إن الجهاد في سبيل الله هو الوسيلة
الوحيدة لانتصار المسلمين في فلسطين ، على الأعداء اليهود ، وما عدا ذلك من
الوسائل فهي لا تخلو من أحد أمرين :
الأمر الأول :
استمرار هيمنة اليهود وإذلالهم لجميع الفلسطينيين بالقتل والجرح وهدم البيوت
والمساجد ، وتخريب الممتلكات ، سواء كانوا في الضفة الغربية وغزة ، أم فيما
يسمى بالخط الأخضر الذي اعترف به حكام العرب دولة لليهود ، بالطرق الرسمية التي
أصبحت بها السفارات بين اليهود وبعض الدول العربية متبادلة ، أو من حيث الواقع
، وهو أن جميع الدول العربية لا يطالبون الآن إلا بدولة فلسطينية تشمل الضفة
الغربية وقطاع غزة ، كيفما كانت تلك الدولة ، ما دامت مقبولة من قبل الشرطة
الفلسطينية .
الأمر الثاني :
أن يمن اليهود على الفلسطينيين – بالاتفاق مع الشرطة الفلسطينية – بقطع من أرض
غزة والضفة الغربية ، تسمى الدولة الفلسطينية ، تنتشر فيها المدن اليهودية –
المسماة بالمستوطنات – التي تمتلئ بها مخازن بالسلاح المعد للاعتداء على
الفلسطينيين في الوقت المناسب ، مع كتائب من الجيش اليهودي مدججة بالسلاح بحجة
حماية تلك المستوطنات ، وهي في الواقع معدة لمحاصرة قطع الدولة المزعومة .
إضافة إلى نزع السلاح - الصالح للدفاع الكافي عن النفس – من أيدي الفلسطينيين ،
وحصار تلك الدولة في المعابر والحدود والجو …. وبتلك الدولة يخدر المسلمون ،
فلا يعودون يطالبون اليهود بشيء ، وتصبح الأرض المباركة ، في حقيقة الأمر ،
دولة يهودية.
وقد يعطون الفلسطينيين مكتبا إشرافيا في باحة الأقصى يسمونه بأي اسم يسلون به
المسلمين ويخدرون مشاعرهم مؤقتا ، حتى يأتي اليوم الذي لا يعلم المسلمون إلا
بهدم المسجد بعد أن يكونوا قد فرغوا من إقامة أساس الهيكل اليهودي في أسفله .
ولا يبعد أن يطردوا الفلسطينيين من فلسطين بأكملها أو يقضوا عليهم ، اقتداء
بالأوربيين الذين طردوا السكان الأصليين من الأمريكتين ، ومن أستراليا .
هذا باختصار هو شأن أي وسيلة تتخذ د
اليهود ، غير وسيلة الجهاد في سبيل الله .
و بدت السوءات
ولكنا نحمد الله أن خيب سعي دعاة السلم المذل ، والتطبيع المهين ، من أعداء
الجهاد والحل الإسلامي الذي لا حل سواه ، لقضية الأرض المباركة " فلسطين " ،
فكشف اليهود عن طبيعتهم – وهم مكشوفون لمن له إلمام بتاريخهم وبصفاتهم التي
أبانها الحي الإلهي ، ومواقفهم من كل من ليس منهم ، من الغدر والخيانة ونقض
العهود – كشفوا عن طبيعتهم في هذه الفترة التي رأى الناس كلهم وسمعوا وقرءوا ما
عاملوا به السكان العزل ، من الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم ، من قتل وتمثيل
وتشريد … ورأى الناس كلهم أطفال الحجارة الذين يرمون الجيش المدجج بالسلاح
بكافة أنواع الخفيف ، والثقيل من دبابات وطائرات وصواريخ …..
وقد تجاوب المسلمون في كل أنحاء الأرض ، ولا زالوا ، مع الفلسطينيين المعتدى
عليهم ، وطالبوا حكامهم بنصرتهم ، وموقف الفلسطينيين المشرف وتجاوب المسلمين
معهم بهذا الزخم القوي ربح عظيم ، يجب اغتنامه وتغذيته واتخاذ كل وسيلة ممكنة
مشروعة لاستمراره ، لتبقى الروح الجهادية عند الفلسطينيين وكافة المسلمين
مشتعلة ، لا تخبو .
أسباب استمرار الروح الجهادية في نفوس
المسلمين .
وهناك أسباب يجب اتخاذها لاستمرار الكفاح الجهادي في داخل فلسطين وخارجها :
السبب الأول :
اجتماع الشعب الفلسطيني على كلمة واحدة ، وهي الاعتصام بحبل الله ، والوقوف صفا
واحدا ضد العدو الغاشم ، والتعاون على إعداد العدة المتاحة للدفاع عن النفس
والأرض والعرض ، والاتفاق الصادق على الأدوار اللازمة : سياسية كانت أو
اقتصادية أو عسكرية .
وهذا يقتضي أن تفرج السلطة الفلسطينية عن جميع المسجونين والمعتقلين وبخاصة
المجاهدين منهم ، لينضموا إلى صفوف إخوانهم في الجهاد والكفاح .
والأصل أن يبقوا جميعا مجاهدين عدوهم ، ولا بفاوضونه على أي شيء ، ما لم تقض
الضرورة بالتفاوض ، ويشترط في هذا التفاوض الذي تقضي الضرورة به ، أن يصدر عن
اتفاق وتشاور بين جميع الفلسطينيين ، وإذا دعت الضرورة إلى صلح – كأن يكون
المسلمون في حال لا طاقة لهم بقتال العدو - فيجب أن يكون الصلح مؤقتا ( أي هدنة
حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ) والهدنة المؤقتة أمر مشروع للضرورة ، كما فعل
الرسول صلى الله عليه وسلم مع قريش في غزوة الحديبية ، وقد نادى بذلك الشيخ
أحمد ياسين . وهذا يبقي الروح الجهادية عند المسلمين حية في نفوسهم ، بخلاف
الصلح الدائم الظالم ، فإن يحلب اليأس ويثبط الهمم …ومع الهدنة المؤقتة يكون
الإعداد ، ويستعد الفدائيون للرد على أي اعتداء طارئ . هذا ما يتعلق
بالفلسطينيين .
السبب الثاني :
مقاطعة جميع الدول العربية وحكومات الشعوب
الإسلامية للعدو اليهودي ، سياسيا ، ودبلوماسيا ، واقتصاديا ، وثقافيا ،
واتصالا ومواصلات ، بحيث يشعر بالعزلة التامة ، وهذا من أوجب الواجبات على هذه
الدول ، لأن عدم مقاطعتها فيه ولاء محرم ، لأنهم محاربون تنطبق عليهم معاني
الآية الكريمة في سورة الممتحنة : ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم
وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم
الظالمون ) [ الممتحنة 9 ]
وفي الآية دليل على أن من يعين المحارب ويظاهره على المسلمين يأخذ حكمه في وجوب
مقاطعته وعدم توليه . ولا شك أن التعاون مع العدو المحارب اقتصاديا وسياسيا بما
يحقق مصالحه يعد تقوية له ومناصرة على المسلمين .
ونحن نعلم ما فعله المشركون من قريش من مقاطعة الرسول صلى الله عليه وسلم وبني
هاشم وبني المطلب ، وحصارهم لهم في الشعب ، ونعلم ما يفعله أعداء الإسلام اليوم
من الحصار والمقاطعة للبلدان الإسلامية التي لا تخضع لها ، كما تفعل أمريكا
وبريطانيا وغيرهما مع السودان وليبيا وغيرهما ، فالمسلمون أولى بذلك .
السبب الثالث :
أن تجتهد الدول العربية وكافة حكومات الشعوب الإسلامية ، في جمع التبرعات من
أجل دعم المجاهدين الفلسطينيين ، والتحقق من أن تلك التبرعات تصرف في مواضعها ،
من طعام ولباس ودواء ومسكن ، وعُدَّة جهادية ، ولا يقتصر على تسليمها لمن قد
يتصرف فيها تصرفا غير مشروع .
السبب الثالث :
أن تستمر وسائل الاتصال في عرض قضية فلسطين وجعلها دائما حية في نفوس المسلمين
، بحيث تعد البرامج المتنوعة : اجتماعيا ، وثقافيا ، واقتصاديا ، وتاريخيا ،
وإعلاميا وجهاديا ، ولا يخلو يوم من الأيام من تلك البرامج في جميع الوسائل
الإعلامية ، من كراتين الأطفال إلى أناشيد الجهاد … بحيث لا يغفل المسلمون يوما
واحدا عن هذه القضية .
وإنه لمؤسف كل الأسف ، أن ترى في بعض الفضائيات الأطفال يقتلون ويجرحون في
الأرض المباركة ، وترى غالب الفضائيات العربية المحيطة بفلسطين تبث في نفس
الوقت المسلسلات الغرامية والرقص الفاجر ، والعري الفاضح ، والأغاني الماجنة ،
والشباب والشابات يرقصون ويصفقون . إنه والله الهلاك والدمار الذي كان من أهم
أسباب بعد المسلمين عن معالي الأمور ، وسقوطهم في حمأة الذل والمهانة
والاستعباد !
السبب الرابع :
استمرار الأئمة والخطباء في كل الشعوب الإسلامية ، في تذكير الناس بقضية فلسطين
وواجبهم نحوها ونحو أهلها المظلومين المضطهدين .
السبب الخامس :
عقد الندوات والمؤتمرات في المساجد والنوادي
والجامعات والإذاعات والفضائيات في الأمور المتعلقة بقضية فلسطين .
السبب السادس :
إدخال تاريخ اليهود في المناهج الدراسية ، وبيان ما تضمنه القرآن الكريم عنهم
مع الله ومع أنبيائه ورسله ، وبخاصة الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ، وإعادة
النظر في المناهج التي استجابت بعض الدول العربية لمطالبة اليهود بحذف ما يبين
عوارهم فيها ، فتجهيل الأجيال المسلمة بتاريخ اليهود ومفاسدهم من أعظم الجرائم
في الإسلام .
السبب السابع :
تذكير المدرسين والأساتذة في جميع المراحل الدراسية طلابهم بأهمية القضية
الفلسطينية ، وتعريف الطلاب بتاريخ فلسطين والمسجد الأقصى وما انتابها من
استعمار في القديم والحديث ، وواجب المسلمين نحوها .
هذه بعض الأسباب التي إذا توافرت أبقت الروح الجهادية ضد أعداء الله اليهود في
نفوس المسلمين عامة ، وساعدت المسلمين في فلسطين على استمرار حركتهم الجهادية ن
وإذا فقدت أو فقد شيء منها فقدت روح الكفاح أو ضعفت .
نسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين وشعوبهم للتعاون على البر والتقوى والعمل
بما يرضي الله تعالى ، إنه على كل شيء قدير ز
وصلى الله وسلم على سيدنا ةنبينا محمد وعلى آله وصحبه .