السؤال الأول:
حكم من أعان الأمريكان على حر ب
العراق؟
وقد سبق أن كتبت عن هذا موضوعا هذا رابطه لمن يريد الاطلاع عليه.
الرابط | الرابط
السؤال الثاني: هل يجب الجهاد ضد
العدوان على العراق؟
والجواب على ذلك:
"نعم بدون تردد" فالعراق شعب مسلم، وإذا كان النظام الذي يحكم هذا الشعب، غير
مرضي عنه عند الشعب العراقي أو عند غيره من المسلمين أوغير المسلمين، فهذا لا
يسوغ تدخل الصليبيين واليهود في الشعوب الإسلامية، وفرض حكومة يرضون عنها،
بحجة الإشفاق على الشعب العراقي، أو الخوف على جيرانه من أسلحة الدمار الشامل
التي يمتلكها، حسب دعواهم، أو بحجة أن الحاكم العراقي دكتاتور، فالخوف على
الشعوب العربية والإسلامية من اليهود والإدارة الأمريكية الصليبية، أشد
بأضعاف الضعاف من الدكتاتور العراقي، وتستطيع الدول العربية إذا اجتمعت
وصدقت، أن تدفع شر النظام العراقي، وهو أسهل عليها من العدوان الأمريكي
اليهودي.
ثم إن أسلحة الدمار الشامل تستغلها أمريكا واليهود للعدوان والسيطرة على
الدول العربية والشعوب الإسلامية كلها، واليهود يصرحون بأنهم يريدون ضرب
إيران وباكستان، بسبب حيازة باكستان سلاحا نوويا، والاشتباه في أن إيران تقوم
بصناعة هذا السلاح، مع أن الهند التي تتعاون معها أمريكا واليهود تملك سلاحا
نوويا أعظم مما تملكه باكستان.
أما كون حاكم العراق دكتاتورا، فغالب حكام ما يسمى بالعالم الثالث، هم
دكتاتوريون.
فهل هذا يسوغ لأمريكا أن تغير جميع الحكام الدكتاتوريين في العالم، وهل هي
وصية على هذا الناس؟
بل أمريكا الآن تمارس أكبر نظام دكتاتوري في العالم كله، وهو أشد ظلما وضررا
من ضرر وظلم دكتاتور واحد في شعب واحد.
فأمريكا تقف ضد أي قرار يصدر من مجلس الأمن، فيه نوع من العدل أو المصلحة
للدول والشعوب المظلومة في العالم، وتمارس أكبر الضغوط على هيئة الأمم
المتحدة، بما فيها مجلس الأمن، لإصدار قرارات ظالمة ضد الشعوب المستضعفة،
وتعين الظالمين على المظلومين، وتقف بجانب الأقليات الانفصالية في الشعوب
الإسلامية ضد الأغلبية في تلك الشعوب، وموقفها واضح في جنوب السودان، وفي
تيمور الشرقية في إندونيسيا، بل إنها تدعم الانفصاليين من الأقليات في
إندونيسيا في إيريان جايا، وفي أتشيه... وفي غيرها...
وتضغط على جميع الدول التي يوجد بها يهود، بأن تأذن لهم بالهجرة إلى فلسطين،
لتقوية المحتلين اليهود، ويقفون ضد عودة أي فلسطيني طرد من بلده...
وقواتها البرية والبحرية والجوية، تجوب جميع الدول في العالم وتقيم لها قواعد
عسكرية في قلب الأمة الإسلامية...
وأمريكا تتدخل في أديان الناس ومناهج تعليمهم، ونظم شعوبهم، وتكبت الأغلبية
الفائزة في الشعوب الإسلامية، وتعين الأقلية على الأغلبية، من أجل تحقيق
مآربها ومآرب اليهود.
إذن أمريكا دولة معتدية على العالم اليوم، وجميع عملياتها العسكرية في العالم
هي عمليات ظالمة، لا يسندها قانون ولا أخلاق، وإنما تسندها القوة التي
ابتلاها الله بها، وابتلى غيرها من الشعوب، فهي تنفرد بذلك من دون سائر
الدول، حتى الأوربية منها، ما عدا ذنبها الحاكم في بريطانيا.
فعدوانها على أي شعب مسلم هو عدوان ظالم، وكل من يستطيع الجهاد في سبيل الله
من المسلمين، مع الشعب العراقي المسلم، أو أي شعب مسلم تعتدي عليه، أمريكا أو
اليهود، فالواجب عليه أن يقف في صف الشعب المظلوم المدافع عن نفسه، وهذا أمر
لا يخالف فيه علماء المسلمين، والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وسيرة
الرسول صلى الله عليه وسلم كلها تدل عليه.
فالجهاد في الإسلام قسمان:
جهاد طلب، وقد ضيعناه، وتضييعنا له من أهم أسباب فقدنا العزة، ووقوعنا في
الذل والمهانة، ونحن اليوم لا نطالب أمتنا بالقيام به، وإنما نطالبها
بالإعداد الكافي له، ليعود مستقبلا إلى عهده الطبيعي الذي أعزنا الله به.
والقسم الثاني: جهاد الدفع، وهو أن يقوم المسلمون في أي بلد يعتدي عليه
الكفار، بالدفاع عنه، وقيامهم بذلك فرض عين عليهم، لا يعذر متخلف قادر على
القيام به...
فإن قدر أهل البلد المعتدى عليه على دفع العدو وطرده منه، فقد كفوا غيرهم من
المسلمين، وأسقطوا عنهم الإثم، وإن لم يقدروا تعين على أهل البلدان القريبة
منهم أن يجاهدوا معهم، حتى يطردوا العدو منه، فإن كفوا وإلا وجب على من يليهم
... وهكذا حتى يدفع العدوان عن البلد المسلم... فمن قدر على هذا الجهاد وجب
عليه القيام به، فإن لم يقوموا به فهم آثمون جميعا حتى يقوموا به، وهذا ما
قرره علماء الإسلام، قديما وحديثا، ولا يخالف فيه عالم آتاه الله الفقه في
دينه والحكمة فيه.
تنبيه مهم
يأتي بعض الناس بشبهة لصد المسلمين عن
نصرة إخوانهم المسلمين في أي بلد يعتدي عليه الكفار، وهي أن الجهاد فرض
كفاية، وليس فرض عين، وهذا صحيح، ذا كان المعتدى عليهم قادرين وحدهم على دفع
العدوان عن بلدهم، أما إذا لم يكونوا قادرين، فالجهاد فرض عين على المسلمين،
حتى يدفعوا العدوان عن ذلك البلد المسلم.
فلا بد من التنبيه على معنى فرض الكفاية الذي لا يفهم فقهه كثير من الناس،
ولو فقهه المسلمون حق الفقه، لكان للجهاد في هذا العصر شأن آخر، غير ما أصيب
به المسلمون من ذلة وصغار في كل أنحاء الأرض.
ففرض الكفاية الذي يسقط عن الأمة بقيام طائفة به، هو أن تكون تلك الطائفة
كافية في القيام به، وليس المراد مجرد قيام طائفة مجاهدة، ولو لم يكن جهادها
كافيا، فلا يصح إسقاط الجهاد عن الأمة الإسلامية كلهم بقيام طائفة منهم في
جزء من الأرض، ولو كانت كافية في ذلك الجزء، مع بقاء أجزاء أخرى ترتفع فيها
راية الكفر، فإن كل جزء من تلك الأجزاء يجب على المسلمين القريبين منه أن
يجاهدوا – ما داموا قادرين - من حارب الله ورسوله وعباده المؤمنين، ووقفوا
عقبة لصد الناس عن الدعوة إلى الله حتى يقهروهم، فإذا لم يقدروا على قهرهم،
وجب على من يليهم من المسلمين أن ينفروا معهم، وهكذا حتى تحصل الكفاية.
ولهذا قال في حاشية ابن عابدين: " وإياك أن تتوهم أن فرضيته "الجهاد" تسقط عن
أهل الهند بقيام أهل الروم مثلا، بل يفرض على الأقرب فالأقرب من العدو إلى أن
تقع الكفاية، فلو لم تقع إلا بكل الناس فرض عينا، كصلاة وصوم "
قلت: والذي يتأمل أحوال المسلمين مع أعداء الله المحاربين للإسلام، يجد أن
الجهاد اليوم فرض عين على كل قادر عليه من أفراد المسلمين، وليس فرض كفاية،
لأن بعض طوائف المسلمين التي تقوم بالجهاد ضد عدوان الكفار على أرضها وعرضها
ومقدساتها في عقر دارها، لا تكفي لقهر عدوها، بل العدو هو الذي يقهرها، بل
ينصر العدوَّ عليها من يدعي الإسلام، وما قضية المسلمين في فلسطين بخافية على
المسلمين !!!
راجع في تفسير الآيات الكتب الآتية: الجامع لأحكام القرآن [ 3/293 ] جامع
البيان عن تأويل آي القرآن [ 11/70 ] التفسير الكبير للرازي [ 11/9 ]
وراجع في كتب الفقه: المبسوط [ 10/3 ] والمغني لابن قدامة [ 9/196 ] وبدائع
الصنائع [ 9/4300 ] وتكملة المجموع للعقبي [ 18/ 47 ] وحاشية ابن عابدين [
4/124 )
وقد لخص ابن قدامة رحمه الله المواضع
التي يتعين فيها الجهاد، فقال: "
ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع:
أحدها
إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان، حرم على من حضر الانصراف وتعين المقام،
لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله
كثيرا [ الأنفال 45 ] وقوله: واصبروا إن الله مع الصابرين [ الأنفال 46
] وقوله: يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم
الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء
بغضب من الله [ الأنفال 15-16 ]
الثاني:
إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم.
الثالث:
إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه، لقوله تعالى: يا أيها الذين
آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض [ التوبة
38 ] والآية التي بعدها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وإذا استنفرتم
فانفروا ) " [ المغني 9/197 والحديث متفق عليه.]
وقد أنكر الله على المسلمين عدم نصرة
إخوانهم المستضعفين، فقال تعالى:
(( فَلْيُقاتل في سبيل الله الذين
يَشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغْلب فسوف
نُؤتيه أجراً عظيماً، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال
والنساء والولدان، الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالمِ أهلها
واجعل لنا من لَدُنا ولياً، واجعل لنا من لدُنْك نصيراً، الذين آمنوا يقاتلون
في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان
إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)) [ النساء: 74-76 ].