قادة الصليبيين واليهود المعتدون على المسلمين في عقر دارهم، موغلون في
الخداع والمكر والاحتيال، ومطبوعون على الكذب وخلف الوعد ونقض العهد، وما
من شك أن غالب أتباع هؤلاء القادة يجرون وراءهم ويدعمونهم في تدابيرهم
وأعمالهم بنفوسهم وأموالهم وما يملكون من قوة صناعية وتجارية وغيرها...
وعندما نصف هؤلاء المعتدين بهذه الصفات، نستحضر من كتاب الله ما يثبت ذلك
وغيره عليهم، وبخاصة اليهود، فهم كذبوا على الله وحرفوا كتبه، وقتلوا
أنبياءه ورسله، ونقضوا ما عاهدوا الله عليه:
﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ
بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا
بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ
وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا
النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَاتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ
عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ
مَا لا تَعْلَمُونَ (80)﴾ [البقرة]
﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى
أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً
تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ
بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة(88)]
﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ
مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة (100)]
﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ
قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ
الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ
تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ
مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ
فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنعام (91)]
وعلى الذين عندهم شك في ذلك أو تضيق صدورهم بالرجوع إلى كتاب الله، لمعرفة
أعداء هذه الأمة وصفاتهم السيئة التي لازمتهم منذ فجر تاريخهم، وبها عاملوا
ربهم وأنبياءهم، فليقرءوا ذلك في تاريخهم الغابر وواقعهم الحاضر، ومعاشرتهم
لجميع الأمم في جميع العصور.
والذي يهمنا في ذلك هو معاشرة اليهود والصليبيين لأمتنا الإسلامية، من يوم
بعث الله تعالى رسوله وأنزل كتابه رحمة للعالمين...
فقد نقضت قبائل اليهود واحدة تلو الأخرى، عهودها ومواثيقها التي عقدها معهم
الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهمَّ بعضهم باغتياله، ووضع له بعضهم
السم في طعامه، وألبوا عليه المشركين في الجزيرة العربية، وسلطوا من والاهم
من المنافقين على التجسس عليه وعلى أصحابه، وسعوا بكل ما أوتوا من جهد
وحيلة، في إيجاد الفرقة والتصدع بين المسلمين في كل القرون.
ونحن إذ نبين ذلك لا ننسى التفريق الذي نزل به القرآن الكريم، بين حسن
المعاشرة لمن لم يقاتلونا، ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يظاهروا أعداءنا على
عدوانهم علينا، ففي هذا الفريق قال تعالى:
﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة (8)]
وبين من تجب علينا عداوتهم، ودفع عدوانهم بالوسائل التي شرعها الله لنا
وأمرنا بها لنردع كل المعتدين الظالمين، كما قال تعالى:
﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ
قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا
عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ
هُمْ الظَّالِمُونَ (9)﴾ [الممتحنة]
فهؤلاء أمرنا الله تعالى بإعداد عُدَّة الجهاد التي ترهبهم وتدفع عنا
عدوانهم وظلمهم، ومباشرته عندما لا يكون منه بد، كما قال تعالى:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا
تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ
لا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال (60)]
وقال تعالى: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ
الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا
عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة (194)]
وقال: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ
يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ﴾ [التوبة (190)]
ومقصدنا من هذا المقال هنا، تذكير شعبنا العراقي المسلم، بخبث هؤلاء
الأعداء وعدم الركون إليهم وإلى وعودهم وعهودهم، فهم يتخذون أي وسيلة تتاح
لهم ليحققوا بها أهدافهم العدوانية، فالوسيلة عندهم تسوغ الغاية، وقد سبق
اليهود بذلك "ميكيافلي" الذي تنسب إليه هذه القاعدة.
فقد حرم الله عليهم الصيد يوم السبت، فاحتالوا على ذلك التحريم بنفس
القاعدة، فكانوا يضعون شباكا يمسك السمك يوم السبت، ويأخذونه يوم الأحد،
فأنزل الله تعالى في شأنهم قوله تعالى:
﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ
حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ
حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا
تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾
[الأعراف (163)]
والقصة مبسوطة في تفسير ابن كثير (1/107) وتفسير القرطبي (7/305) وغيرهما
من كتب التفسير]
وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأمة، من أن تسلك مسلك اليهود بتعاطي
هذه القاعدة، كما روى ذلك عنه جابر رضي الله عنه، أنه سمعه يقول عام الفتح
وهو بمكة:
(إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) فقيل يا رسول
الله أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح
بها الناس؟ فقال: (لا هو حرام) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند
ذلك: (قاتل الله اليهود! إن الله لما حرم شحومها، جملوه ثم باعوه فأكلوا
ثمنه) [صحيح البخاري (2/779) وصحيح مسلم (3/1207)]
وعلى هذه القاعدة يسير المعتدون الأمريكيون اليوم، الذين يدعمون ظلم اليهود
ويحققون لهم أهدافهم العدوانية على الشعوب الإسلامية وبخاصة العربية
منها...
ويجب أن نعلم أن وراء العدوان الصليبي على الشعب العراقي، أعداء الأمة
الإسلامية من اليهود الذين اغتصبوا أرضنا المقدسة "فلسطين" والذين يخططون
للسيطرة التامة على الشعوب الإسلامية، بالاحتلال المباشر لبعضها،
وبالاستعباد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لبعضها الآخر، وأن كل ما
يظهرونه هم وعملاؤهم من الوصول إلى حل سلمي، ما هو إلا نوع من خداعهم
وتضليلهم لمن لم تعد تخفى عليه خدعهم وتضليلهم.
ولكنهم قد اهزموا هزيمة لم يعودوا عازمين على الخروج منها، ولهذا نجدهم
يقبلون الخداع والتضليل يوما تلو الآخر، ويلدغون من جحر واحد مرات ومرات،
دون إحساس بعزة ولا محاولة لاستعادة كرامة!...
ومما لا شك فيه أنه يوجد في الجيش الأمريكي في العراق قادة من اليهود، وإن
حملوا هويات أمريكية، وقد كان قائد الجيش الأمريكي في حرب العراق سنة 1990
يهوديا، ولا يستبعد أن يكون كثير من الذين يتولون تلك المداهمات الظالمة
للعراقيين، ويقصفون الشعب ويهدمون منازله ومساجده، هم من اليهود، ويعذبون
معتقليهم ويهينونهم في السجون، هم من اليهود الحاقدين على هذه الأمة.
تشابه أساليب عدوان الأمريكان واليهود!
ونحن نرى اليوم أساليب المحاربين الأمريكيين
المعتدين في العراق، هي هيَ نفسها الأساليب التي يقوم بها المعتدون اليهود
في فلسطين:
1- هدم المنازل على أهلها.
2- ترويع المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ليلا
ونهارا، باقتحام البيوت عليهم، وكسر الأبواب والهجوم المباشر مع توجيه
فوهات السلاح إلى صدور السكان...
3- اعتقال العراقيين من جميع الفئات: نساء
ومراهقين وشبابا وشيبا، بأساليب وحشية مهينة، لا تصدر من بني الإنسان
المتحضرين...
4- إيذاء المعتقلين بالتعذيب والإهانات التي
نشرت وسائل الإعلام في هذه الأيام... نماذج منها مع بعض الرجال، وما خفي قد
يكون أعظم، وبخاصة مع النساء اللاتي لم تنقل وسائل الإعلام إلا أصواتهن في
سجن أبي غريب، لأن الأعداء لم يأذنوا للإعلاميين بتصوير أحد ولا رؤية سجين،
ولهذا قال أحد الإعلاميين: لم نر السجناء وإنما رأينا السجانين، وكان ذلك
يوم 15/3/1425هـ ـ 4/5/2004م.
وقد نشرت وسائل الإعلام الغربية مقابلات مع بعض المساجين من الرجال الذين
شكوا مع التعذيب الأمريكي الاعتداء الجنسي!
فكيف سيكون حال المراهقين والمراهقات، الذين تضمهم سجون هؤلاء الوحوش من
أعداء المسلمين؟
والذي لا يتورع من زاول ما نشر، عما هو أسوأ منه وأشد منه.
وقد يكون كثير من المعتقلين قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية، لا يدري عنهم
أهلوهم ولا منظمات حقوق الإنسان، لأنهم حالوا بينهم وبين زيارتهم من وقت
اعتقالهم...
لقد تذرع هؤلاء المعتدون لغزو العراق بوجود أسلحة الدمار الشامل التي
اعترفوا أن تذرعهم ذلك كان كذبا وزورا، ثم زعموا أنهم جاءوا لتحرير الكويت
من النظام العراقي الظالم الذي دمر الشعب العراقي، ونشروا في وسائل الإعلام
المقابر الجماعية التي نسبوها لذلك النظام...
ولكنهم أثبتوا عمليا للعالم كله أنهم إنما جاءوا لقتل الشعب العراقي
وتدميره، وإحداث مقابر جماعية سريعة، كما شاهدنا ذلك في وسائل الإعلام، حيث
ضاقت مقابر مدينة الفلوجة المجاهدة الباسلة، بمن قتلوا من أهلها خلال ثلاثة
أيام، فدفنوا في الملاعب الرياضية...
وزعموا أنهم جاءوا لتحرير العراق من استعباد النظام السابق لهم، فكان
استعبادهم لهذا الشعب أشد الاستعباد وأعظمه.
ومع أننا نحارب الاستعباد أيا كان صاحبه، فإن استعباد قرد من قرود العراق
لأهل العراق، أخف شرا من استعباد الصليبيين واليهود المعتدين!
5- هدم المساجد وقصف مآذنها وإهانة المصاحف
والكتب الإسلامية.
6- اغتيال علماء الإسلام واعتقالهم...
7- اختطاف الأطباء وأساتذة الجامعات وعلماء
التخصصات الخطيرة، وإبعادهم عن بلدهم أو اغتيالهم، حتى يبقى الشعب العراقي
فقيرا من كفاءاته التي هي أهم من النفط المسروق أو السلاح المدمر...
ولقد كان إخراج علماء العراق من بلدهم من أهم المطالب التي شدد المعتدون
على النظام العراقي السابق في تحقيقها، عندما كان المفتشون عن السلاح
المزعوم يقومون بتفتيشهم في القصور الرئاسية في بغداد وغيرها، ولم يكتفوا
بمقابلة بعض أولئك العلماء في العراق، لأنهم يريدون التحقق من خلو العراق
من رجاله الذين سيعيدون له مجده وعزته، ويرهبون العدو اليهودي بما عندهم من
برامج يعدون بها العدة لردعه، بدلا من استقلال هذا العدو واستئثاره بإرهاب
المسلمين بما عنده من سلاح يتفوق به عليهم جميعا.
أين ستكون نهاية علمائنا العراقيين المختطفين؟
هل سينقلون إلى تل أبيب ليجبرهم اليهود على كشف ما بقي من أسرار في
أدمغتهم؟
وهل سيجبرونهم على تطوير سلاحهم النووي الذي لم تطله الهيئات الدولية، بسبب
الدعم الأمريكي لليهود المعتدين؟
أو هل سيكونون في المعتقلات الأمريكية التي ستمارس ضغوطها عليهم لتتمكن من
أخذ كل ما تريده أخذه منهم؟
ومتى سيصل الشبان العراقيون إلى تلك الخبرة التي ستفقدها بلادهم بفقدها
علماؤهم؟
أيصبح العراق فقيرا من العلماء وذوي الخبرات والكفاءات التي كان غنيا بها؟
ومن المسئول عن فقد هذه الأدمغة والخبرات؟!
مواقف لها ما بعدها يا شعب العراق!
هؤلاء هم أعداء الشعب العراقي من اليهود والصليبيين، وستكون
أساليب خداعهم وتضليلهم خبيثة متعددة، تحتاج إلى فقه وإدراك وتصور، يحبط
بها هذا الشعب مكر عدوه وخداعه وتضليله:
ومن أهم أساليب مكرهم التي سيتخذونها ما يأتي:
1- سلطة وهمية ناقصة للعراق وسيادة مفقودة
2- دستور يسلب العراقيين تطبيق شريعتهم،
ويفتح لعدوهم تثبيت مشروعية ما يريدون تثبيته، مما يخالف عقيدة الشعب
العراقي وأخلاقه وعاداته، وما يمكن العدو من استغلال خيراته وربطه بالمصالح
الأمريكية واليهودية...
3- جيش ضعيف لا يستطيع حماية بلدهم من
العدوان عليه.
4- بث الفرقة والتصدع بين العراقيين، عن طريق
الطوائف والمذاهب أو العشائر والأحزاب، وقد يتم تقسيم البلد إلى شمال وجنوب
ووسط، تحت أي مسمى من المسميات الخادعة....
5- تمكين عملائهم من السلطة التي ينفذون بها
أهدافهم.
6- الاعتراف الرسمي باليهود وتمكينهم من
السيطرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشعب العراقي...
7- إيجاد أسباب تنازع بين العراق والدول
المجاورة
8- السيطرة على منابع النفط...
9- إقامة قواعد عسكرية قوية يهددون بها أي
حكومة عراقية تحاول التحرر من سلطة المعتدين المحتلين، كما يهددون بها جميع
الدول العربية المجاورة وغير المجاورة، بل يهدد بها الشعوب الإسلامية
كلها...
10- تمرير الأهداف الأمريكية باسم هيئة الأمم
المتحدة التي أصبحت شبيهة بإحدى المؤسسات الأمريكية طوعا أو كرها...
11- وإن من أخطر الأمور على الشعب العراقي،
أن تخدعه الإدارة الأمريكية بحكومة تسمى ذات استقلال وسيادة، وهي تحكمه في
واقع الأمر عمليا، باسم سفارتها التي أعلنت من الآن أنها ستكون أكبر سفارة
لها في العالم، ومقرها القصور الرئاسية التي كانت مقرا للنظام السابق الذي
زعمت هذه الإدارة أنها جاءت لتحرر العراقيين منه...
ونحن لا نشك في أن عقول أهل الحل والعقد في الشعب العراقي – ممن لم يدنسهم
الولاء اليهودي الصليبي الذي نصبهم أو سينصبهم حكاما صورة وعملاء واقعا –
نحن لا نشك في أهل الحل والعقد في هذا البلد لأنهم أذكى من عدوهم الأمريكي
واليهودي، فلا يمكن أن يخدعهم بأساليبه الماكرة، وبخاصة أنهم قد ذاقوا
مرارة احتلاله وحملاته الظالمة وأكاذيبه التي وعدهم بها قبل الاحتلال
وبعده...
فليحرص العراقيون على توقي أي تشريع أو قانون، يمكن أن يخدعهم به العدو
المحتل، سواء ما تعلق منه بالشئون السياسية أو الاجتماعية والأسرية، أو
الاقتصادية أو العلاقات الدولية، أو غيرها، لأن العدو المحتل سيتخذ كل
وسيلة يتمكن بها من مشروعية تحقيق مصالحه وأهدافه عن طريق تلك التشريعات
والقوانين التي يصعب تغييرها بعد إقرارها...
وفي خداع الشعب الإندونيسي عبرة!
فقد كان غالب الشعب الإندونيسي المسلم يريد أن يكون نظام حكمه
بعد الاستقلال الإسلام، ولكن الفئة المسيحية القليلة عارضت ذلك وهددت
بالانفصال إذا تضمن الدستور مادة تنص على أن أساس الحكم هو الإسلام.
واستجاب لهذه الفئة العلمانيون، واختال "سوكارنو" وهو أول رئيس لإندونيسيا
بعد الاستقلال ونائبه "محمد حتى" على علماء المسلمين، بأن يوافقوا مؤقتا
على أن يكون أساس الحكم هو الوطنية حتى يتم توحيد الجزر الإندونيسية كلها،
ثم يتم الحوار بعد ذلك في البرلمانات القادمة، والأغلبية هم المسلمون وسوف
لا يختارون إلا الإسلام، فخدعوا بذلك.
ثم فرض أساس الحكم بعد ذلك بالقوة على المسلمين، في المبادئ الخمسة التي
عبروا عنها بـ(البانتشاسيلا) وفسروها تفسيرا يرضي جميع الفئات المحاربة
لتطبيق الإسلام، وحاول العلماء المخلصون تثبيت ما كانوا يظنون أنهم
يستطيعون تثبيته، فلم يتمكنوا من ذلك إلى اليوم، وقد مضى على خداعهم خمسون
عاما، لأن وضع المادة كان سنة 1955م
فاعتبروا بذلك يا أهل الحل والعقد في الشعب العراقي، إنكم قادة شعبكم وولاة
أمره، وإن الواجب على الراعي أن يحيط من يرعاه بالعطف والرحمة، ويحميه من
الظلم والظالمين والعدوان والمعتدين، وحرصكم على حقوق شعبكم أولى من حرص
راعي الغنم على حماية غنمه من الذئاب، وهل رأيتم راعي غنم يأمن الذئاب على
حماية غنمه؟!
وقد لمستم بأنفسكم ورأيتم بأعينكم، ظلم المحتل الأمريكي ومن ورائه اليهود،
وربكم يقول في كتابه الكريم:
﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ
ثُمَّ لا تُنصَرُونَ﴾ [هود (113)]
ويقول:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ
قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ
أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾
[آل عمران (118)]
وإن مواقفكم اليوم من تصرفات العدو المحتل وخداعه، لها ما بعدها في
مستقبلكم ومستقبل أجيالكم، فاثبتوا واصبروا ، وسدوا كل باب يحاول العدو
ولوجه للإضرار بهذا الشعب المسلم العريق، والله ناصركم على عدوكم، ولا
تبالوا من قال الله تعالى فيهم ممن يوالون أعداء الأمة من المنتسبين إليها:
﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا
عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة (52)]