القسم الثاني:
المسلمون من أصل أوروبي.
وتحت هذا القسم نتكلم على ما يأتي:
نشاط المسلمين في دعوة غير المسلمين.
أغلب المراكز الإسلامية التي زرتها في
أوروبا، لم تكن عندها خطط ولا مناهج لدعوة غير المسلمين وتبليغهم هذا الدين،
وأغلب الدعاة الذين التقيتهم يعترفون بالتقصير في القيام بدعوة غير المسلمين،
بل وجدت من يتعجب من سؤالي عن ذلك، حتى قال لي بعض أئمة المساجد: إنه لا
ينبغي دعوة غير المسلمين ما دام المسلمون بعيدين عن الإسلام، ويحتاجون هم إلى
دعوة الله.
وأكثر الذين دخلوا في الإسلام من الغربيين، كان سبب إسلامهم-بعد توفيق
الله-هو بحثهم عن الحقيقة من عند أنفسهم ، وبعضهم وافق أن زار بعض بلدان
المسلمين وأعجبته بعض المعاني الإسلامية، أو بعض التصرفات الطيبة في بلاد
المسلمين، أو في أوروبا، والنادر منهم من أسلم بسبب دعوة مباشرة من المسلمين.
وهذا ما أخذته مباشرة من المسلمين أنفسهم الذين قابلتهم، وعندي معلومات عن
عدد منهم فيما كتبته في هذه الرحلة من سلسلة: (في المشارق والمغارب) وقد سللت
منه الحوارات مع المسلمين منهم وغير المسلمين وطبعتهما في جزأين، ولم يتيسر
طبع هذه السلسلة التي بلغت 20 مجلدا إلى الآن.
هذا وقد التقيت أصنافا من هؤلاء المسلمين:رجالا ونساء، وذوي تخصصات متنوعة،
وأخذت من كل منهم مباشرة، عن حياتهم وإسلامهم، وفيها قصص كثيرة وعبر مثيرة،
ليس المقام هنا مقام التعرض لها، وقد فصلت في مكانها.
فهم المسلمين الأوروبيين للإسلام.
إن القلة القلية منهم هي التي تتصور
الإسلام تصورا صحيحا إيمانا وتسليما وسلوكا، وهؤلاء هم الذين هيأ الله لهم
بعد إسلامهم الاتصال ببعض المسلمين الذين عندهم هذه المعاني، فعلموهم وربوهم
على ذلك مباشرة، أو يسر الله لهم الاطلاع على بعض الكتب الإسلامية باللغة
العربية، وقد سبق لهم أن اجتهدوا في تعلم هذه اللغة، أو مترجمة ترجمة سليمة
إلى لغة أخرى يجيدونها، وقد تبقى لديهم بعض المفاهيم غير الصحيحة، ولكن
الأصول التي فهموها تمكنهم من تصحيح تلك المفاهيم، إذا تيسر لهم السبب الذي
يصححها لهم، وهؤلاء تجدهم ينبذون كل المعتقدات المخالفة للإسلام، سواء كانت
يهودية أو نصرانية، أو وثنية، كما يرفضون كل البدع والخرافات المنتشرة بين
بعض الجماعات الإسلامية، والغالب أن يجمع هؤلاء بين قراءة كتب ابن تيمية وابن
القيم ومحمد بن عبد الوهاب وحسن البنا والمودودي، فيفهمون الإسلام عقيدة
وسلوكا وسياسة شرعية وغير ذلك، أي يفهمونه فهما شاملا، وعندهم استعداد للقبول
بتصحيح أي خطأ يتضح لهم.
ومن هذا الصنف-فيما بدا لي-الأخ يوسف إسلام البريطاني الذي وقف نفسه وماله
للدعوة إلى الإسلام.. ويمكن مراجعة حوارات مع مسلمين أوربيين ص: 177 عن هذا
الداعية
وبعضهم قد يدرس الإسلام في بعض الجامعات الإسلامية، فيفهم الإسلام فهما جيدا
ويعود إلى بلاده، فيأخذ في نشره بين المسلمين من أهل بلده ودعوة من لم يدخل
في الإسلام، ومن هؤلاء الأخ محمد صديق الألماني الذي تخرج في الجامعة
الإسلامية في المدينة المنورة، فقد أنشأ مركزا إسلاميا للدعوة، سماه (دار
الإسلام) في إحدى ضواحي (فرانكفورت) وله فيه نشاط واضح