( 11
)
الحالات التي يتعين فيها الجهاد في سبيل الله
ويتعين الجهاد عند
العلماء في ثلاث حالات :
الحالة الأولى :
أن يهجم العدو
على بلاد المسلمين ، والأعداء اليوم يهاجمون بلدان المسلمين ، بل يحتلون أرضهم
، ويسفكون دماءهم ، ويخربون بيوتهم ، في مناطق كثيرة من الأرض .
الحالة الثانية
: أن يستنفر ولي
الأمر المسلمين ، كما قال تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم
انفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة
الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم
ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير( [التوبة 38-39]
وفي الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال سوم الفتح : ( لا هجرة يوم الفتح ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا
) أخرجه الإمام البخاري كما في الفتح (6/37) ومسلم (3/1487) .
و قال الحافظ في الفتح (6/36) : " وفيه وجوب تعيين الخروج في الغزو على من عينه
الإمام " .
وقال الكاساني رحمه الله في بدائع الصنائع (9/4301) : " فإذا عم النفير لا
يتحقق القيام به إلا بالكل ، فبقي فرضا على الكل عينا بمنزلة الصوم والصلاة " .
الحالة الثالثة
: أن يلتقي
الصفان : صف المسلمين وصف الكافرين للقتال ، فإنه يحرم على المسلمين الفرار في
هذه الحالة ، لأنه من تولية المسلمين أدبارهم الكافرين الأدبار ، وقد نهى الله
تعالى المسلمين عن ذلك ، وتوعد عليه بالغضب وجعله من كبار الذنوب ، كما قال
تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار
ومن يولهم يومئذ دبره – إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة – فقد باء بغضب من
الله ومأواه جهنم وبئس المصير ( [ الأنفال 15-16]
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (
اجتنبوا السبع الموبقات " قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : " الشرك بالله ،
والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ن وأكل مال اليتيم ،
والتولي يوم الزحف ، وقذف المؤمنات المحصنات الغافلات " رواه البخاري ، وهو في
الفتح (5/393) ومسلم (1/92)
لكن في الآية
الكريمة – آية الأنفال – استثناء حالتين ، إذا فعلهما المؤمن لا يأثم ، وإن كان
ظاهرهما أنه ولى العدو ظهره :
الحالة الأولى :
التحرف للقتال ، وهو أن ينتقل المجاهد من موقع في القتال إلى موقع آخر ،
احتيالا على العدو ، كأن يدير ظهره موهما له أنه هارب ، ثم يكر عليه .
الحالة الثانية
: التحيز إلى
فئة ، وذلك أن يعلم المجاهدون أن لا طاقة لهم بقتال العدو ، إما لكثرته وقلتهم
، أو قوة عدته ، وضعف عدتهم ضعفا لا يقدرون معها الوقوف أمامه ، فينحازون إلى
طائفة من جيشهم لمناصرتهم ، سواء كانت هذه الطائفة قريبة أم بعيدة ، فالتحيز
بهذه النية ليس حراما ولا إثم فيه .
وقد لخص ابن قدامة رحمه الله المواضع التي يتعين فيها الجهاد ، فقال : "
ويتعين الجهاد في ثلاثة
مواضع :
أحدها إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان ، حرم على من حضر الانصراف وتعين المقام
، لقوله تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله
كثيرا ( [ الأنفال 45 ] وقوله : ) واصبروا إن الله مع الصابرين ( [ الأنفال 46
] وقوله : ) يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم
الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب
من الله ( [ الأنفال 15-16 ]
الثاني : إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم .
الثالث : إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه ، لقوله تعالى : ) يا أيها
الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ( [
التوبة 38 ] والآية التي بعدها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا
استنفرتم فانفروا ) " [ المغني 9/197 والحديث متفق عليه .]