اطبع هذه الصفحة


أعظم شهود في العالم

أحمد خالد العتيبي
@Ahmadarts9

 
بسم الله الرحمن الرحيم

إن هناك شهود أربعه يشهدون على أفعالك، ويرقبونك في أي مكان، وفي أي زمان، ولعلنا نتعرف على هؤلاء الشهود .

الشاهد الأول : فهي الأرض التي نمشي عليها.

سوف يأتي اليوم الذي تتحدث فيه وتكشف عما كنت تعمل عليها والدليل على أن الأرض ستشهد يوم القيامة قوله تعالى : (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)) [سورة الزلزلة : 4]. في الترمذي عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية يومئذ تحدث أخبارها قال : ) أتدرون ما أخبارها - قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا( .

يا عبدالله : هل استشعرت أن تلك الأرض سوف تتحدث عما فعلت عليها، من الحسنات والسيئات إذا الناس لم ينتبهوا على ما فعلت ولم يشهدوا عليك، أعلم أن الأرض سوف تكشف أسرارها يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل . (اللهم أجعل أعمالنا على ما تحب وترضى يا رب العالمين).

أما الشاهد الثاني : فهي الملائكة.

الذين يكتبون علينا أعمالنا ويسجلون علينا سيئاتنا وحسناتنا يقول الله تعالى (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) ). [ سورة الإنفطار : 12]

يا عبدالله : عندما تموت سيطوى كتابك، ولكنك سوف تلتقي معه عندما تخرج من قبرك، وسوف تعطى هذا الكتاب الذي كتبته عليك الملائكة في الدنيا، وسوف يأمرك الله جل وعلا بأن تقرأه عندما تقف بين يديه قال تعالى : (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ( (13اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ((14)[سورة الإسراء : 14]. (اللهم اجعلنا من اصحاب اليمين يا رب العالمين)

إنها لحظة عجيبة، إنها ساعة حرجة، عندما يقف العبد حافياً عارياَ أمام الجبار جل جلاله، ومع العبد كتاب، وهذا الكتاب هو ديوان الحسنات والسيئات.
ـ فما هو شعورك يامن ينام عن الصلوات، وينظر إلى المحرمات، ما حالك يا عبدالله : عندما ترى سيئاتك في ذلك الكتاب، فماذا ستقرأ، وماذا ستجد، والله إننا جميعاً سوف نسأل أمام الله تعالى.

ـ ماذا ستقرأ يامن عق والديه ؟ ماذا ستقرأ يامن تساهل في أمر الصلاة ؟ ماذا ستقرأ يامن أهمل تربية الأبناء والبنات. (يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) [سورة النبأ : 40]

يا عبدالله : تذكر ماذا ستجد في ذلك الكتاب. (لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا). [سورة الكهف: 49]. ويقول الله سبحانه (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). [سورة الكهف: 49]. (اللهم أحسن خاتمتنا يا رب العالمين)

اما الشاهد الثالث : فهي الجوارح.

التي هي من نعم الله علينا : اليدان، والقدمان، واللسان، والعينان، بل وسائر الجلود، ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك.

يا عبدالله : إنه مشهد لا مثيل له، يقف العبد أمام ربه، ويبدأ الحساب، ثم تبدأ الجوارح لتكشف الأسرار التي فعلتها في أيامك.

قال تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ). وبعد ذلك أيها الأحبة ماذا يجري (وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ). وهل يقف الحد عند ذلك، لا والله بل (وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). [سورة يسّ :65].

فيا فوزاً عندما تنطق اليدان، وتخبر عنك أيها الإنسان. وتقول : يا رب بيده يفعل الخير، ويقلب صفحات المصحف، ويتصدق على الفقراء، ويساعد المحتاجين، و يا حسرتاه .. حينما تنطق يداه بيده يقلب القنوات، وينظر إلى المحرمات، ويفعل المنكرات، وإن الأمر يزداد حرجاً وشدة، عندما تنطق سائر الجلود. (حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). [ سورة فصلت : 20].

وبعد ذلك يحصل الأمر الغريب، يخاطب المرء جوارحه. (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا).
ـ لم يا عين تشهدين، لم يا سمع تشهد، لم يا قدم تتكلمين ؟ ولكن الجواب أعظم من ذلك !! (قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ). [سورة فصلت : 21]. (اللهم ارحمنا يوم العرض عليك يا رب العالمين).

أما الشاهد الرابع : فهو رب الشهود الله سبحانه وتعالى.

واخيراً يا ترى هل بقي أحداً يشهد علينا .. نعم والله .. إنه الواحد الأحد رب الشهود، إنه الواحد المعبود سبحانه. (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سورة فصلت : 53].

ـ الذي يراك أينما كنت ويعلم بحالك. (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ). [ سورة آل عمران : 5]. فسبحان العليم بعباده (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ). [ سورة الحديد : 4], فسبحان الذي لا يخفى عليه خافيه. (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ). [سورة الأحزاب :51]. فسبحان من يعلم ما في الصدور.

والله إن من أكبر أسباب ضعفنا وتقصيرنا هو (الغفلة عن مراقبة الله) نعم والله .. لو يعلم العبد بعلم الله به ورؤيته لتغير حاله، وصلحت أعماله بإذن الله (أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ). [ سورة العلق : 14].

إن الواحد منا لو يعلم أن أحداً من الناس علم بذنب من ذنوبه لأصابه الخجل والحياء، ولكن يا عبدالله : أين الحياء من الله، تذكر إن من أسماء الله تعالى: [ العليم، والبصير، والشهيد، والخبير، والسميع، والرقيب]. وهذه توجب مراقبة الله في كل حين.

ـ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ .

- ملخص من محاضرة : الشيخ/ سلطان عبدالله العمري – بعنوان – عليك أربعة شهود .
- كتبة : أحمد خالد العتيبي – السبت 17-4-1441هـ



 

أحمد خالد العتيبي
  • قصص دعوية
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية