بسم الله الرحمن الرحيم

وسائل استمرار الحركة الجهادية في فلسطين


إن الجهاد في سبيل الله هو الوسيلة الوحيدة لانتصار المسلمين في فلسطين ، على الأعداء اليهود ، وما عدا ذلك من الوسائل فهي لا تخلو من أحد أمرين :

الأمر الأول : استمرار هيمنة اليهود وإذلالهم لجميع الفلسطينيين بالقتل والجرح وهدم البيوت والمساجد ، وتخريب الممتلكات ، سواء كانوا في الضفة الغربية وغزة ، أم فيما يسمى بالخط الأخضر الذي اعترف به حكام العرب دولة لليهود ، بالطرق الرسمية التي أصبحت بها السفارات بين اليهود وبعض الدول العربية متبادلة ، أو من حيث الواقع ، وهو أن جميع الدول العربية لا يطالبون الآن إلا بدولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ، كيفما كانت تلك الدولة ، ما دامت مقبولة من قبل الشرطة الفلسطينية .
الأمر الثاني : أن يمن اليهود على الفلسطينيين – بالاتفاق مع الشرطة الفلسطينية – بقطع من أرض غزة والضفة الغربية ، تسمى الدولة الفلسطينية ، تنتشر فيها المدن اليهودية – المسماة بالمستوطنات – التي تمتلئ بها مخازن بالسلاح المعد للاعتداء على الفلسطينيين في الوقت المناسب ، مع كتائب من الجيش اليهودي مدججة بالسلاح بحجة حماية تلك المستوطنات ، وهي في الواقع معدة لمحاصرة قطع الدولة المزعومة .
إضافة إلى نزع السلاح - الصالح للدفاع الكافي عن النفس – من أيدي الفلسطينيين ، وحصار تلك الدولة في المعابر والحدود والجو …. وبتلك الدولة يخدر المسلمون ، فلا يعودون يطالبون اليهود بشيء ، وتصبح الأرض المباركة ، في حقيقة الأمر ، دولة يهودية.
وقد يعطون الفلسطينيين مكتبا إشرافيا في باحة الأقصى يسمونه بأي اسم يسلون به المسلمين ويخدرون مشاعرهم مؤقتا ، حتى يأتي اليوم الذي لا يعلم المسلمون إلا بهدم المسجد بعد أن يكونوا قد فرغوا من إقامة أساس الهيكل اليهودي في أسفله .
ولا يبعد أن يطردوا الفلسطينيين من فلسطين بأكملها أو يقضوا عليهم ، اقتداء بالأوربيين الذين طردوا السكان الأصليين من الأمريكتين ، ومن أستراليا .
هذا باختصار هو شأن أي وسيلة تتخذ د اليهود ، غير وسيلة الجهاد في سبيل الله .

و بدت السوءات
ولكنا نحمد الله أن خيب سعي دعاة السلم المذل ، والتطبيع المهين ، من أعداء الجهاد والحل الإسلامي الذي لا حل سواه ، لقضية الأرض المباركة " فلسطين " ، فكشف اليهود عن طبيعتهم – وهم مكشوفون لمن له إلمام بتاريخهم وبصفاتهم التي أبانها الحي الإلهي ، ومواقفهم من كل من ليس منهم ، من الغدر والخيانة ونقض العهود – كشفوا عن طبيعتهم في هذه الفترة التي رأى الناس كلهم وسمعوا وقرءوا ما عاملوا به السكان العزل ، من الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم ، من قتل وتمثيل وتشريد … ورأى الناس كلهم أطفال الحجارة الذين يرمون الجيش المدجج بالسلاح بكافة أنواع الخفيف ، والثقيل من دبابات وطائرات وصواريخ …..
وقد تجاوب المسلمون في كل أنحاء الأرض ، ولا زالوا ، مع الفلسطينيين المعتدى عليهم ، وطالبوا حكامهم بنصرتهم ، وموقف الفلسطينيين المشرف وتجاوب المسلمين معهم بهذا الزخم القوي ربح عظيم ، يجب اغتنامه وتغذيته واتخاذ كل وسيلة ممكنة مشروعة لاستمراره ، لتبقى الروح الجهادية عند الفلسطينيين وكافة المسلمين مشتعلة ، لا تخبو .
أسباب استمرار الروح الجهادية في نفوس المسلمين .
وهناك أسباب يجب اتخاذها لاستمرار الكفاح الجهادي في داخل فلسطين وخارجها :
السبب الأول : اجتماع الشعب الفلسطيني على كلمة واحدة ، وهي الاعتصام بحبل الله ، والوقوف صفا واحدا ضد العدو الغاشم ، والتعاون على إعداد العدة المتاحة للدفاع عن النفس والأرض والعرض ، والاتفاق الصادق على الأدوار اللازمة : سياسية كانت أو اقتصادية أو عسكرية .
وهذا يقتضي أن تفرج السلطة الفلسطينية عن جميع المسجونين والمعتقلين وبخاصة المجاهدين منهم ، لينضموا إلى صفوف إخوانهم في الجهاد والكفاح .
والأصل أن يبقوا جميعا مجاهدين عدوهم ، ولا بفاوضونه على أي شيء ، ما لم تقض الضرورة بالتفاوض ، ويشترط في هذا التفاوض الذي تقضي الضرورة به ، أن يصدر عن اتفاق وتشاور بين جميع الفلسطينيين ، وإذا دعت الضرورة إلى صلح – كأن يكون المسلمون في حال لا طاقة لهم بقتال العدو - فيجب أن يكون الصلح مؤقتا ( أي هدنة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ) والهدنة المؤقتة أمر مشروع للضرورة ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع قريش في غزوة الحديبية ، وقد نادى بذلك الشيخ أحمد ياسين . وهذا يبقي الروح الجهادية عند المسلمين حية في نفوسهم ، بخلاف الصلح الدائم الظالم ، فإن يحلب اليأس ويثبط الهمم …ومع الهدنة المؤقتة يكون الإعداد ، ويستعد الفدائيون للرد على أي اعتداء طارئ . هذا ما يتعلق بالفلسطينيين .

السبب الثاني : مقاطعة جميع الدول العربية وحكومات الشعوب الإسلامية للعدو اليهودي ، سياسيا ، ودبلوماسيا ، واقتصاديا ، وثقافيا ، واتصالا ومواصلات ، بحيث يشعر بالعزلة التامة ، وهذا من أوجب الواجبات على هذه الدول ، لأن عدم مقاطعتها فيه ولاء محرم ، لأنهم محاربون تنطبق عليهم معاني الآية الكريمة في سورة الممتحنة : ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) [ الممتحنة 9 ]
وفي الآية دليل على أن من يعين المحارب ويظاهره على المسلمين يأخذ حكمه في وجوب مقاطعته وعدم توليه . ولا شك أن التعاون مع العدو المحارب اقتصاديا وسياسيا بما يحقق مصالحه يعد تقوية له ومناصرة على المسلمين .
ونحن نعلم ما فعله المشركون من قريش من مقاطعة الرسول صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب ، وحصارهم لهم في الشعب ، ونعلم ما يفعله أعداء الإسلام اليوم من الحصار والمقاطعة للبلدان الإسلامية التي لا تخضع لها ، كما تفعل أمريكا وبريطانيا وغيرهما مع السودان وليبيا وغيرهما ، فالمسلمون أولى بذلك .

السبب الثالث : أن تجتهد الدول العربية وكافة حكومات الشعوب الإسلامية ، في جمع التبرعات من أجل دعم المجاهدين الفلسطينيين ، والتحقق من أن تلك التبرعات تصرف في مواضعها ، من طعام ولباس ودواء ومسكن ، وعُدَّة جهادية ، ولا يقتصر على تسليمها لمن قد يتصرف فيها تصرفا غير مشروع .
 

السبب الثالث : أن تستمر وسائل الاتصال في عرض قضية فلسطين وجعلها دائما حية في نفوس المسلمين ، بحيث تعد البرامج المتنوعة : اجتماعيا ، وثقافيا ، واقتصاديا ، وتاريخيا ، وإعلاميا وجهاديا ، ولا يخلو يوم من الأيام من تلك البرامج في جميع الوسائل الإعلامية ، من كراتين الأطفال إلى أناشيد الجهاد … بحيث لا يغفل المسلمون يوما واحدا عن هذه القضية .
وإنه لمؤسف كل الأسف ، أن ترى في بعض الفضائيات الأطفال يقتلون ويجرحون في الأرض المباركة ، وترى غالب الفضائيات العربية المحيطة بفلسطين تبث في نفس الوقت المسلسلات الغرامية والرقص الفاجر ، والعري الفاضح ، والأغاني الماجنة ، والشباب والشابات يرقصون ويصفقون . إنه والله الهلاك والدمار الذي كان من أهم أسباب بعد المسلمين عن معالي الأمور ، وسقوطهم في حمأة الذل والمهانة والاستعباد !

السبب الرابع : استمرار الأئمة والخطباء في كل الشعوب الإسلامية ، في تذكير الناس بقضية فلسطين وواجبهم نحوها ونحو أهلها المظلومين المضطهدين .

السبب الخامس : عقد الندوات والمؤتمرات في المساجد والنوادي والجامعات والإذاعات والفضائيات في الأمور المتعلقة بقضية فلسطين .

السبب السادس : إدخال تاريخ اليهود في المناهج الدراسية ، وبيان ما تضمنه القرآن الكريم عنهم مع الله ومع أنبيائه ورسله ، وبخاصة الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ، وإعادة النظر في المناهج التي استجابت بعض الدول العربية لمطالبة اليهود بحذف ما يبين عوارهم فيها ، فتجهيل الأجيال المسلمة بتاريخ اليهود ومفاسدهم من أعظم الجرائم في الإسلام .
 
السبب السابع : تذكير المدرسين والأساتذة في جميع المراحل الدراسية طلابهم بأهمية القضية الفلسطينية ، وتعريف الطلاب بتاريخ فلسطين والمسجد الأقصى وما انتابها من استعمار في القديم والحديث ، وواجب المسلمين نحوها .
هذه بعض الأسباب التي إذا توافرت أبقت الروح الجهادية ضد أعداء الله اليهود في نفوس المسلمين عامة ، وساعدت المسلمين في فلسطين على استمرار حركتهم الجهادية ن وإذا فقدت أو فقد شيء منها فقدت روح الكفاح أو ضعفت .
نسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين وشعوبهم للتعاون على البر والتقوى والعمل بما يرضي الله تعالى ، إنه على كل شيء قدير ز
وصلى الله وسلم على سيدنا ةنبينا محمد وعلى آله وصحبه .

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل