اطبع هذه الصفحة


📌 تحفة المؤمن الموت ....

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


الحمد لله الذي هدانا للإسلام ، والصلاة والسلام على خير الله وبعد /

✍️ يتقدم الميت بين أيدينا فنصلي عليه مستغفرين وداعين له بإخلاص بأن يُكرم الله وفادته ، ويُنزله خير المنازل ، ويرفعه أعلى الدرجات .

ونقف بين يدي ذلك النعش وعليه الميت - رجلاً كان او امرأة - فترى حقيقة الدنيا فيه ، وحقارتها في هذه اللحظات .
فبعد القوة والحركة والنشاط ، والهمّ والهموم ، والأهداف والتخطيط والآمال ...
فإذا النهاية ماتراه ماثلاً حقيقة أمامك .

جثة لا حِراك لها .
وآدمي انتهت قواه ولم يعد شيئاً مذكواً .
انتهت مدته في هذه الحياة فإذا كل شيء قد انتهى له .
وكأنه لم يعش يوماً من الدهر .

الموت أمر عجيب ، وقوة رهيبة ، وسلطان قاهر لكل حي إلا الحي الذي لا يموت سبحانه .

الموت في حقيقته بداية لحياة أخرى ، وعالم آخر ، ومن رحمة الله بنا أننا مسلمون نؤمن بنصوص الكتاب والسنة ، فالموت عندنا انتقال من حياة قصيرة إلى حياة أطول ، ومن ضيق إلى سعة ، ومن هموم إلى راحة ، ومن آلام إلى سعادة ، وامتداد لفرح لا منتهى له للمؤمنين .

تبدأ رحلة الروح الطيبة للمؤمن بحب لقاء الله ، والشوق إليه ، وفرح الروح بهذا الموعد المضروب ، ففي الحديث الصحيح : " من أحب لقاء الله أحب اللهُ لقائه "
تخيّل روح تحب لقاء خالقها ، ونفسٌ تسارع للخروج لتجد ماآمنت به من الوعد الحق .

ولئن كان حال ظاهر الميت الألم وهو داخلٌ إلى قبره ، ومايبدوا لنا إلا ضيق وظلمة ، ولا نفعل معه إلا إغلاق رمسه عليه ، ويتركه الأهل والمحبون ، وتحزن لفقدانه النفوس إلا أنّه في الحقيقة انتقال إلى سعة وطمأنينة وسعادة ، ورَوح وريحان وجنّة ونعيم ، وخضرة تملأ تلك الحفرة - الضيقة في نظرنا الواسعة في حقيقتها - .

تَحَدّث القرآن عن الشهداء وأنّهم أحياء في أكرم جوار عند ربهم ، تغدو عليهم الخيرات في كل وقت وآن .

وتحدثنا نصوص السُنّة أنّ " أرواحهم معلّقة في قناديل العرش تغدو وتروح " فأي حياة أكرم من هذه الحياة ، وأي أنس أعلى من هذا الأنس .

وتحدثنا السُنّة - أيضاً - أنّ " روح المؤمن نسمة في الجنّة تسرح فيها "
هذه هي حقيقة الموت للمؤمن ، وهذا هو الإكرام له من لدن الكريم سبحانه .

الموت فيه حزن للفراق ، وتتملأ القلوب شوقاً لمن فقدت ولكن إذا تذكر المرء مثل هذا النعيم لقريبه المؤمن اطمأن الفؤاد ، وهان عليه الخطب .

ولكن انظر هذه الحقائق لتعمل لِما بعد الموت .
قارن بين عمر الدنيا القصير وعمر أهل القبور .
وقارن بين نعيم أهل الدنيا الظاهر - المليء بالغصص والنكد - ونعيم أهل الإيمان من أهل القبور .
وقارن بين الخوف هنا لا نقطاع النعيم وبين تزايدها هناك .
وقارن بين نقص كل نعمة هنا وتزايدها هناك ..

هذه الأمور كلها تدعو كل عاقل ناصح لنفسه أن يعمل لما بعد الموت ، ولا يُؤثر عليه شيئاً .

وفقني الله وإياك لحسن الخاتمة ، وللنعيم المقيم بعد الموت .

 

عادل المحلاوي
  • رسائل دعوية
  • مقالات موسمية
  • كتب
  • مقالات أسرية
  • خطب الجمعة
  • الصفحة الرئيسية