http://www.islam-online.net/Arabic/news/2006-03/07/article01.shtml
كانت ولا زالت الحرب الظالمة من زعماء اليهود والنصارى والمشركين
والمنافقين من هذه الأمة مستمرة على الإسلام والمسلمين من أول يوم بعث الله
فيه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وستبقى كذلك إلى قيام
الساعة، وسيبقى دين الله الذي أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم
وأمته المهتدية بهديه، بالدعوة إليه وبتبليغه بلاغا بينا لا لبس فيه صامدا
في وجه أعدائه إلى يوم الدين.
قال تعال: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))
[النحل(125]
وقال: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ
يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ )) [المائدة (67).
وقال تعالى: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ
الْمُشْرِكِينَ)) [يوسف (108)]
وتوعد الله تعالى من كتم شيئا من دين الله من هذه الأمة أو غيرها، بالطرد
والإبعاد من رحمته، إلا من تاب وبيَّن كما قال تعالى:
((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ
وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ
أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159)
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ
عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) [البقرة]
وحرب الأعداء على الإسلام متنوعة ومنها المقاطعة الاقتصادية ومحاولة حصار
دعاة الإسلام وعزلهم عن المجتمعات والتضييق عليهم وعلى وسائل نشاطهم الذي
يعلمون أنه إذا وصل إلى عقول الناس جذبها إليهم وإلى دينهم جذبا وجعلهم
يفرون من نصر أعدائه إلى حربهم ومناصرة دعاة الإسلام بدلا من حربهم لهم.
وهذا ما حصل في جميع الأزمان ومع كل الأنبياء والرسل، لا يَبِين الحق لفرد
يحترم عقله أو جماعة تفكر ولا تقلد غيرها في الباطل، إلا استجابوا لدعوة
الله، كما حصل للرجل المؤمن وللسحرة في عهد موسى ولأصحاب الأخدود وكما حصل
في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، قبل هجرته إلى المدينة وبعدها,
ومعلوم أن رسل الله وأتباعهم، يثبتون على الحق ولا يتنازلون عنه مهما كثرت
العوائق وتعددت العقبات أمامهم، لأنهم يعلمون أن الله تعالى هو الذي يفعل
ما يشاء، هو الذي يهب الحياة ويمنح رزقه من يشاء، ولا أحد من خلقه مهما
كثرت قوته وعظمت شوكته المادية، يقدر على قطع رزق كتبه الله لأحد من خلقه،
ولا تقديم أجل قد حده له.
فهم يتوكلون على الله تعالى ويلجئون إليه معتمدين على هذا الإيمان الراسخ
الذي لا تزعزعه عواصف مؤامرات الأعداء:
قال تعالى عن نوح عليه السلام عندما هدده قومه:
((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ
كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى
اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا
يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا
تُنْظِرُونِ)) [يونس (71)]
وقال عن هود عليه السلام في رده على قومه عندما نسبوا إلى آلهتهم أنها
أصابته بسوء:
((إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي
أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ
دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ
هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)
[هود]
وقال عن إبراهيم عليه السلام وهو يخاطب قومه ويتحداهم: ((وَكَيْفَ أَخَافُ
مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا
لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ
بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ
يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ
مُهْتَدُونَ (82)) [الأنعام]
وقال تعالى عن نبينا عليه الصلاة والسلام، عندما خُوِّف بِجَمْع أعدائه له
من قريش:
((الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ
عَظِيمٍ (174) [آل عمران]
ولقد قاطع كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاطعة شاملة في المال
والطعام والشراب والمسكن والنكاح، فقد تعاقدت قريش على رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وأبرموا ذلك في الصحيفة التي علقوها على جدار الكعبة، ونفذوا
ذلك بمحاصرتهم في شعب أبي طالب ثلاث سنوات، حتى كانوا يضطرون لأكل أوراق
الشجر وما تقع عليه أيديهم، إلى هيأ الله من عقلاء المشركين أنفسهم من كان
سببا في فك الحصار وإلغاء المقاطعة، كما هو واضح في كتب السيرة النبوية.
وعندما هاجر صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه وضاق المنافقون بهم ذرعا في
المدينة، هددهم عدو الله ابن أبي – قدوة المنافقين في كل زمان- بالمقاطعة
في الأموال التي ينفقون على أنفسهم منها، وإخراجهم من المدينة، واصفا نفسه
وأتباعه بالعزة والمنعة ورسولَ الله تعالى ومن معه بالهوان والذلة، كما قال
تعالى عنهم:
((هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا
إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ
الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا
يَعْلَمُونَ (8) [المنافقون]
نعم ((وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) وليست لأحد من خلقه،
فإذا منع قوم ما بأيديهم، سخر الله تعالى قوما آخرين لينفقوا على المحتاج
من خزائن الله التي بأيديهم، وجعل لعباده المتوكلين الصابرين مخرجا من حيث
لم يحتسبوا، فلتمسك أمريكا ما في خزائنها، وليمسك اليهود ما في خزائنهم عن
حماس وعن الشعب الفلسطيني، وليروا أن خزائن الله تعالى ستفتح للمظلومين
المتوكلين الصابرين المجاهدين الذي قال، وقوله الحق:
((قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ
وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ
مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ
وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ
وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) (27) [آل عمران]
فالذليل اليوم سيكون عزيزا غدا، والعزيز اليوم سيكون ذليلا بعد غد:
((وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس)) [آل عمران (140)]
وقد أخبرنا الله تعالى أن البشر لو ملكوا خزائنه لمنعوا تلك الخزائن عمن
يحتاجها من المخلوقين، لفقدهم صفة الرحمة التي يغمرون بها غيرهم، ولخشيتهم
من نفادها ما في الخزائن.
أما الله تعالى فخزائنه ملأى يؤتي منها من يشاء ما شاء، ولهذا يرزق منها
المؤمن والكافر، لكمال رحمته ولعدم خشيته من نفادها، قال تعالى:
((قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً
لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُوراً))
[الإسراء (100)]
فعليك أيتها الحركة المجاهدة "حماس" أن تحققي التوكل والاعتماد على الله
الذي له خزائن السماوات والأرض، وأن تتخذي كل سبب مشروع في جلب ما يقيم
دولتك وينفع شعبك، عليك أن تقتحمي الحواجز والسدود التي وضعها المعتدون
المحتلون أمام الشعب الفلسطيني، وأن تفكي عن هذا الشعب الحصار الظالم من
قادة العدوان في الغرب، وأن تطأ أقدامك كل شعب من الشعوب الإسلامية التي
ستبذل كل غال ونفيس لمناصرة هذا الشعب المظلوم، فالشعوب كلها معك ومع شعبك
المجاهد.
وهنا ستكتشف الشعوب الإسلامية مواقف حكامها من الشعب الفلسطيني وقبلتها
الأولى "الأقصى" من منهم سيكون مع الشعب المظلوم المجاهد، ومن سيكون مع
أعدائه؟
وهذا هو الميزان الذي سنعرف به دول منظمة المؤتمر الإسلامي، ودول الجامعة
العربية التي كانت تصرح دائما قبل مجيء حماس، أنها ستكون في صف السلطة
الفلسطينية، وكلما تنازلت السلطة لليهود عن شيء كرر زعماء دول الجامعة
العربية أنهم سيستجيبون لرغبات السلطة الفلسطينية، فليقولوا اليوم لحماس:
نحن مع السلطة الفلسطينية، ليكونوا صادقين في فيما كانوا يقولون.
مع أنا نرى أنه لا يجوز لأي دولة في الشعوب الإسلامية والعربية، أن تتبع
السلطة الفلسطينية، إلا إذا تمسكت بوطنها وقدسها وأقصاها وتحرير أرضها
المباركة من اليهود المعتدين المغتصبين.
وسنرى قريبا بإذن الله اضطرار قادة الغرب يخضعون للأمر الواقع فيخطبون ود
قادة حماس ومن وقف معها وناصرهما في الأرض المباركة، فليس لغير المسلمين من
معتصم ولا ملجأ غير المال والسلاح، وكلاهما لا يعصم في حقيقة الأمر أمام
جبروت الله:
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً
ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ))
[الأنفال (36)]
((وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً
وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً
عَزِيزاً (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ وَقَذَفَ فِي
قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26)
وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ
تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً)) (27) [الأحزاب]
ولكن يجب أن يعلم أن هذا التوكل الذي أمر الله به رسله وأتباعهم ونفذوا أمر
الله به هو التوكل الصادق الذي عبر عنه نوح عليه السلام بقوله:
((فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ
عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ))
وليس ادعاءه باللسان، مع خوف القلب ووجله من غير الله الذي يصل بأصحابه أن
يهدروا أوامر الله ويرتكبوا نواهيه، إرضاء لأعدائه، كما يحصل اليوم من غالب
زعماء المسلمين في معاشرتهم لأعداء دينهم الذين جعلوهم ولا زالوا يتنازلون
عن ثوابت الإسلام واحدا تلو الآخر، محققين بذلك ما حذر الله منه في قوله:
((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ
مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ
أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ
اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [البقرة (120)]
قال تعالى:
((وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )) [التوبة (51)]
((وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ
تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ
تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))
[يونس(85)]
وليس المقصود باتباع ملتهم الدخول في دينهم فقط، فذلك هو الجزء المهم من
معنى اتباع ملتهم، فيدخل في اتباع ملتهم المنافقون الذين يوالونهم
وينصرونهم ويعادون المؤمنين، كما كان يفعل عبد الله بن أبي وأتباعه الذين
عجب الله من قوله وفعلهم مع أعداء المؤمنين فقال:
((أَلَمْ تَرى إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ
لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ
قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
(11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا
يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا
يُنْصَرُونَ (12) [المنافقون]
وكذِبُهم الذي وصفهم الله به، يتحقق ويظهر فيهم أكثر عندما توجد ثلاث فرق:
فرقة المؤمنين الصادقين المتوكلين على الله الذين لا يخافون لومة لائم
يجاهدون عدوهم ولا يخضعون له ولا يتبعون ملته.
وفرقة هؤلاء المنافقين الذي يظهرون للمؤمنين أنهم معهم، ليستفيدوا من
الأحكام التي يتمتع بها المؤمنون، ولكنهم في الواقع أعظم كفرا وأشد خطرا من
الكافرين الصرحاء الذين يحاربون المؤمنين جهرة.
وهؤلاء هم الفرقة الثالثة التي تقف الفرق الثانية حقيقة في صفهم ضد الفرقة
الأولى.
وهنا يظهر كذب المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: ((والله يشهد إنهم
لكاذبون)) لأن في الميدان مؤمنين صادقين، ومنافقين يخدعونهم فَيُظهر
خداعُهم كذبَهم.
أما عندما يكون غالب الزعماء في البلدان الإسلامية هم منافقون ولا يوجد
مؤمنون صادقون يحكمون كتاب الله ويقاتلون أعداء الله المعتدين على ديار
الإسلام، فإن المنافقين يستطيعون أن يدَّعوا الكثير من المسوغات لخنوعهم
للكفار، ليخدعوا بها شعوبهم.
ونحن نقول، للشعب الفلسطيني بقيادة حماس: اثبت واصبر وصابر، ولا تستجب لمن
يبيعك في سوق سياسة: "من يزيد" وقولوا كما قال أولياء الله المجاهدون من
قبلكم : ((قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ
أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) [البقرة (250)]
وستهزمون كل من تواطأ على حربكم أو خذلانكم بإذن الله:
((وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [التوبة (105)]