اطبع هذه الصفحة


جريمة النقاب ..!

د.فهد بن صالح العجلان
@alajlan_f

 
بسم الله الرحمن الرحيم


نشر موقع العربية في الأسبوع المنصرم تصريحات وكيل وزارة الأوقاف المصرية حول مشروع الوزارة العظيم وجهادها الكبير في سبيل (إقناع) الموظّفات المنتقبات لخلع حجابهن، وأظهر الوكيل فرحه وانتشاءه على نجاحه في إقناع ثلاث موظّفات على ترك النقاب، وحتى من لم يتركن النقاب فقد كان إنجازه مبهراً حين أبدين اقتناعاً .

وكان مما قاله لهنّ عن النقاب (أنه مجرد عادة لا أساس لها مطلقاً في الدين من قريب او بعيد، وأن المذاهب الفقهية الاربعة تؤكد ان الوجه ليس بعورة)

وزاد قوله بياناً (ولما كان للامام احمد بن حنبل روايتان إحداها تقول ان الوجه عورة والاخرى تؤكد انه ليس بعورة أخذنا برأي جمهور الفقهاء بأن الوجه ليس بعورة، وبالتالي لا يطلب في الشريعة الاسلامية تغطيته على سبيل التعبد).

ما صنعه وكيل وزارة الأوقاف هنا ليس ما عهدناه من جادّة أهل العلم والتقوى.
فما صنعه هو ممارسة للتلبيس والتدليس والخداع مما لا يليق بأهل العلم، بل هي من الخصال الذميمة التي تلحق ببعض أذيال المتعلّمين، مما تقف التقوى والخوف من الله وتعظيم أمانة العلم حائلاً بين الراسخين في العلم وبين الولوج في مثل هذه المضائق.
ومع ذلك .. فالتدليس والتلبيس لم يكن بطريقة ذكّية جدّاً.
فلنسلّم لوكيل الوزارة جدلاً أن المذاهب الأربعة كلّها تجيز للمرأة كشف الوجه، بل ولنسلّم له أن المسألة إجماع متفق عليه بين جميع العلماء.
هل القول بجواز كشف المرأة لوجهها=أن النقاب وستر الوجه مجرّد عادة؟
وهل القول إن وجه المرأة ليس بعورة=إن ستره ليس فضيلة ولا أمر مشروع؟
فإذا قال العالم: يجوز للإنسان أن ينام حتى صلاة الفجر فهل هذا يعني أن قيام الليل وصلاة والوتر مجرّد عادة أو أمر مباح؟
وإذا قال المفتي: يجوز الفطر في يوم عرفة وعاشوراء ويومي الاثنين والخميس، فهل معناه أن المفطر والصائم سيّان؟
هل يخفى مثل هذا على عامّي بسيط الذكاء فضلاً عمّن ينتسب إلى العلم ويخوض في مسائل الشرع؟
إن قال بعضهم –أو على التسليم الجدلي- قال أكثر العلماء أو كلّهم: يجوز كشف الوجه،
فقد قالوا بشكل أوضح وأصرح وأقطع: إن الحجاب وستر الوجه هو الأكمل والأفضل والأستر والأنزه للمرأة، وهو سنّة أمّهات المؤمنين وهدي الصالحات من الصحابيات والتابعيات ومن بعدهنّ.
فالخلاف بينهم كائن بين (وجوب ) الحجاب أو ( استحبابه) فمن لم يقل بوجوبه قال باستحبابه.

وبالتالي:

فالقائل: إن الحجاب أو النقاب عادة أو بدعة أو مخالف للتطوّر أو معرقل لحرية المرأة أو حائل بينها وبين التواصل الاجتماعي أو إنه يسبب الشبق الجنسي وتركه يساعد على تخفيف الشهوة وتطهير النفس .. الخ هذه المحفوظات المكررة بدرجة ما فوق الإملال..
من يقول بهذا: فإن في الحقيقة يطعن في السنّة، وينكأ في حكم الشريعة، ويحارب –شعر أو لم يشعر- حكماً وسنة شرعية مجمع عليها.
فإذا قام وقعد وعقد المؤتمرات وسوّد الأوراق وأشغل دنيا الناس بهذه القضية، فهو قائم في سوق الفساد ومجاهد في سبيل إطفاء شيء من نور الله- ولو حسب نفسه من الوسطيين وكبار المعتدلين-.
فإن تمسّك بعدها بأذيال الخلاف الفقهي، فسيمسك العقلاء بيده ويرمونه بعيداً قائلين: لسنا بلهاء لهذا المستوى الذي تختلط فيه علينا المسائل فنخدع بمثل هذه الحيل المكشوفة التي تحيل العبادة الشرعية التي حثّت الشريعة عليها إلى فعلٍ منكر يشمئز منه، وجريمة يلاحق صاحبها ويصاح بها في كلّ مكان .. ثم يأتي بعدها ليخدعنا كالصبيان فيقول: قال أبو حنيفة وقال الشافعي!

صحيفة سبق
13/5/1430هـ

 

د.فهد العجلان
  • مقالات
  • السياسة الشرعية
  • سيادة الشريعة
  • محاضرات مفرغة
  • معركة النصّ
  • الفروق الفيسبوكية
  • المؤلفات
  • الصفحة الرئيسية