هَبَّتْ رِيَاحُ الْهِندِ فِي الأَكْوَانِ *** لِتُذِيْعَ خَطْباً جَلَّ فِي
رَمَضَانِ
هَزَّتْ بِهِ كُلَّ الْقُلُوبِ وَإِنَّمَا *** قَدْ كَادَ يُوقِفُ مَا أُذِيعَ
جَنَانِي
رُزِئَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَنَدْوَتُهَا الَّتِي *** قَدْ غَابَ عَنْهَا
الْعَالِمُ الّرَّبَّانِي
الْمُصْلِحُ النَّدْوِيْ أَبُو الْحَسَنِ الَّذِي *** أَرْسَى أُصُولَ الدِّينِ
وَالإِيْمَانِ
وَأَقَام لِلتَّوْحِيدِ صَرْحاً شَامِخاً *** فِي مَوْطِنِ الإِشْرَاكِ
وَالأَوْثَانِ
مُتَرَسِماً فِي نَهْجِهِ وَمَسِيرِهِ *** هدْيَ الرَّسُولِ وَشِرْعَةَ
الْقُرْآنِ
ذَادَ الْعِدَا عَنْ دِينِهِ وَرِفَاقِهِ *** بِطَرِيقَةِ الْحُكَمَاءِ
وَالشُّجْعَانِ
وَبَنىَ رِجَالاً عَامِلِينَ عَلَى تُقًى *** وَبَصِيرَةٍ بِالْفِقْهِ ذِي
الْبُرْهَانِ
عَاشَ الْفَقِيدُ نَهَارَهُ مُتَفَقِّهاً *** وَمُعَلِّماً لِلشِّيبِ
وَالْفِتْيَانِ
وَقَضَى لَيَالِيَ عُمْرِهِ مُتَهَجِّد *** وَمُلاَزِماً لِلذِّكْرِ دُونَ
تَوَانِ
وَنَأَى عَنِ الدُّنْيَا وَزُخْرِفِهَا الَّذِي *** يُلهِي عَنِ الطَّاعَاتِ
لِلرَّحْمَانِ
وَغَدَا التَّوَاضُعُ فِي الْحَيَاةِ شِعَارَهُ *** فِي عِزَّةٍ لاَ ذِلَّةٍ
وَهَوَانِ
فَزَكَتْ بِسِيرَتِهِ السَّنِيَّةِ أُمَّةٌ *** صُبِغَتْ بِهَا فِي سَائِرِ
الأَوْطَانِ
*************
أَسَفِي عَلَى بَحْرِ الْعُلُومِ وَنَبْعِهَا *** نَجْلِ ابْنِ بِنْتِ
الْمُصْطَفَى الْعَدْْنَانيِ
أَسَفِي عَلَى بَرٍّ كَرِيمٍ مُحْسِنٍ *** وَمُؤَرِّخٍ مُتَأَدِّبٍ ذِي شَانِ
أَسَفِي عَلَيْهِ مُؤَلِّفاً وَمُحَاضِراً *** وَمُنَاظِراً يَسْمُو عَلَى
الأَقْرَانِ
أَسَفِي عَلَيْهِ وَقَدْ بَكَتْهُ مَنَابِرٌ *** فَقَدَتْ خَطِيباً فَائِقَ
التِّبْيَانِ
أَسَفِي عَلَيْهِ وَقَدْ نَعَتْهُ مَرَاكِزٌ *** لِلْفِكْرِ كَانَ لَهَا
بَدِيعَ زَمَانِ
أَسَفِي عَلَيْهِ وَكَانَ رُكْنَ مَجَاِلٍس *** لِلْعِلْمِ وَالتَّبْلِيغِ
وَالإِحسَانِ
*************
طَافَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ حَامِلاً *** نُورَ الإِلَهِ إِلىَ بَنيِ
الإِنْسَانِ
وَرَأَى بَأُمَّتِهِ انْحِطَاطاً مُزْرِياً *** أَمْسَتْ بِهِ الآفَاقُ فِي
خُسْرَانِ
فَتَفَجَّرَتْ عَيْنَاهُ دَمْعاً غَامِراً *** أَضْحَى مِدَادَ يَرَاعِهِ
الرَّيَّانِ
وَهُنَاكَ أَطْلَقَ صَوْتَهُ (1)
مُسْتَهْدِفاً *** تَنْبِيهََ غَافِلِ أُمَّةِ الإِيمَانِ
*************
شَيْخِي الْجَلِيلَ بَقِيتَ فِينَا
نَاصِحاً **** وَمُجَاهِدًا فِي السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ
وَرَحَلْتَ عَنَّا فِي زَمَانِ مُؤْلِمٍ *** عِشْنَا بِهِ فِي غَابَةِ
الأَحْزَانِ
وَلَحِقْتَ رَكْباً فَارَقُونَا حَسْرَةً *** فِي عَامِنَا هَذَا إِلىَ
الدَّيَّانِ
كَانُوا-وَكُنْتَ-لَنَا حُدَاةً لِلْهُدَى *** وَمُنَاصِحِينَ عَلَى مَدَى
الأَزْمَانِ
وَتَرَكْتُمُونَا فِي فَرَاغٍ هَائِلٍ *** اللهُ يَخْلُفُكُمْ بِخَيرٍ دانِ
صَارَ التَّنَازُعُ وَالتَّفَرُّقُ بِيْنَنَا *** وَالْبَغْيُ مِنْ
أَعْدَائِنَا صِنْوَانِ
وَغَدَتْ يَهُودُ بِقُدْسِنَا مَدْعُومَةً *** مِنَّا عَلَى أَبْنَائِنَا
الشُّجْعَانِ
وَالرُّوسُ يَا شَيْخِي الْجَلِيلَ اسْتِأْسَدُوا *** وَبَغَوا عَلَى
إِخْوَانِنَا الشِّيشَانِ
وَأَعَانَ أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ طغمةٌ *** كَيْ لاَ تَكُونَ شَرِيعَةَ
السُّودَانِ
وَيُدَمِّرُ الْهِنْدوسُ شَعْباً مُسْلِماً *** بَغْياً وَعُدْوَاناً عَلَى
عُدْوانِ
لَكِنَّنَا يَا شَيْخَنَا وَشُيوخَنَا *** لَنْ نَنْحَنيِ أَبَداً لِذِي
طُغْيَان
إِنَّا عَلَى الْعَهْدِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ *** مُسْتَمْسِكِينَ لِنُصْرَةِ
الإِيمَانِ
وَعَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ جَحَافِلٌ *** لاَ يَرْتَضُونَ سَوَى
الْهُدَى الرَّبَّانِي
فَاهْنَأ بِعَيْشٍ فِي ضِيَافَـِة غَافِرٍ *** مُتَـمَتِّعاً بِـالْـفَوْزِ
وَالْـغُفْـرَانِ
(1) في كتابه القيم : ( ماذا خسر العالم
بانحطاط المسلمين ؟! )