كثير من دعاة الإسلام يصطفيهم الله للقيام بالدعوة إليه، ويغرسون في دنيا
الناس بذور الخير، وينفع الله بهم من شاء من عباده، ويكابدون كثيرا من المشاق
في سبيل نشر دين الله وقيادة من استجاب لهم إلى رضا ربهم... ويحيون مناضلين
لتطبيق الشريعة الإسلامية، وهم محاربون.... ثم توافيهم الآجال... ويوارون
الثرى، دون أن يعرفهم كثير من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها...
ولو أصابت شوكة أو وصداع خفيف لاعب رياضة... أو مغنية أو راقصة ... في أي بلد
من بلدان العالم، لتناقلته وسائل الإعلام المتنوعة في لحظة وقوعه...
وهاهو رئيس حزب إسلامي عريق في بلد إسلامي مشهور، يقود حزبه أربعة عشر عاما،
بعد أن بذل جهده قبل ذلك في طلب العلم والدعوة إلى الله في عنفوان شبابه، ثم
يلقى ربه، دون أن يدري عنه غالب المسلمين، حتى من شباب الصحوة الإسلامية،
وهذا هو نصيب كثير من علماء الإسلام ودعاته من وسائل الإعلام الظالم كثير
منها...
ولكن عزاؤنا أن الذي يتولى أمر هؤلاء الدعاة – الذين نحسبهم أهل خير وهدى ولا
نزكيهم على الله - ويكرمهم هو خالقهم الذي يعلم السر وأخفى...
هذا وقد اجتمعت بالأخ الكريم الأستاذ فاضل محمد نور في (يوم الاثنين
6/1/1410هـ ـ 7/7/1989م) في مدينة كوالالامبور العاصمة الماليزية... وهي
السنة التي زرت فيها تسعة بلدان في شرق وجنوب شرق آسيا في رحلة استغرقت أكثر
من أربعة شهور... وأخذت منه رحمه الله بعض المعلومات عنه وعنه الحزب الذي
يرأسه، وعن المملكة الماليزية إجمالا، أنشرها لأول مرة بمناسبة وفاته رحمه
الله:
من هو فاضل نور؟
وهو فضيلة الأستاذ فاضل محمد نور
ولد سنة 1937م.
دراسته: درس الابتدائية، ثم درس في معهد إسلامي يسمى المعهد المحمود، درس فيه
العلوم الدينية باللغة العربية، ويعرف بمكتب محمود، ومستواه ثانوي.
ثم درس في جامعة الأزهر، كلية الشريعة والقانون. وتخرج فيها سنة 1967م.
ثم رجع إلى بلده.. وقام بالتدريس في نفس المعهد.
وكان يعمل في مجال الدعوة، في الحزب الإسلامي وغيره من الجمعيات، ثم انتقل
إلى العاصمة، ودرس في الجامعة التكنولوجية في قسم الدراسات الإسلامية لمدة
خمس سنوات.
وكان يعمل في حركة الشباب الإسلامي المعروفة اختصارا بـ"أبيم" -نائباً
للرئيس-عندما كان الرئيس كان أنور إبراهيم الذي يقف اليوم وراء قضبان السجن،
بسبب الكيد السياسي...
واشترك الأستاذ فاضل نور في الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض.
ثم اشترك في الانتخابات في ماليزيا سنة 1978م وترك الجامعة، وتفرغ للعمل في
الحزب الإسلامي.
نبذة عن الحزب الإسلامي.
أسس الحزب سنة 1951م.
وكان رئيسه الأول أحد العلماء وهو أحمد فؤاد حسن، الذي تخرج في المملكة
العربية السعودية، ربما في الحرم المكي.
واستقال بعد ذلك وخلفه الدكتور عباس إلياس، ثم خلفه الدكتور برهان الدين حلمي
إلى أن توفي، ثم خلفه الأستاذ محمد عصري، ودراسته كانت في ماليزيا
وإندونيسيا، وكان وزيراً، وهو الآن في حزب " أمنو" الحزب الحاكم.
وخلفه الحاج يوسف عبد الله راوا، وكان قد درس في مدرسة دار العلوم في الحرم
المكي قبل الحرب العالمية الثانية.
والآن خلفه الأستاذ فاضل محمد نور ابتداء من شهر أبريل، من هذا العام (أي أن
له في رئاسة الحزب أربعة شهور فقط قبل هذا اللقاء).
أهداف الحزب وأساسه.
وأهدف الحزب جمع كلمة المسلمين، وبناء
المجتمع على أساس الإسلام، وتطبيق شريعة الإسلام والقيم الإسلامية، وأساسه
القرآن والسنة والمصادر المعتبرة في الإسلام.
وأعضاء الحزب كلهم مسلمون، ويحاول الحزب أن يربي من يحتاج إلى التربية من
أعضائه حتى يلتزموا بالإسلام.
وعدد أعضائه المسجلين ثلاثمائة ألف.
والمؤيدون حوالي سبعمائة ألف.
(يجب أن يعلم أنه قد مضى على هذه المعلومات 14 عاما تقريبا... وقد جدت أحداث
وتطورات... وتقدم فيه الحزب تقدما ملموسا)
عقبات تقف في طريق الحزب.
قلت له: هل توجد عقبات تقف أمام تحقيق
أهداف الحزب؟
قال: نعم لا يخلو حزب أو جماعة
إسلامية من عقبات تعرض الطريق، والعقبات قسمان:
عقبات داخلية.
أي في نفس الحزب، وذلك بسبب وجود
أفكار مشتتة في بعض الأعضاء، لأن ثقافتهم مختلفة، وتوجد عند بعضهم ضحالة في
التفكير.
قلت: ما نسبة علماء الشريعة في الحزب؟
قال: إن الحزب هو أكبر تجمع للمسلمين،
ولهذا أكثر العلماء هم أعضاء في الحزب.
ومن فروع الحزب ديوان العلماء، وكثير منهم تعلموا في الجامعات الإسلامية
والحرم المكي والأزهر والهند وفطاني، وبعضهم تعلموا في داخل البلد.
ومن العقبات قلة الفقه الدقيق للمبادئ الإسلامية وأشياء عارضة.
والذي يذلل هذه العقبات التربية، وتوجد لجنة للحزب مهمتها هذه التربية،
والمسؤول عنها الشيخ عبد الهادي (كان حينها نائب رئس الحزب... وقد اجتمعت به
وكتبت عنه بعض المعلومات المسجلة في مجلد ماليزيا... وهو الآن رئيس وزراء
ولاية ترنغانو... وقد تخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة وفي جامعة الأزهر).
عقبات خارجية.
وهناك عقبات خارجية، ومن أهمها وقوف
الحزب الحاكم الذي بيده السلطة والإمكانات، وغيره من الأحزاب المعادية لتطبيق
الشريعة، ضد الحزب الإسلامي.
هيكل الحزب.
1- اللجنة المركزية، وهي تتكون من
27عضواً.
2- ديوان العلماء.
3- ديوان الشباب.
4- ديوان المسلمات.
وفي كل ولاية مجلس يرأسه مندوب من اللجنة المركزية، وتحت كل مجلس فروع، وتحت
كل فرع شعب.
في شبه جزيرة ماليزيا 132منطقة برلمانية.
وفروع الحزب فيها 110فروع، في المناطق التي يغلب فيها المسلمون.
وقيادة الحزب الإسلامي من العلماء.
ولا توجد مؤسسات رسمية.
وعند الحزب رياض أطفال إسلامية، ومدارس تابعة لأعضاء الحزب (أي ليست باسم
الحزب رسمياً).
ويوجد مركز التربية في كوالالامبور، وهو المركز الرئيسي للحزب.
ولدى الحزب جريدة الحركة، وهي صحيفة إعلامية يشرف عليها الأخ داننج سنوسي.
وتوجد كفاءات جيدة لدى الحزب لملء الفراغات، وبعضهم محاضرون في الجامعات في
الدراسات الإسلامية، ويؤيد الحزب المسلمون في الخارج، وإذا وثق الشعب بالحزب
فسوف لا يقف وحده، بل سيساعده، ويقف وراءه (هذا كله يعني عندما يفوز الحزب
لإقامة حكومة).
كيف يطبق الحزب الشريعة إذا فاز في
الانتخابات؟
قلت له: ما تصوركم لتطبيق الشريعة
الإسلامية إذا فزتم؟
قال: نحن نعرف أن في ذلك صعوبة،
وبخاصة في ماليزيا، ذات الأديان والثقافات المختلفة.
نريد أن ندعو الناس إلى الإسلام ونفهمهم إياه، والتطبيق لا بد فيه من التدرج
[ فاز الحزب الإسلامي في الانتخابات عام 1990م في ولاية كلنتن وكون حكومة
للولاية، وقد وضع الحزب خطة لتطبيق الشريعة الإسلامية في الولاية المذكورة.
راجع مجلة الإصلاح الإماراتية عدد ـ 185 27شوال 1412هـ 30أبريل 1992م. ص 26.
ثم فاز بعد ذلك بالولاية المذكورة وولاية ترنغانو]
قلت: فما الفرق بين حزبكم والحزب
الحاكم " أمنو"؟
قال: الفرق أن برنامجهم علماني أصلاً،
وهم يحاولون أن ينفذوا من الإسلام بما لا يمس جوهر العلمانية.
صلة الحزب بالجماعات
والحكومات ذات الاتجاه الإسلامي.
قلت: خبرات الحزب المكتسبة، هل أخذها من
جماعة معينة؟
قال: قرأنا الكتب التي كتبها زعماء
الحركات الإسلامية من العرب أو باكستان أو غيرهم، ونستفيد من تجاربهم
وعلومهم، ونحن نشعر أننا لسنا وحدنا، ونحاول أن نتغلب على ما يقف أمامنا من
مشكلات.
كما أننا نستفيد من بعض الكتب الصادرة في المملكة العربية السعودية، ومن بعض
التطبيقات العملية.
أما إيران فهي في بدايتها لمحاولة التطبيق، وعندهم حسب ما سمعنا عزم على
التطبيق، ولا نستطيع أن نحكم عليهم الآن بالنجاح أو الفشل.
ولا توجد علاقات بين الحزب والحكومات الآن، لأن الحكومات الأجنبية لا تريد أن
تتدخل في الشؤون الداخلية للبلد، وضرب مثلاً بالمملكة العربية السعودية التي
توجد بينها وبين الحزب علاقة فكرية وعقدية، ولكن ليس بينها وبين الحزب علاقات
رسمية.
ويرجى أن تكون العلاقات غير الرسمية جيدة مع المؤسسات الإسلامية، وكذلك
العلاقات الشخصية.
معلومات موجزة عن ماليزيا.
هذا، وقد طلبت من الأستاذ فاضل إعطائي
نبذة مختصرة عن الوضع السياسي في ماليزيا.
فأجاب بما تيسر-حسب الوقت المتاح.
قال: ماليزيا ملكية (اتحاد ملكي).
الملك ينتخب من بين السلاطين.
توجد تسع ولايات يرأسها السلاطين، واحد منهم ينتخب ملكاً لمدة خمس سنوات.
وتوجد أربع ولايات أخرى، لا يوجد فيها سلاطين، وإنما فيها حاكم لكل ولاية،
والملك هو الذي يعين هؤلاء الحكام.
والبرلمان مكون من 177عضواً منتخباً، ومدته خمس سنوات على الحد الأقصى.
وديوان الشيوخ، بعض أعضائه معينون من قبل الملك، وبعضهم وكلاء، من كل ولاية
مندوبان يعينان من مجلس الولاية.
والوزارة المركزية يعين الملك رئيسها من بين أعضاء البرلمان، والعمل في
التعيين جار على تعيين من يحصل على ثقة الأغلبية في البرلمان.
والدستور لم يشترط في رئيس الوزراء أن يكون مسلماً.
والوزراء يعينهم الملك بنصيحة من رئيس الوزراء.
والملك يسود ولا يحكم.
وتأتي بعد ذلك الوزارات في الولايات.
وفي كل ولاية سلطان وتحته حكومة
الولاية، يرأسها رئيس وزراء الولاية الذي يعينه السلطان من بين أعضاء المجلس
التشريعي في الولاية من واقع الأغلبية.
وتحت حكومة الولاية أعضاء.
عدد السكان ماليزيا 17ماليزيا.
نسبة المسلمين 55%.
الأجناس أكثرهم الملايو يون 52%.
والصينيون ما بين 35 ـ 36%.
والهندوس 10% وهم أخطر من الصينيين بسبب التعصب الديني.
والسكان الأصليون ويسكنون في الغابات، وقد بدأوا الآن يفدون إلى المدن
الصغيرة، وأكثرهم في سرواك وصباح وأكثرهم غير متعلمين.
ويوجد تخطيط في فرع الدعوة في الحزب لدعوة غير المسلمين.
وعندما كان تون مصطفى رئيس وزراء في ولاية صباح أسلم كثير من السكان
الأصليين، لأنه اجتهد في دعوتهم وهو غني وكان يساعدهم، ولكن ينقصهم فهم
الإسلام والتربية عليه، وعندما هزم حزبه ارتد كثير ممن دخلوا في الإسلام.
وتفكير غير المسلمين مادي، وذلك يحول بينهم وبين التعرف على الإسلام.
وللمسيحيين نشاط ملموس في التنصير.
رؤساء الولايات يشترط فيهم أن يكونوا مسلمين في بعض الولايات، وبعض الولايات
لا يشترط فيهم الإسلام.
الشيعة يدعمون مؤيديهم في العالم بالكتب والمجلات والمنح الدراسية والمال،
ومؤيديهم قليلون جداً بالنسبة للمؤسسات الإسلامية من أهل السنة في العالم،
وإذا حصل لهذه المؤسسات دعم كاف بالكتب والمجلات والنشرات باللغات المختلفة
وكذلك بالمنح الدراسية، فإن أهل السنة في العالم سيوقفون المد الشيعي عند
حده.
الولايات الماليزية.
1- PERLIS 2- KEDAH
3- PULAUPINANG 4- PERAK
5- ROGNALES 6- NALIBMES IREGEN
7- AKALEM 8- ROHOG
9- GNAHAP 10- UNAGGNERT
11- NATNALEK 12- HABAS
13- SARWAK
وفاة الأستاذ فاضل نور
رحمه الله
هذا وقد اطلعت على خبر مقتضب عن وفاة
الأستاذ فاضل نور، وسألت عن وقت وفاته وسببها في أحد المواقع بالإنترنت،
فجاءني الجواب من أحد الشباب الذين يكتبون في الموقع... وهذا نص جوابه جزاه
الله خيرا:
(توفي الأستاذ فاضل نور، في يوم الأحد 23 يونيو 2002 في الساعة العاشرة و
النصف صباحا، بالمستشفى الوطني الماليزي UKM إثر معاناته بأمراض، كان أهمها -
كما ذكر الأطباء - ارتفاع ضغط الدم المستمر و مرض السكري)
وقد ناهز الأستاذ فاضل نور خمسة وستين عاما من العمر، رحمه الله رحمة واسعة
وغفر له وأسكنه جنات عدن تجري من تحتها الأنهار.. وخلفه للعمل الإسلامي بخير
منه. وإنا لله وإنا إليه راجعون....