودية دولة السلف الصالح منذ أن قامت فأول ما اهتم به مؤسس الدولة الأولى الإمام محمد بن سعود هو كتاب الله وسنة نبيه ووضع يده بيد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقال منك العلم ومني نصرة العلم فتعاونا على الحق والتقوى فقامت الدولة السعودية الأولى وحققت وحدة هذه الأمة ولكن هذا لم يرض الآخرين فحاربوها حتى انتهت وبعدها الدولة الثانية التي أسسها الإمام تركي بن عبد الله وكذلك حوربت حتى انتهت وجاءت الدولة الثالثة التي أسسها الملك عبد العزيز رحمه الله وجزاه عن الإسلام خيرا .. وحد هذه الأمة ، وأول ما اهتم به هو توثيق العلم وأدخل العلماء من كل مكان ليفقهوا الناس ويعلموهم أمور دينهم ويصححوا كل أمر خاطئ " .ا.هـ.

ثم ختم بعبارة رد فيها على المشككين والطاعنين بقوله : " أريد أن أقول إن هناك من يقدح في دولتنا ويحمل نهجنا السلفي سلبيات غير موجودة بل مختلفة بل يبحث عن سلبيات تافهة ويضخمها وهذا للأسف نقرأه بين حين وآخر في صحفنا وحتى في بعض القنوات فيجب أن تواجه هذه الأمور بالعلم الصحيح ومن القادرين على الحديث في هذا الأمر وهم فقهاء الأمة " .ا.هـ.

والأمير نايف بهذه العبارة الأخيرة يُسكتُ أناسا حمّلوا المنهج السلفي والسلفيين كثيرا من المصائب التي تحصل في العالم – زعموا - ، ورددوا ما يردده بعض المبغضين من المبتدعة للمنهج السلفي ، بل أولئك المشككون والطاعنون لا تسمعُ ولا تقرأ لهم كلمة واحدة عن بعض الدول التي تحمل لواء نشر مذهبها المبتدع المنحرف ، وترصد له المليارات ، وبكل جرأة ووقاحة أمام أعين العالم !

تعاملت صحيفة محلية عُرفت بتوجهها التغريبي مع لقاء الأمير نايف بمنسوبي الجامعة الإسلامية بطريقة انتقائية مريبة سواء في العناوين أو المحتوى ! ، ولو قلنا أنها تعذرت بتأخر اللقاء إلى ما بعد منتصف الليل كان يكفيها أن تنقل عن " وكالة الأنباء السعودية " (واس) ، فقد اكتفت بـ (11) سطرا في اليوم التالي للقاء ! ، وأتى محرر الخبر بكلام لم يقله الأمير نايف ! .

ثم في اليوم الذي بعده ظهرت الانتقائية من محرر الخبر في العنوان والمحتوى ، فلم تذكر الصحيفة من قريب أو بعيد كلام صاحب السمو الملكي الأمير نايف عن نهج الدولة ! بل لم تضع الخبر على صفحتها الأولى وبالخط العريض كما تفعل مع قضايا الهيئة ! لماذا ؟!

نقطة أخرى ؛ كثير من الصحف أيضا مع الأسف لم تبرز ما قاله الأمير نايف عن منهج الدولة في عناوينها بالبنط العريض وبالخط الأحمر ! كما تفعل مع قضايا الهيئة والقضاء والمراكز الصيفية ! لماذا ؟!

أخبرني أحد الحاضرين للقاء أنه ورد سؤال للأمير نايف عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولم تشر إليه أي صحيفة بما فيها " وكالة الأنباء السعودية " (واس) مع الأسف ، وربما تبخر قبل وصوله إلى الصحف ! لماذا ؟

عبارة الأمير نايف الأخيرة أيضا تحملُ ردا على دكتور أكاديمي وعضو في مجلس الشورى يحل ضيفا على قناة فضائية شن حملة على المنهج السلفي والسلفيين بطريقة ممجوجة حتى من بعض ضيوف البرنامج ! ، وكان يحمّل كل مشاكل بلادنا على السلفيين ، وأن السلفيين هم من وقفوا ضد المخترعات الحديثة في زمن الملك عبد العزيز ! ، وهم من وقفوا ضد تعليم المرأة ! ، وهم ... ! وهم ... !

سلسلة من التهم التي لم أسمع منه دليلا واحدا عليها ! والأعجب من ذلك أنه أنكر كلمات ملوك المملكة في تأكيد نهج الدولة ! ، وردها بأسلوب غريب بالرغم أنها مبثوثة في المؤلفات الكثيرة عن الدولة ! ، وقرأها عليه دكتور أكاديمي في المعهد العالي للقضاء كان مناقشا له على الهواء مباشرة ، ومع ذلك بدأ يأولها تأويلا ممجوجا ! ، والطامة الكبرى أن أحد الضيوف أشار أن رأي الدكتور عضو في مجلس الشورى يمثله نفسه ، مباشرة لقطها ضيف آخر بجانبها وقال : " لكنه عضو في مجلس الشورى " !!

إن الانتقائية في صحفنا المحلية ليست مستغربة مع الأمير نايف وغيره ، فهي إذا كانت القضية توافق منهجها التغريبي أجلبت عليه بخيلها ورجلها ، ووضعت له العناوين ، وأوعزت للمستكتبين لديها بالكتابة عنها ، وسلسلة من الصفحات والتقارير عنها ، أما إذا كان العكس فالزاوية الصغيرة التي لا تُرى بالعين المجردة هو مصيرها ، ولو سردت أمثلة لطال بنا المقام ، وأضع مثالا واحدا فقط :

اجتمع خادم الحرمين مع الصحفيين ، ووجه كلمةً لهم ضمّنها كثرة نشر صورِ النساءِ في الصحفِ ، وكان الظنُ بصحفنا أنها في اليوم التالي يمتثلون كلام خادمِ الحرمين الشريفين على أقل تقدير حياءً منه إذا لم يكن تديناً ، ولكن طالعتنا الصحفُ والوضع كما هو ! ، وضربوا بكلامِ خادمِ الحرمين عرض الحائطِ ! ، بل من التضليل الصحفي أنهم لم يشيروا إلى كلمته عن نشر الصور في عناوينهم البارزة في الصحفِ .

والأمثلة كثيرة جدا لهذه الانتقائية والتضليل .

هذه هي الانتقائية التي أشار إليها أنور الجندي بقوله : " وهي أن تقدم وجهة النظر التي تراها متفقةً مع الخطِ الذي تدافعُ عنه ، فهي تستطيعُ أن تصغرَ ما تعارضهُ ، وتكبرَ ما تدافعُ عنه ، ومقياسها في هذا تلك الخليقة التي تحكمُ المشرفين عليها " .


عبدالله بن محمد زقيل
كاتب وباحث شرعي
zugailamm@gmail.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية