صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ردا على عمرو خالد:بيان مقولة الإمام أحمد: "بيننا وبينهم الجنائز"

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل
@zugailamm


بعد هلاك رأس من رؤوس عبّاد الصليب وأحد دعاة التثليث في مصر وهو شنودة طرقت مسامعنا تصريحات تمجده وتثني عليه ، وتصفه بأوصاف العظماء ، وساهمت وسائل الإعلام في صناعة ذلك .

ومع الأسف كان من هؤلاء المادحين لشنودة عمرو خالد فصرح في مقطع فيديو في أحد اللقاءات التلفزيونية عندما استشهد في معرض الثناء على العدد الكبير لجنازة شنودة بمقولة الإمام أحمد : "بيننا وبينهم الجنائز" ! .

وهي مقولة أصبحت مُتَّكَأً للثناء على كلِّ منحرفٍ عقديا أو ساقط أو شهواني عندما تشهد جنازته أعددا كبيرة من المشيعين لها ، ولا شك أن هذا الكلام ليس صحيحا على إطلاقه ، وليس المراد من مقولة الإمام أحمد .

وبيان ذلك في النقاط التالية :

أولا: لا شك عندنا أن مقولة الإمام أحمد : "بيننا وبينهم الجنائز" ليست مقولة واردة عن طريق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وإنما لا بد من النظر في الزمان والسبب والمناسبة التي قال الإمام أحمد مقولته فيها ، فإن الإمام أحمد قال هذه المقولة في بيان سنّة كونيّة تكون في التفريق بين مَن حرص من المسلمين على نشر السنّة ، ومَن حرص من المسلمين على نشر البدعة ، فما علاقة شنودة النصراني بهذه الحقيقة والسنّة الكونيّة ؟

إن استشهاد عمرو خالد بمقولة الإمام أحمد : "بيننا وبينهم الجنائز" على موت شنودة في منتهى الغرابة ، وكيف تجرأ على ذلك ؟ ، وليت عمرو خالد رجع إلى سبب مقولة الإمام أحمد وتعليق العلماء عليها ، وأظنه لن يتجرأ على تنزيلها على رأس من رؤوس عباد الصليب في هذا الزمان .

لا شك أنها تعود للمسلمين ومن كانوا داخل دائرة الإسلام من أهل القبلة بالرغم من صدور بعض الأقوال البدعية عنهم ، وليست عائدة للنصارى قطعا .

فقد أورد الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11/341) عند ترجمة إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل ما نصه : " قَالَ السُّلَمِيُّ : حَضَرتُ جِنَازَةَ أَبِي الفَتْحِ القَوَّاسِ مَعَ الدَّارَقُطْنِيِّ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الجَمعِ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَهْلٍ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ : قُولُوا لأَهْلِ البِدَعِ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم يَوْمَ الجنَائِزِ " .

وقال الحافظُ ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (10/3677) : " وقال الدارقطني : سمعت أبا سهل بن زياد، سمعت عبد الله بن أحمد، يقول : سمعت أبي، يقول : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز حين تمر " .

علق الحافظ ابن كثير : " وقد صدق الله قول أحمد في هذا فإنه كان إمام السنة في زمانه، وعيون مخالفيه أحمد بن أبي داؤد وهو قاضي قضاة الدنيا لم يحتفل أحد بموته، ولم يلتفت إليه، ولما مات ما شيعه إلا قليل من أعوان السلطان.

وكذلك الحارث بن أسد المحاسبي مع زهده وورعه وتنقيره ومحاسبته نفسه في خطراته وحركاته، لم يصل عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس.

وكذلك بشر بن غياث المريسي لم يصل عليه إلا طائفة يسيرة جداً فلله الأمر من قبل ومن بعد " . انتهى

ثانيا: إن لقرب العهد بالسنة في زمنِ الإمام أحمد (241هـ) أثرا في نفورِ الناسِ من أهل البدع ، فالناس لازالوا متمسكين بالسنة وعقيدتهم عقيدة صافية لم يشبها لوثة عقدية أو فكرية ، ولن يكون منهم ثناءٌ على أهل البدع ، واهتمامٌ بتشييع جنازتهم .

ثالثا: مما يشهد لكلامي الآنف قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ " ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قالها بمحضر الصحابة الذين هم عدولٌ في شهادتهم ، ويقاس عليهم من شهد لهم أهل الصلاح والتقى على مر العصور والأزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

قال الحافظ ابنُ حجر في "الفتح" : أي المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان .ا.هـ.

ونقل الحافظ عن الداودي قوله : " قال الداودي: المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق، لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل " .ا.هـ.

رابعا: يمكن القياس على زمن الإمام أحمد إذا اختلفت العصور والأزمان ففي العصور التي يغلب فيها على الناس تمسكهم بالسنة والعقيدة الصافية التي لا تشوبها شائبة فهنا تنزلُ مقالة الإمام أحمد ، والعكس صحيح.

خامسا: إن الحضور الغقير لجنازة شخص ما ليس دليلا على صلاحه أو تمسكه بالسنة فلو أخذنا مثلا بعض أصحاب البدع أو النصارى أو الفنانين أو الفنانات أو غيرهم من المنحرفين فلا يقال عنهم أنهم صالحون للعدد الغفير من الحضور بل بعضهم قد يكون محاربا للدين حربا واضحة إما بالمؤامرات ضد الإسلام والمسلمين والإعلام حينها له دور بارز في تلميع هؤلاء .

سادسا: المقصد مما سبق أن الحكم على الأشخاص لا يكون لأي أحد بل هم أهل الفضل والصدق ، وما دعاني لهذا أن الناس قد يغترون بالثناء الإعلامي على ضال من الضلال أو فنان أو صاحب دعوة فكرية فاسدة مات عليها ، فأقول : لا عبرة لثنائهم أو تمجيدهم وإنما يرجع فيه لأهل الفضل والصدق كما أشرت آنفا .
 

عبد الله بن محمد زقيل

الجمعة 29 – 4 – 1433هـ
 

المصدر: مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية