إخواننا أهل السنة في العراق: أحاط بكم الأعداء من الصليبيين واليهود
والطوائف التي نصبها العدو على كراسي الحكم في بلادكم، ومن يسندها من دول
الجوار، وكلها تُحضِّر مناشيرها لتقطيع أوصالكم.
وخذلكم كثير ممن سيكون مستقبلهم مثل مستقبلكم إذا استمروا في خذلانكم،
فالمخطط اليهودي الصليبي الطائفي الحزبي شامل في عدوانه ومحاولة سيطرته على
المنطقة كلها لا يخص العراق وحده، ولم يعد ذلك خافيا على من عنده ذرة من
عقل وهذا يحزننا كثيرا.
ولكنا نريد إيصال رسالة خاصة بكم، لأنكم أنتم الذين تذوقون الفتنة وتحترقون
في أتونها، وغيركم ليس بعيدا عنها، ولكنه لا زال يغط في سباته الذي لايسمع
معه جرس الإنذار ولا يرى دخان النار التي يشبها العدو المشترك للقضاء على
ضرورات حياته من دين ونفس ونسل وعقل ومال وعرض.
أما أنتم فقد اصطليتم بتلك النار المشبوبة على ضرورات حياتكم، والذي يصطلي
بالنار أقرب إلى الاعتبار ممن لم يلامسها بعد.
لذا أوجه لكم هذه الرسالة، لأني غير قادر على سواها:
أولا: وحدتكم واعتصامكم بحبل الله هما
سفينة نجاتكم من أعدائكم، فاتحدوا فيما بينكم واعتصموا بحبل الله.
ثانيا: اختلافكم في هذه الظروف القاسية عليكم
يجر حتما إلى ضعفكم ويؤدي إلى فشلكم، وأنتم وحدكم الذين تتسببون في استمرار
المصائب التي تنزل بكم والفتن التي تحيط بكم، ما دمتم متفرقين فيما بينكم.
ثالثا: الإغراءات التي قد تجعل بعضكم يفارق
بعضا باسم المصلحة ما هي إلا طُعما من أعدائكم ليأكل كل سمكة منكم حتى
رأسها على حدة، ويفترس ثور بأي لون كان منفردا، ويجعلكم تصيحون كما صاح
الثور الأسود: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"!
رابعا: تعلمون أن العدو المشترك الأجنبي
وأولياءه يشنون عليكم الغارة بأسلحتهم الفتاكة برا وجوا عندما في كل لحظة
من ليل ونهار، وبخاصة عندما اجتماع كلمتكم ويخافون من نجاحكم في الانتخابات
أو إقرار الدستور، ولا نريد تذكيركم بذلك في الفلوجة عند الانتخابات
الماضية، والقائم وغيره من محافظاتكم عند الاستفتاء على الدستور.
خامسا: دنا وقت الانتخابات الثانية التي
سيترتب عليها مصيركم ومصير بلادكم، تشريعا وتنفيذا، واختلاف وجهات النظر
التي تفرق كلمتكم قد تقضي على ما بقي من آمالكم وتذهب ريحكم.
فاحرصوا على وحدتكم واحسموا أمركم، واتخذوا الأسباب التي تجعل أهل السنة
كلهم صفا واحدا، فإنهم كلهم هدف للعدو القريب والبعيد، لا يفرق بين حزب
وهيئة ولا عالم وجاهل ولا قبيلة وعشيرة.
ولا إسلامي وليبرالي. ولا إخواني وتحريري، ولا سلفي وصوفي:
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم:
((يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول، فاتقوا الله وأصلحوا ذات
بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين)) [الأنفال: 1].
واعتصموا بحبل ربكم، واذكروا نعمته عليكم:
((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا
نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى
شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) [آل عمران (103)]
((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا
وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))
[الأنفال (46)]
وحافظوا على سفينتكم، وانبذوا من يريد خرقها بالفرقة والشذوذ:
(مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب
بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا
على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن
يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)
[صحيح البخاري (2/882)]