ثلاث رسائل أوجههما إلى السلطة الفلسطينية ، ورجال الجهاد الدفاعي والأمة
الإسلامية:
يا سلطة فلسطين! إننا نعلم ما يثقل كاهلكم من الضغوط الظالمة الشديدة عليكم
مما يسمى بـ"المجتمع الدولي" ومعظمه من الصليبية المعاصرة، واليهودية
القديمة الجديدة، ونعلم أنكم تودون لشعبكم السلامة مما حل به من قتل ودمار
من عدوه اليهودي، مع قلة عدد المدافعين عن بلادهم وضعف عُدَدِهم التي لا
مكافأة بينهم وبين ما يملكه عدوهم من جيش و سلاح، وما يتلقاه من عون
ومساعدة شاملة ممن طغوا وبغوا في الأرض، وغرتهم أموالهم والخيرات التي
ابتلاهم بها الخالق لينالوا في النهاية ما أوعد الله به كل طاغ مغرور من
طغاة العصور الماضية أو الحاضرة:
((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))
[الأنعام (45)]، فلا فرق عند الله بين ظالم وظالم، كما قال تعالى: ((42)
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي
الزُّبُرِ)) [مجمد (43)] وقال: ((فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ
قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا
تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ))
[الحج (46)]
نحن نعلم ذلك وغيره مما تعانونه من العدو المباشر والمظاهر.
ونعلم كذلك أن العدو المحتل لا ينهي احتلاله في لأي بلد في غالب أحواله إلا
بالجهاد والصبر، بل و المصابرة، ونعلم أن اليهود من أسوأ الأعداء وأشدهم
فسادا وإفسادا وأكثرهم ظلما لخلق الله ، عصوا الله على علم، وقتلوا أنبياء
الله ورسله، وقد جاءوهم من عند الله بالهدى ودين الحق، ولا توجد في الأرض
أمة أكثر منهم حيلا ومكرا إلا من يتتلمذ على أيديهم كالصهاينة الصليبيين
الجدد!
ومن حيلهم ومكرهم ما قد حصل منهم من نقض للعهود والمواثيق في تاريخهم
الطويل في كل العصور مع أنبيائه ومع نبينا صلى الله عليهم وسلم أجمعين، ومع
كل الأمم.
وهم يرون أنهم أفضل أمم الأرض "شعب الله المختار" ((
وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ
وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ
بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ
الْمَصِيرُ)) [المائدة (18)]
وأنهم الركاب وغيرهم الحمير: ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى
اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) [آل عمران (75)]
ومن أسوأ مكرهم الذي يريدون تنفيذه في هذا الشعب المسلم، التحريش بين سلطته
ومجاهديه، لتطلق كل فئة رصاصها إلى صدور الأخرى، و ليقفوا هم متفرجين
مسرورين برؤية الفلسطيني يقتل الفلسطيني، وليس من سداد الرأي وحصافته أن
ينطلي خداعهم ومكرهم على عدوهم، بل يجب أن يكون عدوهم أشد مكرا بهم، فمكر
العدو يجب مقابلته بأشد منه، ومن المكر به أن تتقاسم السلطة مع شعبها
وبخاصة المجاهدين منهم أدوار مقاومتهم، تلك بسياسيتها ودبلوماسيتها، وهذه
بصبرها ومصابرتها وجهادها، والمكر بالعدو هو داخل في قول الرسول صلى الله
عليه وسلم: (الحرب خدعة)
وإن اشتراك الشعب الفلسطيني في الأخوة والدين واللغة والمعاناة لجدير بأن
تجتمع كلمتهم ليستعيدوا بذلك أرضهم ومجدهم، لأن التنازع لا يؤدي إلا إلى
الضعف والفشل، والاجتماع على الحق يؤدي إلى القوة والنصر:
((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا
تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ
أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ
مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ)) [آل عمران (103)]
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ
فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
(45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا
وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))
[ الأنفال (46)]
فوِّتوا على عدوكم خداعه وتضليله، وصمدوا أمامه سياسة وجهادا باجتماع
الكلمة، وتحقيق الاعتصام بحبل الله.
إن لليهود ثوابت لا يمكن أن يتنازلوا عنها طوعا واختيارا، وقد ذكرها رئيس
وزرائهم الأسبق "نتنياهو" في كتابه "بلدة تحت الشمس" الذي صرح فيه بالثبات
على الصهيونية.
وصرح فيه بأن الفلسطينيين لا يمكن أن ينالوا أي جزء من مدينة القدس، ولا أي
جزء من المستوطنات المهمة، ولا أي جزء من المواقع الأمنية كالمرتفعات
والأغوار، وأن ما سينالونه إنما هو حكم ذاتي في داخل دولة اليهود "بلديات"
وألا أمل في عودة اللاجئين إلى الأرض، وهذا ما صرح به هذه الأيام رئيس
وزراء اليهود الحالي تحية منه لتصريحات بعض كبار السلطة الفلسطينية من منع
عسكرة المقاومة! فاليهود هم اليهود، فاثبتوا ولا تنازعوا، فلكم في
المجاهدين الأفغان الذين طردوا الدولة المادية العظمى "الاتحاد السوفييتي"
عندما اقتتلوا فيما بينهم عبرة!
أما أنتم أيها المجاهدون الأبرار الأوفياء، الذين قدمتم أغلى ما عندكم من
نفس ومال وقادة في سبيل الله، فا ستبشرو ببيعكم الرابح وامضوا على بركة
الله في دربكم، فليس لليهود من درب غيره، وسيعم من يعارضكم لمن تكون
العاقبة، مهما قدمتم من شهداء وتضحيات:
((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ
أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي
التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ
اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [التوبة (111)]
ونحن إ نوصيكم بذلك نعلم أنكم تفقهون معنى الجهاد ومنه اجتماع الكلمة على
الحق، ومتى يجب الجهاد القتالي الدعي، ومتى تكون الهدنة مشروعة، وقد مررتم
بتجارب ممحصة واختبارات دقيقة، ولا زلتم تمرون بها إلى الآن ولقد صبرتم على
العدو والصديق، وأثبتم أنكم مصرون على تفويت الفرصة على العدو الذي يريد
بعض الفلسطينيين يحارب بعضا.
ونأمل أن تستمروا في ذلك وأن يراجع من يعارض نهجكم نفسه، ولقد سرنا موقف
جميع المجاهدين والمقاومين الذي أعلنوه من الاستمرار في حرب العدو حتى يوقف
عدوانه، ومن الاستعداد للحوار مع السلطة للخروج بوجهة نظر مناسبة تفوت على
العدو مقصده وتجمع الكلمة على الحق، وإننا لنأمل من الدول العربية والشعوب
الإسلامية أن لا تخذل رجال المقاومة والجهاد للعدو اليهودي الذي يتربص
بالشعوب الإسلامية كلها الدوائر إن اطمأن وتم له الاستقرار، فالمجاهدون
والمقاومون لا يدفعون عن الشعب الفلسطيني المغتصب فقط، وإنما ينوبون عن
الدول العربية والشعوب الإسلامية كلها!
اليهود يريدون السيطرة على الأمة الإسلامية بعون من الإدارة الأمريكية
الظالمة، فلا تتقاعسوا وتُمَكِّنوا المعتدين من تحقيق أهدافهم.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا
اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا
فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا
مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي
الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ
بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا
مَوْلَى لَهُمْ)) [محمد (11)]
((هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا
يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا
أَمْثَالَكُمْ)) [محمد (38)]