قلت في موضوع سابق بعنوان "الحدث": [إنه حدثُ الهجماتِ المدهشة التي حدثت في
أهم مدينتين:(نيويورك، وواشنطن) من مدن الدولة المغرورة بقوتها المادية،
المهيمنة على العالم بها، إنه حدث لم يسبق له مثال في التاريخ من صنع بشري:
حَدَثُ يوم الثلاثاء الموافق: 23/6/1422هـ 11/9/2001
وبصرف النظر عمن نفذ هذه الهجمات: من الأفراد، وعمن وراءه –إن كان وراءه أحد
غير الأفراد المنفذين-من مخططين ومعينين، من جماعات أودول، بصرف النظر عن ذلك،
فإن الأصل عدم مشروعية الاعتداء على النفوس والأموال، بدون حق.
هذا هو الأصل، لقول الله تعالى ( من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى
عليكم )
ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل غير المقاتلين، كالنساء والأطفال
وكبار السن والرهبان، مالم يقاتلوا، أو يعينوا على قتال برأي أو تحريض ظالم.
ومعلوم أن (برجي نيويورك) يضمان أصنافا كثيرة من البشر، من رجال ونساء، وذوي
أديان متنوعة، منهم المسلم وغير المسلم، ومنهم الصغير والكبير، والرجل والمرأة،
الذين لا يجوز قتلهم والاعتداء عليهم، سواء كان الاعتداء من مسلمين أو غير
مسلمين، فالظلم ظلم، والاعتداء اعتداء، لا يجوز تعاطيه مهما كان مصدره] افتح
الرابط الآتي:
واليوم أقول: إنه لا يجوز لأحد أن يتهم أحدا أويدينه، إلا إذا قامت على اتهامه
وإدانته بينة.
وقد سارع الأمريكيون إلى اتهام العرب والمسلمين، بأنهم هم الذين قاموا بالهجمات
المذكورة، بعد الهجوم مباشرة، وقبل أن يحصل أي تحقيق يظهر الأدلة على صحة هذا
لاتهام.
ولم يكتفوا بمجرد الاتهام العام، بل اتهموا أشخاصا بأعيانهم من المسلمين،
وذكروا أسماءهم، ونشروا صورهم، وظهر أن بعضهم قد رقد في قبره منذ سنتين أو
أكثر، وبعضهم يعيش بين أسرته في بلاده...... وهذا يعني أن الأمريكان عينوا
مجرمين أظهر الواقع براءتهم، ولم يعتذروا عن اتهامهم الكاذب، غرورا وكبرياء.
واتهموا أفرادا ومنظمات ودولا، بضلوعهم في الحدث، إما مباشرة، وإما تخطيطا
وتسببا، دون أن يظهروا للناس أدلة مقنعة، ولم يكتفوا بذلك، بل بنوا عليه القيام
بحملة صليبية-كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي-مقرونة بتحريش يهودي صهيوني.
ثم أخذوا يؤلبون دول العالم كله-بل يكرهونها بالترغيب والترهيب- ومنهم حكومات
الشعوب الإسلامية والعربية، للوقوف معهم في هذه الحملة الظالمة، لضرب من
يسمونهم بالإرهابيين من أفراد وجماعات ودول، وهدف هذه الحملة هو الإسلام
والمسلمون في العالم كله، بادئين بدولة أفغانستان المنهكة بالحرب والفقر
والمقاطعة الآثمة، زاعمين أن هدفهم القبض على أسامة بن لادن، ثم صرحوا بأنهم
يريدون أعضاء القاعدة كلهم، ثم وسعوا الدائرة فصرحوا أن حملتهم موجهة إلى كل
الإرهابيين والدول التي تؤويهم في العالم كله، وأن هذه الحملة ستأخذ وقتا طويلا
من الزمن. أي أنهم عازمون على حرب عالمية تحدث في العالم فوضى ودمارا، ليغيروا
خارطة العالم تغييرا يمكنهم من السيطرة الكاملة عليه!
وقد سبق في الحلقة الثانية من هذا الموضوع، أن هذه الحملة عدوان يجب على
المسلمين جميعا أن يقفوا ضده ، مع إخوانهم المسلمين في أفغانستان، وفي غيرها من
الشعوب الإسلامية والعربية.
وهنا نريد أن نبين للمسلمين الذين يجب عليهم مناصرة إخوانهم المعتدى عليهم
الأمور الآتية:
الأمر الأول: مناصرة إخوانهم في أفغانستان لرد العدوان عنهم فريضة يأثمون عند
الله، إذا لم يقوموا بها.
الأمر الثاني: أن يعلم المسلمون أن الابتلاء سنة ماضية، يبتليهم الله ويمحصهم
ويتخذ منهم شهداء، كما قال تعالى: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل
الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين
ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)) [البقرة: 214]
وقال تعالى: ((ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس
والثمرات وبشر الصابرين) [البقرة: 155]
وقال تعالى: ((إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين
الناس وليعلم الله الذين ءامنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب
الظالمين(140)وليمحص الله الذين ءامنوا ويمحق الكافرين(141)أم حسبتم أن تدخلوا
الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)) [آل عمران: 142]
وقال تعالى في غزوة الأحزاب: ((إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت
الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا(10)هنالك ابتلي المؤمنون
وزلزلوا زلزالا شديدا(11) [الأحزاب]
وقال تعالى: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم
ويعلم الصابرين)) ((آل عمران: 142]
وقال تعالى: ((أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا
من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون(16) التوبة
ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم(31) محمد
فإذا ثبت المجاهدون في سبيل الله وصبروا، وقالوا: ((ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت
أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين)) [البقرة: 250] جاءهم نصر الله كما وعد
بذلك في كتابه، والله لا يخلف وعده.
الأمر الثالث: الثقة بنصر الله للمجاهدين في سبيله، إذا توكلوا على الله،
وأعدوا ما يقدرون عليه، واستعانوا بالصبر والمصابرة، ونصروا دينه، وإن كان
عدوهم أشد قوة مادية منهم: ((قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة
غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)) [البقرة: 249]
وقال تعالى: ((إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) [محمد: 7]
وقال تعالى: ((ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق
الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما(22) الأحزاب
والماديون الذين يؤمنون بقدرة الله الكاملة التي تقلب الموازين المادية، يغترون
بما يملكون من قوة، ولا يدور بخاطرهم أن ينصر الله عباده المؤمنين الضعفاء على
قوتهم المادية، وكذلك أن ضعاف الإيمان يصيبهم اليأس والقنوط من نصر الله على
عدوهم القوي بمادته، فلا يثبتون في المعركة، بل ينهزمون ويستسلمون لعدوهم الذي
يستعبدهم، لأنهم بعيدون عن الله وعن قراءة كتابه وسنة رسوله وسيرته المطهرة،
وأحداث الجهاد الإسلامي في عصوره المتعاقبة، ولو أنهم آمنوا حق الإيمان وأخذوا
العبرة من ذلك كله، لكان لهم شأن آخر.
وقد وعى تلك العبرة المجاهدون في سبيل الله في عصرنا هذا عصر القوة المادية،
والجبروت الطاغي، فوقفت الفئات القليلة العدد الضعيفة العُدَد، أمام الكثرة
العددية وترسانة الأسلحة الفتاكة، ونزلت بهم البلوى، فصبروا وثبتوا، فنصرهم
الله على أعدائهم نصرا لم يخطر ببال عدوهم، كما حصل مع الاتحاد السوفييتي في
أفغانستان، وكما يحصل للمسلمين في الشيشان اليوم، وكما يحصل لرماة الحجارة في
فلسطين الذين تعاون على حربهم اليهود والنصارى وأذنابهم من أبناء أمتهم...فلله
جنود يؤيد بهم عباده المؤمنين الصادقين، فالله تعالى –مع قدرته التامة على
النصر بقوله للشيء : (( كن فيكون)) ((وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)
[آل عمران: 126]-أمد عباده المجاهدين الذين يستفرغون جهدهم ويلجئون إلى ربهم،
بملائكة السماء، وأمدهم بالقوى الكونية كالرياح،كما قال تعالى: ((إذ تستغيثون
ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)) [الأنفال: 9]
وقال تعالى: ((ياأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود
فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا) [الأحزاب: 9]
ويكفي أن نعلم أن الله سلب النار خاصتها، وهي الإحراق، وجعلها على إبراهيم بردا
وسلاما: ((قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم)) [الأنبياء: 69]
وأن نعلم أن الطفل الذي خافت عليه أمه من فرعون مصر، أمرها أن تلقيه في محل
الخوف، ليكون وسيلة لنجاته: ((وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه
فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين.
فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين))
[القصص: 7-8]
وجعل سبحانه وسيلة نجاة هذا الطفل هلاكا لعدو الله "فرعون وجنوده": ((فانتقمنا
منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين))[الأعراف:
136]
وبهذا نذكر إخواننا المجاهدين في أفغانستان الذين ذاقوا هذا المعنى عندما نصرهم
الله على الاتحاد السوفييتي، نذكرهم بأن الله سينصرهم هم ومن يجاهد في صفهم من
المسلمين، على القيادة الصليبية واليهود، كم نصرهم على الملحدين في الاتحاد
السوفييتي، فليثبتوا ويثقوا بنصر الله.
ونذكر من يقف في صف اليهود والنصارى الظالمين، خوفا منهم، ونسيانا للخوف من
الخالق، بأنهم سيندمون، عندما يفتح الله على المجاهدين في سبيله بالنصر: ((فترى
الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن
يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين)) [المائدة:
52]
وأذكر علماء الإسلام في أنحاء الأرض أن يبينوا للمسلمين الحق في مناصرة
المسلمين للكافرين على إخوانهم المسلمين، فقد كلفهم الله البيان، وأوعد من كتم
هذا البيان، أو لبس الحق بالباطل، بالطرد من رحمته، وبأليم عقابه: ((إن الذين
يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك
يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب
عليهم وأنا التواب الرحيم)) [البقرة: 159-160]
وهذه المعاني لا يمكن أن يفقهها ويعيها، إلا من رجع إلى القرآن، وتدبره وأخذ
منه العببر، أما من هجره واتخذه وراء ظهره، فمن أمثاله شكا رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى ربه هجران كتابه: ((وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرءان
مهجورا)) [الفرقان: 30] http://www.jlsaat.net/jlsaat/showth...&threadid=15623 http://www.jlsaat.net/jlsaat/showth...&threadid=15883