اطبع هذه الصفحة


محمد لافي عبدالكريم -ورحيل الطيبين-

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


✍️ الحياة أقصر ممّا نتصور، والموتُ أقرب ممّا نظنّ، والرحيل أوجع ممّا نتوقع.
والذكر الطيب لا يجلبه مال، ولا يُجبر عليه الخلق، بل هو فرضٌ يفرضه الإنسان بسيرته وتعامله مع الآخرين، وأحسبُ (ولا أزكي على الله أحدًا) أنّ الشاب المؤدب الخلوق البشوش/ محمد لافي عبدالكريم الحمدي -رحمه الله- قد حاز شيئًا كثيرًا ممّا يتمناه الكثير من النّاس، والعجيب أنّه حازه بدون تكلّف أو تزلّف أو غش أو كذب، بل رزقٌ رزقه الله إيّاه لطهارة نفسه وسلامة قلبه -فيما نحسب ونظنّ-.
🍃 محمد لافي؛ شابٌ عاش ومات مستور الحال، راض بما قسمه الله له، صابرًا على ضيق الحياة، شاكرًا ربه على كل حال، محتسبًا الأجر على كلِّ قضاءٍ قضاه الله عليه، فمات شريفًا بين النّاس.
🍃 إن جالسته أحببته من أوّل جلسه، وإن لقيته في أي مكان أدخل السرور عليك بابتسامته التي تنبئك عن طهارة قلبه، وهذا الأمر : (أعني طهارة قلبه) محل إجماع لكل من يعرف محمد -رحمه الله- فهي أظهر صفة يصفوه بها، ولعلها ممّا رفعت مكانته.
🍃 لا يُدخل على جليسه الغمّ بقولٍ يُحزنه، أو كلمة تؤذية، وإن حصل منه شيء سارع لطلب السماح منه، فلا يحقد أو يغلّ، ولذا أحبّ مجالسته أصحابُه وجيرانه، وخيم الحزن عليهم جميعًا لقربه منهم وحسن علاقته بهم، فهنيئاً لنفس أجمع من حولها على حبّها وذكرها الطيب.
🍃 كان من أشدّ الأبناء بِرًّا بأمه، وأقرب النّاس لها، وألصقهم بها -جبر اللهُ مصابها- لا يكاد يخرج إلا بإذنها، ولا يتأخر إلا ويتصل عليها، ولا يمكن أن يردّ لها طلبًا، أو يعصي لها أمرًا، قد جعل برّ أمّه أهم مهمات حياته، فبذل فيه وسعه وطاقته، فكان خافض الجناح لها، ساعيًا لإدخال السرور عليه، أصيلًا في ردّ الجميل لها، فقد نشأ يتيمًا فتولت أمّه تربيته وإخوانه -فجزاها اللهُ عنهم خير الجزاء-.
ولشدة قربه منها كان فقده عليها شديدًا جدًا، ولعله من إرادة الله لها بمزيد الأجر.
🍃 وممّا منّ اللهُ به عليه أنّ خاتمته كانت من أحسن الخواتيم، فيذكر من كان حوله أنّه في آخر إيامه تسامح من أهله وجيرانه وأصحابه كالمودع لهم، بل كان لصاحب البقالة دينًا قليلًا فسدده قبل وفاته بأيّام.
وكان آخر أعماله: (الصلاة والبِرّ والصدقة) فقد كانت وفاته تقريبًا الساعة الثانية عشرة ليلًا وكانت آخر صلاة صلاها هي صلاة العشاء في جماعة وقبيل وفاته بساعة تصدّق على عامل البقالة -كما ذكر العامل-
وآخر مجلس له في الدنيا بين يدي أمّه وإخوانه وخاله حيث كان جالسًا معم يُؤنسهم ويلاطفهم، ثمّ خرج زائرًا جاره ورجع بيته ثم سقط بين يدي أمّه ميّتًا ناطقًا شهادة التوحيد، فاجتمعت له شواهد حسن الخاتمة بأجمل صورها.
والعجيب أنني أثناء إعداد المقال أرسلته لأقرب أصدقاء محمد -رحمه الله- له استشيره فيه، فقال لي: (أنا الأن في مكة مؤديًا عنه عمرة) فسبحان من سخر له من ينفعه بعد وفاته.

🍃وبعد أيّها القارئ الكريم…
فهذه سيرة عطرة تُروى ليُقتفى فيها بكل عمل صالح تحلى به صاحبه.
وتروى ليستعد كل واحد منّا للقاء الله بالعمل الصالح ومن أهمه الصلاة وبِرّ الوالدين وحسن الخلق، وترك الأثر الصالح والسيرة الحسنة بعد الممات.
اللهم اغفر لأخينا محمد ولوالدينا وجميع موتى المسلمين.

كتبه المحب ل محمد لافي/
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
١٤٤٤/٤/٢٣ هجري .
 

عادل المحلاوي
  • رسائل دعوية
  • مقالات موسمية
  • كتب
  • مقالات أسرية
  • خطب الجمعة
  • الصفحة الرئيسية