إن ما يحصل من التفجيرات التي تزهق بها المئات والعشرات من أرواح المسلمين،
لا يوجد له مسوغ في شرع الله، ولا عند ذوي العقول السليمة، وأهل الفطر
المستقيمة...
فهو عدوان سافر وقتل متعمد لنفوس محرمة في شرع الله، يستحق من قام به ما
قاله الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً
فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ [النساء (93)]
والذين يقومون به داخلون في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا
مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا
مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا
مخلدا فيها أبدا) [صحيح مسلم (1/103) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]
وقال الترمذي بعد أن روى الحديث السابق:
"وروى محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم، قال: (من قتل نفسه بسم عذب في نار جهنم) ولم يذكر فيه خالدا مخلدا
فيها أبدا.
وهكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم، وهذا أصح لأن الروايات إنما تجئ بأن أهل التوحيد يعذبون في النار ثم
يخرجون منها، ولم يذكر أنهم يخلدون فيها" [سنن الترمذي (4/386)]
وإن المسلم الذي له أدنى اطلاع على بدهيات مبادئ الإسلام، لا يشك في أن هذه
التفجيرات التي يقتل بها هؤلاء الشباب أنفسهم وغيرهم من المسلمين، لهي من
أشد المحرمات ومما علم تحريمه من الدين بالضرورة، فهي لا تصدر من مسلم عاقل
يرغب في رضا الله ونيل ثوابه، ويخشى سخط الله ويخاف من عقابه...
فلسنا في حاجة إلى سوق الأدلة التي تحرم قتل المسلم نفسه ولا غيره من
النفوس المحرمة، في كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة قديما وحديثا...
ولهذا نسأل هؤلاء: من أنتم؟
هل تعتقدون أنكم مجاهدون؟!
مَن تجاهدون؟
هل تجاهدون اليهود في الأرض المباركة الذين لا يخفى على مسلم وجوب جهادهم
فيهما؟!
هل تجاهدون الصليبيين المعتدين الذين ظاهروا اليهود على قتل قادة الجهاد
وغيرهم في فلسطين، واحتلوا بلدان المسلمين وعاثوا فيها فسادا، في أفغانستان
والعراق، ويحاربون الدعوة الإسلامية ودعاتها وهيئات الإغاثة الإسلامية في
كل شبر من الأرض، وهم يعدون العدة لاحتلال بلدان إسلامية أخرى: عربية وغير
عربية؟!
إنكم لو قمتم بهذه التفجيرات في تلك البلدان ضد المعتدين المحتلين، مخلصين
لله، مدافعين عن ضرورات حياة الأمة الإسلامية، لكان قتلاكم في الجنة، وقتلى
أعداء الله في النار.
أما أن تقتلوا المسلمين في ديارهم، فأنتم تهدرون بذلك ضرورات حياة هذه
الأمة، وأهم ما تهدرونه من هذه الضرورات: النسل والمال، إضافة إلى الترويع
الذي تحدثونه في نفوس المسلمين، الذين يبيتون مرعوبين ويصبحون خائفين،
ويذهبون إلى أعمالهم وهم يتوقعون أن تأتيهم المنايا في كل مكان...
إذا كنتم تزعمون أنكم مجاهدين بهذه الأعمال، وأنتم مقلدون لفتاوى زعمائكم،
فاعلموا أن فتاواهم غير صحيحة، وأن تقليدكم لهم محرم، فاتقوا الله في أبناء
دينكم وكفوا عن عدوانكم عليهم...
وإن كنتم مستحلين لهذه الدماء المحرمة، فإن من استحل ما حرمه الله، وبخاصة
ما علم تحريمه من الدين بالضرورة، فهو خارج عن ملة الإسلام، فتوبوا إلى
الله وأنيبوا إليه، ولا تأخذكم العزة بالإثم...
وإن أخشى ما أخشاه أن تكونوا مسلطين –علمتم أم لم تعلموا-من قبل أعداء الله
من اليهود والصليبيين على إحداث فتنة وفوضى واضطراب في بلدان المسلمين،
ليزداد المسلمون ضعفا على ضعفهم، وينعم اليهود بهذه الفتنة والفوضى
والاضطراب، فتقوى شوكتهم ويتعاونوا مع العدو الصليبي الجديد [الحكومة
الأمريكية] في حملتها الظالمة على هذه الأمة.
وإني أكرر السؤال مرة اخرى: مَن أنتم؟
المرة الأولى
جرت عادتي في كتاباتي، أن أتخذ أسلوب التعميم، اقتداء بسنة الرسول
صلى الله عليه وسلم، التي كان يتبعها: (ما بال قوم)
ولكني هذه المرة [وهي المرة الأولى في غالب ظني] أخص أشخاصا بأعيانهم،
معتقدا أن في هذا التخصيص مصلحة لمن أذكر أسماءهم ولأتباعهم، وللأمة
الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.
ولو كنت أستطيع الاتصال بهؤلاء الأشخاص مباشرة لأحاورهم، لفضلت البقاء على
ما اعتدته من التعميم، ولكني لا أستطيع ذلك
ولهذا لا أرى بأسا في أن أوجه سؤالا صريحا إلى زعيم القاعدة الأخ أسامة بن
لادن لم يسبق لي أن ذكرته في كتاباتي، والذي حمل راية الجهاد على الروس،
ويجب عليه وعلى كل مسلم، أن يتخذ الأسباب المتاحة المشروعة، لجهاد المعتدين
المحتلين من اليهود في فلسطين، والأمريكان في العراق وفي أي بلد مسم
يحتلونه، ويعتدون على أهله:
هل هؤلاء الذين يقومون بتفجير أنفسهم ويقتلون النفوس المحرمة بغير حق في
البلدان الإسلامية، ومنها المملكة العربية السعودية، هل هم من أتباعك؟ وهل
يفعلون ذلك بأمرك؟
فإن لم يكونوا من أتباعك فأعلنها صريحة وتبرأ من فعلهم، لتلقى الله وقد
أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، ولا تحمل وزرك ووزر من يزعم أنه من
أتباعك...
وإن كانوا من أتباعك وأنت الذي تأمرهم بذلك، فإننا نرجو أن يوفقك الله
لتراجع نفسك، ولا تلقى ربك وأنت مشارك لهم في قتل المسلمين في بلدانهم...
كما أوجه سؤالا آخر إلى الأخ سعد الفقيه الذي كنت التقيته في بريطانيا في
مدينة ليفربول يوم الجمعة 11/1/1408هـ ـ 4/9/1987م وكنت معجبا بغيرته إلى
الإسلام، وقيامه هو وبعض زملائه بالدعوة إلى الله في بلاد الغرب.
إنك يا أخانا سعدا، قد صنفت نفسك من دعاة الإصلاح، وكلنا إن شاء الله ندعو
إلى الإصلاح، ونعلم أنه ما من بلد إسلامي إلا وفيه من الفساد ما فيه، يقل
هنا ويكثر هناك،..وأنه يجب على أهل الحل والعقد من الحكام والعلماء وأعيان
الأمة أن يتعاونوا على إصلاح ما فسد...
ولكن أرجو كذلك أن تجيبني جوابا صريحا: هل ما يقوم به هؤلاء الشباب من
التفجير الذي يقتلون به أنفسهم وآباءهم وإخوانهم وأمهاتهم من الإصلاح، وهل
أنت راض عنه؟
فإن كنت لا ترى ذلك من الإصلاح، بل من الإفساد، فأعلنها صريحة بأنك براء من
تلك الأعمال، ولا تبال بمن يثني عليك أو يذمك، فثناء الله وحده هو الذي يجب
أن يسعى لنيله المؤمن، وذم الله وحده هو الذي يجب أن يفر منه المسلم.
وإن كنت ترى أن ذلك من الإصلاح، فاتق الله وراجع نفسك قبل أن تلقى ربك،
فيسألك عن الدماء التي يسفكها هؤلاء القوم بدون حق...
وأنا أعلم أن بعض الناس قد لا ترضيهم هذه الأسئلة، ولا أصل هذا الموضوع،
ومع ذلك لست مباليا بمن يرضى أو من يسخط، وسوف لا أنظر في رد على هذا
الموضوع يأتي من غير هذين الشخصين اللذين وجهت إليهما هذه الأسئلة...
ولا بأس أن أذكر بما كنت كتبته من قبل عن المفاسد التي ستترتب على أساس هذه
الأعمال، ولقد جاءت أشد مما توقعته، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم...
http://www.al-rawdah.net/r.php?show=home&menu=a0_menu&sub0=allbooks&sub1=a5_hadath&p=1
http://www.al-rawdah.net/r.php?show=home&menu=a0_menu&sub0=allbooks&sub1=a5_hadath&p=2
http://www.saaid.net/Doat/ahdal/91.htm
http://www.saaid.net/Doat/ahdal/83.htm