ثامنا: غرس الأخلاق الفاضلة في
النفوس.
الجانب الخلقي في الإنسان هو الذي
يحدد موقع صاحبه أهو إنسان حقا أم أنه أحط من رتبة الحيوان؟!
ولهذا كان أئمة أهل الحق الذين يسابقون غيرهم من أهل الباطل بالحق إلى
العقول، هم منبع الأخلاق الفاضلة وقدوة البشر فيها، ولهذا وصف الله تعالى
خاتم رسله محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف العالي: ((وإنك لعلى خلق
عظيم)).[القلم: 4]
وعندما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلقه صلى الله عليه وسلم لم
تزد السائل على قولها له: "كان خلقه القرآن".[ صحيح مسلم (1/513) بلفظ: " فإن
خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن ".]
وهذا الجواب المختصر الجامع (والسنة وحي كالقرآن إلا أنها غير متلوة) يدل على
أن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته سواء في علاقته مع ربه أو مع
الناس قريبهم وبعيدهم كان محكومة بالقرآن، فإذا سمع الناس قوله صلى الله عليه
وسلم أو رأوا فعله، علموا معاني القرآن الكريم، فكأن القرآن ينطق بلسانه
ويتحرك بحركته، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة لأمته: ((لقد كان
لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا
)).[الأحزاب: 21]
والأخلاق الفاضلة في الإسلام شاملة لنشاط المؤمن كله باطنه وظاهره، وليست
مقصورة على تصرفات محدودة، ويدل على هذا الشمول جواب عائشة السابق: "كان خلقه
القرآن.."
ويمتاز اتصاف أهل الحق بالأخلاق
الفاضلة عن سواهم من أهل الباطل بأمور:
الأمر الأول:
إيمان أهل الحق بمشروعية تلك الأخلاق الفاضلة إيمانا صادرا عن شرع رباني، أي
إنها أخلاق مشروعة من عند الله تعالى، فهو الذي شرعها ورضي الاتصاف بها وإن
كانت العقول السليمة تقر بأن تلك الأخلاق حميدة والاتصاف بها خير.
الأمر الثاني:
أن أهل الحق يتصفون بتلك الأخلاق طمعا في رضا الله وهربا من سخطه تعالى،
ويرجون عليها ثوابه بدخول الجنة، والنجاة من النار.
الأمر الثالث:
أن أهل الحق يثبتون على الالتزام بتلك الأخلاق على كل حال ويتخذون اتصافهم
بها عبادة لربهم، فاتصافهم بالأخلاق الفاضلة ثابت ودائم، وليس تابعا للأهواء
يتقلب بتقلبها ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون
لهم الخيرة من أمرهم )).[الأحزاب: 36]
الأمر الرابع:
أن أهل الحق الذين يتصفون بتلك الأخلاق الفاضلة يحبون لجميع الناس أن يتصفوا
بها مثلهم من أجل سعادتهم بها، ولذلك يسعى أهل الحق سعيا حثيثا لدعوة الناس
إلى الاتصاف بها والتمتع بثمراتها، كما يسعون إلى إزالة كل خلق سيئ يفسد حياة
البشر وينشر بينهم الضلال والفحش والمنكر.
نماذج من الأخلاق الفاضلة.
ولنذكر شيئا من الأخلاق الفاضلة التي
يتصف بها أهل الحق، وقد يتصف ببعضها أهل الباطل، ولكن ليس كاتصاف أهل الحق
بها، لأن أهل الحق يمتازون عن سواهم في الاتصاف بالأخلاق الفاضلة بميزات لا
توجد في غيرهم، كما مضى. ومن تلك الأخلاق:
أولا: الإخلاص في الأعمال.
أي إنهم يريدون بأعمالهم وجه الله
وحده، فلا يتصفون بخلق ولا يعملون عملا يريدون من ورائه مدحا ولا ثناء من غير
الله، ولا جاها أو منصبا أو مالا أو غير ذلك من المخلوقين، كما قال تعالى:
((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين..)).[البينة: 5]
والذي يعمل العمل مخلصا لله، لا يترك عمله من أجل هوى أو شهوة أو تقربٍ لأحدٍ
من الخلق.[ وقد فصلت القول في أهمية الإخلاص وصعوبته والأسباب المعينة على
الاتصاف به في كتاب: الإيمان هو الأساس، في مبحث: الإيمان باليوم الآخر،
فليراجعه من شاء…]
ثانيا: التزام الصدق.
وخلق الصدق في الإنسان يجعله مستقيم
السيرة مع ربه ومع الخلق: يصدق في إيمانه وفي عبادته، وفي معاملاته مع أسرته،
ومع جيرانه ومع مجتمعه كله، وباستقامة الناس على هذه السيرة المبنية على
الصدق تستقيم الحياة.
والصدق شرط أساسي في أهل الحق الذين يسابقون أهل الباطل إلى العقول بحقهم،
فلا يقبل الحقَّ الإلهيَّ إلا الصادقون، ولا يحمله إلا الصادقون، ولا يدعو
إليه ويثابر في الدعوة إليه إلا الصادقون، ولا يصبر على البلاء في السباق إلى
العقول بالحق إلا الصادقون.
فالصادقون هم أهل الحق الذين يَحْيَونَ صادقين، مهما كلفهم الصدق من تبعات،
ويموتون على الصدق، لأنهم يعلمون أنه لا ينفع عند الله إلا الصدق، ولا يبقى
الحق في الأرض إلا بالصدق، ولا حق بدون صدق، كما أنه لا صدق بدون حق.
ولما كان الله تعالى هو الحق، وهو مصدر الحق أسند إلى نفسه الصدق، ونفى أن
يكون أحد أصدق منه.
كما قال تعالى: ((قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من
المشركين)).[آل عمران: 95]
وقال تعالى: ((ومن أصدق من الله حديثا)).[النساء: 87]
وقال تعالى: ((وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا)).[النساء: 122]
والصدق من صفات أولي العزم من الرسل الذين يسألهم الله يوم القيامة عن صدقهم
إقامة للحجة على من كذب بالصدق، ولا يكذب بالصدق إلا الكاذبون.
قال تعالى: ((وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى
وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا، ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد
للكافرين عذابا أليما)).[الأحزاب: 8]
وقال تعالى: ((والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون)).[الزمر: 33]
وأهل الحق الصادقون ينفعهم صدقهم عند الله يوم يلقونه في الدار الآخرة، كما
قال تعالى: ((هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار
خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم)).[المائدة: 119]
وإنما كان للصدق هذه المنزلة العظيمة لما يترتب عليه من الآثار السامية، فإن
صاحبه يَصْدُق ربَّه في إيمانه وفي عبادته، فلا يكون منافقا يظهر خلاف ما
يبطن، ولا مرائيا يعمل العمل الذي ظاهره الصلاح من أجل أن يراه الناس
فيحمدونه، فإذا خلا بنفسه بارز الله بخلاف ذلك، ويَصْدُق الناسَ الذين يتعامل
معهم في أي موقع كان، حاكما كان أو محكوما، خادما كان أو مخدوما، أبا كان أو
ولدا، يُصَدِّق فعلُه قولَه، فتسري الثقة بين الناس بالصدق، ولا يتوجس أحد من
آخر خيفة بسبب الكذب. إيمانه صادق وجهاده بأعز ما يملك: (ماله ونفسه)، صادق
كما قال تعالى: ((إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا
وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون))[الحجرات: 15]
ويُظهر هذه المنزلةَ العظيمة للصدق: الكذبُ الذي هو من أبرز صفات أعداء الله
من الكافرين والمنافقين، وإمام الكاذبين هو إبليس الذي يعدهم ويمنيهم ويكذب
عليهم ويغريهم بالكذب، فيضلهم عن الحق حتى يكذبوا به ويصدقوا الباطل، فإذا
جاء اليوم الذي لا ينفع فيه إلا الصدق وعاينوا جزاء التكذيب بالصدق، بث حقده
وأظهر ازدراءه لهم وأنزل الحسرة في قلوبهم وتبرأ منهم فعرفوه على حقيقته، كما
قال تعالى: ((وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا
فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء
علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص، وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله
وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم
فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني
كفرت بما أشركتمونِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم))[إبراهيم: 22 أصل
الصراخ: الصوت الشديد، والصارخ: المستغيث. والمصرخ-على وزن المكرم-المغيث.]
تأمل قول الله تعالى: ((إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم)) أي إن
الله الحق أمركم بالحق ووعدكم على الإيمان به وفعله وعدا حقا، وهو رضاه عمن
آمن بالحق وفَعَلَه، وصدَق الله في وعده فأثاب أولياءه رضاه وجنته، كما قال
تعالى بعد الآية السابقة: ((وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من
تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام))
أما إبليس فقد صدهم عن الحق وأغراهم بالباطل، ووعدهم في الدنيا بالسعادة إذا
هم اتبعوه، وذلك كله كذب وافتراء، فلم يُعْمِلوا عقولهم ويفكروا بها ليعرفوا
صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وكذب الشيطان، فاتبعوا خطوات الشيطان، فكانت
تلك عاقبتهم في الآخرة: عذاب الله الذي لا يغني عنهم منه أحد من قادة الكفر
والاستكبار الذين كان خطاب إبليس خيبة أمل لهم جميعا في ذلك الموقف الرهيب.
وهذا هو جزاء كل من اتبع أهل الباطل من زعماء الضلال المحاربين لله ولرسوله،
الذين دأبهم الكذب على أتباعهم في دينهم ودنياهم يكفرون بالله ويحاربون
شريعته، ويحلفون الإيمان المغلظة بأنهم هم المؤمنون: ((إذا جاءك المنافقون
قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين
لكاذبون، اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كنوا
يعملون)).[المنافقون: 1-2]
ويفسدون في الأرض بتأييد الكفر والكافرين وموالاتهم، ونشر الفسق والفجور
وتيسير سبل ارتكاب الفواحش والمنكرات والمحرمات، ومناصرة الظلم والظالمين،
وحجب العدل عن الضعفاء، والانغماس في الترف المهلك الذي يعينهم عليه السلطان
والمال، ومحاربة أهل الحق والصلاح الذين يدعون الناس إلى الحق والصلاح،
ويحذرونهم من المنكر والفساد، ويضلل أولئك المفسدون جماهير الناس المغفلين
بقلب الحقائق، وبالكذب المتكرر منهم على تلك الجماهير مزينين لهم أعمالهم
منفرين لهم من سماع ما يدعوهم إليه أهل الحق، ويدَّعون أن فسادهم صلاح وصلاح
أهل الحق فساد، كما قال تعالى: ((ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا
ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد
فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته
العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد)).[ البقرة: 204، 206]
((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم
المفسدون ولكن لا يشعرون)).[البقرة: 11-12]
وإذا كان يترتب على الكذب واتباع أهله ذلك الجزاء الأخروي، فإنه يترتب عليه
في الدنيا أيضا الفوضى والاضطراب وسوء العاقبة والمحن التي تزلزل البشر
زلزالا شديدا في كل شؤون حياتهم.
الأضرار الرئيسة المترتبة على الكذب.
ولو أردنا استعراض الأضرار المترتبة
على الكذب لطال الكلام على ذلك ولذلك نكتفي بالأضرار الرئيسة الآتية:
الضرر الأول:
القول على الله بالباطل بعلم أو بغير
علم.
وهذه صفة علماء السوء من أهل الكتاب ومن اقتدى بهم من هذه الأمة، كما قال
تعالى: ((فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون هذا من عند الله
ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما
يكسبون)).[البقرة: 79]
وصفة الجهلة من المشركين أيضا، كما قال تعالى: ((قل آلذكرين حرم أم الأنثيين
أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم
ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم
الظالمين)).[الأنعام: 144]
الضرر الثاني:
تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل.
وهو مترتب على القول على الله بعلم أو بلا علم، مع نسبة ذلك إلى الله تعالى
كذبا وبهتانا، فيجمعون بذلك بين الكذب والافتراء على الله-عن علم أو عن غير
علم-وتحريم الحلال وتحليل الحرام، ويدخل في هذا كل حلال وحرام. أو محاربة
دينه وشريعته بإنكارهما، وادعاء حق التشريع ادعاء صريحا، ويصدرون الأنظمة
والقوانين التي تحرم ما أحل الله للناس وتضيق عليهم ما وسع الله لهم، أو تحلل
ما حرم الله من المعاصي المتنوعة بحسب الأهواء في التحليل والتحريم معا.
الضرر الثالث:
الكذب السياسي المدمر.
وهذا يحصل من الطغاة المحاربين للحق وأهله، عندما تعوزهم الحجة ويصرعهم برهان
الحق، ومن الأمثلة الواضحة على هذا موقف فرعون من دعوة موسى وأخيه هارون
عليهما السلام، فقد حاول محاورة موسى فغلبه موسى، وحاول الاستعانة عليه
بالسحرة والحشود الجماهيرية فغلبه موسى، فلجأ إلى الكذب والافتراء مدعيا أن
موسى إنما جاءهم بما جاء به، ليستولي على الحكم ويخرج أهل مصر من بلادهم
ويتكبر عليهم-كما يقول المثل: "رمتني بدائها وانسلت".
قال تعالى عن فرعون-بعد ذكره حوارا طويلا معه: ((قال للملأ حوله إن هذا لساحر
عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون، قالوا أرجه وأخاه وابعث في
المدائن حاشرين، يأتوك بكل سحار عليم، فجمع السحرة لميقات يوم معلوم، وقيل
للناس هل أنتم مجتمعون، لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين، فلما جاء
السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين، قال نعم وإنكم إذا
لمن المقربين، قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون، فألقوا حبالهم وعصيهم
وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما
يأفكون، فألقي السحرة ساجدين، قالوا آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون، قال
آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فسوف تعلمون، لأقطعن
أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين، قالوا لا ضير إنا إلى ربنا
منقلبون، إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين)) إلى قوله
تعالى: ((فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم... وأنجينا موسى ومن معه
أجمعين ثم أغرقنا الآخرين)).[طه: 34-36] ؟؟
تلك هي عاقبة أهل الباطل الكاذبين من الطغاة الذين يدمرون أممهم بكذبهم
عليهم، كما حصل لفرعون و قومه، وهذه هي عاقبة أهل الحق الصادقين الذين ينصحون
لقومهم ويبلغونهم الحقائق، بدون زيف ولا افتراء كما حصل لموسى عليه السلام
ومن معه.
وما أكثر صنف فرعون وقومه الذين يكذبون على أممهم في كل شئ ويستخفونهم
فيطيعونهم، ويحاول أهل الحق إنقاذهم من سياسات ألئك الطغاة، فتوضع أمام
محاولاتهم العقبات، ثم لا يتبين القوم كذب ساستهم إلا عندما ينزل بهم الدمار،
فيندمون ولات ساعة مندم. وهذه الأمم اليوم تساق إلى دمارها وهلاكها بكذب
طغاتها عليها وقلبهم الحقائق لها، وهذه الشعوب في الأرض تُدمر في دينها
ونفسها وعقلها ونسلها وعرضها ومالها، ولا تعتبر بما جرى ويجري من المصائب
النازلة بها، ولا زالت تسير وراء طغاتها كالشياه وراء الراعي الأحمق، لم
تستبن رشدها الذي دعاها إليه الصادقون من رجالها، على حد قول دريد بن الصمة:
أمرتهمُ أمري بمنعرج اللوى === فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
أمثلة لكذب الطغاة المدمر للشعوب.
ولا بد من ذكر بعض الأمثلة الواقعة
لتتنبه العقول الغافلة بها، فقد عميت بصائر الأمم عن الاعتبار بمن سبقها في
الأمم الماضية، ولعل في التذكير بالواقع ما ينبه تلك العقول الغافلة:
المثال الأول:
الثورة الكمالية التي خطط لها اليهود والنصارى، للإجهاز على ما بقي من رمز
الخلافة الإسلامية التي حملها بنو عثمان.
فقد ضعفت هذه الخلافة، حتى أصبحت تسمى بالرجل المريض، واحتل أعداء الإسلام من
الصليبيين الأوربيين عاصمة الخلافة (الأستانة) وقد أخرجوا صنما أحاطوه بهالة
من العظمة والانتصارات-وكان الخليفة سجينا في دار الخلافة-حتى انتعشت آمال
المسلمين الذين ظنوا ذلك الصنم مجددا لمعركة بدر، وجهاد صلاح الدين، وتخيلوا
الملائكة وهي تحفه بالنصر في السماء وكتائب الجهاد ترفع رايته الأرض، فمدحه
الشعراء وأثنوا عليه ثناء عطرا، كما قال فيه شوقي:
الله أكبر كم في الفتح من عجب """""""""يا خالد الترك جدد خالد العرب
يـوم كبدر فخيل الحق راقصـة """""""""على الصعيد وخيل الله في السحب
وأخذت أجهزة الإعلام المتاحة في تلك الفترة تكيل المديحَ للقائد المنتصر،
والقدحَ والذمَّ للخليفة المغلوب على أمره، الذي بقي يصارع المساومات
اليهودية الصليبية إلى آخر لحظة من ولايته.
وبذلك سوغ الكذبُ والتضليل لفرعونِ التركِ الصغير أن يقضي على رمز الخلافة
ويفصل الدين عن الدولة-كما أراد ذلك اليهود والصليبيون-ويطرد الخليفة وأسرته
إلى خارج حدود تركيا، ويحارب الإسلام وأهله حربا بلا هوادة فيها. ولا زال
أتباعه يحذون حذوه في محاربة الإسلام والمسلمين، ليضاعفوا له الوزر الذي
سيتضاعف لهم كذلك [1].
وعند ذلك استيقظ الغافلون عن المكر اليهودي الصليبي، وأخذوا ينوحون على
الخلافة والخليفة والإسلام ويحاولون محاولة فاشلة، أن يجدوا لعودتهما سبيلا،
وهيهات، و ذاق المسلمون بعدها أقسى عقاب وأعظم ذل. فناحوا وبكوا، وهل يعيد
الموتى النواح والبكاء؟!
وهنا قال شوقي في الخلافة التي أطاح بها خالد الترك!:
عادت أغاني العرس رجع نُواحِي """""""""""ونُعِيتِ بين معالم الأرواح
كُفِّنتِ في ليل الزفاف بثوبه""""""""""""ودُفِنتِ عند تبلج الإصباح
ضجت عليكِ مآذن ومنابر"""""""""""وبكت عليك ممالك ونَواح
الهند والهة ومصر حزينة"""""""""""تبكي عليك بمدمع سحاح
والشام تسأل والعراق وفارس""""""""""""أمحا من الأرض الخلافةَ ماح؟
[راجع هذا المعاني في: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر.(225) طبع دار
الإرشاد في بيروت، للدكتور محمد بن محمد حسين.]
وأما كيف خدع المسلمين مصطفى كمال أتاتورك، وكذب عليهم حتى صدقوه ودعموه،
فيكفي نقل هذا المقطع من كتاب: تاريخ الدولة العلية العثمانية
[2] : (وكما أن الغربيين قد نجحوا في مخططهم وجعلوا العالم الإسلامي كله
يسير فخورا بضع سنوات وراء الثورة الكمالية، فقد استغل مصطفى كمال عواطف
المسلمين وأموالهم إلى أبعد حدود الاستغلال، وكسا ثورته لباسا إسلاميا، سواء
بأحاديثه وتصريحاته وخطبه أو بمعاملته لزعماء المسلمين، فمن ذلك أنه استعان
بالزعيم الليبي الشهير أحمد السنوسي وجعله مستشارا له، وكان يبرق إليه، كما
قال لي صديقي الأمير شكيب أرسلان، إذا أراد شن هجوم على مكان ما قائلا: إننا
ننوي الهجوم غدا أو بعد غدٍ على مكان ما، فاقرؤوا البخاري الشريف على نية
النجاح والتوفيق.
واستغل أيضا أعمال وأقوال جمعية الخلفاء الهندية التي قامت برعاية الأخوين
شوكت علي ومحمد علي واستغل الشعراء فمدحوه، والأدباء فأثنوا عليه، ومشايخ
الطرق فرفعوه إلى مقام الولاية [-ولا زال بعضهم يؤيد علمانيته إلى اليوم.
وهكذا يستغل الطغاة المحاربون للإسلام بعضَ المنتسبين إلى العلم والأدب
للإشادة بهم حتى يغتر بهم عوام الناس فيؤيد الطواغيت. ]
كان مصطفى كمال يبطن غير ما يظهر وينوي أن يفعل غير ما يقول، إذ أنه ما كاد
ينتصر نهائيا ويطمئن إلى مصيره، حتى ألغى الخلافة وطرد الخليفة من البلاد
وطرد السيد أحمد السنوسي، وتنكر لكل القيم الإسلامية وسار بسيرة ليس فيها أي
مصلحة للإسلام ولا للمسلمين، لا بل ليس فيها أية مصلحة لتركيا نفسها، فها هي
تركيا بعد مضي ستين سنة على هذه الثورة، ما زالت بلدا ناميا ضعيفا، لا حول له
ولا طول، فالحركة العلمية فيها ضعيفة، والأمية سائدة، والحياة الاجتماعية
متأخرة والحالة الاقتصادية في الحضيض، وكل ما فعلته هذه الثورة أنها شغلت
الناس بأمور جانبية تافهة مثل إلغاء الطربوش، وسفور النساء، ولو كان هذان
الأمران تركا للزمن لتكفل بتحقيقهما من غير ثورة كما حدث في كل البلاد
الإسلامية...).[ ولا زال الكماليون مصرين على تطبيق العلمانية المعادية
للإسلام والمحاربة لأهله في تركيا ويضايقون دعاة الحكم بالإسلام، بل بلغ بهم
الأمر أن يغلقوا مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ويتخذون كل الوسائل للقضاء على
تعليم الشباب المسلم العلوم الإسلامية، ومن ذلك إغلاقهم معاهد الأئمة
والخطباء، وعدم اعترافهم بشهادات الجامعات الإسلامية في عواصم الإسلام،
كالأزهر والجامعة الإسلامية وغيرهما، ولكن الصحوة الإسلامية تشق طريقها إلى
إعادة مجد الإسلام ورفع رايته وسينصرهم الله على أعدائهم.]
المثال الثاني:
الثورة الناصرية في مصر التي اتخذ زعماؤها الإسلام واجهة لثورتهم، والقومية
العربية شعارا لهم، وعلى رأسهم عبد الناصر الذي اختفى وراء كبار الضباط في
أول الأمر، واغتر بهم دعاة الإسلام بسبب كذبهم ووعودهم التي قطعوها على
أنفسهم، بل إن عبد الناصر بايع المرشد العام للإخوان المسلمين "حسن البنا"،
ثم خدعهم وقلب لهم ظهر المجن، وكان من أهم أسباب نجاح ثورته مناصرتهم له،
اعتمادا على أن ولاءه وولاء الضباط الأحرار كان في الأصل للإسلام ودعاته،
وكانت التسمية نفسها "الضباط الأحرار" قد أطلقها الإخوان الذين كانوا مسؤولين
عن الضباط، ولكن عبد الناصر الذي بايع المرشد العام وسار تابعا للمسؤول الذي
عينه الإخوان للإشراف على الضباط الذين انضموا للحركة الإسلامية وارتبطوا
بها، كان يخطط في الخفاء لسحب الولاء له شخصيا، بدلا من الولاء لله ولرسوله
وللمؤمنين، وكافأ الإخوان الذين خدعهم وأقام الثورة على أكتافهم، بما يعرفه
القاصي والداني من الاعتقال والسجن والتعذيب والقتل والتشريد والحظر
لنشاطهم.[ راجع كتاب: صفحات من التاريخ، لصلاح شادي (1120) وما بعدها، وراجع
كتاب: الإخوان المسلمون لمحمود عبد الحليم (وهو ثلاثة أجزاء).]
كما أنه عندما تمكن من الحكم أسرف في وعوده وتبشيره للشعب المصري والعالم
العربي والشعوب الإسلامية، بأنه سيحقق لهم العزة والكرامة ضد البغي والعدوان
الأجنبي، ويرفع عنهم الذنب الذي نزل بهم وغلا في رفع شعار القومية العربية
مخففا من ذكر الإسلام، ثم تطور حكمه إلى أن وصل إلى الاشتراكية، العربية ثم
الاشتراكية العلمية، وأحدث شقاقا ونزاعا شديدا بين الدول العربية، بل بين
أحزاب قامت معتمدة على دعمه وتحر يشه وبين الحكومات القائمة، وحكم مصر حكما
عسكريا بغيضا، وسلب الأغنياء غناهم، وزاد الفقراء فقرا، حتى أصبحت مصر شبيهة
بمقبرة يخيم عليها الصمت المطبق، لا ينطق من سكانها إلا من يسبح بحمد
الطاغية.
وانقلبت العزة التي بشر بها الشعب والعرب والمسلمين إلى ذلة نالت كل عربي
ومسلم، ولا زال المسلمون يسبحون في مستنقع تلك الذلة، فقد احتل اليهود مصر
عمرو بن العاص ومرتفعات الجولان والقدس وما حولها وغزة، ولم تعد أرض مصر إلى
المصريين إلا بعد أن سجد خَلَفُه أمام أقدام اليهود، ورفع العلم اليهودي على
مصر، ولا زالت الأراضي الأخرى-إضافة إلى أرض فلسطين التي احتلها اليهود سنة
1948م-في قبضة اليهود يعيثون فيها فسادا يعلمه الناس كلهم.
وهذا وغيره من المصائب والمحن التي أنزلها بالأمة كانت عكس وعوده وتصريحاته،
فقد كذب على الأمة كما كذب قبله مصطفى أتاتورك كذبا سياسيا مدمرا.
وليس من السهل الاستمرار في ضرب الأمثلة لطغاة الكذب السياسي المدمر للشعوب،
فهو الأصل-وما عداه استثناء-في وعد طاغية العراق شعبه بإمبراطورية واسعة
الأطراف، بالغزو المسلح الذي بدأه باحتلال الكويت وما آل إليه أمر العراق
والشعوب الإسلامية، وبخاصة العربية منها ما فيه غناء عن الأمثلة للأكاذيب
السياسية المدمرة.
ولم يعد يخفى على كثير من أبناء الشعوب كذب طغاتها المحاربين للإسلام، والذي
تحتاجه تلك الشعوب الآن ليس كشف ذلك الكذب المدمر الذي لم يعد خافيا عليها،
ولكنها تحتاج إلى معرفة السبيل التي تسلكها للتخلص من ذلك الدمار
[3].
ولكني أذكر مثالا واضحا من أمثلة كذب الطغاة المدمر لشعوبهم نراه رأي العين
اليوم ويراه العالم كله، وهو كذب طاغية الصومال الذي استولى على الحكم-كغيره
من حكام الشعوب الإسلامية-بالقوة العسكرية [4] مدعيا أنه
أراد بذلك تخليص الشعب الصومالي من محنته، واعدا إياه بالعيش في جنة من
الحياة، وهو الآن يعيش تعيسا جائعا، عاريا، عطشانا، لم يبق من أفراده إلا
الجلد والعظم تلهبه الشمس المحرقة، ويقتله البرد القارس، وتفتك به الأمراض
المتنوعة، عدا المئات الذين يموتون كل يوم من الجوع والعطش والمرض.
وأمامي الآن جريدة الشرق الأوسط[عدد (5110) 30/5/1413هـ-24/11/1992م. ص: 8
بقلم اللواء عمر الحاج محمد مصلي. ] وبها عنوان: (الصومال.... أسوأ كارثة
إنسانية) أقتطف من المقال الذي كتب تحته المقطع الآتي لأنه يناسب المقام:
"النظام الذي استولى على الحكم في عام 1969م تراجع عن المبادئ التي أعلنها
بعد أعوام قليلة من استيلائه على الحكم وبعد أن أعلن حربا على الفساد
والمحسوبية واختلاس أموال، والقبلية، تعثرت خطاه من تلقاء نفسه، مما أدى إلى
اختلال ترتيب الأمور والتقاعس في تحقيق الوعود. من تلك اللحظة بدأ كل شئ يخطو
عكس ما خطط له سابقا [5] فظهرت القبيلة بقوة جبارة
وفعالة، وسيطرت المحسوبية على الدوائر الحكومية، ونهبت الأموال العامة
والخاصة، وعمّت الفوضى ربوع البلاد.
هذه الظواهر السلبية مهدت الطريق إلى ظهور ديكتاتور ينفرد بحكم البلاد لا
يشاركه أحد في اتخاذ القرارات، كما أن السلطات كلها أصبحت في قبضته وتمكن من
التخلص من المسؤولين الذين كانوا يتقاسمون معه الحكم، وعين بدلا منهم شخصيات
انتهازية لا تعارضه في أبسط الأمور.
هذا الخلل الذي أصاب النظام وفّر مناخا ملائما لتنشيط القبلية، كما أعطى فرصة
ثمينة لصيادي القبلية والمستفيدين منها، فزرعوا الفتن والشكوك بين القبائل،
وكسبوا مراكز حكومية رفيعة في الدوائر الحكومية، وأداروا ظهورهم للمصلحة
العامة.
ظهرت شخصيات كثيرة في قمة سلم الحكم، لا يهمها التاريخ وما يسجله من
تصرفاتهم، فركزوا نفوذهم على الكسب غير المشروع..."
هذا النص من مقال اللواء عمر الحاج، وهو وزير الدفاع الصومالي السابق الذي
كان مشاركا في الحكم، وقد جرت العادة أن التاريخ الذي يكتب في عهد الطغاة
وينشر، يكون غالبا في صفهم مدحا وثناء بالكذب والبهتان، وأن التاريخ الذي
يكتب بعد ذهابهم قد يكون صادقا وقد يكون مبالغا في ذمهم ونسبة السوء إليهم،
ولكننا نعرف أن هذا الكاتب لم يذكر إلا قطرة من بحار تاريخ الزعيم الصومالي
وكذبه السياسي المدمر.
كما أنه لم يذكر ما يتعلق بمحاربته الإسلام وعلماء الإسلام الذين أحرق مجموعة
منهم[راجع مجلة المجتمع الكويتية. عدد (234) 15/11/1395هـ-. 28يناير سنة
1975م ص: 6 وما بعدها.] بسبب معارضتهم لقانون أصدره يساوي بين المرأة والرجل
في الإرث الذي فرق الله فيه بينهما في نص كتابه.
والأمة التي تحارب عقيدتها ودينها وشريعتها ويحرق علماؤها، ثم لا تحرك ساكنا
في ردع المعتدي الآثم، لا بد أن تصل في النهاية إلى هذه المأساة التي يقول
الله فيها وفي أمثالها: ((واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
واعلموا أن الله شديد العقاب)).[الأنفال: 25]
ومن هنا نعلم أن أهل الحق الصادقين يسعدون البشرية بحقهم وصدقهم، وأن أهل
الباطل الكاذبين يشقون البشرية بباطلهم وكذبهم.
ولعل الأمة الإسلامية تتنبه لخطر كذب قادتها الذين يحاربون الإسلام، وكذبهم
السياسي المدمر الذي تجند لترويجه كل طاقات الدولة، حتى ينطلي عليها ويستمر
في تضليلها فترة طويلة، ولا تشعر بآثاره المدمرة إلا بعد أن يفوت الأوان
وتتحطم الشعوب اقتصاديا وسياسيا وأمنيا وخلقيا وعسكريا، حتى يصبح استعمارها
من قبل أعداء الإسلام الذين يوفرون لها لقمة العيش وشيئا من الأمن النسبي،
أحب إليها من بقائها تحت مطارق الخوف والجوع والسلب والنهب والقتل والتشريد
[كما هو حاصل الآن في الصومال الذي سيطرت عليه القوات الأمريكية تحت مظلة
مجلس الأمن والإغاثة الإنسانية مستترة بتأييد حلفائها الذين شاركوها بقوات
رمزية شبيهة بالمحلل في فقه النكاح!]
الضرر الرابع للكذب: نشر الفاحشة بين
المؤمنين.
ومن الأضرار المترتبة على الكذب: انتهاك أعراض الناس والولوغ فيها، ونشر
الفاحشة بين المؤمنين، بقذف المحصنات المؤمنات الغافلات-والمحصنين كذلك-وذلك
مما يفقد الثقة بين الأسر والمجتمعات ويفككها، ويؤذي شرفاءها ويجرئ فساقها
على ارتكاب الرذائل، والطمع في نيل المعصية والإثم من أهل الطاعة والزلفى عند
الله تعالى.
وهذا الاعتداء الآثم على أعراض الشرفاء لا يقدم عليه إلا من أصبحت الرذيلة
صفة معتادة لهم، والكذب والافتراء ديدنهم، وحب انتشار الفاحشة متأصلا في
نفوسهم، يؤذيهم وجود الطهر والطاهرين، ويرضيهم وجود القذر والقذرين، فلا يهدأ
لهم بال حتى يلطخوا سمعة الأطهار، وذلك دأب المنافقين الذين تلازمهم الأخلاق
السيئة وبخاصة الكذب.
ولقد نال أذاهم أطهر من وجد على الأرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، في زوجه
أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما، وكان الذي تولى كبر الإفك
العظيم رئيس المنافقين آنذاك: عبد الله بن أبي بن سلول، وجر معه بعض المسلمين
الذين لم يحسنوا الظن ببيت النبوة والرسالة، فأنزلوا بذلك من الأذى والفتنة
والغم، ما يعجز عنه الوصف إلا أن يكون وصف المؤمنة المحصنة الغافلة المظلومة،
عائشة رضي الله عنها-كما روى القصة بطولها مسلم عنها [رقم الحديث: رقم:4974]
وفي ذلك أنزل الله تعالى آيات محكمة توبخ من وقعوا في هذا البهتان العظيم
الذي رميت به السيدة الطاهرة-التي يعد من اتهمها بعد نزول هذه الآيات المبرئة
لها مكذبا للقرآن، ومن كذب بالقرآن-كغلاة الرافضة-فقد كفر.
قال تعالى: ((والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم
ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا أولئك هم الفاسقون...)).؟؟
ثم قال تعالى بعد ذلك: ((إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم
بل هو خير لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له
عذاب عظيم، لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا
إفك مبين-إلى قوله تعالى-: ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة
لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم، إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما
ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، يعظكم الله أن تعودوا لمثله
أبدا إن كنتم مؤمنين، ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم، إن الذين يحبون
أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم
وأنتم لا تعلمون)).[النور: 12-19]
فأهل الحق الصادقون لا يفترون ما يخدش الأعراض، بل لو عملوا منكرا ارتكبه
مؤمن فالستر عندهم عليه أولى، إلا إذا جاهر صاحبه وعاند، وأهل الباطل
الكاذبون يطلقون ألسنتهم في أعراض الناس افتراءً بدون علم.
الضرر الخامس:
إهدار الحقوق بشهادة الزور.
ومن الآثار المترتبة على الكذب شهادة الزور، وشهادة الزور تزهق بها الأرواح،
وتنتهك بها الأعراض، وتغتصب بها الأموال، وتستحل بها الفروج، ويزكى بها
الفساق، ويفسق بها العدول، ويفقد بها الكفء مكانه الذي يستحقه لتنتفع به فيه
الأمة، ويوضع الخائن بها في مكان تقتضي الضرورة أن يكون فيه الأمين.
وقد شرع الله الشهادة من أجل توثيق الحق، والذي يوثق الحق بشهادته هو العدل،
أما شاهد الزور فإنه يضيع الحق بدلا من حفظه.
قال تعالى: ((وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله)).[الطلاق: 2]
ونفى عن أهل الحق-وهم المؤمنون به-صفة شهادة الزور، فقال تعالى: ((والذين لا
يشهدون الزور )).[الفرقان: 72]
وأمرهم-أي أهل الحق-أن يشهدوا بالحق في كل حال، ولو كانت الشهادة تؤدي إلى
أخذ صاحب الحق حقه منهم، كما قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين
بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)).[النساء: 35]
الضرر السادس: اتهام الكاذب بعيوبه مَن هم منها براء.
كما قال تعالى في مثل هذا: ((ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد
احتمل بهتانا وإثما مبينا)). [النساء: 112]
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في طعمة بن أبيرق الذي سرق سلاحا، فشكاه
صاحب السلاح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى السارق السلاح المسروق
في بيت رجل برئ، ليبرئ نفسه ويحمل البريء إثمه، وعندما وجد السلاح في بيت
الرجل البريء ثبتت-في الظاهر-براءة السارق، فأنزل الله هذه الآية وآيات قبلها
منها قوله تعالى: ((إنا أنزلنا إليك الكتاب لتحكم بين الناس بما أراك الله
ولا تكن للخائنين خصيما)).[ النساء: 105، وراجع تفسير هذه الآيات في كتاب
تفسير القرآن العظيم لابن كثير.]
وما أكثر ما يرتكب ناس مثل هذه الخطيئة! ويبرؤن أنفسهم مما ارتكبوه ويلطخون
به البريئين.
وبنظرة في وسائل الإعلام في هذا العصر، يرى المرء العجب العجاب من الاتهامات
الكاذبة من فرد لآخر، ومن جماعة أو حزب لجماعة أو حزب آخر، ومن دولة لدولة
أخرى، وكثيرا ما يكون المتَّهِم غارقا في العيوب والنقائص التي اتهم بها
غيره.
والسبب في ذلك هو الاتصاف بصفة الكذب التي تلازم أهل الباطل غالبا، وفقد صفة
الصدق التي تلازم أهل الحق.
تابع
لغرس الأخلاق الفاضلة في النفوس
ثالثا: العدل.
والعدل من أسس صفات أهل الحق، وهو
مطلوب ضرورة في الحياة عند كل الأمم، ولا تستقيم الحياة بدونه، والأمم كلها
مسلمها وكافرها تعلم أنه ضرورة لحياتها، لأن كل فرد وكل أسرة وكل أمة تحرص
على أن لا يمسها غيرها بالظلم، بل تحب أن ينصفها المتعامل معها، لكن الذين لا
يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وشريعة الله العادلة-وهم أهل الباطل-يحرصون
على أن يعاملهم الناس بالعدل، والغالب أنهم إذا قدروا على ظلم غيرهم-من غير
أن ينالهم ضرر-لا يتورعون عن الظلم، لأنهم لا يخشون جزاء ولا عقابا إلا إذا
نالهم القانون والقضاء وما يسمى بأجهزة الأمن-في الدنيا-فإذا أمنوا من ذلك
كله، فالأصل عندهم الأثرة وظلم الغير، لأنهم أهل باطل.
والذي لا يحب الظلم ويلازمه العدل مع القريب والبعيد والصديق والعدو، هو
المؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم واليوم الآخر الذي يلتزم بشريعة
الله وحكمه وينفذهما، وهؤلاء هم أهل الحق، لأن الحق تعالى أمرهم بالعدل
ونهاهم عن الظلم، وهم يطمعون في ثوابه على طاعته ويخافون من عقابه على
معصيته، ويعلمون أن إيمانهم لا يكمل إلا إذا أحبوا لغيرهم ما يحبون لأنفسهم
من الخير، وقد يصل بهم إيمانهم إلى التنازل عن بعض حقوقهم الخاصة، إذا كان
التنازل عنها مشروعا، ولكنهم يحرصون على إيفاء الناس حقوقهم بدون نقصان.
وقد أكد الله تعالى لعباده أنه يأمر بالعدل والإحسان وينهي عما يناقضهما من
الظلم والفساد والمنكر، فقال تعالى: ((إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء
ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)).[النحل: 90]
وقد نهى الله رسوله عن اتباع أهواء أهل الكتاب الذين تفرقوا من بعد ما جاءهم
العلم، وأمره أن يعلن للناس إيمانه بما أنزل الله، وأنه أمر بالعدل بينهم،
كما قال تعالى: ((فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما
أنزل الله من كتاب، وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم
أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير)).[الشورى: 15]
وأمر الله تعالى عباده المؤمنين-كما أمر نبيه-بالعدل ولو كان على أنفسهم
ونهاهم عن اتباع الهوى-كما نهى نبيه-كما قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا
كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن
غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو
تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)).[النساء: 135]
فالهوى كثيرا ما يغري الإنسان بالظلم وترك العدل، إما لجر مصلحة لصاحبه أو
لقريب أو صديق، وإما لإنزال ضرر بعدو بغيض. والحق سبحانه وتعالى أراد أن
يستأصل هذا الهوى الظالم في كلا الأمرين: محاباة القريب، بل والنفس، كما مضى،
وبغض العدو أو الخصم، فقال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله
شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)).[المائدة: 8]
إنه قمة ما تحتاج إليه الأمم في كل زمان: أن ينصف القادر خصمه ولو على نفسه
أو أقربائه وأن يعدل مع أشدّ أعدائه.
وقد يرى أعداء الحق أن هذا من المثاليات قد تدور بالخيال ولكن تطبيقها في
الواقع بعيد المنال، وهذا الرأي صحيح بالنظر إلى الأوضاع التي يعيش الناس
فيها بعيدا عن منهج الحق وتطبيقه: منهج الله الذي أنزله في كتابه ودعا إليه
عباده، وقد استجاب لدعوته الرعيل الأول من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فطبقوه تطبيقا تندب البشرية اليوم حظها التعيس لفقده، وتبعهم على ذلك
أهل الحق ولا زال منهم من يتمسك به-وإن كانوا قلة في هذا الزمان-ولو عاد
المسلمون إلى ذلك المنهج من جديد، لرأت الأمم في الأرض ما تتمناه من العدل
الذي أمر الله به على وجه العموم، وأمر به في الحكم كما قال تعالى: ((إن الله
يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل
إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا)).[النساء: 58]
وأمر به في الشهادة كما قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا
حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من
غيركم)).[المائدة: 106]
وأمر به في الصلح بين الناس، بحيث لا يكون في الصلح ظلم لأحد المتخاصمين،
بسبب ضعفه وقوة خصمه أو لغير ذلك، كما قال تعالى: ((وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى
تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب
المقسطين)).[الحجرات: 9]
وأمر به في التعامل الأسري، فقال تعالى: ((فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى
وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم ذلك أدنى أن لا
تعولوا)).[النساء: ؟]
وكل الحقوق التي أمر الله بها، وكل المظالم التي نهى الله عنها، إنما تتحقق
بالعدل الذي هو ملازم لأهل الحق بحسب نصيبهم منه.
وصح عن: رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إن المقسطين عند الله على
منابر من نور". [مسلم: (3/1458) رقم الحديث: 1827.]
وقد ربى رسوله الله صلى الله عليه وسلم أصحابه-وكل رسول سبقه كذلك-على العدل،
حتى اعترف لهم بذلك أعداؤهم من أهل الكتاب كما في حديث ابن عباس رضي الله
عنهما، قال: افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، واشترط أن له الأرض
وكل صفراء وبيضاء [يعني الذهب والفضة]. قال أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض منكم
فأعطناها على أن لكم نصف الثمرة، ولنا نصف، فزعم أنه أعطاهم على ذلك، فلما
كان حين يصرم النخل [يقطع] بعث إليهم عبد الله بن رواحة، فحرز عليهم النخل،
وهو الذي يسميه أهل المدينة الخرص، فقال: في ذِه كذا وكذا، قالوا أكثرت علينا
يا ابن رواحة، فقال: فأنا أَلي[أي أتولى] حزر النخل وأعطيكم نصف الذي قلت.
قالوا: هذا الحق (و) به تقوم السماء والأرض قد رضينا أن نأخذه بالذي قلت"
[أبو داود واللفظ له (3/698) وابن ماجة (1 /582) وهو صحيح.].
وعن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن
رواحة إلى خيبر، فيخرص بينه وبين يهود خيبر، قال: فجمعوا له حليا من حلي
نسائهم، فقالوا له: هذا لك [يعني رشوة] وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد
الله بن رواحة: (يا معشر اليهود! والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليّ وما ذاك
بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم عليّ من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا
نأكلها). فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض [الموطأ (4/ 270) والحديث مرسل
وهو يفيد شيئا مما جرى بين ابن رواحة واليهود.].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(وأمور الناس تستقيم مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم، أكثر مما
تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم
الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال:
الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام، وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم: "ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم". فالباغي يصرع
في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة، وذلك أن العدل نظام كل شئ،
فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى
لم تقم بعد ل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة...)[
مجموع الفتاوى: (28146).]
وإن الذي يتأمل أحوال العالم اليوم، يدرك المآسي التي نزلت به بسبب فقد العدل
أو قلته التي تقترب من العدم، فلا نجد ضعيفا ينصفه القوي-إلا ما شاء الله-من
الأفراد والجماعات والدول، ولو أردنا أن نضرب أمثلة لذلك لطال بنا المقام.
ويكفي أن تقعد قليلا أمام شاشة التلفاز، لترى ماذا يفعل اليهود بأطفال فلسطين
وشيوخها ونسائها من قهر وإذلال وقتل وتشريد وسجن واعتقال وهدم منازل
بالصواريخ على من فيها.
وأن ترى نصارى الصرب وهم يفعلون بالمسلمين في البوسنة والهرسك، أعظم مما فعله
اليهود، وذلك في وسط قارة الحرية والعدل والمساواة [وفي هذه الأيام-من سنة
1417ه--1996م-يكشف عن مقابر جماعية لآلاف المسلمين الذين قتلهم الصرب عندما
احتلوا مدنهم وقراهم.]
والعالم كله يمور بالفتن والمصائب بسبب الظلم وفقد العدل، وهيئة الأمم
المتحدة ومنظماتها ومجلسها المسمى بمجلس الأمن، تتصرف فيها دولة واحدة استبدت
بالأمر، تحرك تلك الهيئة ومنظماتها ودول العالم كله كما تريد، فإذا رأت أن
لها مصلحة من التدخل في أي حدث يقع في العالم أجلبت بخيلها ورجلها وحشدت كل
الدول لتحقيق مآربها ولو أهلكت بذلك الحرث والنسل مدعية أنها تنصف المظلوم من
ظالمه، وإذا رأت أن عدم التدخل من مصلحتها أحجمت عن التدخل في الحدث وروضت
غيرها على الإحجام بأسلوب ماكر مخادع، أو بتهديد شديد ظالم.
وكيف يرجى من هيئة الأمم المتحدة خير لضعيف وهي تصدر قراراتها بالإجماع أو
الأغلبية، فَتُعَطِّل كُلَّ تلك القرارات دولةٌ واحدة عند التنفيذ؟!
بل أين العدل والإنصاف فيما يسمى مجلس الأمن وقد احتشدت بجواره جميع دول
العالم، ومع ذلك تستطيع دولة من خمس دول تعطيل أي قرار يصدره [الدول التي لها
مندوبون دائمون، ولها حق نقض أي قرار يتخذه المجلس مجتمعة أو كل دولة على حدة
هي: أمريكا وفرنسا، وبريطانيا، والصين، وروسيا، ولكن أمريكا في الوقت الحاضر
تقود المجلس وغيره من منظمات الهيئة لانفرادها بالهيمنة الدولية، ومع زعمها
أنها دولة ديمقراطية، فإن استبدادها الدولي لا حدود له إلا مصالحها وعجزها.].
وبهذا يعلم أن العدل-وهو صفة ملازمة لأهل الحق-هو الذي يثبت الحق ويطرد
الباطل، وأن الظلم-وهو ملازم لأهل الباطل-هو الذي تشقى به البشرية على مدار
التاريخ.
وإذا شئت أن تعرف أنموذجا للظلم الغاشم، وبخاصة على المسلمين من أعلى مسؤول
في هيئة الأمم المتحدة، فاقرأ عن مواقف أمينها العام العربي النصراني المصري
بطرس غالي، [عندما كان أمينا عاما للأمم المتحدة]من قضية المسلمين في البوسنة
والهرسك وإصراره على عدم تدخل الأمم المتحدة لحماية هؤلاء المسلمين الذين
يتعرضون لأبشع اعتداء من قبل إخوانه الصرب النصارى [مجلة المجتمع الكويتية
عدد 1002 ص22.].
=========
[1]-وما يفعله العسكر
وحلفاؤهم في تركيا اليوم من حرب للقرآن ومدارسه، والمساجد وأئمتها، والدعاة
إلى الله وأنصارهم، غير خاف على أحد.
[2]-للأستاذ محمد فريد بك المحامي تحقيق الدكتور إحسان حقي
دار النفائس ص 754 وما بعدها.
[3]-لعل شيئا من ذلك يأتي في مكانه المناسب من هذا الكتاب.
[4]-سنة 1969م.
[5]-هذا إذا أحسن الظن بمن الأصل فيهم الكذب فيقال: خططوا
بأن يقضوا على الفساد، أما إذا جرينا على الأصل فهو أن أصل التخطيط كان الهدف
منه الفساد المذكور وإن زعم صاحبه أنه أراد الصلاح.
والشك في ذي الكذبِ أصل ولو لم يكذبِ