الأقوال والأفعال والتصرفات التي تنسب إلى جحا، سواء كانت على ألسنة المثقفين
والأدباء والكتاب أو على ألسنة العوام، لو جمعت لكونت مجلدات، وغالبها من
الإنشاءات التي لم يدر عنها جحا، كالحال في غيره ممن اشتهروا بصفات حسنة أو
ذميمة، كما هو الحال مع باقل العيي وحاتم الكريم، فقد يشتهر أحد هؤلاء بصفة
من الصفات حقيقة، ولكن الناس يتخذون صاحب الصفة مصدرا لكل حدث يريدون
انتشاره، فينسبون إليه ما يرون أنه يناسب صفته التي اشتهر بها، ولجحا حظ
وافر من الكلام أو الفعل المنسوب إليه وهو لا يدري عنه، وبخاصة ما هو مضحك
للسامين، لاشتهاره بالنكات المضحكة.
ولكن كثيرا مما ينسب إلى جحا ولو لم يكن صحيحا، أصبح يجري مجرى المثل الذي
يحمل من المعاني ما يغني في موضوع عن كتاب يؤلف فيه خاصة، ومنه هذا العنوان
الذي يقال فيه: إن جحا استأجر منزلا راقت له السكنى فيه، ثم جاءه صاحب
المنزل وطلب منه الخروج منه لأنه يري هو أن يسكنه، فحاول إقناع المؤجر
بالاستمرار في تأجيره له، ولكن أصر على إخراجه منه، فوافق على الخروج منه
واشترط عليه إبقاء مسمار له كان يعلق فيه ثوبه أو عمامته، على أن يعود
لأخذه لاحقا، فوافق صاحب المنزل على ذلك.
فكان جحا يهجم على صاحب المنزل في أوقات مختلفة من ليل أو نهار، ولا سيما
أوقات الراحة التي يعتاد صاحب المنزل الارتياح فيها في منزله، فيدق عليه
الباب فيفتح له ويفرح بمجيئه في كل مرة، ظنا منه أنه سيأخذ مسماره، فيدخل
حتى يقف أمام المسمار ويحمد الله مبتسما ثم يعلق عليه ثوبا أو حبلا ويخرج
دون أن يأخ مسماره.
وات ليلة سأله صاحب المنزل: ما قصتك يا جحا؟! كلما جئت تنظر إلى مسمارك
وتعلق عليه بعض أشيائك ثم تحمد الله وتذهب دون أن تأخذه؟
فقال له جحا: يا سيدي إنني من يوم خرجت من منزلك أحاول استئجار منزل، ولكن
المؤجرين يشترطون علي ألا أدق مسمارا في جدران منازلهم، و إني أحمد الله
على صبرك على مسماري وبقاؤه سالما في مكانه، فاضطر صاحب البيت أن يعيده
لجحا ليستريح من كثرة تردده الذي أقلق راحته، ويستأجر منزلا آخر!
هذا المثل ينطبق على نجاح حماس في الانتخابات، وإبقاء حركة فتح مسمارها في
كل مؤسسات السلطة الجديدة، ولكن مسمار جحا من حديد ومسمار فتح من البشر،
وكان جحا وحده هو الذي يتعهد مسماره ويعلق عليه أغراضه، أما مسمار فتح
فالمعلقون عليه جحويون كثير[جمع جحا، لأنه اسم علم يجمع جمع مذكر سالما
كالوصف، كما قال ابن مالك:
وارفع بواو و بيا اجرر وانصب *** سالم جمع عامـر ومذنـب]
فأهل الاختصاص في حركة فتح كثير، منهم الأمنيون ومنهم السياسيون ومنهم
الاقتصاديون، ومنهم .... وكل منهم يعلق ثيابه على هذا المسمار، وكذلك
اليهود والصليبيون من قادة أمريكا وغيرها من الدول الغربية، يطرقون على
حماس كل مؤسساتها ليتفقدوا مسمارهم ويعلقوا عليه أغراضهم، والهدف من ذلك أن
تمل حماس "وتطفش" فتعيد المنزل إلى أهله السابقين الذين سبق عنوانهم في
موضوع مشابه:"الوكيل الوحيد":
http://www.al-rawdah.net/r.php?sub0=allbooks&sub1=a5_pal&p=55
ونحن نتمنى ألا يقف حركة فتح بجانب أعدائها وأعداء شعبها ضد السلطة التي
اختارها الشعب المجاهد، فلك عيب لا يغتفره هذا الشعب بل سيزيد لفظه لمن
يتآمر عليه ولو كان ابن جلدته وقاده حقبة من الزمن!
والله يقول:
((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان))