هل خلت أجدادك الغر الميامينا *** وهم غضاب وفي
الأرماس يبكونا
بنوا لنا المجد فازدانت مرابعنا *** وحققوا في مغانيها أمانينا
دعوا إلى الحق أهل الأرض واحتملوا ***
كل الصعاب ليعلوا الحق والدينا
وأسعدوا بالهدى من دربهم سلكوا *** وأتحفوهم به عزا وتمكينا
وأدبوا برماح النصر من وقفوا *** للصد عن دينهم كيدا وتوهينا
فرفرفت راية الإسلام عالية *** في الأرض تهدي من استهدى وتهدينا
وأصبح الشرق حتى الصين يتبعن *** والغرب يعلم ما أسدت أيادينا
وكانت السحب أنّى أمطرت وغدت *** خراجها من جميع الأرض يأتينا
وسل إذا شئت في الأقطار أندلسا *** تنبئك عن مجدنا فيها وماضينا
هناك كان لنا علم ومعرفة *** ونجدة قد درى عنها أعادينا
هناك كان ملوك الأرض قد قعدوا *** ليأخذوا العلم منا بين أيدينا
كانوا إذا أُمرُوا لبوا أوامرنا *** وإن نهينا يكفوا عن مناهينا
وكان تاجرنا يغدو إلى بلد *** فيها من الكفر ما يرضي الشياطينا
فيصطفيه كبار القوم قدوتهم *** ويهرعون إلى الإسلام راضينا
وهذه الأرض "2" لا زالت منائرها *** تروي الحقائق قرآنا وتأذينا
فسل فطاني وسل آتشي وسل ملقا *** وسل مراوي وسيبو"3 " عن مساعينا
وسل بخارى ودلهي عن محامدنا *** وسل فينا التي ذاقت مواضينا
ماذا دهانا بني الإسلام فانقلبت *** أحوالنا ما الذي هز الموازينا
غدا الأذلون في التاريخ قادتنا *** وآمرينا بما يشقي وناهينا
غزوا ديارا لنا كانت محصنة *** ودنسوا المسجد الأقصى وسادونا
وأخرجوا أهلها من دورهم فغدوا *** مثل اليتامى بلا مأوى يعيشونا
وكم منازلَ قد دكوا وكم قتلوا *** من أنفس وكم اقتادوا مساجينا
وكم نساء تنادت أين معتصم *** يذود عنا أعادينا ويحمينا
فلم يجدن سوى التصفيق يطلقه *** مخنثون وأهات المغنينا
وكم شيوخ عظام سادة علما *** كانوا أعزاء قد أضحوا مهانينا
وكم صغار رأوا آباءهم ضعفوا *** ولم يروا نجدة ترجى لهم فينا
ولم يروا ملجأ إلا مساجدهم *** فيمموا نحوها واستلبثوا حينا
وأنصتوا فإذا الداعي يقول لهم *** الله أكبر من كل المعادينا
وأمهم قارئ الأنفال منتقلا *** إلى براءة تفسيرا وتبيينا
وهاهم اليوم قد جادوا بأنفسهم *** وحققوا بيعة الأطفال ماضينا
سلاحهم ضد قوات العدا حجر *** مبشر أنه يوما سيدعونا
وكم أذاقهم حزب اليهود أذًى *** وفتنة وهمُ صُبرا يلاقونا
ولا صريخ لهم من أمة بعدت *** عن الصراط الذي قد كان يعلينا
فأصبحت هملا ذلت لقادتها *** وهم لأعدائها بئس الأذلينا
وشعب الأفغان قد أبدى بطولته *** مجاهدا في سبيل الله يفدينا
أهان جيشا عظيم العد مدخرا *** من عدة الحرب ما يُفني الملايينا
ولم يزل صامدا ضد العدا وهمُ *** شرق وغرب وأذناب لهم فينا
وكل شعب لنا في الأرض ممتحن *** بفرقة وشتات في أهالينا
ويعظم الخطب أن يسعى لفرقتنا *** من يدعي أنه بالعلم يهدينا
كل له في الملا حزب يؤيده *** إذا أطعناه في ظلم يوالينا
وإن عصيناه كنا في شريعته *** على الضلالة لم يفتأ يعادينا
وعالَم الأرض يشكو من تأخرنا *** عن هديه بالهدى الباقي بأيدينا
وكم بلاد أفادت من حضارتنا *** ولم تزل آية التحضير تبكينا
ضاعت وصارت مغانيها تناشدها *** عودوا إلينا بوحي الله فاهدونا
وذي الجزائر "2 "يشكو اليوم ساكنها *** الكفر في دارنا يا قوم يغوينا
جاءت جحافله تسعى لردتنا *** بالمال والطب والتعليم يغرينا
في كل ريع ترى الصلبان عالية *** على منائرنا تحكي تحدينا
وأصبح الآمرَ الناهيْ لأمتنا *** من ليس منا ولكن من ذرا رينا
يعطي الولاء لمن يبغي مضرتنا *** وينصر الكفر مختارا ويخزينا
ويهدم الحق بالتعليم متبعا *** نهجا تأسس في دار المضلينا
وينفث السم بالإعلام يقتلنا *** عقيدة وسلوكا في مآوينا
فكان ذلك توهينا لأمتنا *** دينا ودنيا وتثبيتا لباغينا
يا أمتي استيقظي فالنوم طال بنا *** والذل أجناده حلت بوادينا
والعز فارقنا والوحي يرشدنا *** إلى معالم تهدينا وتحيينا
-----------------------------
"1 " من سلسلة في المشارق والمغارب .
"2 ، 2 " إندونيسيا التي أنشئت فيها القصيدة .
"3" بلدان في تايلاند وإندونيسيا وماليزيا والفليبين للإسلام فيها تاريخ