اطبع هذه الصفحة


الدرر اللآلي من أقوال الحسن البصري (8)

أيمن الشعبان

 
 بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
كم نحن بحاجة في أيامنا هذه لتتبع أقوال وأحوال سلفنا الصالح، والسير على طريقهم واقتفاء أثرهم، ومِن هؤلاء الأعلام الزهاد الورعين، الحسن البصري رحمه الله، الذي تكلم بكلام الصديقين كما وصفته عائشة رضي الله عنها، وعندما قيل لعلي بن الحسين رضي الله عنهما: إن الحسن يقول: ليس العجب لمن هلك كيف هلك؟ وإنما العجب لمن نجا كيف نجا؟ فقال علي: سبحان الله! هذا كلام صديق.
فهذه نبذة من أقواله عسى أن تنير الطريق وتعين الرفيق، في دنيا الفتن والشهوات وابتعاد الناس عن الأمر العتيق.

يقول الحسن البصري رحمه الله:               
 
1-    لم أسمع الله تعالى فيما عهد إلى عباده، وأنزل عليهم في كتابه رغب في الدنيا أحدا من خلقه، ولا رضي له بالطمأنينة فيها، ولا الركون إليها، بل صرف الآيات وضرب الأمثال بالعيب لها، والنهى عنها ورغب في غيرها.[1]
2-    ويحك يا ابن آدم ما يضرك الذي أصابك من شدائد الدنيا، إذا خلص لك خير الآخرة.[2]
3-    ما من رجل يرى نعمة الله عليه فيقول: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، إلا أغناه الله تعالى وزاده.[3]
4-    أرى رجالا ولا أرى عقولا، أسمع أصواتا ولا أرى أنيسا، أخصب السنة وأجدب قلوبا.[4]
5-    كان إذا قرأ ( ألهاكم التكاثر ) قال: عم ألهاكم؟! عن دار الخلود، وجنة لا تبيد، هذا والله فضح القوم، وهتك الستر وأبدى العوار.[5]
6-    ركعتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساهٍ.[6]
7-    بكى الحسن البصري فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني غدًا في النار ولا يبالي.[7]
8-    أدركنا أقواما كانوا يتركون سبعين بابا من الحلال، خشية الوقوع في الحرام.[8]
9-    قال شاب للحسن: أعياني قيام الليل، فقال: قيدتك خطاياك.[9]
10- العامل على غير علم، كالسالك على غير طريق.[10]
11- سُئل الحسن البصري: ما بالنا نعظ الناس فنبكيهم، وأنت تعظ الناس فتبكي؟ فقال: ليست النائحة كالثكلى.[11]
12- قال الحسن ناصحا تلميذا له: إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع تتعلم حسن الصمت، ولا تقطع على أحد حديثه وإن طال حتى يمسك.[12]
13- مثقال ذرة من الورع، خير من ألف مثقال من الصلاة والصوم.[13]
14- لما ذكرت الدنيا عند الحسن البصري قال:
أحلام نوم أو كظل زائل *** إن اللبيب بمثلها لا يخدع[14]
15- ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة.[15]
16- إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة وهم مخلدون، وكمن رأى أهل النار في النار معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وحوائجهم عند الله مقضية، وأنفسهم عن الدنيا عفيفة، صبروا أياما قصارا لعقبى راحة طويلة، أما الليل فصافة أقدامهم، تسيل دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى ربهم: ربنا ربنا، وأما النهار فحكماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنهم القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقول: قد خلطوا، وقد خالط القوم أمر عظيم.[16]
17- الْحَرِيصُ الْجَاهِلُ، وَالْقَانِعُ الزَّاهِدُ كُلٌّ مُسْتَوْفٍ أَكْلَهُ مُسْتَوْفٍ رِزْقَهُ، فَعَلامَ التَّهَافُتُ فِي النَّارِ؟![17]
18- في قوله ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال: يذكر المصائب وينسى النعم.[18]
19- من ابتلي ببلاء فكتمه ثلاثا لا يشكوه إلى أحد، أثابه الله به رحمته.[19]
20- لَيْسَ مِنْ حُبِّكَ الدُّنْيَا طَلَبُكَ مَا يُصْلِحُكَ فِيهَا، وَمِنْ زُهْدِكَ فِيهَا تَرْكُ الْحَاجَةِ يَسُدُّهَا عَنْكَ تَرْكُهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَسَرَّتْهُ ذَهَبَ خَوْفُ الآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ.[20]
21- مسكين ابن آدم رضي بدار حلالها حساب، وحرامها عذاب، إن أخذه من حله حوسب بنعيمه، وإن أخذه من حرام عُذِّبَ به. ابن آدم يستقل ماله ولا يستقل عمله، يفرح بمصيبته في دينه، ويجزع من مصيبته في دنياه.[21]
22- إنما الدنيا ثلاثة أيام، مضى أمس بما فيه، وغدا لعلك لا تدركه، فانظر ما أنت عامل في يومك.[22]
23- ما استودع الله أحدا عقلا إلا استنقذه به يوما ما.[23]
24- أفضل الجهاد جهاد الهوى.[24]
25- مسكين ابن آدم محتوم الأجل، مكتوم الأمل، مستور العلل. يتكلم بلحم وينظر بشحم، ويسمع بعظم.[25]
26- ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ). قال: لا تجهر بها رياء، ولا تخافت بها حياء.[26]
27- الدنيا كلها غم فما كان منها من سرور فهو ريح.[27]
28- أمس أجل، واليوم عمل، وغدا أمل.[28]
29- حق الوالد أعظم، وبر الوالد ألزم.[29]
30- ( ولا تمنن تستكثر )،قال: لا تمنن بعملك تستكثر على ربك.[30]
31- كتب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما: يا أخي، من استغنى بالله اكتفى، ومن انقطع إلى غيره تعنى، ومن كان من قليل الدنيا لا يشبع، لم يُغنِهِ منها كثرة ما يجمع، فعليك منها بالكفاف، وألزم نفسك العفاف، وإياك وجمع الفضول، فإن حسابه يطول.[31]
32- في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنة.[32]
33- الغيبة فاكهة النساء.[33]
34- يا من يطلب من الدنيا ما لا يلحقه، أترجو أن تلحق من الآخرة ما لا تطلبه؟![34]
35- التزموا كتاب الله، وتتبعوا ما فيه من الأمثال، وكونوا فيه من أهل النظر.[35]
36- أحسن العلماء علما؛ من أحسن تقدير معاشه ومعاده تقديرا لا يفسد عليه واحدا منهما بصلاح الآخر، فإن أعياه ذلك رفض الأدنى وآثر الأعظم.[36]
37- المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه، ولكن أخذه من قبل ربه، وإن هذا الحق قد اجتهد أهله، ولا يصبر عليه إلا من عرف فضله، ورجا عاقبته، فمن حمد الدنيا ذم الآخرة، وليس يكره لقاء الله إلا مقيما على سخطه.[37]
38- اقدعوا هذه النفوس فإنها طائعة، وحادثوها فإنها سريعة الدثور.[38]
39- التوبة النصوح: ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود.[39]
40- الحج المبرور: أن تعود زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة.[40]
41- إنا لو أتعظنا بما علمنا، انتفعنا بما عملنا، ولكنا علمنا علماً لزمتنا فيه الحجة، وغفلنا غفلة من لا تخاف عليه النقمة، ووعظنا في أنفسنا بالتحول من حال إلى حال: من صغر إلى كبر، ومن صحة إلى سقم، فأبينا إلا المقام على الغفلة بعد لزوم الحجة، إيثاراً لعاجل لا يبقى، وإعراضاً عن آجل إليه المصير.[41]
42- اعمل كأنك ميت غداً، ولا تجمع كأنك تعيش أبداً.[42]
43- من عمل بالعافية فيمن دونه، رزق العافية ممن فوقه.[43]
44- اللهم لا تجعلني ممن إذا مرض ندم، وإذا استغنى فتن، وإذا افتقر حزن.[44]
45- ذم الرجل نفسه في العلانية، مدح لها في السر.[45]
46- انظر إلى الدنيا نظر الزاهد المفارق، لا نظر الراغب الوامق، واحذر سرورها وغرورها، واعتصم بربك من فتنتها، فإن أقواماً اتخذوا ربهم حرزاً، واتخذوا دينه عزاً.[46]
47- لم يبق من العيش إلا ثلاثة: أخ تصيب من عشرته خيراً وإن زعت قومك، وكفاف من المعاش ليس لأحد عليك فيه تبعة وصلاة تكفى سهوها وتستوجب أجرها.[47]
48- لا تجاهد في الطلب جهاد المغلب، ولا تتكل على القدر اتكال المستسلم، فإن ابتغاء الفضل من السنة، والإجمال في الطلب من العفة، وليست العفة بدافعة رزقاً، ولا الحرص بجالب فضلاً؛ الرزق مقسوم، والأجل محتوم، وفي الحرص اكتساب المآتم.[48]
49- لو أنّ الرجل لم يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه، ويكمل في الذي خلق له من طاعة ربّه، لقلّ الواعظون السامعون الدّاعون إلى الله بالحثّ على طاعته؛ ولكن في اجتماع الإخوان واستماع الحديث بعضهم من بعض حياةٌ للقلوب، وتذكيرٌ من النسيان.[49]
50- قال الحسن في قوله تعالى ( وما نرسل بالآيات إّلا تخويفاً ) قال: الموت الذّريع.[50]
51- المُعتَبَرُ كثير والمُعتَبِر قليل.[51]
 
أيمن الشعبان
19/4/2013

-----------------------------------
[1] حلية الأولياء.
[2] المصدر السابق.
[3] المصدر السابق.
[4] المصدر السابق.
[5] جمهرة خطب العرب.
[6] موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق.
[7] المصدر السابق.
[8] المصدر السابق.
[9] المصدر السابق.
[10] المصدر السابق.
[11] المصدر السابق.
[12] المصدر السابق.
[13] المصدر السابق.
[14] المصدر السابق.
[15] المصدر السابق.
[16] الأولياء، لابن أبي الدنيا.
[17] القناعة والعفاف، لابن أبي الدنيا.
[18] المرض والكفارات، لابن أبي الدنيا.
[19] المصدر السابق.
[20] الزهد لابن أبي الدنيا.
[21] ذم الدنيا لابن أبي الدنيا.
[22] الزهد لابن أبي الدنيا.
[23] أدب الدنيا والدين، للماوردي.
[24] المصدر السابق.
[25] المصدر السابق.
[26] المصدر السابق.
[27] المصدر السابق.
[28] المصدر السابق.
[29] المصدر السابق.
[30] المصدر السابق.
[31] المصدر السابق.
[32] المصدر السابق.
[33] المصدر السابق.
[34] المصدر السابق.
[35] التذكرة في الوعظ، ابن الجوزي.
[36] المجالسة وجواهر العلم، للدينوري.
[37] المصدر السابق.
[38] تهذيب الأخلاق، ابن مسكويه.
[39] التبصرة لابن الجوزي.
[40] المصدر السابق.
[41] البصائر والذخائر، أبو حيان التوحيدي.
[42] المصدر السابق.
[43] المصدر السابق.
[44] المصدر السابق.
[45] المصدر السابق.
[46] المصدر السابق.
[47] المصدر السابق.
[48] المصدر السابق.
[49] المصدر السابق.
[50] المصدر السابق.
[51] المصدر السابق.

 

أيمن الشعبان