بسم الله الرحمن الرحيم

هل يزيل التجميلُ القبحَ الأصيل؟!


كثرت مراكز التجميل وتنوعت في هذا العصر الذي توفرت فيه الوسائل التجميلية، لشتى الأهداف: تجميل الوجوه بالأصباغ "المكياج" وهو ما افتتنت به النساء في جميع الأعمار، عند المزينات "الكوافيرات" وتجميلها وتجميل غيرها من الأعضاء بالجراحات، وتجميل السلع والبضائع بالإعلانات، وتجميل الجدران بالدهانات "كما في إعلانات "دهانات الجزيرة" ونحوها... ولو أراد الإنسان متابعة طالبي التجميل ومصادره ومراكزه وإعلاناته، لما وسع ذلك عمره.

بعض تلك الأعضاء والأشياء قد يسعفه التجميل، فيصبح بعد قبحه جميلا لأنه قابل للتجميل، وبعضه قد يزيده التجميل قبحا على قبحه، فيخسر صاحبه مرتين: مرة بخسارة ماله ومرة بزيادة قبحه.
ومن الأشياء التي يسعى بعض الناس لتجميلها –وهي متأصلة القبح- لأن قبحها ذلتي أصيل وليس طارئا، بعض التصرفات والسياسات البشرية، التي لا تسترها الأصباغ، ولا تغطيها الستائر عن الأعين.

من ذلك ما تحاوله الإدارة الأمريكية من اتخاذ الوسائل المتنوعة لتجميل صورتها في العالم الذي عاثت فيه فسادا، وبخاصة في الشعوب الإسلامية ومنها البلدان العربية.

والسبب الظاهر لهذا التصرف الظالم، هو الهجوم الذي حطم برجي نيويورك وقضى على ما احتويا عليه من بشر ومال واقتصاد.
وهو أمر وارد لو اقتصر المهاجم على من قام به، ولم يَجُزه إلى سواه، وقد دان غالب العالم الهجوم على البرجين في حينه، وأذكر أنني في نفس اليوم الذي رأيت فيه البرجين يتهاويان، كتبت مقالا استنكرت ذلك الفعل، وحذرت مما قد يترتب عليه من عواقب مرعبة، وكيف يعالج.
وهاجمني بعض الكتاب في بعض مواقع الإنترنت، منكرا استنكاري للحدث، وطال الحوار بيني وبينهم في ذلك:
http://www.al-rawdah.net/r.php?show=home&sub0=allbooks&sub1=a5_hadath&p=2

http://www.al-rawdah.net/r.php?sub0=allbooks&sub1=a5_hadath&p=3
وأظن أن الموقع الذي حصل فيه الحوار، لم يعد موجودا في الشبكة.

ونصحت الأمريكيين بدراسة العلل والأسباب التي جعلت الشباب الذين قاموا به _ إن صح أنهم قاموا به استقلالا ـ لأن الإدارة الأمريكية طغت في الأرض طغيانا يصعب صبر العالم عليه.

ونحن نعلم أن الهجوم على البرجين، ليس هو السبب الوحيد للهجوم الأمريكي على العالم، ونعلم أن الخطط الأمريكية للهيمنة على العالم قديمة، وكانت تعد لتلك الهيمنة منذ بدأت الحرب التي تسمى بـ"الحرب الباردة" التي حشدت لها كل ما تملك من وسائل للانتصار فيها على نِدِّها القوي آنذاك "إمبراطورية الشر والإلحاد": الاتحاد السوفييتي" الذي كان يتطلع إلى المياه الدافئة ومنابع البترول التي كانت أقصر الطرق إليها أفغانستان وباكستان.

ومن الوسائل التي اتخذته أمريكا لتلك الحرب الاستعانة ببعض حكومات الشعوب الإسلامية ومنها الدول العربية، وهيأت لشباب المسلمين الوسائل التي مكنتهم من جهاد الاتحاد السوفييتي المحتل، ومن ذلك السلاح والتدريب عليه، وكانت تسميهم باسمهم الشرعي في وسائل إعلامها "المجاهدين" الذين كانت تعرف أنهم يتوقون إلى جهاد المعتدين ونيل الشهادة في سبيل الله.

وقد التقى هدفها للقضاء على عدوها الذي يقف سدا أمام سيطرتها، وهدف المجاهدين الذين أقبلوا من كل فج وصوب لنصرة الشعب الأفغاني المعتدى عليه.

وكان زعماء الأمريكان وكتابهم ومراكز بحثهم وجامعاتهم، يعدون العدة للسيطرة على العالم، وبخاصة منطقة الدول العربية التي سموها بـ"منطقة الشرق الأوسط" وفي كتاب الرئيس الأسبق نكسون "الفرصة السانحة" دليل.

وعندما تسنى لهم القضاء على الاتحاد السوفييتي، أعلنوا عن عدوهم الجديد الذي أطلقوا عليه: "العدو الأخضر" وهو الإسلام.

ثم شرعوا في تنفيذ ما خططوا له من اتخاذ الوسائل التي فرقت كلمة المجاهدين الأفغان الذين نزغ الشيطان بينهم، فاستجابوا للسعي بالعداوة بينهم، واستمر القتال بينهم بدلا من اعتصامهم بحبل الله واستقلال بلادهم عن سيطرة الأجانب المعتدين.

وحرشوا بين حاكم العراق السابق صدام حسين، وزعيم إيران الأسبق "الخميني" ومكنوا الطرفين من وسائل الاحتراب، من مال وسلاح، ليضعفوا الطرفين، ولإضعاف العراق الذي ترتعد فرائص اليهود من جيشه الأولوية.

وعندما انتهت الحرب بين الدولتين بخسائرها الفادحة، أعطوا الزعيم العراقي الضوء الأخضر لغزو الكويت ليكون لهم ذريعة إلى حشد جحافل جيشهم للاعتداء السافر والسيطرة على أخطر منطقة في الدول العربية، وهي منطقة الخليج العربي ذي الثروات الهائلة وهو على مرمى الهدف اليهودي الطامع في السيطرة على خيرات المنطقة المادية، ومحاربة ثوابت الأمة الإسلامية.

وكانت تلك هي التجربة الأمريكية العسكرية الأولى لمسوا فيها أن فرصة السيطرة على العالم التي أشار إليها الرئيس الأمريكي الأسبق "نِكسون" سانحة فعلا لا يعترضها معوق يذكر.
فاكتفوا بالهزيمة الجزئية للجيش العراقي التي حطمت معنوياته، وحررت الكويت من احتلاله.

وأوهموا العالم أن الأمر انتهى بطرد الجيش العراقي من الكويت، ولكن طبيعتهم العدوانية ورغبة اليهود في السيطرة على المنطقة، وإضعاف دولها وشعوبها، إضعافا يجعلهم الأقوى فيها، جعلهم يعدون العدة لحربهم الظالمة الجديدة، لاستئصال قوة الإسلام والمسلمين التي عنون لها الرئيس اليهودي الأسبق بـ"استئصال الإرهاب" وحذر أمريكا والدول الغربية من إرهاب المسلمين القادم الذي سيحطم صروحا ومصالح في الغرب وبخاصة أمريكا.

وأغرى تلك الدول بمبادرة ضرب المسلمين دولا وحركات قبل أن يحصل الهجوم على نيويورك، ونصح الأمريكان بتغيير قوانينهم التي تحمي المسلمين فيها وفي خارجها، سواء كانت تلك القوانين مدنية أو عسكرية، تعلقت بالهجرة أو القضاء، والتي تحول بينهم وبين الهجوم على المسلمين
http://www.al-rawdah.net/r.php?sub0=allbooks&sub1=a5_hadath&p=38

وسيجد القارئ لكتاب هذا اليهودي الحاقد على المسلمين، أن أحداث البرجين، لها ارتباط بتخطيط سابق بخبث اليهود ومكرهم، وأن المهاجمين الذين نسب إليهم الحدث، ليسوا مستقلين بفعله، بل وراءه من يسر لهم ـ إن صح أنه من فعلهم ـ القيام به، سواء علموا بذلك أو لم يعلموا، والهدف من تيسيره إقامة الحجة اليهودية على زعمهم بخطر المسلمين على الدول الغربية، وبخاصة أمريكا.

ولهذا اتخذت أمريكا كل وسيلة من وسائلها للهجوم على المسلمين بادئة في حملتها العسكرية بأفغانستان، بحجة أن القاعدة وحكومة طالبان خططوا لتنفيذ لك الهجوم، ثم اخترعوا كذبا وزورا أسبابا أخرى لغزو العراق ـ ومن أهمها كذبة وجود أسلحة ذات دمار شامل عند النظام العراقي ـ وقد تبين كذبهم في ذلك وأنهم تواطئوا مع عملاء لهم من العراقيين، ليدمروا الشعب العراقي، ويحدثوا فيه الشقاق والاحتراب بين طوائفه، فعاثوا فيه فسادا تأباه فطر وحوش الغاب!
ثم تذرعوا بحجة أن الرئيس العراق قتل شعبه وظلمه، ونحن لا ننكر ذلك، ولكنن نريد أن نبين أمرين:
الأمر الأول: المقارنة بين مَن قتلهم الرئيس العراقي خلال أكثر من ثلاثين سنة وهو من أبناء الشعب ـ ولسنا نسوغ له ذلك ـ ومَن قتلهم الأمريكان خلال سنتين، وهم أجانب معتدون محتلون؟
الأمر الثاني: أي الظلمين أشد ظلم الرئيس العراقي الذي اقتصر على شعبه وعلى دولة الكويت المجاورة التي حررت من ظلمه، أم الظلم الأمريكي الذي ملأ البحار والجبال والأجواء في كل أنحاء الأرض؟

فهل يطمعون أن يتحسن قبحهم عن المسلمين؟!
ولقد ظهر حقد قادة الصليبيين الجدد، بتواطؤ مع اليهود بتعمد الإبادة الجماعية في الشعب العراقي المسلم، كما نقلت وسائل الإعلام الأمريكية نفسها مع شدة تكتم الإدارة الأمريكية على انتهاكاتها للحريات وحقوق الإنسان عامة، وحقوق الأسرى خاصة ما يندى له الجبين، ويدل على تأصل توحش هؤلاء المعتدين من يوم أبادوا السكان الأصليين "الهنود الحمر" في هذا الشعب إلى يومنا هذا.

فما سلم شعب من عدوانهم في مشارق الأرض ومغاربها، وما تورعوا يوما من الأيام عن الخروج على الشرائع السماوية والقوانين البشرية، حتى قوانينهم التي وضعوها وأعلنوا للعالم سموها وصلاحها لجميع الشعوب والدول.

ومع ذلك يحاولون أن يخدعونا، فيسمون الظلم عدلا، والاستعباد حرية، والفساد إصلاحا، والإهانة والإذلال عزا وكرامة، وما فتئوا ينفقون مليارات الدولارات ليقنعوا الناس عامة، والمسلمين خاصة، بسلامة تصرفاتهم وتدابيرهم.

قتلوا المسلمين الأبرياء في شعوبهم ومدنهم وقراهم، وجعلوا بيوتهم التي هدموها على رؤوسهم مقابرهم، لم ينج منهم شيخ كبير، ولا طفل صغير، ولا امرأة شاكية ولا طفلة باكية.

هدموا مساجدنا على المصلين وهم يؤذنون ويتلون كتاب الله، ويستعيذون به من عدوان المعتدين.

وقتلوا علماءنا وأئمة مساجدنا وخطباءها، أمام نسائهم وأطفالهم في بيوتهم أو في مساجدهم، وبعثروا مصاحفنا التي يقدسها حتى الفاسقون من المسلمين ورموها أمام أعيننا احتقارا لنا ولديننا وتشفيا فينا لأن نعبد الله ونقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا نؤله أحدا من البشر، لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا.

وعذبوا أسرانا في سجونهم ومعتقلاتهم، في أفغانستان والعراق، وجوانتنامو بكوبا وانتهكوا أعراض نساءنا، ورأينا بعض صور نسائهم المجندات وهن يدسن كرامات رجالنا الأسرى في سجن أبي غريب.

ثم فاحت رائحة الصليبية اليهودية من مراحيض جوانتنامو التي دنسوا فيها أشرف كتاب نزل على وجه الأرض، نشرت ذلك بعض وسائل إعلامهم، التي ضغطوا عليها لتعود منكرة صحة ذلك، عندما رأوا كيف أججوا بذلك مشاعر المسلمين من إندونيسيا شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وسمعنا ورأينا في الفضائيات من أكد لنا ذلك ممن رأوا ذلك بأم أعينهم ممن عذبوهم جسديا، وسلطوا عليهم مع كلابهم نساءهم المجندات اللواتي أمروهن بتنجيس الأسرى بدماء حيضهن زبادة في الإذلال والإهانة وإظهار للحقد الدفين على الإسلام والمسلمين.

وكان هؤلاء المسلمون الذين شهدوا ذلك من دول متعددة من باكستان وأفغانستان، ومن الكويت والأردن والمغرب وبعض دول أوربا، وهم أصدق ممن اعتدوا عليهم من الأمريكان واليهود، لأنهم ملتزمون بتقوى الله التي تلزمهم الصدق وتمنعهم من الكذب، طاعة لله وخوفا من عقابه.

حاربَنا الأمريكان في كل مقومات حياتنا، ويريدون أن يحسنوا قبحهم بالمليارات من الدولارات للإعلام الكاذب والعملاء المفترين، والموظفين الذين لم يبق في وجوههم قطرة ماء من الحياء لأنهم ألفوا في تصريحاتهم الرسمية تضليل شعبهم قبل أن يضللوا عقول الشعوب الأخرى، ويظنون أن المسلمين وصلوا إلى درجة من الغفلة عن الواقع ما يجعلهم يظنون بالقتلة المعتدين أنهم إخوان الملائكة المقربين!

إن المسلمين أيها الأمريكان يعلمون أنكم تحاربون دينهم وكتابهم وتنتهكون جميع حرماتهم. فلا تنفقوا أموالكم لتقنعوهم بأنكم حماة حقوق الإنسان والحريات وأنكم تريدون لهم الخير من وحي حربكم للإسلام والمسلمين.

وهم يعرفون حقيقة جواسيسكم الذين اتخذتموهم سلما لاحتلال بلدانهم، والاستيلاء على خيراتهم، ومكنتموهم من اعتلاء كراسي الحكم في بلادهم ليحققوا لكم أهدافكم، ومهما أنفقتم من الأموال واستخدمتم من الأسلحة لتدير بلدانهم وقتلهم وإذلالهم، فهم أعزة لا يمكن أن تخضع لكم قلوبهم الحرة، وإن أخضعتم بقوتكم أجسادهم.

فهم يقرؤون في كتابهم الذي دنستموه، قول الباري جل وعلا:
[((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)]

وكل ما تنفقون من الأموال وما تظاهرون به أعداء المسلمين من السلاح في البلدان الإسلامية، ومنها الأرض المباركة التي سلطتم على أهلها اليهود، وزودتموهم بكل ما يحتاجون لعدوانهم، ستخسرونها وستكون وبالا وحسرة في قلوبكم وسينصر الله المظلومين على الظالمين، ويجمع الله القاتلين والمظاهرين، مع الحسرة والخسران في الدنيا في نار جهنم ليذوقوا خسران الدنيا والآخرة:
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (37)
 

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

الصفحة الرئيسة    |    صفحة الشيخ