تمهيد:
إن كل غاية يراد الوصول إلى تحقيقها،
لا بد لها من وسائل يُتَوصَّل بها إلى ذلك التحقيق، وهذه الوسائل منها ما هو
سلمي، ومنها ما هو عسكري حربي، وأقصد بالوسائل السلمية هنا، كل ما يمكن إبلاغ
الحق به إلى العقول مما هو مشروع بدون قتال، من بيان الحق بالدعوة والتزكية
والتعليم، ويشمل ذلك وسائل نذكر ما تيسر منها إجمالا، ثم نشرع في تفصيلها:
الوسيلة الأولى: التربية الأسرية
الوسيلة الثانية: تلاوة كتاب الله على الخلق
الوسيلة الثالثة: الموعظة الحسنة
الوسيلة الرابعة: الجدال بالتي هي أحسن
الوسيلة الخامسة: التعليم
الوسيلة السادسة: العناية باللغة العربية
الوسيلة السابعة: القدوة الحسنة
الوسيلة الثامنة: الفطرة
الوسيلة التاسعة: المساجد
الوسيلة العاشرة: الإعلام
الوسيلة الحادية عشرة: المؤتمرات والندوات
الوسيلة الثانية عشرة: النوادي
الوسيلة الثالثة عشرة: الرحلات والمخيمات
الوسيلة الربعة عشرة: العلاقات الدبلوماسية
الوسيلة الخامسة عشرة: المال
الوسيلة السادسة عشرة: المواقع
الوسيلة السابعة عشرة. الجهاد العسكري.
الوسيلة الأولى: التربية الأسرية:
إن أولى وسائل السباق إلى العقول
بالحق أو بالباطل، هي الأسرة: الأبوان والأقارب الذين يحيطون بالأطفال ويتربى
هؤلاء الأطفال في وسطهم، من إخوة لهم كبار، أو أعمام أو عمات، أو أخوال أو
خالات، أو أجداد أو جدات…
وإن الأم لهي المفتاح الأول لهذا السباق، إذ هي التي تلازم الطفل في جميع
أطوار حياته، منذ خروجه من رحمها صارخا، إلى أن يبلغ رشده متواضعا أو متكبرا
شامخا. تلازمه ليلا ونهارا، صحيحا ذا فرح أو سقيما ذا ترح، ضاحكا ساعيا، أو
مقعدا باكيا.
يفتح عينيه على حركاتها وسكناتها، وهي هادئة وقورة، أو طائشة مسعورة، ويصغي
بأذنيه لصوتها، ناطقة بالقول النافع، أو صارخة بالسب اللاذع.
وطفلها يراقبها-كما يراقب غيرها-منذ الصغر، خازنا في جعبته كل ما تأتي وتذر،
ينبت لحمه من حليب ذرعها، وتنبت أخلاقه من حميد أو ذميم خلقها.
فإن تحلت بالصدق نشأ صريحا صادقا، وإن أكثرت من الكذب، أصبح كاذبا منافقا.
ولهذا شرع الله للرجل الصالح الحرص على المرأة الصالحة، فقال رسوله الكريم
صلى الله عليه وسلم: كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (تنكح المرأة لأربع
لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك.) [الحديث في
الصحيحين؟؟]
الوسيلة الثانية. تلاوة كتاب الحق على الخلق.
من أهم الوسائل التي يجب على أهل الحق
أن يسابقوا بها إلى العقول، تلاوة كتاب الحق على الخلق، وبيان معانيه لهم،
حتى يفهم مراد الله تعالى منهم في أمره ونهيه، وبهذه الوسيلة يتحقق إدراك
مراد الله من عباده وتقوم حجته عليهم.
وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يبعث في هذه الأمة هذا الرسول الكريم
ليتلو عليهم آيات كتابه العظيم، كما قال تعالى: ((ربنا وابعث فيهم رسولا منهم
يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة)) [البقرة: 129].
وقد استجاب الله تعالى دعوة إبراهيم، فحقق بعثه هذا الرسول في هذه الأمة يتلو
عليهم آيات الله، كما قال تعالى: ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو
عليهم آياته)) [الجمعة: 2].
وأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بتلاوة كتابه-وأمره له أمر لعلماء
أمته بعده-فقال تعالى: ((اتل ما أوحي إليك من الكتاب؟؟)) وقال تعالى: ((واتل
ما أوحي إليك من كتاب ربك)) [العنكبوت: 45].
وبين تعالى أن الأمم التي تكفر بالرسل في الدنيا، تعترف يوم القيامة بأن
أولئك الرسل الذين بعثهم الله إليهم، قد أقاموا عليهم الحجة وبلغوهم رسالات
الله بتلاوتهم آيات الله عليهم، كما قال تعالى: ((وسيق الذين كفروا إلى جهنم
زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون
عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب
على الكافرين))[الزمر: 71].
وليس المقصود من التلاوة مجرد قراءة القرآن على الناس دون أن يفهموا معانيه،
فالتلاوة وحدها تكون كافية إذا كان المتلو عليه يفقه معاني المتلو، أما إذا
كان لا يفهم ذلك، كأن يكون جاهلا من العرب، أو أعجميا لا يفهم اللغة العربية،
فلا بد مع تلاوة القرآن عليه من بيان معنى ما يتلى عليه، كل بما يناسبه من
اللغة العربية أو بالترجمة إلى لغته، وبدون ذلك لا تقوم الحجة، لأن التكليف
مناطه العقول التي وصل إليها ما عقلته، وذلك لا يكون إلا بالبيان، كما قال
تعالى: ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم
يتفكرون))[النحل: 44].
ويجب أن يشمل بيان العلماء للناس كل المصالح المعتبرة في شرع الله، وكل
المفاسد التي اعتبرها الشرع مفاسد، بلا فرق بين ما تعلق منها بالجانب
الإيماني أو الجانب العبادي أو الجانب الفكري، أو الجانب التشريعي، أو الجانب
السياسي، أو الجانب الاقتصادي والمالي، أو الجانب الاجتماعي، أو الجانب
التعليمي، أو الجانب الإعلامي، أو غير ذلك مما يمس حياتهم، لأن الإسلام شامل
لكل ذلك، فلا بد أن يكون البيان شاملا لما يشمله الإسلام[سيأتي مزيد بيان
لهذا في موضعه إن شاء الله.]
الوسيلة الثالثة. الموعظة.
وهي أمر زائد على التلاوة-وإن كان
القرآن يشتمل عليها-والبيان، لأن كثيرا من الناس يعلم الحق ولا يتبعه، أو
يعلمه ويتهاون به أو ببعضه، فيحتاج إلى تذكيره بالموعظة التي تلفت نظره وترقق
قلبه، وتهز عقله للتفكير في مصلحته العاجلة والآجلة، وفيما يلحقه من ضرر
عاجلا أو آجلا، إن هو لم يعمل بما علم، كما قال تعالى: ((ادع إلى سبيل ربك
بالحكمة والموعظة الحسنة)) [النحل: 125]
والموعظة تشمل الترغيب فيما عند الله من سعادة ونعيم وراحة قلب ورغد عيش في
الدنيا، والترهيب مما عنده من عقاب ونكال وشقاء وقلق وتعاسة في الدنيا كذلك،
كما تشمل بيان رضاه عن أهل طاعته وإثابتهم في جناته في اليوم الآخر، وبيان
سخطه على أهل معصيته وجزائه لهم في نار جهنم في اليوم الآخر كذلك، والتذكير
بالموت وبالقبر وما فيه من نعيم أو عذاب.
ولا بد أن تكون الموعظة ذات عاطفة قوية جياشة، وأن تكون بليغة تجعل من يراد
إبلاغ الحق إلى عقله يتفاعل معها ويفكر بعقله في الحق الذي كانت وسيلة له،
أما إذا كانت الموعظة باهتة غير محركة للعاطفة، أو كان الأسلوب الذي تؤدى به
ركيكا غير بليغ ولا مؤثر، فإنها قد تحدث عكس المقصود منها، وقد تؤثر في قليل
من الناس ولا تؤثر في كثير منهم، ولهذا أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن
يعظ المنافقين وعظا مؤثرا يبلغ مداه في نفوسهم، لأن الموعظة البليغة إذا لم
تؤثر في المخاطب تأثير استجابة وقبول، تؤثر فيه تأثير خوف وانهزام نفسي،
يجعله جبانا أمام الحق الذي طرقت الموعظة البليغة به سمعه وعقله، قال تعالى:
((أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم
قولا بليغا)) [النساء: 63]
الوسيلة الرابعة. الجدال بالتي هي أحسن.
وهو مناظرة أهلِ الحق أهلَ الباطل،
ومخاصمتهم بالحجج والبراهين التي تقيم عليهم الحجة وتظهر الحق وتزيل الشبهة،
وتجعل عقول أهل الباطل مضطرة للتسليم أو الانقطاع عن الجدال، لنصرة باطلهم
الذي دحضه برهان الحق فجعله زاهقا.
وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجادل أهل الكتاب بالحسنى،
فقال تعالى: ((وجادلهم بالتي هي أحسن)) [النحل: 125]
وكان الجدال الذي تقام به الحجة على الناس لإخضاع عقولهم للحق، من وسائل
الأنبياء وأساليبهم في دعوتهم قومهم إلى الحق الذي بعثهم الله تعالى به
إليهم.
وكان نبي الله نوح عليه السلام وهو أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض كلهم في
زمانه، كثيرَ المحاجة والمجادلة لقومه طول مدة رسالته التي استغرقت ألف سنة
إلا خمسين عاما، حتى إن قومه الذين أصروا على التمسك بالباطل ونبذ الحق الذي
جاءهم به، برموا من جداله وحججه، وطلبوا منه أن يأتيهم بما كان يتوعدهم به من
عذاب الله، بدلا من الجدال والمحاجة بالبراهين، كما قال تعالى عنهم: ((قالوا
يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين)) [هود:
32].
فلو كان قوم نوح عندهم مقدرة على الاستمرار في جداله عليه السلام بما يمكن أن
يسمى حجة أو برهانا، لما اضطروا إلى مواجهته بهذا الأسلوب الدال على أن
صدورهم قد ضاقت بجداله ومحاجته.
أنموذجان لجدال إبراهيم قومَه:
وكذلك جاء أبو الأنبياء الثاني
إبراهيم عليه السلام ودعا قومه إلى الحق، وكانت وسيلة الجدال والمناظرة
بالحجج والبراهين، من أهم الوسائل التي اتخذها لإبلاغ الحق إلى عقول قومه،
فجادلهم حتى أفحمهم، واضطرهم إلى الاستسلام لبراهينه التي لم تقدر عقولهم على
إنكارها، فلجئوا إلى القوة والتهديد بها، كما هي عادة الطغاة الذين لا سلاح
لهم غير القوة أمام دوامغ الحق العظيمة.
ولا بأسس أن نذكر نموذجين من جدال إبراهيم لقومه، لما لهما من الدلالة
الواضحة في هذا الأمر.
الأنموذج الأول : يتعلق بمعبودات قومه السماوية.
من الشمس والقمر والكواكب والنجوم،
فقد جادلهم مجادلة أقام بها الحجة عليهم، وبين لهم بالبرهان أنها لا تستحق
العبادة، وأن الذي يستحق العبادة وحده هو خالقها.
وقد أثنى الله تعالى على إبراهيم في تلك المناظرة، وامتن عليه بأنه هو الذي
وفقه لها حتى غلب الحقُّ الذي جاء به الباطلَ الذي عند قومه.
قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السماوات وَالأرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ(75)فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى
كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ
الآفِلِينَ(76)فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي
فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ
الْقَوْمِ الضَّالِّينَ(77)فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا
رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يا قوم إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا
تُشْرِكُونَ(78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السماوات
وَالأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(79)وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ
قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا
تُشْرِكُونَ بِهِ إلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ
شَيْءٍ عِلْمًا أَفلا تَتَذَكَّرُونَ(80)وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ
ولا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ
عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْنِ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ
بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82)وَتِلْكَ
حُجَّتُنَا ءَاتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ
مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) [الأنعام: 83 والصواب أن
إبراهيم عليه السلام اتخذ هذا الأسلوب لإقامة الحجة على قومه، وليس كما يرى
بعضهم أنه كان يبحث عن الحق قبل رسالته والآيات كلها تدل على هذا المعنى الذي
هو الصواب، ففي أولها قوله تعالى: ((وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات
والأرض)) وفي وسطها: ((وحاجه قومه..)) وفي آخرها: ((وتلك حجتنا آتيناها
إبراهيم..))].
الأنموذج الثاني. يتعلق بمعبود اتهم الأرضية.
وهي الأصنام التي كانوا يصنعونها
بأيديهم ويعبدونها من دون الله، وقد كانت حججه قولية وفعلية، وهي واضحة في
سياق الآيات الآتية:(( وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ
قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ(51)إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا
هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ(52)قَالُوا
وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ(53)قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ
وَءَابَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ(54)قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ
أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ(55)قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السماوات وَالأَرْضِ
الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ
الشَّاهِدِينَ(56)وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ
تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ(57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إلا كَبِيرًا لَهُمْ
لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ(58)قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا
إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ(59)قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ
يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ(60)قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ(61)قَالُوا ءَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا
إبراهيم(62)قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ
كَانُوا يَنْطِقُونَ(63)فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ
أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ(64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ
عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ(65)قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ(66)أُفٍّ لَكُمْ
وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفلا تَعْقِلُونَ(67)قَالُوا
حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ(68)قُلْنَا
يا نار كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ(69)وَأَرَادُوا بِهِ
كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ)) [الأنبياء: 51-70]
فعلى أهل الحق الذين يسابقون بحقهم إلى عقول الناس أن يستعدوا لجدال أهل
الباطل المعاندين بالحجج والبراهين، ليحققوا بذلك الهدف من الجدال، وهو
السيطرة البرهانية على عقول الناس حتى يقبلوا الحق أو يهزموا أمام الحجة
والبرهان، فتضطر عقولهم إلى الخضوع والاستسلام، وإن كابروا وعاندوا، وبذلك
يظهر لأتباع أهل الباطل بطلان ما هم عليه كما يظهر لهم الحق ببراهينه فتقوم
بذلك الحجة وتتضح المحجة.