🌱 " وكان الكافر على ربه ظهيراً " 🌱

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi

الحمد لله هدى من شاء بفضله ، وأضلّ من أراد بعدله ، والصلاة والسلام على من دلّ الأمة على الخير ، وحذرها من الشر ، وبعد /

✍️️ فمن تمام حكمة الله خلق الأضداد ( ولو كان الأمر غير هذا لكان الكون غير هذا الكون ) أفاده بمعناه ابن تيمية .
ففي التنزيل يقول تعالى :
" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
فاقتضت حكمة الله وإرادته الكونية وجود كافر ومؤمن .

🌱 والكافر هو : الجاحد لنعم الله الذي قد غطى نعم ربه بكفره وجحوده وعناده واستكباره، فالله خلقه لعبادته - التي هي أعظم الواجبات - وهو خالف هذه الغاية، وساوى غير الله به فكان أعظم النّاس ظلماً .

🌱 لقد تعدى الكافر على أعظم الحقوق - وهو التوحيد - فاللهُ لعظمته وجلاله استحق أن يُوحّد ولا يشاركه في العبادة أحد .
والتوحيد حق خالص لله لا يرضى الله معه شريك فيه، فلقد خلق الله الكافر وأغدق عليه النعم، وبسط له رزقه وعطاياه ومع ذا كفر كل هذا وصار مع الشيطان على ربه، وهذا غاية الجرم والكفران .

🌱 لقد " الكافر على ربه ظهيراً "
فالله قد جعل في الكون من الدلائل على وحدانيته ما لا يُحصى، وما تُذعن له النفوس، وتوقن بوجود خالق متقن كامل يستحق الشكر - وأعظم الشكر عبادته وتوحيده - ومع ذلك تجد الكافر مستمراً على كفره ، ماض في عناده .

🌱 ولئن كان كثير من الكفّار في الأزمنة الغابرة ربما لم يسمعوا بالإسلام إلا أنّنا في هذه الأزمنة نوقن أنّ الكثير منهم قد سمعوا به بسبب انتشاره في الأرض ودخوله في كثير من المجتمعات والميادين حتى الميادين الدنيوية البحتة كالرياضة ونحوها .
ويشاهد الكفار معالم الإسلام ظاهرة في مجتمعاتهم كالمساجد الشاهقة والإجتماعات الكبيرة كالحج والأعياد سواءً عن طريق وسائل الإسلام أو في مجتمعهم المحلي، ولكن يبقى طائفة من الكفار في عنادهم واستمرارهم على كفرهم ، فلذا ( كان الكافر على ربه ظهيراً )

🌱 ونرى ويرى الكفّار - أيضاً - الأعداد الهائلة الداخلة في الإسلام على مدار الساعة من جميع بلدان العالم إلا أنّ طائفة منهم لا يزالون يصرون على كفرهم، ويمضون قُدماً في طريق غوايتهم، ومصيرهم المظلم .
فلذا ( كان الكافر على ربه ظهيراً )

🌱 والكافر - لو عقِل - لعرف ربه وآمن به .
فأي جرم أعظم من جرم من يعبد صنماً أو يدعو عبداً أو يسأل جماداً أو يعتقد في ربوبية مخلوق مثله، أو استحقاق الألوهية لناقص من كل جانب .

🌱 أكثر طوائف أهل الأرض - هم النصارى - وانظر في عقيدتهم الفاسدة، فطائفة منهم يعتقدون بأنّ عيسى ابن الله، فهل يُعقل لإله عظيم أن يكون له ولد وهو الغني الحميد !؟
وكيف يكون إله من احتاج لولد !؟
وهل يحتاج الإله لزوجة وولد !؟
وان احتاجهما فلا ينفع أن يكون إلاهاً لو عقِلوا !
فصفة الأله الحق أنّه ( إله غني حميد لا يحتاج إلى أحد لكمال صفاته وغناه المطلق عن العالَمين )

✨ وبعض النصارى يعتقد بألوهية عيسى ومريم وروح القدس ، وهو - كما ترى - تخبط عجيب في أعظم قضية للمرء في حياته ( وهو قضية التوحيد والشرك ) .
هذا حال الأمة الكتابية الذين هم أهل كتاب، وأمّا الطوائف الأخرى فعقيدتهم يترفع عنها الصغار، كحال من يعبد حجراً أو صنماً يصنعه بيده أو يعبد حيواناً ويتخذه إله فيالله العجب !

🔹( وكان على ربه ظهيراً )
يوم أمده بالعقل ليعرف من خلاله الحق ويدله على الصواب ولكنّه عطله اتِّباعاً للآباء، وانسياقاً وراء الشيطان .

🔹( وكان الكافر على ربه ظهيراً )
يوم خالف فطرته التي تدعوه إلى التوحيد، وعصى خلجات نفسه وهي تدعوه للإذعان والإستجابة، فالنفس مهما بلغت تبقى في فقر شديد لإله تركن إليه .

🔹 ( وكان الكافر على ربه ظهيراً )
يوم أطاع الشيطان وهو أعظم الأعداء ، واتخذه وكيلاً وهو السبب الأعظم للنزول إلى دار البلاء .

أيها المؤمن /
دلائل العقل ونداء الفطرة كلها تدعو للإذعان والإيمان بالله، واستحقاق إفراده بالعبادة ولكنّ الكافر أبى وأعرض وتكبّر وكان ( ظهيراً للشيطان عوناً له في أكبر وأعظم معصية )

فكم لهذه الآية العجيبة من بيان في وصف الكافر العنيد المتمرد على ربه .

✨ ولا يأتي ضالٌ يزعم أنّ الكافر مجبوراً على كفره
، فالقاعدة الشرعية :
أنّ الله لا يُعذب أحداً إلا بعد إقامة الحجة عليه .
وزادت الحجج على كل كافر بإرسال الرسل وتبيين السبيل وإيضاح الطرق .
ولا يمكن لأحدٍ أن يُنكر قدرة الإنسان على الإختيار، فكم من كافر صار مسلماً .
ومما تقام به الحجج على الكفار وعدم قبول قولهم ( بالجبر على الكفر ) :
حرصهم على منافع الدنيوية وسعيهم إليها ؛ فكما أنّهم ساعين لمصالح الدنيوية كان يجبُ عليهم سعيهم في مصالحهم الأخروية ، بل لا تداينها مصلحه .
فليس للكافر حجة، ومن استمر على كفره بعد إقامة الحجة ودلائل الكون ودعوة النفس للإيمان إلا أن يوقن أنّ الإسلام هو الدين الحق الذي يجب أن يُتّبع .

 

اللهم ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك .
كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
١٤٤٠/٥/١٦