معلوم ما قامت به الإدارة الأمريكية، عن طرق ذراعها الآثمة: (C.I.A)
وعملائها، من اغتيالات لزعماء في دول العالم، ولشخصيات تقف ضد الكبرياء
الأمريكية.
وإذا كانت تلك الوسيلة القذرة لمحاربة المخالف قد خفت بعد ما سمي بـ"الحرب
الباردة" لهزيمة المعسكر الشيوعي بعوامل داخلية وخارجية، ومن أهمها الجهاد
الأفغاني، فإن الإدارة الأمريكية قد خرقت لها عدوا جديدا تجب محاربته، وهو
الإسلام والمسلمون، لتعيد من جديد طبيعتها العدوانية التي أصبحت لا تستطيع
العيش بدونها.
وقد وجدت أمريكا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر الماضي، ما يسوغ لها العدوان
الشامل- السياسي، والاقتصادي، والإعلامي، والعسكري...-على العالم.
ومن أخطر ما قررت القيام به من هذا العدوان: اغتيالات من لا يدين لها بالطاعة
والولاء، من الزعماء والشخصيات.
وسيشمل العدوان –ومنه الاغتيالات- كل من تشتبه الإدارة الأمريكية في أنه
إرهابي أو يؤيد الإرهاب، أو تؤوي بلاده ممن تشتبه في أنه إرهابي ولم يطرده أو
يسلمه لأمريكا، كما هو حالها اليوم مع الإمارة الإسلامية في أفغانستان.
الإدارة الأمريكية يصرح زعماؤها بأن ميدان حربها للإرهاب الذي تعنيه، هو
العالم كله، وأن هذه الحرب ستطول، وقد ذكروا أن حدها الأدنى عشر سنوات. وأن
عملاء استخباراتها سيكونون –أيضا-من العالم كله.
والقاعدة التي أطلقها رئيس الإدارة الأمريكية "من لم يكن معنا فهو ضدنا"
ستكون أساسا للاغتيالات، كما هي أساس لغيرها من أنواع العدوان.
تُرى هل ستنجح أمريكا في تصفية أعدائها في العالم كله؟ وهل ستجد عملاء مخلصين
لها في كل شعب من الشعوب ينفذون لها عمليات الاغتيالات في أبناء شعوبهم؟
وهل سينام أي زعيم من زعماء العالم، أو أي شخصية من الشخصيات، حتى يغتاله
عملاء أمريكا؟
وهل سيرسل أقارب من تغتاله الإدارة الأمريكية أو أتباعه، باقات ورود لتهنئة
أمريكا باغتيال قريبهم أو متبوعهم؟
كلا والله!
لقد سرت كراهية الإدارة الأمريكية المعتدية في قلوب الحكام والشعوب معا،
الشعوب قد أعلنت تلك الكراهية في المظاهرات والمحاضرات والندوات والمؤتمرات
والفضائيات، وفي كل وسيلة من وسائل الاتصال، وبخاصة "الشبكة
العالمية-الإنترنت" والحكام قد أشار كثير منهم تصريحا أو تلويحا، إلى
كراهيتهم، حتى ممن هم حلفاء لأمريكا، والذين اضطروا إلى التصريح بتأييد
الإدارة الأمريكية من زعماء العالم، هم يلعنونها في قلوبهم، لأن الجميع موتور
من معاملتها وكبريائها.
ولهذا ستجد الولايات المتحدة شبكة عالمية من الأعداء حكاما ومحكومين، لا قبل
لها بهم، وسيصبح عداؤها مشتركا بين المتفقين والمختلفين.
وإذا نجحت في اغتيال واحد أو اثنين في بلد من البلدان، فستجد جميع موظفيها في
ذلك البلد معرضين للهجوم والاغتيالات.
وستجد الإدارة الأمريكية نفسها في رعب مستمر في البر والبحر والجو، في داخل
قصورها في كل مدنها، وفي سفاراتها وفي مؤتمراتها وندواتها، وفي طائراتها
وبواخرها وقطاراتها، وفي شوارعها، وفي مسارحها ومراقصها، لأن الظروف اليوم
ليست كالظروف بالأمس.
لم تعد وسائل القتل والهدم والتدمير، محصورة في يد الدول والحكومات
والاستخبارات الدولية، وإنما أصبحت سهلة ميسرة للأفراد والجماعات الصغيرة
والكبيرة، إضافة إلى أن كثيرا ممن يكرهون الإدارة الأمريكية المعتدية، يحبون
الموت أشد من حب الإدارة الأمريكية للحياة.
وإذا كانت أمريكا ستأخذ الناس بمجرد التهمة، بدون محاكمة عادلة، قائمة على
الدليل والبرهان والحجة والبينة، فسيعاملها أعداؤها بالمثل، والبادئ أظلم:
((الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه
بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين)) [البقرة: 194]
لذلك يجب على الشعب الأمريكي أن يفكر مليا في تصرفات إدارته الظالمة، تجاه
العالم كله، وبخاصة العالم الإسلامي، الذي وجد الدولة الأمريكية تعامله في كل
قضاياه معاملة القهر والإذلال في كل الشعوب الإسلامية، وبخاصة في الأرض
المباركة "فلسطين" التي قامت الدولة اليهودية بقتل سكانه: أطفالا ونساء
وشيوخا، وبهدم بيوتهم، وإفساد مزارعهم، وتدنيس مقدساتهم، وبخاصة المسجد
الأقصى.
وجل ما تقوم به الدولة اليهودية، مبني على المظاهرة الأمريكية بالمال
والسياسة والدبلوماسية والمال والسلاح.
على الشعب الأمريكي الذي يساند إدارته بالمال والرجال والتأييد السياسي، أن
يتعرف على سياسة دولته الخارجية الظالمة، ليعلم السبب في كراهية الناس لهذه
الدولة، وهو الظلم الذي لا يمكن أن يستمر دون عقاب من الله ، وقصاص من
المظلومين، وليعلم الشعب الأمريكي أن سكوته عن اعتداءات دولته على الناس
وظلمها لهم، ستكون عواقبه عليه وخيمة، لأن الله تعالى يقول: ((واتقوا فتنة لا
تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب))[الأنفال: 25]
ليعلم الشعب الأمريكي أن المسلمين لا يكرهونه لذاته، بدليل أن كثيرا من طلاب
الشعوب الإسلامية تخرجوا من جامعاته، وأن أموال أغنياء المسلمين مستثمرة في
أمريكا أكثر من استثمارها في بلدان المسلمين، وأن أرصدتهم في البنوك
الأمريكية أكثر من أرصدتهم في البنوك الإسلامية، وأن الأموال التي يصرفونها
في أسفارهم السياحية في أمريكا أكثر من الأموال التي يصرفونها في البلدان
الإسلامية... وقد مضى زمن طويل على صلة المسلمين بأمريكا دون أن يحصل منهم أي
خروج على المعاملة الطيبة مع الأمريكان.
ولكن عندما طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، بسبب الظلم الذي صبته إدارتك أيها
الشعب الأمريكي على المسلمين، اشتدت كراهية الشعوب الإسلامية وأصبحت كلها لا
تطيق السكوت على هذا الظلم.
ولا تستطيع حكومات الشعوب الإسلامية السيطرة على شبابها الذين امتلأت نفوسهم
غيظا بسبب ظلم إدارتكم لشعوبهم، وهم منتشرون في غالب القارات، ولا يمكن أن
يحول بينهم وبين الانتصار لحقوقهم إلا المعاملة العادلة من الإدارة
الأمريكية، وأنت أيها الشعب الأمريكي قادر على وقف إدارتك عن العدوان والظلم،
فأنت الذي تنتخب إدارتك، وأنت الذي تمدها بالمال والتأييد بكل ما تريد، ولا
تستطيع بدون تأييدك أن تتصرف تصرفا يعود عليك بالوبال، فقفها عند حدها.
وخذ حذرك أيها الشعب الأمريكي من ثلاثة أمور خطيرة، هي من أهم أسباب النكبات
التي أصابتك وقد تصيبك دون وعي منك:
الأمر الأول: الفئة اليهودية الصهويونية التي استطاعت بما تملك من المال،
وبالخداع والمكر، أن تستقطب كثيرا من طائفة البروتستانت الأمريكيين، وبعض
الزعماء من الرؤساء وأعضاء الحكومات الأمريكية إلى صفهم، ليوجهوا جهود
الحكومات الأمريكية إلى دعمهم في محاربة المسلمين في فلسطين واغتصاب أرضهم،
وقتلهم وتشريدهم، وإذلالهم، فظاهرتهم حكوماتكم على عدوانهم، ولا زالت، كما
استقطب اليهود نوابكم في الكونجرس، وجعلوهم يؤيدون ظلمهم ويضللونكم بادعاء أن
اليهود هم المظلومون، والمسلمين هم الظالمون.
الأمر الثاني: أجهزة إعلامكم التي استقطب غالبها اليهود الصهاينة أيضا، فقد
ضللتكم ولم تظهر لكم الحقائق الصحيحة عن الإسلام، والحقائق السياسية التي تنهجها حكوماتكم، والحقائق الجارية بين المسلمين واليهود، بل إن أجهزة
إعلامكم ضللتكم في تشويه الإسلام، وفي سياسة حكوماتكم الخارجية الظالمة، وفي
خداع ومكر اليهود في بلادكم وفي فلسطين، وأنتم لا تتلقون معلوماتكم إلا من
جهة واحدة، ولم تصل إليكم المعلومات المقابلة من جهة المسلمين الذين جعلتهم
الحكومات الأمريكية خصما لها، لتقصير المسلمين في إيصال وجهة نظرها إليكم،
ولتقصيركم في البحث عن الحقيقة.
الأمر الثالث: أن المسلمين قصروا في إيصال حقائق الإسلام إليكم من جانب،
وشوهته أجهزة إعلامكم من جانب، فلم تفهموه إلا انه دين متخلف رجعي شهواني،
وحشي متعطش للدماء عدواني، فنفرتم منه، وحددتم موقفكم منه على ضوء ذلك،
فحرمتم معرفته على الحقيقة، ولو تيسرت لكم معرفة حقيقة هذا الدين، لكان لكم
منه موقف آخر، وربما أسرع كثير منكم إلى الدخول فيه، وإن رأيتم كثيرا من أهله
لا يطبقونه على مراد الله الذي أنزل به القرآن وأرسل به الرسول صلى الله عليه
وسلم.
أيها الشعب الأمريكي! اخرج من قمقم سياسة إدارتك التي حاصرتك في شؤونك
الداخلية، وحجبت عنك سياستها الخارجية الظالمة، فوالت عليك النكبات، بحروبها
الظالمة من هيروشيما وناجازاكي، إلى فيتنام ... وحربي الخليج الأولى والثانية
اللتين خططتا لهما، واستدرجت فرقهما، لتقضي أوطارا مرسومة، هي في حقيقتها ظلم
وعدوان، وتحطيم للشعوب، وتمكين للدولة الصهيونية التي تعيث فسادا في الأرض،
ومنها بلدكم أمريكا.
ومع معرفتي بأنكم لا تميلون إلى الاستدلال بنصوص قرآننا وسنة نبينا صلى الله
عليه وسلم، لأنكم لا تؤمنون بهما، فإني سأذكر نصين منهما يؤيد ما دلا عليه
الواقع:
النص الأول من القرآن، وهو قول الله تعالى: ((وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى
وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)) [هود: 102]
النص الثاني من الحديث الشريف، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله
ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته)
وقد بالغ أحد الشعراء، فقال عن جريمة الظلم:
ولو بغى جبل يوما على جبل،،،،،،، لاندك منه أعاليه وأسفله
وأنتم تعلمون ما حل بالإمبراطوريات السابقة على مدار التاريخ، آخرها
الإمبراطورية البريطانية، التي لم تكن تغيب عنها الشمس، وقد أصبحت اليوم
منزوية في جزرها المعروفة.
فكفوا دولتكم عن الظلم حتى لا تصيبكم بظلمها فتنة لا طاقة لكم بها.
وإذا أعنتم حكوماتكم على ظلم الناس، فسيعاملكم كثير من الناس بالمثل، والبادئ
أظلم.
اللهم اشهد أننا قد بلغنا.
((((نداء للقادرين من أهل المواقع مسؤولين وقراء:
لو كنت قادرا على مخاطبة العالم بهذه المعاني بلغاتهم لفعلت.
والله قد كلفنا البلاغ المبين، وهو لا يقوم إلا بالفهم، والناس لا يفهمون إلا
بلغاتهم، فمن كان منكم قادرا على نقل هذه المعاني فليوصلها باللغة التي
يجيدها، إلى أهل تلك اللغة. وإن كل ما يصيبنا من فتن وبلاء، سببه عدم قيامنا
بواجب إيصال الحق إلى من لا يفهمه.))))