في الساعة 13,30 من يوم (الجمعة) 8/5/1420هـ ـ29/7/2001م
جلست أمام إحدى الفضائيات العربية، لسماع الأخبار، ورؤية ما تنقله المصورات
(الكاميرات) فكان أول الأخبار يتعلق بالمواجهة بين الفلسطينيين الذين تجمعوا في
المسجد الأقصى، واليهود الذين احتشدوا حول المسجد المبارك لاقتحام أبوابه،
وإخراج أهله منه بقوة السلاح، وكانت
المفاجأة كثرة النعال التي رمتها سواعد الشباب الفلسطينى في وجوه أبناء القردة
والخنازير (اليهود) الذين قابلوا ذلك برمي الرصاص المطاطي والغازات المسيلة
للدموع على رجال الجهاد العزل إلا من النعال والحجارة، وتابعت ما يجري، فإذا
النعال والحجارة قد صدت الجيش اليهودي عن دخول المسجد الأقصى.
وهنا قفز إلى ذهني هذا السؤال ((( أيهما
أكثر نفعا اليوم : ترسانات الأسلحة العربية أم نعال المجاهدين
الفلسطينيين؟؟؟!!!)))
وقلت في نفسي : هل أنا محق في هذا السؤال؟ وهل يصح أن يقارن بين الأسلحة
الفتاكة المخيفة من الدبابات والطائرات المقاتلة والصواريخ والمدافع والرشاشات
... بل والمسدسات الصغيرة، بل والهراوات، هل يصح المقارنة بين تلك الأسلحة وبين
النعال؟ أليس في عقل من يقارن هذه المقارنة طفولة وسطحية؟
ألا يسخر الناس ممن يقولك أيهما أكثر نفعا: العسل أم البصل؟
ألم يقل الشاعر:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ==== إذا قيل إن السيف أمضى من العصا؟
ثم تذكرت ما يذكره العلماء من أن بعض الأذكار المسنونة في بعض الأوقات أفضل من
قراءة القرآن، مع أن القرآن كلام الله، ولقارئه بكل حرف عشر حسنات.... ومن
أمثلة ذلك: التسبيح المشروع في الركوع والسجود، فهو أفضل في هذه الحالة من
قراءة القرآن. وكذلك إجابة المؤذن في وقتها.
وكذلك ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجيب به السائلين : أي الأعمال أفضل؟
فكان يجيب كل سائل بغير ما يجيب به سائلا آخر، مراعاةً لحال السائل، فقد يفضل
لأحدهم مرافقة زوجه في الحج على الخروج إلى الجهاد، وكذلك يفضل لآخر أن يرعى
والديه على خروجه للجهاد (عندما يكون الجهاد فرض كفاية، أو لا راعي للوالدين
العاجزين) وهذه الأسئلة والأجوبة معروفة في كتب الحديث وشروحها، كشرح الإمام
النووي على صحيح مسلم، وشرح فتح الباري على صحيح البخاري، وغيرها، وقد بسط ذلك
ابن تيمية في مجموع الفتاوى في موضوعات متنوعة، لا أستحضر أجزاءها الآن، وربما
يكون ذلك في مجد الإيمان (المجلد الثامن)
ومعنى هذا أن المفضول قد يكون فعله أفضل من الفاضل أحيانا للمناسبة.
وهنا في هذا اليوم (بل في هذه الفترة من الزمن الذي يعيث في اليهود فسادا في
الأرض المباركة) لم نر أي نوع من أنواع السلاح العربي يطلق على أعداء الله
اليهود أبناء القردة والخنازير، وإنما رأينا فيما يقارب السنة الحجارة تنطلق من
أكف رجال الجهاد ، واليوم رأينا نعالهم صفعوا بها جنود الشيطان وردوهم على
أعقابهم عن دخول المسجد الأقصى المبارك، فهل ترون ترسانة الأسلحة العربية
الفتاكة التي يستعرضونها في ميادينهم في بعض المناسبات، ثم يعيدونها إلى
مخازنها لينالها الصدأ أفضل، أم نعال الفلسطينيين التي صدوا بها اليهود عن بيت
الله الثالث في الأرض؟
أجيبوا يا قراءنا الأفاضل!