أسباب تأليف هذا الكتاب
لتأليف هذا الكتاب ثلاثة أسباب:
السبب الأول:
ما حكاه القرآن الكريم، من الصراع الذي دار بين أهل الحق من الأنبياء والرسل
وأتباعهم، وبين أهل الباطل من الأمم السابقة.
إن المتأمل في ذلك الصراع يجد أن أهل الحق يسابقون أهل الباطل إلى عقول الناس
بما عندهم من الحق، ويسابقونهم إلى تفريغ تلك العقول من الباطل الذي تمكن من
الوصول إليها، ويسابقونهم إلى حمايتها من أن يصل إليها باطل جديد.
وأن أهل الباطل-كذلك-يسابقون أهل الحق إلى عقول الناس بما عندهم من الباطل،
ويسابقونهم إلى تثبيت ما استقر منه في تلك العقول، ويسابقونهم إلى حمايتها من
الحق الذي لم يصل إليها بعد.
وفي قصص الأنبياء مع أممهم بيان واضح لهذه المعاني، كما سيأتي في فصول
الكتاب.
و في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما قام به من تبليغ رسالة الله، وموقف
قادة الباطل من ذلك التبليغ أمثلة كثيرة على هذه المعاني لمن تأملها. وكذلك
تاريخ أصحابه رضي الله عنهم وما قاموا به من دعوة إلى الله وجهاد في سبيله،
وكل من تبعهم على ذلك من أهل الحق، ومواقف طغاة الباطل منهم في جميع العصور.
السبب الثاني:
ما حصل في هذا العصر من الوسائل الكثيرة المؤثرة للسباق إلى العقول، ومن
اهتمام أهل الباطل باختراع كثير منها واستغلالها في سبقهم بباطلهم إلى عقول
الناس، وتفريغ تلك العقول من الحق الذي وصل إليها وحمايتها من أن يصل إليها
الحق، وتفريط أهل الحق وتقصيرهم الشديدين في استغلال تلك الوسائل للسبق بحقهم
إلى تلك العقول، وتفريغها من الباطل الذي وصل إليها وحمايتها مما لم يصل
إليها منه.
السبب الثالث:
خطاب وجهه إلي عميد شؤون الطلاب في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، طلب
مني فيه إلقاء محاضرة في قاعة المحاضرات الكبرى في الموسم الثقافي المعتاد كل
عام ، وطلب ذكر عنوان المحاضرة، فلبيت الطلب، وذكرت له هذا العنوان: (السباق
إلى العقول-الغايات-الوسائل والنتائج). [-وقد بعث إلى بخطاب الموافقة على
العنوان المذكور برقم:: (10/ 413/ 19) وتاريخ: (23/4/1413هـ-). وألقيت
المحاضرة بتاريخ: 10/5/1413هـ-بعد صلاة المغرب حضرها كثير من أعضاء هيئة
التدريس والطلاب بالجامعة. وكانت المحاضرة لا تزيد عن أربعين صفحة بخط اليد.
وهاهي اليوم كتاب بين يدي القارئ يزيد عن أربعمائة صفحة، وذلك من فضل الله
وعونه.]