الأربعاء: 27/8/1400هـ ـ 9/7/1800م
في الساعة الحادية عشرة صباحا قمنا
بزيارة المجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة الإسلامية، فوجدنا فيه بعض الذين
تخرجوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
ورئيس هذا المجلس هو الدكتور محمد ناصر رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب ماشومي
سابقا "وقد حل هذا الحزب".
ولم يكن الدكتور موجودا في هذا الوقت، وعندما علم عنا أبلغنا عن طريق موظفي
مكتبه أن الموعد معه بعد العصر.
وجدنا في المكتب الدكتور محمد رشيدي عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم
الإسلامي وعضو المجلس الفقهي في الرابطة ومساعد مدير مكتب الرابطة في جاكرتا
(ومدير المكتب هو الدكتور محمد ناصر).
تذاكرنا نحن والدكتور رشيدي-وهو يتكلم اللغة العربية باللهجة المصرية-أحوال
المسلمين في إندونيسيا والجهود التي يقوم بها دعاة الإسلام هناك والجهود
المضادة من أعداء الإسلام، والمحاولات الجادة لتحريف معاني الإسلام وتقوية
المعاني الخرافية وإيجاد طائفة باطنية، وغير ذلك من الانحرافات الشخصية، وخطر
المدارس النصرانية على أبناء المسلمين الذين يضطرون للدخول فيها لعدم وجود
مؤسسات إسلامية تستوعبهم لقلة الإمكانات.
الاجتماع بالدكتور محمد رشيدي.
هذا هو الاجتماع الثاني بالدكتور محمد
رشيدي، وكان بعد عصر هذا اليوم: في الساعة: 4.30 مساء.[1]
وقد سجلت عنه المعلومات الآتية:
ولد في سنة:20 مايو سنة:1915م.
عندما كان عمره ( 17 سنة) درس في مدرسة تمهيدية دار العلوم في القاهرة، وكانت
هذه المدرسة في آخر حياتها، وهي مدرسة تمهيدية للالتحاق بدار العلوم العليا
(مدرسة ثانوية) وكان تخرجه من تلك المدرسة سنة:1934م، وبعد تخرجه منها التحق
بمدرسة دار العلوم سنة واحدة، ثم تركها ودخل الجامعة المصرية-كلية الآداب-في
عهد الدكتور طه حسين، والشيخ مصطفى عبد الرازق-وهو أخو علي عبد الرازق-وأخذ
الشهادة من هذه الكلية سنة: 1938م في الفلسفة.
عاد إلى إندونيسيا، وعندئذٍ قامت الحرب العالمية الثانية، وكان السفر في تلك
الفترة على البواخر.
توفي والده وهو في مصر، واشترك في الحركات الإسلامية والوطنية في أواخر
الاستعمار الهولندي في الجمعية المحمدية.
دخلت هولندا في الحرب ضد اليابان مع الحلفاء لمدة شهرين أو ثلاثة، وكانت
الحروب بحرية، أحرقت فيها البواخر الهولندية واستولت اليابان على إندونيسيا.
قبل ذلك كان لهولندا أمل في الاستمرار لاستعمار إندونيسيا، وفتحت مدرسة
ثانوية هولندية إسلامية، وكان رشيدي نائب مدير المدرسة، وكان الشعب يرغب في
التحاق أبنائه بهذه المدرسة، لأنها تجمع بين العلوم الإسلامية والعلوم
العصرية، وبقيت هذه المدرسة ستة أشهر فقط، حيث دخلت اليابان إندونيسيا.
هل ينقذ الاستعمار من استعمار آخر؟
ورحبت إندونيسيا باليابانيين على أساس
أنهم يحررونها من الاستعمار الهولندي.
وشجع اليابانيون المسلمين، وعينتْ 150 شخصا من العلماء قوادا للجيش، ودربتهم
مدة ثلاثة أشهر، وكانوا هم زعماء المسلمين، وكانوا يعاملون العلماء معاملة
جيدة، ولكنهم كانوا يعاملون الشعب معاملة سيئة.
وساءت الحالة الاقتصادية بسبب إرسال اليابانيين الأرز الإندونيسي إلى
اليابان.
وثار بعض العلماء وبعض السياسيين-مثل سوكارنو ومحمد حتى-وكان تعاملهم مع
اليابانيين في الظاهر يرضي اليابانيين، ولكنهم في الواقع أخذوا يعملون ضدهم.
وانهزمت اليابان في 14 أغسطس سنة1945م.
قال رشيدي: إنه كان يعمل في إذاعة اليابان مذيعا باللغة العربية، وقال: (كنت
أنافقهم).
ضغط الشباب الإندونيسي على سوكارنو
لإعلان الاستقلال.
وعندما رميت اليابان بالقنبلة الذرية
الأولى وعرف هو وزملاؤه ذلك، وكان الهولنديون محبوسين هم وعوائلهم، وكان
الشباب متحمسين ضد اليابان، فضغطوا على سوكارنو-وكان خائفا مترددا-على مقاومة
الاستعمار وإعلان استقلال إندونيسيا، فأعلن الاستقلال في 17 أغسطس 1945م.
وكان سير الحرب في الشرق الأقصى على مراحل آخرها انهزام اليابان، وكان رئيس
وزراء اليابان قد حضر إلى إندونيسيا، معلنا أنه يريد تحرير إندونيسيا ليشجع
الإندونيسيين ضد الحلفاء.
مجلس وضع الدستور.
وأنشئ مجلس لجنة لتأليف الدستور، وهذا
المجلس غير مجلس الأمة الصوري، وكان في مجلس هذه اللجنة أعضاء مسلمون أقوياء،
يدافعون عن الإسلام، ويريدون أن تكون الدولة إسلامية، وأكبرهم عبد القهار
مذكر الذي تخرج في دار العلوم بمصر، ولكن الأغلبية كانت من الوطنيين الذين لا
يرغبون في ذكر الإسلام في الدستور فضلا عن تطبيقه، ولا زالوا إلى الآن على
هذا المبدأ.
وقبل أيام حكم على أحد المسلمين بالسجن لمدة 12 سنة بسبب دعوته إلى قيام دولة
إسلامية، ولما كان الوطنيون أكثر والنفوذ بيدهم والدعاة إلى قيام دولة
إسلامية أقل-يعني في اللجنة-انفصل الإسلاميون عن الوطنيين، ولم يشتركوا معهم
وكان الوطنيون [2] يظهرون الاهتمام بالاستقلال فقط،
وهؤلاء الوطنيون تخرجوا في المدارس الهولندية الاستعمارية وكانوا من الناحية
الإدارية المعاصرة مؤهلين.
وقد مكث الاستعمار الهولندي ثلاثمائة سنة وهو يحاول الاستيلاء على إندونيسيا،
واستولى على كثير من مناطقها لكنه لم يستول على كل أجزائها استيلاء كاملا إلا
خمسين سنة، فقد بقي في إندونيسيا ثلاثمائة وخمسين عاما.
وقد كانت في جاوة مملكة كبيرة عقد حكامها معاهدة مع الهولنديين، أظهروا تلك
المعاهدة بأنها في مصلحة إندونيسيا، وهي في الحقيقة في مصلحة المستعمر
الهولندي.
وعندما أعلن الاستقلال أعلن سوكارنو أن دين الدولة هو الإسلام، وجاء ممثل
المسيحيين إلى محمد حتى يطالب بحذف هذه المادة، وهددوا بعدم الاشتراك في
الحكومة إذا نص الدستور على أن الإسلام هو الذي سيحكم إندونيسيا.
ومحمد حتى هو نائب رئيس الجمهورية الإندونيسية، درس في هولندا، وكان يرى أن
الدين مجرد تعبد شخصي، فوافق على حذف هذه المادة، وغضب المسلمون وتركوا
الحكومة [3] .
وكان الإنجليز قد جاءوا بعد هزيمة اليابان، وخاف سوكارنو من انفضاض المسلمين
وعرقلة الاستقلال بمشكلات جديدة، وتشاور هو وحكومته مع المسلمين واتفقوا على
إنشاء وزارة الشؤون الدينية[4] لإصلاح الشؤون الإسلامية،
من المحاكم والمعاهد والمدارس والجامعات.
وكانت بها محاكم شرعية، مثل المحاكم الشرعية في مصر، وكذلك المدارس والمعاهد.
وفي يوم ثلاثة من شهر يناير عام: 1990م كان عمر الوزارة 44 عاما.
وقد حصلت مفاوضات مع الحكومة الهولندية التي كانت تريد أن تعترف بحكومة
إندونيسيا في جاوة وسومطرة، وتريد أن تتحد بقية الجزر مع إندونيسيا فيدراليا
.
ولكن إندونيسيا أصبحت دولة واحدة في منتصف سنة 1950م التي كانت فيها السيادة
للحكومة الإندونيسية، أما الاستقلال فكان في سنة: 1945م.
وأول معاهدة أبرمت بين الحكومة الإندونيسية والحكومة الهولندية، كانت في سنة:
1947م وتكونت الحكومة سنة: 1946م.
وكان سوكارنو رئيس الجمهورية، وكنت وزيرا للشؤون الدينية في تلك الحكومة.
وبعثت جامعة الدول العربية مندوبا إلى إندونيسيا، من أجل مساعدتها في عام:
1947م وكان رشيدي هو الذي يتحدث مع المندوب العربي.
وقررت الحكومة الإندونيسية بعث مندوب إلى مصر ومعه رشيدي، ومكثا هناك أربعة
أشهر، واعترفت مصر بإندونيسيا في عهد الملك فاروق.
وذهب رشيدي إلى المملكة العربية السعودية في الحج، وقدم إلى الملك عبد العزيز
طلب الاعتراف بإندونيسيا. وقال الملك عبد العزيز: نحن لن نتأخر في الاعتراف
بإندونيسيا.
وكانت الجيوش الهولندية تحيط بإندونيسيا، وعندما اعترفت المملكة العربية
السعودية وغيرها بإندونيسيا، يئس الهولنديون من محاولة أي سيطرة على
إندونيسيا، واعترفوا بها دولة مستقلة.
بقي الدكتور رشيدي في الحكومة ثمانية أشهر فقط، ذهب بعدها في وفد دبلوماسي،
لأخذ الاعتراف بالحكومة الإندونيسية من بقية الدول العربية.
وبقي في مصر أربع سنوات ممثلا غير رسمي لإندونيسيا، حتى آخر سنة: 1949م حيث
فتحت السفارة الإندونيسية في مصر وفي جدة، وقدم ورقة الاعتماد في القاهرة
وزيرا مفوضا، ثم في الرياض.
ثم رجع إلى إندونيسيا وعمل في وزارة الخارجية، حيث تولى شؤون الإعلام، وكان
من أعضاء حزب ماشومي الذي أسس في سنة 1945م.
وكان الدكتور محمد ناصر رئيس الوزراء، وقضى على الفيدرالية ووحد البلاد.
ثم عمل الدكتور رشيدي سفيرا في باكستان سنة 1956م.
وكان رئيس الجمهورية الباكستانية اسكندر ميرزا.
واندلعت ثورة ضد سوكارنو سنة 1959 لميله إلى الشيوعية، وقضت الحكومة على
الثورة.
وحصلت شكوك عند الحكومة الإندونيسية في إخلاص رشيدي، وهو خاف أن يعود من
باكستان إلى إندونيسيا، فذهب إلى كندا وبقي بها خمس سنوات، على أمل سقوط
حكومة سوكارنو.
ومكث سنة في واشنطون، مسؤولا في المركز الإسلامي مع شيخ أزهري.
ثم رجع إلى إندونيسيا سنة 1966م في آخر عهد سوكارنو، ولم تقبله وزارة
الخارجية، فعين أستاذا في جامعة إندونيسيا في كلية الحقوق، لتدريس الشريعة
الإسلامية.
وعين شخص ملحد وزيرا للمعارف، فطرد رشيدي من الجامعة، فانضم إلى الدكتور محمد
ناصر في المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية نائبا لرئيس المجلس، ولا زال إلى
الآن على مسمى هذه الوظيفة.
وللدكتور رشيدي أكثر من عشرين كتابا من تأليفه، وبعضها ترجمها من اللغات
الأخرى، وآخرها كتاب الشيعة في الميزان للدكتور كامل الدقس، وقد وزع الكتاب
برغم احتجاج السفارة الإيرانية في جاكرتا.
ومن مؤلفاته كتاب الباطنية، وهو كتاب مهم، لأن كثيرا من الناس لا يعرفون وما
عندها من مبادئ تخالف الإسلام، والشعب الجاوي شعب مسلم، وهذه الطائفة لا تؤدي
العبادات.
وكان رشيدي قد درس في مدرسة الإرشاد العربية التي كان يرأسها أستاذ
سوداني(أحمد بن محمد السوركتي) وكان السوداني مدرسا في المسجد الحرام،
واستقدمته جمعية العلويين [5]، ولا زالت المدرسة المذكور
موجودة إلى الآن، وكان تأسيسها في سنة 1911م تقريبا. وقد توفي السوداني في
جاكرتا.
الإثنين: 18/6/1410هـ ـ 15/1/1990م
هذا وقد ضاق بنا الوقت في الاجتماع
الأول مع الدكتور محمد رشيدي، فطلبت منه اجتماعا آخر، لأسجل عنه معلومات أخرى
عن بلاده، لإلمامه الواسع بأحداثها، من عهد الاستعمار الهولندي ثم الياباني
إلى عهد الاستقلال وتطورات أحداثه إلى اليوم، فاتفقنا على التاريخ المذكور
أعلاه، وكان هذا الاجتماع في الساعة التاسعة صباحا.
شرح المبادئ الخمسة(البانتشاسيلا)
بدأ رشيدي يتحدث عن المبادئ الخمسة
التي هي أساس الحكم في إندونيسيا، فقال: عندما وعدت اليابان إندونيسيا
بالاستقلال، تكونت لجنة تحضيرية لوضع الدستور.
واقترح الأستاذ عبد القهار أن تقوم الدولة على أساس إسلامي، وأيده الزعماء
الإسلاميون، وكان الوطنيون(العلمانيون) لا يريدون حكومة إسلامية.
وصرح سوكارنو-وكان عضوا في اللجنة-بأن لا يوافق على اقتراح عبد القهار، لأن
الحكومات في العصر الحديث قد تغيرت، ويعني هذا ضمنا، وإن لم يكن صراحة، أن
الإسلام غير صالح للتطبيق هي هذا العصر، كما صرح بذلك كثير من أمثاله، فلا بد
من تأسيس الحكومة على مبدأ الوطنية، وليس على دين سماوي، ولهذا دعا إلى إنشاء
دولة وطنية في جميع أجزاء إندونيسيا، وكان ذلك في أول يونيو من عام: 1945م.
وكان الاقتراح العلماني بناء الدولة على الأسس الآتية:
الأساس الأول:
الألوهية(الربانية المتفردة)
الأساس الثاني:
الإنسانية العادلة المتمدنة.
الأساس الثالث:
إندونيسيا المتحدة.
الأساس الرابع:
الشعبية الحكيمة(عن طريق مشورة وتوكيل شعبي)
الأساس الخامس:
العدالة الاجتماعية(لجميع شعب إندونيسيا)
و"بانتش" تعني خمسة، و"سيلا"تعني مبادئ، وهي لغة سنسكريتية، موجودة في الهند،
ولكن معانيها تختلف عن هذه المعاني.
وكان سوكارنو ذكر أساس (الألوهية المتفردة) خامسا في الترتيب، وبعد مناقشات
صار ترتيبها الأول.
والإنسانية المتمدنة تعني إبعاد العقوبات الواردة في الشريعة الإسلامية،
لأنها تخالف التمدن في زعمهم.
ومعنى (الشعبية): ديمقراطية بالانتخاب.
وقد أقرت هذه المبادئ عندما هدد المسيحيون في إندونيسيا الشرقية بالانفصال،
إذا قامت الدولة على أساس الإسلام، وأصر الدكتور"حتى" الذي أصبح نائبا لرئيس
الجمهورية على إقرار هذه المبادئ، وقال: إن الدستور-فيما بعد-سيشرح هذه
المبادئ، وهو يعني أنه يمكن بعد ذلك تطبيق الإسلام، وقال: نحن مختلفون،
ولكننا متفقون: مختلفون في العادات واللغات والعقائد، ولكننا متفقون على
العيش في دولة واحدة مستقلة.
وسكت الإسلاميون مؤقتا عن ذكر الدين والعقيدة والشريعة.
وكانت المادة(29) من الدستور تنص على أن الدولة تؤسس على الألوهية المتفردة،
ولجميع أهل الأديان الحرية التامة.
وتجوهل ذكر الإسلام في الدستور، وأحجم الإسلاميون عن المشاركة في الحرب ضد
المستعمر، فأنشأ سوكارنو وزارة الشؤون الدينية، وبدأ الإسلاميون يؤيدون
الحكومة(هكذا يلبس العلمانيون على الإسلاميين في كل البلدان الإسلامية، حتى
يخدعوهم ويخدروهم!)
وأصبحت كل طائفة من أهل الأديان تفسر مبادئ (البانتشاسيلا) بحسب فهمها
لدينها.
ولا زال المثقفون من المسلمين يقولون: إن الدولة أسست على الألوهية المتفردة
مغترين بلفظ مبهم، والحقيقة أن الدولة لم تؤسس على ألوهية إسلامية، بل على
ألوهية مطاطة قصد بها الخداع، بدليل أن الدولة حاربت كل من دعا إلى إقامتها
على أساس الإسلام.
وقد أكره بعد ذلك سوهارتو المسلمين وغيرهم على الاعتراف بأن تكون (البانتشاسيلا)
هي الأساس الوحيد للدولة كلها، وأن يرفع شعارها على جميع المؤسسات، بما فيها
المؤسسات الإسلامية.
و سوهارتو يوافق-في الظاهر-المسلمين، فيصلي معهم العيدين، ويحييهم بتحية
الإسلام، ولكنه في السر يؤيد الباطنية.
وأرادت الحكومة أن تجعل عيد الميلاد عيدا وطنيا لكل الإندونيسيين، بما فيهم
المسلمون، ولكن المسلمين لم يرضوا بذلك، وصممت الحكومة على ذلك حيث قالت: لا
بد من الاحتفال بعيد الميلاد احتفالا مشتركا، وهي في الظاهر تريد أن يشترك
فيه الكاثوليك والبروتستانت ، ولكن المسيحيين أرادوا أن يشمل ذلك المسلمين،
وكادت أن تحدث أزمة بسبب ذلك قبل عشر سنوات، ولم يلزم المسيحيون الاحتفال
بعيدي الفطر والأضحى.
ويوم الجمعة يوم عمل، بخلاف يوم الأحد وجزء من يوم السبت.
وفي جعل يوم الجمعة يوم عمل، مصلحة للمسلمين، وإن لم تقصد ذلك الدولة، لأن
المسلمين في المدارس والوزارات الحكومية يصلون الجمعة.
والمسلمون ينكرون بقلوبهم قرار سوهارتو جعل البانتشاسيلا أساسا لحياة الدولة
والشعب، ولكنهم لا يقدرون على المجابهة، لأن الجيش له وظيفتان: الأولى:
الدفاع عن البلد، والثانية الاشتراك في الحكم، ويرجعون السبب في اشتراك الجيش
في الحكم أنه هو الذي كون البلاد وقواها، بخلاف البلدان الأخرى فإن الشعوب هي
التي كونت البلاد.
ولم يكن سوكارنو شديدا في إكراه الناس على جعلهم أساس حياتهم هذه المبادئ
[6] .
أما سوهارتو فهو بالعكس، فقد كانت بعض الجمعيات الإسلامية تصرح بأنها تريد
تنظيم حياتها وحياة أتباعها على مبادئ الإسلام، فألزمهم سوهارتو أن ينصوا في
قوانينهم ومناهجهم أن هدفهم بناء الحياة على المبادئ الخمسة.
وسألت الدكتور رشيدي عن معاني رموز
العَلَمْ الإندونيسي؟
فقال: إنه يكره ذلك، ولهذا لم يهتم
به، ولو امتحنوني عنه في المدرسة الابتدائية لسقطت في الامتحانات، وقال: إنهم
عندما وضعوا هذه الأشياء في العلم كان هو في الخارج، وعندما رجع أرادوا
إعطاءه نيشانا بعد أن يمتحنوه في هذه المعاني فقال لهم: إما أن تعطوني بدون
امتحان، أو تمتحنوني وأحرم منه، فأعطوه بدون امتحان.
التنصير في إندونيسيا.
قال رشيدي: والتنصير لا زال على أشده،
وهو الآن أشد من أيام الاستعمار الهولندي، فقد كانت هولندا تخاف من الشعب
لأنه يؤمن بالإسلام، وأما الآن فإنه يُعين كبار المسيحيين في الوزارات
والوظائف الأخرى وكذلك في الجيش فـ(بني مردانة جنرال من جاوة الوسطى وهو
نصراني ووزير دفاع، وقد قتل في ليلة واحدة 442 من المسلمين وكانوا راجعين من
أحد الجوامع بعد استماعهم لدرس ديني، وسمعوا أن بعض المسلمين قبضت عليهم
الحكومة، فذهبوا إلى مركز من مراكز البوليس يسألون عن سبب ذلك، وكان مردانة
يعرف ذلك فأمر بقتلهم، وكان ذلك مقدمة لإكراه الناس على الخضوع لمبادئ (البانتشاسيلا)
لأن هذه المقتلة أرعبت الناس وكان هذا قبل عدة سنوات.
ومعنى هذا أن الحكومة مكنت النصارى وهم استغلوا ذلك لإذلال المسلمين، ووزير
المالية نصراني وكذلك وزير التنسيق.
ومن الأمثلة على تمكنهم واستغلالهم مناصبهم أن باخرة تفرغ حمولتها في صناديق
مقفلة وتبعث إلى جاوة الوسطى، بدون أن تطلع الجمارك على ما فيها، وتحاول
فتحها فتمنع بأمر من وزير المالية، وكثير من الأموال والآلات وغيرها تأتي من
الخارج للنصارى، ولا يعلم المسلمون عنها شيئا.
وللحكومة جامعات، وللمسيحيين جامعات، وجامعاتهم أحسن من جامعات الحكومة،
وعندهم أساتذة من الخارج من الدول الأوروبية وأمريكا.
ويوجد أكثر من مائتي قسيس (جوزيف) أي يسوعيون، وهم من جنسيات مختلفة، وكثير
منهم أخذوا الجنسية الإندونيسية.
والمدارس المسيحية تكره الطلاب غير النصارى على التعليم المسيحي، ولو كانوا
مسلمين، ويكتب ولي الطالب تعهدا بأنه موافق على تعليم ولده الأخلاق، فيطبقون
ذلك على تعليمه الدين النصراني.
وكانت توجد ممالك في جاوة الوسطى، وعندما ذهب الهولنديون بقيت أشكال الممالك
يحرسها ويحرس قصورها المنصرون ويدخلون في أوساط أمرائها.
والتنصير في جاوة أسهل منه في الجزر الإندونيسية الأخرى، وهي أقرب إلى الدين
المسيحي من حيث الغلو في الأشخاص.
ولهذا جاء البابا قبل ثلاثة أشهر وأقيمت له حفلات كبيرة في سومطرة و جاوة، و
جاكرتا وإندونيسيا الشرقية، وكانت الأموال تجمع للاحتفال به عن طريق حرم
الرئيس سوهارتو، وكانت في الأصل مسلمة، ولكنها عندما درست في المدارس
الكاثوليكية أصبحت منهم، وعندما تزوجها سوهارتو أعلنت إسلامها.
والآن عندما جاء البابا ظهر للناس أنها ما زالت كاثوليكية.
والمفروض أن المسلمين كلهم، وبخاصة الزعماء الدينيين يكونون ضد التنصير، ولكن
الواقع غير ذلك، فهم قسمان: قسم يأتمر بأمر الحكومة، وقسم لهم آراء سياسية
ويحرمون من رعاية الحكومة وتكون ضدهم.
فالجمعية المحمدية، والدكتور محمد ناصر الذي يتزعم المجلس الأعلى الإندونيسي
للدعوة الإسلام، هم ضد التنصير ولهم نفوذ كبير.
وجمعية نهضة العلماء، ومركزها في جاوة الشرقية، أعضاؤها جهال ويأتمرون بأوامر
الحكومة، وطاعة أتباع نهضة العلماء عمياء ولهذا ينفذون أي أمر يصدر من
زعمائهم، ويأخذ هؤلاء الزعماء شيئا قليلا من حطام الدنيا والجهل يسيطر عليهم.
ولهذا فإن نهضة العلماء لا تقف ضد التنصير [7] ، بل هم
يحضرون حفلات النصارى، ويفتخرون بأنهم مسالمون.
ويوجد النشاط التنصيري كثيرا في أماكن الهجرة، فقد امتلأت جاوة بالسكان،
ولهذا تُهَجِّر الحكومة بعض سكانها إلى سومطرة وكلمنتن وغيرهما من الجزر
الإندونيسية، وهناك ينشط النصارى لتنصير هؤلاء المهجرين، ومع ذلك فإن كثيرا
من أبناء تلك الجزر يهاجرون إلى جاوة لما فيها من التسهيلات والرفاهية
(نسبيا).
ومن أساليب المنصرين تظاهر بعضهم أنهم مسلمون، وبعد أن يثق فيهم المسلمون
يكشفون عن أقنعتهم.
وهل يكثر عدد المسلمين الداخلين في
النصرانية؟
ليس المهم العدد، وإنما المهم التعليم
فالذي يتعلم ويتنصر هو الخطر، وهذه سياسة الحكومة، فوزير الشؤون الدينية
يقول: لا خطر من التنصير في إندونيسيا، وهو مثال لما يسمى بالتسامح الديني،
وهذا الوزير هو أجرأ الوزراء على إدخال السياسة الخبيثة على المسلمين، وهو
يسخر من المسلمين ويقول: (في القرآن، للذكر مثل حظ الأنثيين، مع أن المرأة في
بعض المناطق في إندونيسيا تعمل بجد في الحياة الاقتصادية وزوجها يخدم في
البيت ويقود بها السيارة، فهل مثل هذا الرجل الذي تقوم زوجته بهذه الأعمال
يستحق أن يحصل على هذا الحكم؟) ويقول الوزير: إن الوقت يختلف والقرآن يجب أن
يفسر حسب الوقت.
وصرح الوزير بأن الحجاب غير مطلوب وأن زوجته لا تستعمل الحجاب.
ومجلس النواب موجود صورة، لا مضمونا، لأن أعضاءه يخافون على فقد مراكزهم
ولهذا يؤيدون الحكومة في كل شئ.
والمسلمون الحمر موجودون في جاوة، وأكثرهم لا يفهمون القرآن وإنما يحفظون
سورا قصارا، ويلبسون ألبسة تختلف عن ألبسة المسلمين الآخرين، ولا يحافظون على
شعائر الإسلام، وهم الآن قليلون جدا وكانوا من قبل أكثر عددا.
والمسلم الأبيض أغلب ويسمى (سنتري) أي ملتزم.
وينشر في الجرائد أن المسلمين الحمر قد ينقلبون إلى باطنيين، وهم يطالبون
بسجلات خاصة بزواجهم ومقابرهم، وتدعمهم الدول الغربية.
وإندونيسيا تحتاج إلى مساعدات من (ICCI) وهي منظمة خاصة بمساعدة إندونيسيا.
مكافحة التنصير.
قال الدكتور رشيدي: من العجيب أن نرى
بلجيكا-وهي دولة نصرانية-توظف المسلمين لتدريس أبنائهم الدين الإسلامي، وهنا
في إندونيسيا، وهي شعب مسلم وفيه أقليات غير مسلمة، نجد الدولة تحارب الإسلام
بوسائل كثيرة، وتدريس الدين على الحالة الراهنة في إندونيسيا لا يترك أثرا في
التلاميذ، مع أن وزير الشؤون الدينية يقول: إن المسلمين في إندونيسيا هم أسعد
الناس في العالم!
وأثنى الدكتور رشيدي على الجمعية المحمدية والمجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة
الإسلامية، في مكافحة التنصير ونشر الإسلام، ولكن أعمال الحكومة المؤيدة
للتنصير عمليا وبخاصة عن طريق الوزراء النصارى فيها تكاد تضيع هذه الجهود.
وقد أنشأت وزارة الشؤون الدينية جامعات إسلامية بكليات متعددة، وخريجوها من
جامعات البلاد الغربية، ولكن الوزير الحالي أصبح مستغربا أكثر من اللازم، مع
أنه من عائلة مسلمة، وأبوه مدرس في قريته، وهو انتسب أولا إلى الحزب الإسلامي
ماشومي، ثم توظف في السلك الدبلوماسي، وكتب رسالة ماجستير أنكر فيها إمكان
قيام دولة إسلامية، وهو على شاكلة علي عبد الرازق، واتخذ خطوة جريئة ببعث
كثير من مدرسي الجامعات الإسلامية إلى جامعة مقيل، ولو أنه بعث بعض النابغين
الملتزمين لا يضير ذلك، ولكنه بعث أعدادا كثيرة بقصد علمنتهم.
ويوجد الآن الدكتور تشارز آدم-مستشرق-هنا للإشراف على ترتيبات بعث هؤلاء
المدرسين إلى الغرب.
وقال الدكتور رشيدي: ومع هذا فإن الدعوة الإسلامية في إندونيسيا تتقدم،
وبخاصة في الشباب الجامعي، ففي كلية الطب-مثلا-تلقى محاضرات عن الإسلام كل
أسبوع، ويدار فيها حوار ونقاش مفيد، وإقبال الشباب على الإسلام يزداد، وقال:
إنه متفائل.
وانتقد الدكتور رشيدي المتخرجين من جامعات الدول العربية، وأنهم لا يسمع لهم
صوت ولا حركة[8] ، ولعل السبب قلة الاطلاع، وقد تكون
لغتهم العربية لا تساعدهم على الاطلاع [9] ، وأكثرهم
يريدون العيش في المدن الكبيرة لما فيها من المرافق.
وقال الدكتور رشيدي: إنه يأسف كثيرا لأنه لم يجد كتابا صغيرا جذابا يبين
أهمية الإسلام في حياة الأمة وأنه كتب هو كتابا يتكون من 150 صفحة في أربع
محاضرات عن الإسلام يبين معنى الدين وتاريخ الأديان.
وقال: إن الشعب لا يفرق بين القرآن والإنجيل (يعني الجهلة الذين لا يفرقون
بينهما من حيث فهم معناهما وأن الأول كتاب الله الخالد المحفوظ، والثاني محرف
لم يعد صالحا للناس بعد نزول القرآن الكريم).
فلا بد أن يبين للناس بطريقة علمية ما يبين معنى الدين والإقليمية والجنسية،
والحكومة لا تريد فعل هذا، ولكن إذا كتب عنه بأسلوب علمي لا يهتم الكاتب.
وقد كان عدد الجمعيات في إندونيسيا كثيرا، وفي آخر عهد الاستعمار الهولندي
وجد اتحاد للجمعيات الإسلامية، وعندما جاء اليابانيون اتصلوا بهذا الاتحاد،
وكان يسمى المجلس الأعلى الإسلامي، تقليدا للمجلس الأعلى الإسلامي في فلسطين
الذي كان يرأسه الحسيني.
وأصبح هذا الاتحاد قوة سياسية كبيرة، وهو حزب ماشومي (مجلس شورى مسلمي
إندونيسيا). وقد حلته الحكومة الإندونيسية فيما بعد.
وبقيت أربع جمعيات: المحمدية، ونهضة العلماء، والإرشاد، والوصلية. واتحاد
التربية الإسلامية (على هذا تكون خمس جمعيات) وأكبرها (لعله يقصد من حيث
العمل والنشاط لا من حيث العدد، لأن نهضة العلماء أكثر عددا من الجمعيات)
المحمدية ولها مرافق كثيرة.
والأحزاب التي كانت موجودة وهي تعمل للإسلام حزب ماشومي، وحزب مسلمي
إندونيسيا، وعرقلت سيرهما الحكومة.
وبقي حزب التنمية الذي لا تقر الحكومة فيه إلا من يؤيدها والحزب الوطني الذي
يعمل فيه النصارى وبعض الوطنيين من المنتسبين للإسلام.
مستقبل إندونيسيا.
ويوجد ما يبن 3-4 ملايين من الصينيين
وهم نشيطون في الاقتصاد والتجارة، وأكبرهم يتصل برئيس الجمهورية مباشرة في أي
وقت، وهو يسكن بجوار بيت الرئيس ويدخل عليه في أي وقت، وهذا يدل على نفوذ
كبير للصينيين، وكان الصينيون وراء الثورة الشيوعية، والآن ستستأنف العلاقات
وتقوى بين إندونيسيا والصين وهذا يوجد تساؤلات، ويخشى أن تعود الشيوعية من
جديد، لأن الأوضاع ازدادت سوء، فالغني افتقر والفقير زاد فقره، والرئيس نفسه
اغتنى غناء فاحشا.
والمسلمون العاملون لا يألون جهدا في للإسلام.
وسألت الدكتور رشيدي عن أقدم أثر وجد في إندونيسيا يتعلق بالعرب؟ فقال: أقدم
أثر وجد في القرن الخامس عشر في سومطرة الغربية من سلالة العباسيين، قدم عن
طريق الهند، وتركوا آثارا صوفية، بعض طوائفها تقول: بوحدة الوجود، وأخرى تقول
بوحدة الشهود، وتضمنته بعض الأشعار الإندونيسية، وهو في مؤلف مطبوع، وقد أعدت
في رسالة دكتوراه في هولندا.
وكانت قد أقيمت مملكة إسلامية في ملقا، ودمرها البرتغاليون، وذهب بعض الشبان
من أولاد التجار إلى جاوة الشرقية، وبنوا جامعا في AMPEL في سورا بايا، ولا
زال موجودا حتى الآن، وتوجد مقابر لبعض المسلمين، وغالبا تكون قد أقيمت في
القرن السادس عشر الميلادي.
وتوجد في جنوب سورابايا مملكة هندية، وفي جاوة الوسطى توجد مدينة تسمى:
"القدس" وقد أسلم أحد الملوك هناك.
وبدأ الإسلام في الانتشار في القرن السادس عشر، وذهب بعض المسلمين إلى شرق
إندونيسيا وبعضهم ذهب إلى سلاويس، والمسلمون فيها أقوياء إلى الآن.
الأولياء التسعة.
لم يكونوا يعيشون في وقت واحد، وبعضهم
كان مع الأمير الذي بنى مدينة القدس.
وهناك خرافة يعتقدها المسلمون الحمر، وهي أن أحد الأولياء قاطعه الأولياء
الآخرون بسبب عدم تعمقه في الإسلام، فاستاء منهم وتشكل بصورة دودة ودخل بينهم
وهم يتناقشون وسمع نقاشهم كله، ثم رجع إنسانا وادعى الألوهية، وحكم عليه
الثمانية بالقتل، ومثل هذه الخرافة التي يعتقدها جهال المسلمين كثيرة.
ومن أهم العقبات التي تعترض الإسلام في إندونيسيا السياسة المعارضة للإسلام.
ويوجد بعض العلماء المتعمقين في العلوم الإسلامية، ومنهم شيخ يسمى استخار في
بوقور وهو متواضع وبعض العلماء يخفون أنفسهم.
ويمكن طلب قائمة بأسماء هؤلاء العلماء من محمد ناصر.
وتوجد طائفة غرب جزيرة جاوة يسمون أنفسهم "بدوي" باللغة الإندونيسية، وتعمدت
هولندا حجزهم عن الحضارة، وهم لا يستعملون الأشياء الحديثة، ولم يستطع أحد أن
يدخل في منطقتهم، بعضهم دخلوا في الإسلام، وبعضهم دخلوا في المسيحية، وما
زالوا يستعملون الأشياء القديمة إلى الآن، وتسمى بلادهم: بنتن BANTAN.
نشاط المجلس الأعلى الإندونيسي.
وقال الدكتور رشيدي عن نشاطهم الدعوي:
نجمع عددا من الدعاة الصالحين، ونوزعهم على المناطق لنشر الإسلام فيها، كل
عشرة يذهبون إلى منطقة ويعطون مكافآت تغطي احتياجاتهم (مائة ريال في الشهر
تقريبا) ونترك لهم حرية العمل واتخاذ الوسائل للاتصال بالناس والتخطيط ونشر
عليهم، وهذا ما يحصل الآن في جاوة الوسطى جوك جاكرتا، حيث يقوم بعض طلاب
الجامعة الإسلامية في جوك جاكرتا بالدعوة في الجبال.
ويجتمعون بعد ذلك ويناقشون النتائج.
ويرى الدكتور رشيدي أن المجلس الأعلى للدعوة هو المؤهل لهذا، لأنه يتصل
بالشعب أكثر من غيره من حيث الدعوة، وعندهم مسجد الفرقان تقام فيه الصلاة في
الطابق الثالث، والطابق الثاني للمحاضرات والاجتماعات، والطابق الأرضي
للمكاتب، وقد ساعد في بنائه بعض المحسنين في الكويت.
والدكتور رشيدي هو نائب رئيس المجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة الإسلامية
(قال: رسميا، أما من حيث العلم فصحته لا تمكنه من القيام بنشاط عملي).
ويوجد قسم كبير عن شؤون إندونيسيا في جامعة ليدن في مدينة لاهاي بهولندا، وهو
يهتم بالأجناس وأديانها وعاداتها.
والسكان الأصليون في إندونيسيا لهم لغة خاصة وحروف خاصة يكتبونها.
والشيعة يوجد عدد قليل منهم من الشبان، ولا مستقبل لهم إن شاء الله في
إندونيسيا.
وقد أدرك بعضهم خطر الشيعة بعد أن ترجم الدكتور رشيدي كتاب سلامة الدقس:
عقائد الشيعة في الميزان، واحتجت السفارة الإيرانية على ذلك، واتصلت بالناشر
وقالت: إن في ذلك إساءة لزعيمهم الخميني، وقد اهتم الناس بقراءة الكتاب.
تعليق:
تركت للدكتور رشيدي في هذه الجلسة أن
يذكر كل ما يعن من خواطر، وإن كنت أحيانا أوجه له بعض الأسئلة والاستفسارات،
وكان يتحدث والحزن باد عليه بسبب ما يراه من محاربة الإسلام في بلاده من
الداخل والخارج.
الإثنين: 19/2/1413هـ ـ17/8/1992م
استياء الدكتور محمد رشيدي من أوضاع
بلاده.
هذا وقد زرت الدكتور رشيدي في رحلتي
الرابعة لإندونيسيا في منزله الجديد الذي انتقل إليه قريبا، وبدا لي في هذه
الزيارة أن الرجل منقطع عن العالم ومستاء جدا من الأوضاع في إندونيسيا، وفي
العالم الإسلامي كله.
وقد تحدث حديثا قصيرا في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى:
أنه استفاد من سيد قطب رحمه الله في دراسة المواد الرياضية عندما أراد رشيدي
الالتحاق بالثانوية العامة في القاهرة.
النقطة الثانية:
وقال: إن وزير الشؤون الدينية(الأستاذ محمد منور شاذلي) كان من شباب حزب
ماشومي، وأن سبب دخوله في السلك الدبلوماسي، هو تمكين وزير خارجية
سوكارنو(محمد روم)-وهو أيضا من شباب ماشومي-لمحمد شاذلي من دخول هذا السلك،
ولكنه بعد أن دخل في ذلك ابتعد عن مبادئ حزب ماشومي، وأصبح عضوا في حكومة
علمانية.
والنقطة الثالثة:
أن حزب التنمية الذي كان في الأصل حزبا إسلاميا أصبح أقل الأحزاب أهمية مع
كثيرة المسلمين الإندونيسيين وأن الحزب الديمقراطي الذي يغلب فيه النصارى،
ويعتبر الحزب الثالث من حيث العدد هو أكثر سيطرة منه وقد يصبح أكثر عددا منه،
هذا فضلا عن الحزب الحاكم.
الخميس 18/4/1418هـ ـ21/8/1997م
الدكتور محمد رشيدي فقد ذاكرته لكثير
من أحداث الماضي.
كانت آخر زيارة قمت بها للدكتور محمد
رشيدي في منزله بجاكرتا، بعد صلاة العصر من هذا اليوم، وقد فقد كثيرا من
معلوماته السابقة لكبر سنه، حتى إنه لم يعرفني مع تكرر زيارتي له، وكان
يذكرني في جميع تلك الزيارات، ولكنه يتمتع بالسمع وفهم كل ما يقال له في
الوقت الحاضر ويرد على المتكلم بوعي كامل وسألته: كم عمرك الآن ؟ فقال: كم
تعطيني أنت؟ يعني: كم تقدر لي من العمر؟ قلت: أقل من التسعين قليلا، فقال:
نعم أقل من التسعين قليلا. فقال له: عبد الله باهرمز: 85 سنة؟ قال: لا بل أقل
من التسعين بأشهر فقط.
وقد طلبت من بعض الإخوة الإندونيسيين أن يحدد لي موعدا لزيارته في هذا
العام(1419هـ ـ 1998م) فأخبرني بأنه من الصعب زيارته في هذه الأيام، لعدم
قدرته على الجلوس وعلى التفاهم مع الزائر.
وإني أسأل الله تعالى أن يحسن خاتمته، وأن يثيبه على ما قدم من عمل للإسلام
في بلاده، وأن يخلفه بخير، إذا انتقل إلى جوار ربه.
وفاة الدكتور محمد رشيدي رحمه الله
الثلاثاء 27/3/1422هـ ـ 19/6/2001م
في هذا اليوم قابلت الأستاذ حسين
عمر(سبق أن قابلته السنة الماضية، وكتبت عنه بعض المعلومات) رئيس المجلس
الأعلى للدعوة الإسلامية في جاكرتا، وسألته عن تاريخ وفاة الدكتور محمد
رشيدي، فقال: إنه توفي بعد ظهر يوم الثلاثاء 30/من شهر يناير من هذا العام
2001م، وهو يوافق اليوم السادس من شهر ذي القعدة 1421هـ في المستشفى الإسلامي
في جاكرتا، بعد أن نقل إليه وبقي فيه أقل من عشرة أيام.
ثم نقل في الطائرة إلى جوك جاكرتا، ودفن في مقبرة صغيرة خاصة بعائلته، في
منطقة (كوتا كِيْدِيْهْ kuta kidih ) عن عمر بلغ 86 عاما، لأنه ولد في اليوم
الثاني من شهر مايو سنة 1915م
وكان اسمه الأصلي: محمد ساريدي، والذي سماه رشيدي هو الشيخ أحمد السوركتي
السوداني المولود سنة: 1872م، وقد تتلمذ عليه رشيدي ، والشيخ السوركتي هو
زعيم الإرشاديين(سبق أن كتبت معلومات عنه وعن الإرشاديين والعلويين وما دار
بينهما من خلافات في الكتاب الخاص بإندونيسيا من سلسلة: في المشارق والمغارب)
وللدكتور محمد رشيدي ثلاثة أولاد: بنت، واسمها توريانا، وابنان وهما عيد
السلام وقاسم.
ملحوظة:
كنت قابلت الدكتور محمد رشيدي ما
لايقل عن أربع مرات، وأخذت منه معلومات مباشرة عنه وعن الأوضاع في إندونيسيا
عامة، وعن الصراع بين المسلمين وأعداء الإسلام خاصة، وكان أول لقاء به في سنة
1400هـ ـ 1980م هو وزميل دربه الدكتور محمد ناصر رحمه الله.
وقد زاره عبد الرحمن واحد قبل وفاته.
وقد كان رشيدي أول وزير للشؤون الدينية في عهد سوكارنو بعد استقلال إندونيسيا
من الاستعمار.
وكان أبو عبد الررحمن واحد وزيرا للشؤون الدينية أيضا في فترة من الفترات.
وسألته: هل بقي من جيل الدكتور محمد رشيدي ورفيق دربه الدكتور محمد ناصر
رحمهما الله أحد على قيد الحياة؟
فقال: محمد رشاد نور الدين ، وهو أحد رؤساء فروع المجلس الأعلى للدعوة
الإسلامية في جاوة الغربية، وعمره ثمانون سنة تقريبا، وهو لا يزال واعيا
ونشيطا، وإن كن يتعرض لآلام في ركبتيه.
وقد كتب عن حياته مجموعة من المثقفين، مننهم وزير الشؤون الدينية الأسبق منور
شاذلي، وعبد الرحمن واحد الرئيس الحالي لجمهورية إندونيسيا، ونشر الكتاب
1985م.
وقد رأيت الكتاب، وهو باللغة الإندونيسية، وفي الصفحة من النسخة كتب الدكتور
رشيدي إهداء لها بخطه إلى الدكتور محمد ناصر رحمهما الله رحمة واسعة.
وقد ذكر في الكتاب الذي ألف عن حياة الدكتور رشيدي، عدد من الكتب بلغت 23
عنوانا، بعضها ألفها هو، وبعضها ترجمها إلى اللغة الإندونيسية.
من الكتب التي ألفها:
1-
فلسفة الدين. سنة 1965م.
2-الإسلام
وإندونيسيا في العصر الحديث.
3-
فضائل الأحكام الشرعية.
4-الإسلام
والباطنية.
5-
لما كنت ثابتا على الإسلام.
6-الإسلام
في مواجهة الشيوعية.
7-الإسلام
والاشتراكية.
8-
موقف الإسلام تجاه التنصير.
9-الدين
والأخلاق.
10-الاستراتيجية
للثقافة وتجديد التربية الوطنية. عام 1980م
الإسلام في إندونيسيا( وهو رسالته للدكتوراه بين فيها أسباب نقده لكاتب
إندونيسي قديم، يسمى (شِنْتِيْنِي) كتب أوراقا عن تطور الإسلام في إندونيسيا،
وكانت تلك الأوراق هي محل النقد)
11-
ما هي الشيعية؟
12-
أربع محاضرات عن الإسلام في الجامعات الإندونيسية. سنة 1974م
13-
قضية مسودة قانون الزواج فيما يتعلق بعلاقة المسلمين والنصارى.وكان هذا
الكتاب ممنوعا في عهد سوهارتو.
ومن الكتب التي ترجمها:
1-
وعود الإسلام للأستاذ جارودي. سنة 1982م
2-
التوراة والإنجيل والقرآن والعلوم العصرية للأستاذ موريس بوكاي.سنة 1978م.
3-التوحيد
والشرك في الإسلام من وجهة نظر الأستاذ كِينث مرجان (لخص فيه كتابه: الإسلام
الطريق الطريق القويم) 1958م
4-
مؤتمر الكنائس العالمية-معناه للعالم الإسلامي. سنة 1975.
5-الإنسانية
في الإسلام للكتور مارسل بوساد. سنة 1980م.
6-الموضوعات
الفلسفية (THELIVING ISSUE OF PHILOSOPY لمؤلفه TITUS CS ) 1984م
وله حوارات في الرد على بعض المثقفين
الإندونيسيين:
1-
ملاحظات على الدكتور نور خالص ماجد عن العلمانية سنة 1972م
2-
ملاحظات على كتاب الدكتور هارون ناسوتيون (الإسلام من جميع جوانبه)
ومعلوم ما كابده الدكتور محمد رشيدي ورفقاء دربه، وبخاصة الدكتور محمد ناصر
من ظلم واضطهاد وكبت من قبل الحكم المستبد الجائر الذي تولى كبره سوهارتو.
=============================
[1]
-الاجتماع الأول كان في رمضان من عام: 1400هـ. وقد سجلته في الكتاب الثاني من
هذه السلسلة.
[2]-أعداء
الإسلام يلبسون على الشعوب بنسبة أنفسهم إلى الوطن وكأن غيرهم من دعاة
الإسلام ليسوا وطنيين، والهدف من ذلك جذب ولاء الناس باسم الوطن وإبعادهم عن
الولاء لله ورسوله والمؤمنين، ولهذا تجد مناهج التعليم والاعلام تصب في هذا
الاتجاه، بحيث تقضي التربية الوطنية على التربية الإسلامية أو تحاصرها.
[3]-هذه
المسألة تحتاج إلى تفصيل وسيأتي في مكانه المناسب مع ذكر المؤامرة على
الإسلام بوثائقها ومراجعها.
[4]-هكذا
يناور أعداء الحكم بالإسلام المسلمين ويخدعونهم بأحداث منصب مثل وزارة الشؤون
الدينية، مع أنها ليست خاصة بالمسلمين، حتى يتمكنوا من صرف المسلمين عن
المطالبة بالتطبيق الكامل للإسلام بحيث تكون الوزارات كلها تطبق الإسلام،
فإذا تمكنت الحكومة العلمانية من ذلك وجهت الوزير المسؤول عن الشؤون الدينية
إلى علمنة الإسلام بالأساليب الماكرة، أو حذفت الوزارة أصلا.
[5]
-هذا بعد أن انفصل السوركتي عن العلويين، بسبب خلاف دار بينه وبينهم، كما
سيأتي تفصيله في مكانه.
[6]-يكفيه
أنه سنها وقننها.
[7]-قد
لا يكون هذا هو موقف جميع الأعضاء.
[8]-لي
على الإطلاق ويوجد كثير من الشباب الذين تخرجوا في جامعات الدول العربية لهم
نشاط دعوي وتعليمي جيد وهم في حاجة إلى الإمكانات المادية.
[9]-الذي
يتخرج من جامعة عربية يكون غالبا قادرا على الاستفادة من الكتب العربية إلا
إذا هجر اللغة العربية ويستطيع أن ينمي معلوماته بالكتب المترجمة.