✍️️
بقي شهران عن رمضان - بلّغنا الله إياه ،
ونحن في عافية وقوة على طاعته -
(
لعلك تتذكر بعض أحداث رمضان العام الماضي ،
بل ربما تتذكر أول يوم منه - وربما أبعد من ذلك - لعلك تتذكر أحداثَ أشهرٍ
من أعوام ماضية )
أردت بهذا تقرير حقيقة سرعة
الأيام ، وأنّها تمضي بسرعة أكبر ممّا نتصور
.
🌱
إنّ العاقل من ينتفع من هذه العبر .
سنواتٌ تبدأ وسرعان ماتنتهي
.
وشهورٌ تدخل ولا نشعر إلا
بخروجها .
ويومٌ تشرق شمسه ولا نشعر إلا
وقد انقضى ذلك اليوم .
إنّ هذه السرعة الرهيبة
لانقضاء الساعات لتجعل العاقل فينا من يوقن - أنّ الحياة لا بد وأن تستغل ،
وأنّ الساعات لا بد وأن تُملأ بالخيرات - فهي تتفلت منّا ، ولا نقدر على رد
لحظة منها فلِما لا تكون هذه الأيام زاداً ليوم المعاد
!
🌱
لعلك تكاسلت عن طاعة ، ولعلكِ أجلتِ قربة
.
فتأملوا معي حال رجلين أو
امرأتين كيف عاشوا آخر عشر سنوات من عمرهم .
أحدهما
:
كان محافظاً على الصلوات في
وقتها وسننها وزيادة فضل منها .
والآخر
:
متكاسل ومفرّط ولا يرفع بها
رأساً .
لقد كسب الأول ثمانية عشر ألف
ومئتين وخمسون فرضاً قد أدى حق الله فيها ، ونجا من جُرم التفريط معها ،
وسيقدم على ربه قد أدى أعظم مافرضه الله عليه
.
وصلى السنن الرواتب كلها
وكانت خلال العشر سنوات ( ثلاث وأربعون ألفا ومئتا ركعة )
وفي الغالب أنّ مثل هؤلاء لهم
نصيب من قيام أو أقله الوتر ، وربما صلى الضحى وتنفّل بغيرها من الصلوات
.
🔹فانظروا
كم كسب الأول ، وماذا خسر الثاني المفرِّط !!
🌵
ولو كان الأول يختم القرآن كل شهر مرة فيكون
مجموع ختماته اثنا عشرة ختمة في العام وربما تزيد في رمضان
(
فيفوز - برحمة الله - بقرابة ثلاث مائة وستون
مليون حسنة في هذه العشر سنوات )
فأي خسرة قد جنى الثاني من
تفريطه وهجره للقرآن .
وقل مثل ذلك في الصدقات والحج
والعمرة وذكر الله وغيرها من أعمال البر .
🌱
إنّ التفريط بالطاعات تسويفاً واتكالاً لفراغ
الوقت مستقبلاً يوقن بفشله كل مفرِّط كسول ، فإنّه مازاد مع الأيام إلا
كسلاً ، ولا جنى من التسويف إلا حرماناً .
🌱
لقد جعل الله الدينا ميداناً لتحصيل الصالحات
، وميقاتاً للتزوّد من الباقيات ، فلا ثَمّ داراً غير هذه الدار ، ولا ثَمّ
زماناً غير حياتك .
🌱
أغمض عينك الأن وتذكّر
أناساً قد رحلوا من الدنيا ، ماذا أخذوا منها ؟
وأي أعلى أنواع الربح نالوا
فيها ؟
وما أمنية أحدُهم وهو في قبره
؟
ولا يستبعد أحدُنا الموت فلو
قدِّر لك أن تسأل أهل القبور ، هل كنتم تتوقعون يوم موتكم لقال أكثرهم
:
لا ، وربنا
.
فكن على استعداد له وأنت تراه
في غيرِك ، وغداً النّاس سيرونه فيّ وفيك .
🌱
سرعة مرور الأيام إيذاناً بسرعة زوال الدنيا
، فما الدنيا إلا كصُبابة يصبها المرء ليُخرج آخر مافي الإناء ،
وزوال الدنيا الذي يراه
النّاس بعيداً هو في حقيقة قريب ، ولا ينظر أو ينتظر أحدُنا زوالها بل ينظر
في الحقيقة الثابتة وهي زوالها منها .
فهو الحقيقة الكبرى التي
نتغافل عنها ونستبعدها كما استبعدها غيرُنا ممّن انتقلوا من الدنيا فجأة
.
🌱
سرعة الأيام تجعلك توقن أنّ الزمان سريع ،
وأنّه إذا رحل لن يعود .
ساعتك التي مضت قبل قراءة هذا
المقال لن تقدر أن ترجعها فتزيد فيها عملاً صالحاً ، فكيف بأشهر أو سنوات
!
إنّ بقاءنا وطول عمر بعض فرصة
يجب اهتبالها بالباقيات الصالحات ، وماينفع بعد الممات
.
والأيام كالخزينة يودع فيها
المرء مايريد ولا تفتح له إلا يوم القيامة ، فلينظر أحدُنا مايُودع ،
وليعمل صالحاً ليستبشر .
وفقني الله وإياكم لكل خير
.
كتبه أخوك
/
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
١٤٤٠/٧/١
هجري
|