صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قال رؤساء تحرير الصحف : بسم الله رب سعد !!!

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل

 
ذكر اللهُ في كتابه قصة أصحاب الأخدود مجملةً ، وجاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم مفصلةً للقصة من حديث صهيب في صحيح مسلم ( كتاب الزهد والرقائق – باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام ) في سياق طويل كان أبطالها : ساحر ، وراهب ، وغلام ... انتهت القصة بانتصار الغلام ، وإيمان أهل القرية بما دعا إليه ، ولكن قبل ذلك سؤال مهم جدا : كيف آمن أهل القرية ؟

سأختصر سياق القصة في الشاهد ، فقد حاول الجنود بشتى الطرق التخلص من الغلام ولكن الغلام بفطنته دلهم على خراطة الطريق لقلته بعد محاولات فاشلة لم تنجح في التخلص من الغلام : " ... ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينكَ فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ. فَقَالَ : اللَّهُمّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورة، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَىَ الْمَلِكِ. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَىَ جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ : بِاسْمِ اللهِ، رَبِّ الْغُلاَمِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي. فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، رَبَّ الْغُلاَمِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ . فقال النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ ... " .

انتصر الغلام ، فضحى بنفسه في سبيل الثبات على مبدأه ، ولكن أتباعه قالوا : آمنا برب الغلام !

تذكرتُ هذه القصة التي فيها من العبر الكثير الكثير ، وهذه أحدها فالمشهد في الهجمة المنظمة للصحافة المحلية ضد الشيخ د. سعد الشثري يشبه ما حصل في قصة الغلام ، فرؤساء التحرير شنوا تلك الحملة القذرة وفي حساباتهم التخلص من الشيخ سعد ولو على أقل تقدير إرهابه بعدم الكلام مرة أخرى ! ، ولكنهم في نفس الوقت لم يدر في حسبانهم أن تكون ردة الفعل المقابلة قوية على المستوى المحلي !

وأعتقد أن خبر استقالة الشيخ د. سعد وسع من قاعدة شعبيته بخلاف ما سيصوره رؤساء التحرير في الأيام القادمة - إذا لم يأتِ منع من الحديث عنها في الصحف - أنهم انتصروا في إقصاء الشيخ سعد الشثري من طريقهم ، وأن أي عضو في هيئة كبار العلماء يرفع صوته بالإنكار على أجندتنا سيكون مصيره نفس مصير الشيخ سعد الشثري !

قال تعالى في براءة عائشة : " إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [ النور : 11 ] .

فالهجمة على الشيخ سعد الشثري بمقاييس من قاموا بها ناجحة ، وآتت أكلها ، وبمقاييس أهل الإيمان في ظاهرها شر ، ولكنه ليس شرا محضا ، بل فيه من الخير الدنيوي والأخروي الكثير !

فهم قالوا : بسم الله رب سعد !

فأجاب الناس : آمنا برب سعد !

وانقلب السحر على الساحر ، فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ .

ولو استقال الشيخ د. سعد الشثري فإن استقالته تحسب له لا عليه – في ظني - ، والدين ليس معلقا بالشيخ د. سعد مع احترامنا وتقديرنا وحبنا له ، وهو يعلم ذلك ، قال تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وسلم : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ " [ آل عمران : 144 ] .

فهذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بمن دونه ؟

قال القرطبي : " فأعلم الله تعالى في هذه الآية أن الرسل ليست بباقية في قومها أبدا، وأنه يجب التمسك بما أتت به الرسل وإن فقد الرسول بموت أو قتل " .ا.هـ.

وربما في استقالة الشيخ د. سعد خير كثير له ليتفرغ لنفع الناس أكثر ، وتعليمهم ، ونشر الخير على يديه .

هذه خاطرة أحببتُ تذكير نفسي بها أولا ، وإخواني ثانيا ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .

اللهم أصلح أحوالنا ، ووفقنا لكل خير ، ورد كيد المنافقين والكائدين في نحورهم ، وافضحهم في الدينا والآخرة .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية