صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بلاغةُ العجم وعُجمةُ العرب

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل

 
استوقفني موقف اثنين من الساسة المعروفين من مجزرة " غزة " ، وكلا الاثنين من العجم ، فكان موقفهما بليغا بالقول والفعل ، في مقابل ذلك أصابت العجمة الساسة العرب عندما خذلوا أهل " غزة " .

أبدأ بالمسلم رئيس وزراء تركيا الطيب أوردغان عن مجزرة " غزّة " في أرض فلسطين ، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية .

إنه موقف مشرف ذكرني بموقف أحد أجداده السلطان عبد الحميد من اليهود ، لقد شن وندد أوردغان بالمجازر الصهيونية ، ووصفها بأنها " عار على جبين الإنسانية " ، وأعلن أن تليفونه سيظل مغلقا في وجه حكام إسرائيل احتجاجا على مذابحهم في غزة .

في وقتٍ سكت كثير من الحكام سكوتا مطبقا وربما متفقا ، عبر رئيس الوزراء التركي بتصريحاته ما يدور في قلوب المسلمين فكانت كلمته التي ألقاها أمام برلمانيي حزب العدالة والتنمية ، ونقلتها قناة " الجزيرة " الفضائية رائعة وقوية ومشرفة وشجاعة ، وفي ذات الوقت جاءت وقد أُصيب المسلمون بالإحباط من مواقف الحكام الناطقين بلغة الضاد ! ، فأمسوا أعاجم ، وأصبح أوردغان فصيحا في موقفه .

جاء على موقع " الجزيرة " : تساءل أردوغان : " لماذا الذين هرولوا سريعا لمساعدة جورجيا هادئون الآن "، وذلك في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة الأميركية التي سارعت إلى إرسال مساعدات إلى جورجيا عقب الهجوم الروسي عليها في أغسطس / آب الماضي ".

تساؤل أظن أن الكلّ يعرف جوابه ! إنه المكيال المختلف ، ورخص الدم المسلم ، ومن أجل عيون إسرائيل ترخصُ باقي الدماء ، لقد بلغ رخص الدم المسلم عند أمريكا أنها نعت موت القطة السوداء " إنديا " الخاصة بابنتي الرئيس الصليبي بوش بينما أطفال غزة يسحقون بالآلة العسكرية الإسرائيلية ولم ولن تنعي واحدا منهم !

دار نقاش بيني وبين صديق لي عن تصريح رئيس الوزراء الطيب أوردغان فوصفه بأنه ظاهرة صوتية ! .

قلت له : أوردغان الأعجمي تكلم حين صمت الباقون ، إلى جانب أنه لم يكن ظاهرة صوتية كما زعم الصديق الفاضل ، بل كانت ردة الفعل قوية في المحيط السياسي في تركيا بسبب ما قاله ، وأبدى بعض الساسة الأتراك واليهود في تركيا عن عدم الرضى منها ، وشنوا في حقه حملة بأنه يجب أن يكون طرفا محايدا عندما تدخل قضية " غزة " ، وأن لا يتعاطف مع حركة " حماس " أو مع الشعب الفلسطيني .

وفي ظني أن رئيس الوزراء أوردغان بسبب تصريحاته قد غامر بمستقبله السياسي بل ومستقبل حزبه السياسي حيث أن ( إسرائيل / أمريكا ) ربما هي التي تحميه من انقلاب الجيش العلماني الحاقد ، فله كل الشكر والتقدير .

الآخر هو الرئيس الفنزولي شافيز الأعجمي الذي عندما سمع بالهجوم الهمجي الإسرائيلي على " غزة "أمر بطرد السفير الإسرائيلي في فنزويلا احتجاجا على الهجوم ، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني ، وهو موقف يشكرُ عليه .

وبكل الأسى لم نسمع دولة عربية واحدة ممن لديها سفراء إسرائيليون اتخذت موقفا مثل موقفه ! بل قرأت خبرا نشره موقع " أمريكا إن أرابك " يمثل موقفا شجاعا لشافيز وذلك أن حكومة فنزويلا قطعت مساعدات " التدفئة " عن فقراء أمريكا ، وجاء في الخبر : " أعلنت الحكومة الفنزويلية إيقاف برنامج مساعداتها من وقود التدفئة للولايات المتحدة، والذي كان يستهدف توفير وقود التدفئة بأسعار زهيدة لآلاف الأسر الأمريكية الفقيرة ... ويستفيد من المساعدات التي يقدمها هذا البرنامج للأسر الأمريكية 200 ألف أسر منخفضة الدخل في 23 ولاية أمريكية، وفقا لشبكة إيه بي سي الأمريكية " .

وهذا الخبر لا علاقة له بالهجوم على " غزة " ولكنه يمثل موقفا قويا وحازما لشافيز في وجه الصلف الأمريكي ، والذي افتقدناه من الحكومات العربية المستسلمة لأمريكا ، فالرئيس هوغو شافيز وقف في وجه الإمبريالية الأمريكية في مقابل باقي حكومات العالم التي سلمت الخيط والمخيط لأمريكا .

أعطى الرئيس الفنزويلي بطرده للسفير الإسرائيلي درسا للحكومات العربية في الشجاعة عند اتخاذ القرارات وخاصة في حق العبث الأمريكي المؤيد لكل المجازر التي تقوم بها إسرائيل على أرض غزة ، وفي بلاد المسلمين بعامة .

وللتذكير الرئيس الفنزويلي له مواقف سابقة ومشرفة من قضايا المسلمين : موقفه من احتلال العراق ، وموقفه من العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006 عندما استدعى القائم بالأعمال الفنزويلي من تل أبيب احتجاجا على العدوان الإسرائيلي .

هذان الرجلان سجلا موقفا مشرفا يشكران عليه ضد الإمبريالية الأمريكية التي خرج من رحمها دولة صهيون ، أحببتُ التذكير بموقفهما في خضم مجزرة " غزة " وذلك من باب قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " [ المائدة : 8 ] ، وقوله تعالى : " وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ " [ الأنعام : 152 ] .


عبدالله بن محمد زقيل
كاتب وباحث شرعي
zugailamm@gmail.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية