هلموا إلى قصعتنا الشهية!(2)
واجب المسلمين في الحملة اليهودية الصهيونية والغربية الصليبية
الواجب الأول: على قادة الأفغان وشعبهم:
إن من أهم الواجبات على قادة الأفغان وشعبهم، أن يجمعوا كلمتهم ويوحدوا صفهم،
ويتخذوا الأسباب المؤدية إلى وحدتهم ليكونوا يدا واحدة ضد عدوهم، ويتخذوا
الأسباب التي تحول بينهم وبين التنازع الذي سبب لهم الفشل الذريع بعد انتصارهم
على ثاني أعظم دولة مادية في الأرض، وهي الاتحاد السوفييتي، الذي أخرجوه من
بلادهم يجر أذيال الهزيمة بعد عشر سنوات عجاف أكلت الأخضر واليابس في بلادهم.
لقد انتصروا على العدو الخارجي وقوته المادية، ولكنهم هزموا أمام نفوسهم
الأمارة بالسوء، وشهواتهم –وبخاصة شهوة كراسي الحكم الطاغية- وأهوائهم،
وشيطانهم، وعصبياتهم القبلية، ورغبات الدول الإقليمية والدولية في تمزيق صفهم
وبقائهم متناحرين فيما بينهم، فوجهت كل طائفة منهم سلاحها إلى صدور طائفة أخرى
من إخوانهم، فأزهقوا الأرواح ودمروا البلاد وشردوا الملايين من أبناء هذا
الشعب، فكانوا بذلك أشد وبالا وضررا على هذا الشعب من الأعداء الأجانب.
وعلى علمائهم وقادتهم وأتباعهم جميعا،
أن يتذكروا ما أمر الله به عباده المؤمنين الذين مَنَّ عليهم بالأخوة
الإيمانية، التي أثمرت بينهم المودة والرحمة، وجمعت كلمتهم على الحق، بعد أن
تمكنت أحقاد بعضهم على بعض من قلوبهم، وسفك بعضهم دماء بعض...كما قال عز وجل:
((ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم
مسلمون(102)واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ
كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار
فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تهتدون)) (103) [آل عمران]
ونهاهم سبحانه عن التفرق والاختلاف الذي وقعت فيه الأمم السابقة، بعد أن بين
الله لهم عواقبه، فتعرضوا لعذاب الله العظيم، كما قال تعالى: ((ولا تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)) [آل
عمران: 105]
وعلى القادة الذين حملوا لقب المجاهدين،
والتزموا أمام أتباعهم، وأمام العالم الإسلامي الذي أيدهم، بتطبيق شريعة الله
في بلادهم، عليهم أن يعلموا أن الحملة الصليبية اليهودية، ستسعى لقطع الطريق
عليهم للوصول إلى هذا الهدف النبيل، وستنصب في البلاد دولة علمانية تطبق ما
يرضي اليهود والنصارى، وسيضيقون على من يدعو إلى إقامة شرع الله، فيصبح قادة
الجهاد المتنازعين، مسجلين في قائمة الإرهابيين المطاردين في بلادهم وخارجها،
وبذلك يخسرون جهادهم وهدفهم وحريتهم، ووصولهم إلى الحكم الذي كان من أهم أسباب
اقتتالهم فيما بينهم، لأن العلمانيين، سيتقربون إلى من نصبهم حكاما في البلاد،
ليرضوهم، وهم لا يرضون إلا باتباع ملتهم، وهي عدم تطبيق شريعة الله: ((ولن ترضى
عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت
أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير)) [البقرة: 120]
ومن أهم الواجبات على قادة الأفغان
وشعبهم-بعد اجتماعهم ووحدتهم-أن يثقوا بنصر الله لهم إذا توكلوا عليه بصدق، وإن
ابتلاهم ليمحصهم ويتخذ منهم شهداء، فإن الله قد وعد من نصر دينه بنصره، والله
لا يخلف وعده: ((إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) [محمد: 7] شرط "إن
تنصروا" وجزاء "ينصركم" فإذا تخلف النصر، فسببه تخلف الشرط، لا تخلف الجزاء.
((إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى
الله فليتوكل المؤمنون)) [آل عمران: 160]
وإذا خذلكم غالب المسلمين الذين أوجب
الله عليهم نصركم، كما خذلوا غيركم من
قبلكم مجاهدي الأرض المباركة، أرض القدس والأقصى وغيرهم في أنحاء المعمورة، فإن
لله معكم: ((إن ينصركم الله فلا غالب لكم)) فتوكلوا عليه، وأنتم أهل حق معتدىً
عليكم في دياركم، والله تعالى –وإن أمهل الظالم-لا يهمله: ((وكذلك أخذ ربك إذا
أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)) [هود: 102]
والواجب عليكم أن تصبروا على أذى عدوكم وتصابروه، حتى ينفد صبره ويبقى صبركم،
فإذا نفد صبره ولاكم دبره، ولعل الله تعالى يريد أن يذل هذا العدو الصليبي
اليهودي الصهيوني المتكبر على أيديكم، كما أذل الإمبراطوريات السابقة على
أيديكم: ((ياأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم
تفلحون)) [آل عمران: 200]
واعتبروا أيها المظلومون المعتدى عليكم، بالمظلومين المعتدى عليهم قبلكم،
اذكروا معركة بدر "معركة الفرقان" و"غزوة الأحزاب" التي هزم الله فيها أعداءه
بما لم يحتسبوا: ((ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون))
[آل عمران: 123]
عامة الناس – وبخاصة وسائل الإعلام- يتعجبون من صمودكم أمام قوة عدوكم الجبارة،
وأمام الحلفاء الذين حشدهم لحربكم، وأنتم فقراء معدمون، ليس لديكم ما يكافئ أقل
القليل من قوة عدوكم. هؤلاء يا إخوة الإيمان ويا رجال الجهاد، لا يعرفون قدرة
الخالق، ولا يعودون إلى القرآن، ولا يعتبرون بحوادث التاريخ: ((وإذ يقول
المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا)) [الأحزاب:
12]
((يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب
يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا)) [الأحزاب: 20]
لا ترهبوا تهديدهم ووعيدهم، ولا تخافوا من حصارهم ومقاطعتهم، وقد بذلتم جهدكم
في الدعوة إلى التفاوض معهم للوصول إلى ما يقيكم ويقي شعبكم من شرهم ومكرهم،
فقد هددوا إخوانكم من الصحابة، وبين ظهرانيهم رسولهم صلى الله عليه وسلم، كما
يهددونكم اليوم، فنزل كلام الله بإجابة المهددين، وطمأنة عباده المؤمنين: ((هم
الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات
والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون. يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز
منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون))
[المنافقون: 7-8
((إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله
فإن الله عزيز حكيم)) [الأنفال: 49]
لكنكم أنتم يا رجال الجهاد، أنتم يا رجال القرآن، أنتم يا رجال التهجد بكتاب
الله، تفقهون ما جهله غيركم، ولكم في إخوانكم الذين تعرضوا للأذى والمحن من
أعداء الله، أسوة حسنة: ((ياأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ
جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون
بصيرا(9)إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب
الحناجر وتظنون بالله الظنونا(10)هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا
شديدا(11) [الأحزاب]
((ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله
وما زادهم إلا إيمانا وتسليما)) [الأحزاب: 22]
عليكم بالدعاء والتضرع والإلحاح فيهما على ربكم، فإنه هو الذي خلقكم وخلق عدوكم
وخلق الأحزاب التي حشدها لحربكم، وهو القادر على تدبير خلقه نصرا وهزيمة،
وأكثروا من ذكره تعالى بألسنتكم وقلوبكم، ليكون معكم في كل لحظة من لحظات
حياتكم وجهادكم:
((قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
والله مع الصابرين(249) ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا
وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين(250) [البقرة]
((ياأيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم
تفلحون)) [الأنفال: 45]
((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما
ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين(146)وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا
اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم
الكافرين(147) فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب
المحسنين))(148) [آل عمران]
نسأل الله لكم النصر على عدوكم وأحزابه. وهو وحده المستعان. ولا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم.
للحديث صلة في حلقة ثالثة، بإذن الله.